زلزال شمال أفغانستان.. مأساة جديدة تكشف هشاشة البلاد وقت الكوارث
تاريخ النشر: 4th, November 2025 GMT
سمنغان – تغطي أكوام الركام منازل وأحياء كاملة، في وقت تعالت أصوات الأطفال والنساء من تحت الخيام الصغيرة استغاثة بطلب الماء والطعام، في حين تواصل فرق الإنقاذ جهودها بشق الأنفس للوصول إلى المنكوبين وسط طرق مدمرة وانزلاقات أرضية تعيق حركتها.
وكان زلزال قوي بلغت قوته 6.3 درجات، قد ضرب فجر الأحد شمال أفغانستان، حدد مركزه في ولايتي سمنغان وبلخ والمناطق المجاورة، وأسفر عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى، وشُردت آلاف الأسر في قرى جبلية نائية تعاني من برد قارس هذه الأيام.
وتسلط هذه الكارثة الضوء من جديد على هشاشة البنية التحتية في شمال أفغانستان، وضعف قدرات السلطات على مواجهة الكوارث، في بلد يتعرض بشكل متكرر لزلازل مدمرة، أبرزها زلزال هرات عام 2023 الذي أودى بحياة أكثر من 1480 شخصا، وزلزال كونر في سبتمبر/أيلول 2025 الذي خلف أكثر من 1400 قتيل وآلاف المصابين.
وتؤكد الزلازل المتكررة أن السكان يواجهون مأساة مستمرة مع كل هزة أرضية، مع محدودية الدعم المحلي والدولي، ونقص المعدات الأساسية، ما يجعل كل كارثة اختبارا جديدا لقدرة الحكومة على إدارة الأزمات الإنسانية.
إحصائيات رسميةوأفادت الإدارة الوطنية لمواجهة الكوارث الطبيعية، أن حصيلة ضحايا الزلزال الذي ضرب شمال أفغانستان ارتفعت إلى 21 قتيلا، و25 مصابا حالاتهم حرجة، إضافة إلى 792 جريحا إصاباتهم طفيفة، كما أوضحت أن الزلزال تسبب في تدمير 170 منزلا تدميرا كاملا و342 منزلا جزئيا، مشيرة إلى أن الأضرار شملت ولايات سمنغان وبلخ وسربل وکندز وجوزجان.
وقال حافظ محمد يوسف حماد، المتحدث باسم الهيئة الوطنية للاستعداد لمواجهة الكوارث -للجزيرة نت- إن السلطات قدمت مساعدات نقدية بقيمة 20 ألف أفغاني (300 دولار)، لكل أسرة فقدت أحد أفرادها و10 آلاف أفغاني لكل جريح في ولايتي سمنغان وبلخ، ضمن جهودها لدعم المتضررين في الساعات الأولى بعد الكارثة.
إعلانوعلى أطراف مديرية طاشقرغان، لا تزال أكوام الركام تحجب معالم القرى التي سويت بالأرض، ويقول الحاج عبد الغفور (65 عاما) "فقدت ابني وحفيدتي، لم نسمع سوى هدير الأرض وهي تهتز، ولم نتمكن من إنقاذ أحد، ليضيف في حديثه للجزيرة نت، "كل شيء ضاع في ثوان، وحتى الملابس والفرش أصبحنا بلا شيء".
وفي مديرية خُلم المجاورة، تحكي أمينة عزيزي، أم لخمسة أطفال، "لم يتبق لنا سوى خيمة صغيرة، وأطفالي لا يملكون سوى ملابسهم الممزقة، ولا يوجد ماء نظيف، والطعام يكاد ينفد، والبرد يقتلنا كل يوم.
وتقول في حديثها للجزيرة نت، "نحن بحاجة إلى كل شيء، من مأوى إلى دواء وأمل"، في حين يؤكد محمد أشرف، شاب متطوع في مديرية خُلم "نحاول إنقاذ من بقي تحت الركام، لكن الطرق متكسرة والوقت يمر سريعا"، ويضيف في حديثه للجزيرة نت، "الأطفال يبكون طوال الليل، والكبار في حالة صدمة، وكل ساعة تمر تزيد معاناة الناس، ونحن نفعل ما نستطيع بقدرات بسيطة".
وقال شرافت زمان، المتحدث باسم وزارة الصحة العامة الأفغانية "الوزارة أرسلت فرقا طبية متنقلة إلى المناطق المتضررة، ونُقل عشرات المصابين إلى مستشفيات مزار الشريف وكابل"، ليضيف مستدركا، في حديثه للجزيرة نت، أن الكوادر الطبية تعمل بإمكانات محدودة نتيجة نقص الأدوية والمستلزمات.
وقال محمد آصف روحاني، مسؤول فرق الإنقاذ في الهلال الأحمر الأفغاني بولاية سمنغان "الزلزال خلّف خسائر بشرية كبيرة وأضرارا واسعة في المنازل الطينية والمنشآت العامة".
وأضاف -للجزيرة نت- أن فرق الهلال الأحمر باشرت عمليات الإنقاذ فور وقوع الهزة بالتعاون مع وزارة الصحة، حيث نقلت عشرات الجرحى إلى المستشفيات المحلية، ووزعت خياما ومواد غذائية ومياه شرب على الأسر التي فقدت منازلها، لكن الإمكانيات المتاحة محدودة جدا مقارنة بحجم الكارثة، داعيا المنظمات الدولية إلى تقديم دعم عاجل لمساعدة المتضررين في القرى الجبلية النائية.
وأكد حاجي عطا الله زيد، المتحدث باسم حاكم ولاية بلخ، أن السلطات المحلية أنشأت لجنة طوارئ لتقييم الأضرار وتقديم المساعدات الأولية، مضيفا في حديثه للجزيرة نت، أن عمليات البحث والإنقاذ مستمرة رغم صعوبة الوصول إلى بعض القرى الجبلية بسبب الانزلاقات الأرضية.
وفي مستشفى أيبك المركزي في ولاية سمنغان، قالت إدارة المستشفى للجزيرة نت إنهم استقبلوا، حتى الآن، أكثر من 200 مصاب، أغلبهم من النساء والأطفال، وأن "الطواقم الطبية تعمل على مدار الساعة وسط ضغط شديد ونقص في الأدوية".
وسارعت بعض الدول إلى إرسال مساعدات عاجلة، إذ أعلنت وزارة الخارجية الهندية تقديم 21 طنا من المواد الإغاثية تضمنت خياما وبطانيات ومستلزمات طبية وغذائية لمساعدة الأسر التي فقدت منازلها في ولايتي بلخ وسمنغان.
وأكد وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكار أن بلاده "تتابع باهتمام أوضاع المتضررين وتعمل على ضمان وصول الدعم إلى المستحقين في أسرع وقت"، مشيرا إلى أن دفعات جديدة من الإمدادات الطبية ستصل قريبا.
وأعربت ستيفاني لوس، رئيسة برنامج الإسكان البشري للأمم المتحدة في أفغانستان عن قلقها البالغ إزاء الزلزال الأخير، مؤكدة في حديثها للجزيرة نت أن المتضررين بحاجة ماسة إلى مأوى عاجل، بعد تدمير منازلهم مع اقتراب فصل الشتاء، مطالبة بضرورة تدريب السكان على استخدام المواد المحلية بشكل أفضل في البناء وضمان عدم عيشهم في ظروف غير مناسبة أو مناطق عالية الخطورة.
ورغم سرعة التحرك المحلي والدولي، إلا أن آلية التوزيع تواجه تحديات لوجيستية كبيرة، ويشير المحلل الاقتصادي آصف ستانكزي إلى أن "توزيع المساعدات النقدية والغذائية والخيام على القرى الجبلية النائية يتطلب تنسيقا دقيقا مع السلطات المحلية والمنظمات الدولية، وإلا فإن بعض الأسر الأكثر هشاشة قد لا تصلها المساعدات في الوقت المناسب".
ويضيف في حديثه للجزيرة نت، أن الفرصة تكمن في استغلال التكنولوجيا والخرائط الرقمية لتحديد القرى الأكثر تضررا، ما يضمن وصول الدعم بسرعة أكبر ويقلل من ازدواجية الجهود، مؤكدا أن هذه التجربة يمكن أن تصبح نموذجا لإدارة الكوارث الطبيعية مستقبلا.
عاجل | مراسل الجزيرة عن مسؤولين أفغان: مقتل 270 شخصا على الأقل في زلزال بقوة 6 درجات ضرب شرقي أفغانستان
— الجزيرة مباشر الآن (@ajmurgent) September 1, 2025
واقع كارثيوتزامن وقوع الزلزال مع انقطاع التيار الكهربائي المستورد من أوزبكستان وطاجيكستان، ما فاقم معاناة السكان في المناطق الجبلية الباردة -حسب إعلان لشركة الكهرباء الحكومية- وأوضحت الشركة لاحقا أن التيار أُعيد إلى عدد من المناطق، في وقت تواصل فرق الطوارئ جهودها لإصلاح الشبكة بالكامل.
وتقع أفغانستان على ملتقى الصفائح التكتونية الآسيوية والهندية، ما يجعلها من أكثر مناطق العالم عرضة للنشاط الزلزالي، إذ تشهد سنويا هزات قوية ومدمرة، وتؤكد هذه الكوارث المتكررة مدى تعرض البلاد المستمر للمخاطر الطبيعية، وتكشف هشاشة بنيتها التحتية وضعف قدرات السلطات في مواجهة الأزمات، وسط نقص التمويل واستمرار العقوبات الدولية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شفافية غوث حريات دراسات شمال أفغانستان أکثر من
إقرأ أيضاً:
ارتفاع حصيلة ضحايا الزلزال في شمال أفغانستان
أكّد المتحدث باسم وزارة الصحة، شرفات زمان، أن فرق الإنقاذ تواصل عملها الميداني، محذّراً من ارتفاع حصيلة الضحايا.
ضرب زلزال بلغت قوّته 6.3 درجات على مقياس ريختر ضواحي مدينة مزار شريف شمالي أفغانستان فجر الاثنين، ما أسفر عن مقتل 20 شخصًا وإصابة نحو 150 آخرين على الأقل، وفق حصيلة أولية أعلنتها السلطات.
وأفادت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بأن الزلزال وقع على عمق 28 كيلومتراً قرب مزار شريف، التي يبلغ عدد سكانها نحو 523 ألف نسمة.
وأثار الزلزال حالة من الهلع بين سكان المدينة، وهي إحدى أكبر مدن الشمال الأفغاني، إذ هرع كثيرون إلى الشوارع خشية انهيار منازلهم، بحسب ما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية. كما أفاد مراسلون في العاصمة كابول، الواقعة على بُعد نحو 420 كيلومتراً إلى الجنوب، بأنهم شعروا بالهزّات أيضاً.
أرقام متباينةوتباينت الأرقام حول عدد الضحايا، إذ استندت بعض التقارير إلى بيانات المستشفيات حتى صباح اليوم، وهي حصيلة قابلة للتحديث في ظلّ استمرار عمليات الإنقاذ وتوقّعات بارتفاع عدد القتلى والجرحى.
وفي هذا السياق، أكّد المتحدث باسم وزارة الصحة، شرفات زمان، أن فرق الإنقاذ تواصل عملها الميداني، محذّراً من ارتفاع حصيلة الضحايا. وقال في بيان: "وصلت الفرق الطبية إلى المنطقة، وتم وضع جميع المستشفيات القريبة في حالة تأهّب قصوى".
من جانبها، أوضحت وزارة الدفاع الأفغانية أن ولايتي بلخ وسمنغان كانتا الأكثر تضرراً، حيث سقط العديد من الضحايا المدنيين، في حين واصلت فرق الإنقاذ والمساعدات الطارئة الوصول إلى المناطق المنكوبة وبدأت عمليات الانتشال ونقل المصابين وتقديم الدعم للعائلات المتضرّرة.
توازيًا، انتشرت على منصة "إكس" مقاطع فيديو تُظهر محاولات إنقاذ لأشخاص عالقين تحت الأنقاض، وصورًا لمبانٍ منهارة، فيما أظهر أحد المقاطع فرق الإنقاذ وهي تنتشل جثثًا من تحت الركام، إضافةً إلى مشاهد تُظهر الأضرار في الضريح المقدس لمزار شريف المعروف بـ" المسجد الأزرق".
Related فيديو - زلزال تركيا: مبانٍ منهارة وسكان يبيتون في سياراتهم خوفًا من الهزات الارتدادية زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب ولاية باليكسير غربي تركيازلزالان قويان يضربان جنوب الفلبين ويوقعان ما لا يقل عن 7 قتلىوأصدرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إنذاراً برتقالياً عبر نظام "بيجر" (PAGER)، وهو نظام آلي يُقدّر تأثير الزلازل، مشيرةً إلى أن "الخسائر البشرية قد تكون كبيرة، وأن نطاق الكارثة قد يكون واسعاً".
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في أفغانستان كوارث طبيعية وأزمة اقتصادية وإنسانيةوتُعدّ أفغانستان من أكثر دول العالم عرضةً للزلازل، إذ تقع على صدعين نشطين، وقد واجهت حكومة طالبان منذ تولّيها السلطة في عام 2021 ثلاثة زلازل مميتة كبرى، في وقت تراجع فيه الدعم الدولي الذي كان يشكّل الركيزة الأساسية لاقتصادها.
ففي نهاية أغسطس الماضي، أودى زلزال قوي ضرب جنوب شرق البلاد بحياة أكثر من 2200 شخص وأصاب الآلاف.
وكانت فرق الإنقاذ حينها قد واجهت صعوبات كبيرة بسبب ضعف شبكات الاتصال والبنية التحتية، ما أعاق وصول السلطات إلى القرى النائية لساعات أو حتى لأيام لتقييم حجم الأضرار.
في غضون ذلك، حذّرت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة من تفاقم أزمة الجوع في أفغانستان، حيث تعاني البلاد من أزمة إنسانية متصاعدة بفعل الجفاف والقيود الاقتصادية المفروضة على القطاع المصرفي، إلى جانب ترحيل ملايين اللاجئين الأفغان من إيران وباكستان.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة طالبان ضحايا أفغانستان كارثة طبيعية زلزال
Loader Search
ابحث مفاتيح اليوم