هدنة !! أم هى حِجَازَة الغَتَاتة !!
تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT
عندما كُنَّا صبية أغراراً، كان الشِجارُ الذى ينشب بين الأتراب عادةً شائعة وغالباً مايكون لأسباب تافهة، لكنه من الممارسات التى لا سبيل إلى تجنبُّها، حتى لا يُرمىٰ من يتجنب النِزال بالجُبن، وكان للشجار أدبيات [وقوانين] !! منها ماهو غير محايد، ويُسمى [حِجازة الغَتاتة] كأن يَدَّعى أحد شهود المشاجرة أنه يقوم بمحاولة اِبعاد الخصمين عن بعضهما، بينما هو فى الواقع يُمسِك بأحدهم ليسمح للثاني بكيل اللكمات له !! وهذا عين ما أنطوى عليه المقترح الأمريكي بإعلان [هدنة] بين الجيش السوداني ومليشيا آل دقلو الإرهابية المجرمة!!
عندما جاءت الدعوة لحكومة الانقاذ -يطراها الله بالخير- للجلوس مع المتمرد قرنق وجماعته طلبت الحكومة وقفاً لاِطلاق النَّار كشرط أساسي ووحيد للانخراط في المفاوضات، فجاء الرد الأمريكي تحديداً بهذه العبارة المحددة والموجزة والحاسمة (Fight &Talk) لأن حساباتهم كانت تُرجح أن المتمردين سيحققون مكاسب ميدانية، وبالفعل فما كادت المفاوضات أن تبدأ،حتى احتل المتمردون مدينة توريت، وجاء القرار الصارم والصادم من الحكومة أولاً بقطع المفاوضات وأمرت بسحب الوفد المفاوض، وثانياً باسترداد توريت بالقوة، فما أُخذ بالقوة لا يُسترد بغير القوة، حتى أن الفريق أول الركن حاج أحمد الجيلى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأسبق وكان وقتها (نائب) طَلَب أن يقود بنفسه حملة اِسترداد توريت من يد التمرد بنفسه، ولما رُفِض طلبه بكىٰ فأستجابت القيادة لطلبه فكان تحرير توريت في غضون أيام.
                
      
				
واليوم مليشيا عيال دقلو المعتدية الاِرهابية المجرمة تحتل الفاشر وتُسْرِف فى قتل الأبرياء، هذا غير جرائمها التى لا يحصى عدد ضحاياها إلا الله، أصبح الجهاد (فرض عين) على كل رجل وأمرأة شباباً وشيوخاً، لا يتخلف عنه إلا منافق ظاهر النفاق، ومن باب أولى كل الحكومة والجيش ومن معه من القوات المشتركة والمستنفرين، ونقول للمقاومة الشعبية التى تَنَادَىٰ لها كل أبناء الشعب، أن المقاومة لها شروطها التى لا محيص عنها وهى التنظيم والتدريب والتسليح على التوالى فليس الأمر تجمعات جماهيرية ولا شعارات أو لافتات، فهذه من نوافل العمل الجماهيرى لكن التنظيم بأن يتصدىٰ قُدامىٰ المحاربين فى كل قريةٍ أو حلةٍ لذٰلك، وهم يعرفون كيفية التنظيم من الجماعة أو الصِنف إلى الفصيلة إلى الكتيبة إلى مافوق ذلك من ألوية وفِرَق بحيث يعرف كل واحد مكانه واسم جماعته أو فصيلته أو سريته ويعرف حكمداره ثمَّ ضابطه الأعلى، ومن ثم ينخرط فى التدريب من الرياضة إلى البيادة إلى دروس البندقية إلى ضربنار، وكل ذلك فى غضون أيام محدودة بالتدريب الجاد المكثف ليل نهار.
ثم يأتى التسليح بعد ذلك والقيادة وحدها تعرف كيفية التسليح وبقية اللوجستيات، وتعرف أين تضع هؤلاء المستنفرين فى كل بقعة من بلادنا المهددة بالزوال من الوجود، أريتم كيف قال البلوشى الأمارتي الخائب عند سقوط فاشر السلطان قال:(الفاشر فى أيدينا!!)
 تبت يداه وتبت يد دويلته المجرمة
ثم بعد كل تلك البشاعة والشناعة تأتى ماما أمريكا لتطلب مِنَّا أن نقبل بهدنة!! نعم تطلب منا أن نطبع قُبلة على جبين المليشا وأن نهدى زهرة لكبير القتلة، وليت الأمر يتوقف عند الابتسامات الباهتة، والمجاملات الدبلوماسية اللزجة، كلا فحقيقة الأمر هو أن يعترف الجيش بأن المليشيا كفؤاً له وأن الفاشر حلال عليها، وأن يكون لدويلة الشر مطلق الحرية في تشوين المليشا الدقلاوية بما تشاء وكيف تشاء ولمدة ثلاثة أشهر حتى تمتلئ المخازن وتفيض، ثم تطلب منا مواصلة القتال بعد ذلك ولن نقول لهم ياحَلاة دَقْدَقْ، لكن سيكون كلامنا بالبندقية أم خشما عفن، وحروفنا من القصدير الحار وسلامنا من الجو حمم وصواريخ وتحيتنا بالمدرعات والمدفعية ومائدتنا التى نجلس للحوار عليها هى رماد الجنجويد وسجم الدويلة – ونقول لماما أمريكا الآن Fight &Talk وهذه بضاعتكم رُدت اِليكم وحِجازة الغَتَاتَة التى تقومون بها لعبة صبيان قديمة لا نقبل بها ولا نلتفت إليها فلا مهادنة ولا تفاوض ولا سلام مذل ومهين السلام الذى نريد هو السلام الذي تسترد به الحقوق كاملة غير منقوصة، السلام في فهمنا هو أن تستستلم المليشيا وتضع سلاحها وتخضع للمحاسبة بقانون ق. ش. م ، والمحاكمات الميدانية الناجزة، وحتى العفو العام الذى لا يسقط الحق الخاص أصبح فى خبر كان.
سعادة القائد العام لقوات الشعب المسلحة وأنت سيد العارفين، الجيش هو جيش السودان لا جيش البرهان والشعب الذى التف حول جيشه يطالبكم بالمُضي قُدماً فى تحقيق انتصاراتكم الباهرة التي لا ينكرها إلا مكابر، وإن كان السادة الأمريكان يرغبون فى أن نتفاوض على السلام فليس لهم عندنا إلا مقولتهم المردودة عليهم
 Fight & Talk
رسالة فى بريد المقاومة الشعبية عليكم بالتنظيم والتدريب والتسليح لكل القادرين على حمل السلاح، وعلى ذوي اليسار منكم الخروج عن أموالهم كلها كما فعل الصديق أو نصفها كما فعل عمر الفاروق، أو تجهيز جيش العسرة كما فعل عثمان رضى الله عنهم.
 جيش واحد شعب واحد.
 والله أكبر .والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
أمريكا والناجون
مسلسل أمريكى يذاع على أحد المنصات الشهيرة يتناول السياسة الأمريكية الحديثة محاولًا تبيض وجه أمريكا التى تحولت إلى إمبراطورية إستعمارية دمرت العديد من البلدان فى آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط وكذلك أمريكا اللاتينية، المسلسل أسمه «المرشح الناجى» حيث يبدأ العمل بتفجير مبنى الكونجرس الأمريكى ووفاة جميع الوزراء والنواب وكذلك رئيس الجمهورية، فإذا وزير الإسكان والذى علم قبل الجلسة أنه مستبعد من الوزارة الجديدة، يجد نفسه الناجى الوحيد الباقى من تلك المجزرة التى تشبه أحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001، ومن هنا يتم تنصيبه من قبل الجيش والمخابرات الفيدرالية رئيسًا للجمهورية.. وتتصاعد أحداث المسلسل الذى يتعرض لقضايا المهاجرين المسلمين وأيضًا محاولة إيجاد عدو من بين المنظمات الإسلامية الجهادية يلقون عليه التهم ويحملونه مسئولية هذا الحدث الجلل، ويتمرد أحد محافظى ولاية أمريكية ضد الرئيس وتنتشر أعمال العنف والاعتقالات تجاه المسلمين المهاجرين، وترفض رئيسة مجلس الكونجرس الباقية أو الناجية هبوط طائرة ركاب مليئة بالمهاجرين السوريين وتحولها إلى كندا.. المسلسل يستعرض كم الفساد داخل المؤسسات السياسية الأمريكية وسطوة رأس المال وحال النواب اللذين يعتمدون على ممولين لحملاتهم الإنتخابية، كما يحكى المسلسل عن الرئيس الأمريكى الجديد والذى لا يحظى باحترام الساسة القدامى لأنهم يعتبرونه مجرد رجل محظوظ ليس له أى تاريخ نضال سياسى ولا ينتمى لا للحزب الجمهورى المحافظ ولا للديمقراطى المتحرر وإنما هو مهندس معمارى فاز فى مسابقة تصميم أحد المدن الذكية وهو معروف بنزاهته وهدوءه وأخلاقه المستقيمة ووقوفه مع البسطاء والفقراء محاولًا إيجاد مساكن بأسعار مخفضة وأقساط ممكنة للمحتاجين، ولهذا يختاره الرئيس الذى مات فى إنفجار الكونجرس ليكون وزيرًا للإسكان، لكن المعارضين لوجوده أجبروه على إبلاغه بالإستقالة قبل الإنفجار المميت.. المسلسل محاولة لتبيض وجه أمريكا ورؤسائها وكذلك التأكيد على الديمقراطية وفصل السلطات، حيث الكونجرس ومجلس الشيوخ يلعبان أدوارًا رئيسية وحيوية فى تحرير القوانين وصلاحيات الرئيس تظل محدودة فيما يتعلق بالأمن والأمور الداخلية من إقتصاد وقوانين، أما الجانب الأمنى الخارجى فهو له حسابات ومؤامات عدة.. نكتشف وجود جواسيس يعملون لصالح جهات مختلفة بل وهناك منظمة داخل أمريكا لها أذرع داخل البيت الأبيض والكونجرس ورجال الأمن والدفاع وهى تهدف إلى تدمير الحكومة والسلطة الأمريكية الحالية وإنشاء سلطة جديدة أكثر تطرفًا وأكثر دموية ضد المسلمين والمهاجرين وكل من لا ينتمى إلى أمريكا الأصلية.
الدراما السياسية لا تخلو من بعض الإثارة والتشويق والمغامرة البوليسية ودور المباحث الفيدرالية وأيضًا المجتمع الأمريكى الذى يصدرونه دومًا فى الأسرة السعيدة والأب والزوج الحنون والزوجة الداعمة الواعية والأبناء من ذكر وأنثى.
الجديد هو أن العدو الذى يهدد أمريكا اليوم هو من الداخل وهو نتاج حروب أفغانستان والعراق وقريبًا غزة وسوريا واليمن والسودان، هؤلاء الذين كانوا محاربين قدامى فى تلك المناطق هم من يتعاون مع المنظمات والميلشيات الإرهابية وهم من يهدد الأمن والسلم الأمريكى حاليًا كما صورهم المسلسل.. دراما تستحق المشاهدة من تمثيل وإخراج وسيناريو محبك وقضية تهم العالم بأسره.. الناجون فى أمريكا هم من يحملون بعضًا من أخلاق وإنسانية ونزاهة لكنهم قلة على مقاعد الحكم.