صحيفة الاتحاد:
2025-11-02@21:20:08 GMT

الأمم المتحدة: الوضع في السودان «مروِّع»

تاريخ النشر: 2nd, November 2025 GMT

أحمد شعبان (الخرطوم، أبوظبي)

قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن الصراع في السودان لا يزال مستمراً، واصفاً الوضع بأنه «مروِّع». 
وأكد في مؤتمر صحفي، أمس، انقطاع الوصول إلى المساعدات الإنسانية بشكل كامل في مدينة الفاشر، مضيفاً أن المدنيين يواصلون الفرار نحو البلدات المجاورة، بحثاً عن الأمان.

 
وأوضح المتحدث الأممي، أنه بحسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة، نزح ما لا يقل عن 62 ألف شخص من مدينة الفاشر، داعياً إلى توفير ممر آمن للأشخاص الذين يحاولون الفرار، وحماية من بقوا، والوصول الإنساني الكامل وغير المقيد إلى دارفور والمناطق الأخرى المحتاجة في السودان.
من جانبها، أكدت تنسيقية النازحين في دارفور، أمس، أنه يتوجّب على المجتمع الدولي الضغط على طرفي الصراع لوقف إطلاق النار فوراً، محذِّرة من كارثة إنسانية متفاقمة في المنطقة. 
وأوضحت أن النازحين بحاجة ماسة للغذاء والمساعدات العاجلة، مؤكدة أن الأوضاع الإنسانية خرجت عن السيطرة في ظل غياب الحماية ونقص الإمدادات، كما طالبت بضرورة تأمين ممرات آمنة لإيصال الإغاثة إلى المدنيين.
وأدان خبراء في الشؤون الأفريقية استخدام الغذاء كسلاح في النزاع السوداني الدائر منذ أبريل 2023، وذلك عبر أساليب التجويع والتعطيش، مما يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني. 
وأوضح هؤلاء، في تصريحات لـ «الاتحاد»، أن استمرار النزاع المسلح يهدد وحدة السودان، ويقوده إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث، داعين إلى وقف فوري للأعمال العدائية وتكثيف الجهود الدولية لحماية المدنيين، لا سيما الأطفال والنساء.
وقال نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، السفير صلاح حليمة، إن الأوضاع في السودان تشهد تصاعداً خطيراً مع تزايد وتيرة العنف وجرائم الحرب ضد المدنيين، وهو ما يفاقم الأزمة الإنسانية بشكل خطير، لا سيما في مناطق النزوح التي تعاني نقصاً حاداً في الغذاء والمياه والمأوى والخدمات الصحية والتعليمية.
وأضاف حليمة، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن الجوع أصبح العامل المتحكم في حياة النازحين، مما جعل ملايين السودانيين في أمسّ الحاجة للغذاء والمساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أن تواصل العمليات العسكرية هو السبب الرئيس في تفاقم المأساة الإنسانية.
ودعا إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية والغذائية إلى المحتاجين، ووقف أعمال القتل والعنف التي تهدد وحدة السودان، مشدداً على أهمية الجهود التي تبذلها «الرباعية» الدولية خلال الفترة الراهنة لإيجاد حلول للأوضاع الأمنية والسياسية والإنسانية، خاصة في المناطق التي تشهد مواجهات عنيفة، معرباً عن أمله في تحقيق قدر معقول من النجاح لوقف النزاع وتمهيد الطريق لعملية سلام شاملة.
وذكر الدبلوماسي المصري أن المناطق الآمنة والمستقرة في السودان أيضاً بحاجة إلى دعم إنساني لتوفير الخدمات الأساسية، خصوصاً مع عودة مئات آلاف اللاجئين، موضحاً أن رفع المعاناة عن المدنيين يجب أن يكون محور اهتمام المجتمع الدولي، سواء في مناطق النزاع أو في مناطق التعافي المبكر. 
من جانبه، أوضح المحلل السياسي التشادي، الدكتور إسماعيل طاهر، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن الحل الأبرز للأزمة السودانية يكمن في وقف الحرب فوراً لتمكين المزارعين من استئناف نشاطهم وضمان انتقال السلع بين أقاليم السودان، إلى جانب تأمين ممرات إنسانية آمنة لإيصال الغذاء والدواء إلى النازحين واللاجئين.
وأضاف أن استمرار الحرب يعني تفاقم أزمة المجاعة والموت البطيء للسودانيين، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمُّل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاه الشعب السوداني الذي يواجه واحدة من أسوأ الكوارث في القرن الحادي والعشرين.

أخبار ذات صلة الإمارات تؤكد التزامها الراسخ بدعم جهود محكمة العدل الدولية إدانة أممية لرفض إسرائيل زيارة «الصليب الأحمر» للأسرى الفلسطينيين

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: دارفور المساعدات الإنسانية السودان الأمم المتحدة فی السودان

إقرأ أيضاً:

تأثير الحرب العالمية الثانية في تشكيل النظام الدولي الحديث

بينما نحن على أعتاب نظام عالمي جديد، رأينا أن نغوص في بحر النظام العالمي الذي أسست الحرب العالمية الثانية.

كانت الحرب العالمية الثانية (1939-1945) واحدة من أكثر الصراعات دموية في التاريخ البشري، حيث أسفرت عن مقتل ما بين 70 إلى 85 مليون شخص، غالبيتهم من المدنيين. شكّلت هذه الحرب تحولا جذريا في هيكل النظام الدولي والعلاقات بين الدول، فلم تكن الحرب مجرد فصل دموي في التاريخ، بل كانت نقطة تحول أساسية أدت إلى ولادة نظام دولي جديد يقوم على مفاهيم ومؤسسات ما تزال تُشكل عالمنا المعاصر حتى اليوم.

خلّفت الحرب العالمية الثانية وراءها دمارا هائلا لم يسبق له مثيل، حيث دمرت البنى التحتية للعديد من الدول الأوروبية والآسيوية، وأحدثت تغييرات ديموغرافية وسياسية عميقة. قُتل أكثر من 25 مليون عسكري وأكثر من 45 مليون مدني، وكانت الخسائر البشرية والمادية غير مسبوقة في التاريخ.

هذا الدمار الشامل هو الذي هيّأ الظروف لولادة نظام دولي جديد، فالدول المنتصرة، وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، أدركت أن النظام القائم قبل الحرب كان يعاني من عيوب هيكلية أدت إلى اندلاع اثنتين من أكثر الحروب دموية في تاريخ البشرية خلال ثلاثة عقود فقط. وقد دفع هذا الإدراك إلى السعي لبناء هيكل دولي أكثر استقرارا وقدرة على منع الصراعات.

كان فشل عصبة الأمم في منع اندلاع الحرب العالمية الثانية دليلا على ضرورة إنشاء منظمة دولية أكثر فاعلية. تأسست عصبة الأمم عام 1920 بعد الحرب العالمية الأولى بهدف الحفاظ على السلام العالمي، لكنها عانت من عيوب هيكلية عدة منها عدم انضمام الولايات المتحدة إليها، وعدم تمتعها بآليات فعالة لفرض قراراتها.

عندما أوشكت الحرب العالمية الثانية على الانتهاء في عام 1945، كانت الدول في حالة خراب، وكان العالم يريد السلام. اجتمع ممثلو 50 دولة في مؤتمر الأمم المتحدة حول التنظيم الدولي في سان فرانسيسكو من 25 نيسان/ أبريل إلى 26 حزيران/ يونيو 1945، حيث تمت صياغة ميثاق الأمم المتحدة والتوقيع عليه.

تم تصميم الأمم المتحدة لتكون أكثر فاعلية من سابقتها من خلال عدة ميزات رئيسة:

- عالمية العضوية: بعكس العصبة التي لم تضم جميع دول العالم، سعت الأمم المتحدة لتكون شاملة لكل الدول.

- مجلس أمن بصلاحيات أوسع: تم منح مجلس الأمن سلطة فرض عقوبات اقتصادية واتخاذ إجراءات عسكرية للحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

جسد الميثاق في مادته الأولى أهداف الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين، وتعزيز العلاقات الودية بين الأمم، وتحقيق التعاون في كافة الميادين.

أما عصبة الأمم فكانت تضم بشكل أساسي الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى.

بروز نظام القطبية الثنائية والحرب الباردة ونهاية الهيمنة الأوروبية

قضت الحرب العالمية الثانية على النظام الأوروبي المركزي الذي هيمن على العلاقات الدولية منذ قرون. فقد خرجت القوى الأوروبية التقليدية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا من الحرب منهكة اقتصاديا وعسكريا، مما أنهى هيمنة أوروبا على النظام الدولي.

برزت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي كقوتين عظميين جديدتين تمتلكان قدرات اقتصادية وعسكرية متفوقة. وقد أدى هذا التحول إلى قيام نظام قطبية ثنائية هيمن على العلاقات الدولية لحقبة ما بعد الحرب.

كانت الحرب الباردة امتدادا للتحالف المؤقت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي خلال الحرب العالمية الثانية. فبعد القضاء على العدو المشترك (دول المحور)، برزت الخلافات الأيديولوجية والاستراتيجية بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي، مما أدى إلى تقسيم العالم إلى نطاقات نفوذ منفصلة بين الدول المنتصرة.

قبل الحربين العالميتين، كان مبدأ توازن القوى هو الإطار الذي حكم العلاقات الدولية. لكن بعد الحرب العالمية الثانية، تم التأسيس لمبدأ الأمن الجماعي من خلال الأمم المتحدة، الذي يقتضي أن أمن الدولة العضو هو جزء لا يتجزأ من أمن بقية الدول الأعضاء.

ساهمت الحرب العالمية الثانية في ترسيخ مفاهيم جديدة في العلاقات الدولية، منها:

- تحريم استخدام القوة في العلاقات الدولية: حيث أكدت المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة على هذا المبدأ، مع استثناءات للدفاع عن النفس (المادة 51) ولإجراءات مجلس الأمن (الفصل السابع).

- حقوق الإنسان: أظهرت الأمم المتحدة اهتماما كبيرا بحقوق الإنسان كأحد أولوياتها السياسية والاجتماعية.

- حق تقرير المصير: عملت الأمم المتحدة على تعزيز حق تقرير المصير للدول.

أدت الحرب العالمية الثانية إلى تسريع نهاية حقبة الاستعمار في أفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، حيث خرجت القوى الاستعمارية التقليدية مثل بريطانيا وفرنسا منهكة من الحرب، مما أضعف قدرتها على الحفاظ على إمبراطورياتها الاستعمارية.

في الوقت نفسه، ولدت في بعض السكان في المستعمرات توقا متزايدا للاستقلال، وساهمت المفاهيم التي نادت بها القوى المنتصرة مثل حق تقرير المصير في تغذية حركات التحرر الوطني. وهكذا، شهدت الفترة التالية للحرب موجة من حركات الاستقلال في آسيا وأفريقيا، مما أدى إلى تغيير خريطة العالم السياسية وظهور دول جديدة في الساحة الدولية.

أدت الدروس المستفادة من فترة ما بين الحربين إلى إدراك أهمية بناء نظام اقتصادي دولي مستقر، فقد ساهمت الأزمة الاقتصادية في ثلاثينيات القرن العشرين وسياسات الحمائية في زيادة التوترات الدولية واندلاع الحرب.

لهذا، تم إنشاء مؤسسات بريتون وودز (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير) لإدارة النظام الاقتصادي العالمي بعد الحرب، ووضع أسس نظام نقدي دولي أكثر استقرارا. وهكذا، لم تكن إعادة الهيكلة بعد الحرب سياسية فحسب، بل اقتصادية أيضا.

شكلت الحرب العالمية الثانية نقطة تحول أساسية في تطور النظام الدولي، لقد أنهت هيمنة القوى الأوروبية، وأسست نظاما دوليا جديدا تقوده الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وأنشأت مؤسسات دولية جديدة كان أبرزها الأمم المتحدة، وساهمت في تفكيك النظام الاستعماري، ووضعت أسسا جديدة للعلاقات الاقتصادية الدولية.

ومع ذلك، فإن الإرث الذي خلفته الحرب العالمية الثانية لا يزال موضوع تساؤلات وتحديات. فالنظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب شهد تحولات كبيرة بعد نهاية الحرب الباردة، وتواجه الأمم المتحدة تحديات في تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين.

يبقى السؤال: هل النظام الذي ولد من رحم الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية لا يزال قادرا على مواجهة التحديات المعاصرة والمستقبلية؟ الإجابة على هذا السؤال تتطلب فهما عميقا للدروس التي قدمتها تلك الفترة المحورية من تاريخ البشرية.

إن العالم الذي نعيش فيه اليوم هو إلى حد كبير نتاج تلك الحرب التي انتهت قبل أكثر من سبعة عقود، لكن إرثها لا يزال يُشكل علاقاتنا الدولية وسياستنا العالمية حتى اليوم.

مقالات مشابهة

  • تأثير الحرب العالمية الثانية في تشكيل النظام الدولي الحديث
  • واشنطن تدين "فظائع الدعم السريع" بحق المدنيين في الفاشر السودانية
  • الإمارات تؤكد التزامها الراسخ بدعم جهود محكمة العدل الدولية
  • الأمم المتحدة: فرار آلاف الأسر السودانية التي تعاني الجوع وسوء التغذية
  • الاتحاد الأوروبي يحذر من تفاقم الوضع الإنساني المتدهور في السودان
  • استونيا: الوضع في غزة كارثي ويجب ممارسة ضغط كبير على إسرائيل
  • يونيسف: السبيل الوحيد لمساعدة المدنيين المحاصرين بالسودان وقف القتال فورًا
  • بعد سقوط دارفور شبح التقسيم يلوح في السودان.. فمن هي الأطراف الدولية التي ساهمت في هذه النتيجة؟
  • الهجرة الدولية: نزوح آلاف المدنيين من شمال كردفان مع تصاعد هجمات الدعم السريع