إدمان الأطفالِ لـ «السوشيال ميديا».. موضوع خطبة الجمعة اليوم
تاريخ النشر: 7th, November 2025 GMT
يؤدي الأئمة اليوم 7 من نوفمبر 2025م، الموافق 16 من جمادى الأولى 1447ه، خطبة الجمعة فى المساجد تحت عنوان «إدمان الأطفال وسائل التواصل الاجتماعي».
وأوضحت الأوقاف إن الهدف من هذه الخطبة هو التحذير من خطورة إدمان وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا على الأطفال، وسبل مواجهة ذلك.
وأكدت انه قد تتحول وسائل التواصلِ الاجتماعيّ من نعمة الى نقمة في هذا الزمانِ بسوءِ استخدامِها، لأن إدمانُ السوشيالِ ميديا له آثارُهُ المُدمرةُ التي تبدأُ بضياعِ الأوقاتِ الثمينةِ، مرورًا بتحويلِ المنصاتِ إلى مواطنَ للغيبةِ والنميمةِ الإلكترونيةِ، ونشرِ التعليقاتِ السلبيةِ، وصولًا إلى المجاهرةِ بالمعاصي ونشرِ الفواحشِ وتتبعِ العوراتِ.
وجاء نص خطبة الجمعة اليوم كالتالي:
الحمد لله رب العالمين، أحمده حمد الشاكر المعتبر، وأشهد ألا إله إلا الله الواحد القهار، العزيز الغفار، سبحانه هدى العقول ببدائع حكمه، ووسع الخلائق بجلائل نعمه، أقام الكون بعظمة تجليه، وأنزل الهدى على أنبيائه ومرسليه، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، شرح صدره، ورفع قدره، وشرفنا به، وجعلنا أمته، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد..
فنعم الله تعالى لا تحصى ولا تعد، ومنن الله على عباده لا تقف عند حد، ووسائل التواصل الاجتماعي هبة الله في هذا الزمان، وجسر الاتصال ما بين البلدان والأوطان، فهي ساحة واسعة لنشر الخير والهدى، وبث المعرفة التي تعم بالفائدة على الورى، تفتح أبواب الرزق والتجارة لكل ساع، وتزيد من فرص الحياة الطيبة لكل راج، فبين يديك أداة فعالة لنقل الخبرات، وتحقيق الإنجازات، وتجاوز المسافات، وتعلم المهارات، مزيج عجيب مدهش من تجلي الله تعالى على عباده باسمه المنعم، قال تعالى: ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم﴾.
أيها الأكارم، قد تتحول نعمة مواقع التواصل الاجتماعي إلى نقمة بسوء استخدامها، وكثرة العكوف عليها، فإدمان السوشيال ميديا له آثاره المدمرة التي تبدأ بضياع الأوقات الثمينة، مرورا بتحويل المنصات إلى مواطن للغيبة والنميمة الإلكترونية، ونشر التعليقات السلبية، وصولا إلى المجاهرة بالمعاصي ونشر الفواحش وتتبع العورات، فيؤدي ذلك إلى تفكيك النسيج المجتمعي ونشر الإشاعات، وإغراق الأفراد في علاقات وهمية سطحية قائمة على الإعجابات، فيحدث للأسرة تفكيك لعلاقاتها وجمود لحواراتها، ويجد المرء نفسه غارقا في عزلة وانفصال عن الواقع، وتتفاقم الكارثة بتصدر رؤوس جهال للفتوى والتخوض في أمور التخصص بغير علم ولا إحاطة بفقه المآلات، قال تعالى: ﴿ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولٰئك كان عنه مسؤولا﴾.
سادتي الكرام، كم من ساعة انقضت أمام محتوى لا يغني؟ وكم من فرصة ذهبت أمام مقطع له مشاهدات تطغي؟ وكم من صلاة أجلت بسبب إشعارات تلهي؟ فأعيدوا لمواقع التواصل دورها، فليس الحل في الرفض المطلق والاعتزال التام بل في التوازن والاعتدال في الاستعمال، فاجعلوا لهذا العالم وقتا معلوما وغاية مرسومة، فلا نتتبع كل خبر أو صورة أو معلومة، ولا بد أن نكون فاعلين لا متفاعلين، ننتقي المفيد وننشر الخير الرقمي، ونحذر الشرور والفتن والمغريات الإلكترونية، فلا تحولوا النعمة إلى نقمة، ولا الأداة إلى آفة، وكونوا من الذين يقتصدون في كل أمورهم ويحسنون تدبير وقتهم ومواردهم، وحافظوا على عقولكم سليمة صافية، وعلى قلوبكم نقية زكية، ولا تسلموها لتيارات عابرة وموجات متلاطمة، قال الجناب المعظم: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ».
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وأشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله.
عباد الله، احذروا انغماس الأطفال في مواقع السوشيال ميديا، فلقد فقد أطفالنا الشعور بالدفء والأمان الأسري، أرأيتم صورة هذا الطفل الصغير الذي تعرض للتنمر والتحرش الإلكتروني؟ ألم تسمعوا إلى المشاكل الصحية والنفسية نتيجة الجلوس أمام الشاشات مما يؤثر على تحصيلهم الدراسي؟ ألم يتأثر أطفالنا بتطبيقات الألعاب الإلكترونية العنيفة فظهرت حالات من العنف المدرسي؟ وبسبب هذا الإدمان المفرط يعاني أطفالنا من انعدام الثقة بالنفس، وتدني احترام الذات، والشعور بالبؤس، وانعدام الرضا، وعدم القناعة، وضياع الهوية الثقافية والدينية، والتقليد الأعمى، والمقارنات الوهمية، والتعرض لمحتويات غير أخلاقية منافية للتعاليم الدينية، فلا بد من تقنين أوقات الجلوس أمام الشاشات، وقوموا بتفعيل برامج المراقبة الأسرية والأبوية، وكونوا قدوة لأبنائكم، وافتحوا لغة الحوار مع أطفالكم، واستجيبوا لهذا النداء الإلهي: ﴿يا أيها الذين آمنوا قُوُوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة﴾.
أيها الآباء والأمهات، إن التكنولوجيا نعمة من نعم الله إن أحسن استخدامها ووسيلة للتعلم والتواصل ونشر الخير إذا وضعت لها الضوابط السليمة، فأمانة الأبناء عظيمة، ومسؤولية الحفاظ على عقولهم وصحتهم العقلية جسيمة، فلتكن لكم وقفة جادة مع أبنائكم، وفلذات أكبادكم، كونوا لهم قدوة حسنة بضبط استخدامكم مواقع التواصل، وراقبوا محتواهم بعين الحكمة والمحبة، وعلموهم الفرق بين العالمين الافتراضي والواقعي، وبين الصالح والطالح، وبين ما يفني الوقت وما يبنيه، فهم زهرة حياتكم وثمرة جهودكم، فاحرصوا عليهم حرصكم على أنفسكم، وخصصوا لهم وقتا نوعيا بعيدا عن الشاشات، يمارسون فيه النشاطات البدنية والألعاب الجماعية والتفاعل الأسري الواقعي، واستجيبوا لهذا البيان النبوي الشريف: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».
حفظ الله أولادنا وبناتنا من كل مكروه وسوء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خطبة الجمعة إدمان الأطفال وسائل التواصل الاجتماعي الأوقاف نص خطبة الجمعة الجمعة وسائل التواصل الاجتماعی خطبة الجمعة
إقرأ أيضاً:
«إدمان الأطفال وسائل التواصل الاجتماعى».
حدَّدت وزارة الأوقاف موضوع خطبة اليوم الجمعة، بعنوان «إدمان الأطفال وسائل التواصل الاجتماعى».
وقالت وزارة الأوقاف إن الهدف من موضوع خطبة الجمعة، هو التحذير من خطورة إدمان وسائل التواصل الاجتماعى خصوصا على الأطفال، وسبل مواجهة ذلك.
من الظواهر الاجتماعية السلبية المنتشرة فى الآونة الأخيرة (ظاهرة إضاعة الوقت على السوشيال ميديا).
لذلك عنيَ القرآنُ والسنةُ بالوقتِ مِن نواحٍ شتَّى وبصورٍ عديدةٍ، فقدْ أقسمَ اللهُ بهِ فى مطالعَ سورٍ عديدةٍ بأجزاءٍ منهُ مثلَ الليلِ، والنهارِ، والفجرِ، والضحَى، والعصرِ، وغيرِ ذلكَ. ومعروفٌ أنّ اللهَ إذَا أقسمَ بشيءٍ مِن خلقِهِ دلَّ ذلكَ على أهميتِهِ وعظمتِهِ، وليلفتَ الأنظارَ إليهِ وينبّهَ على جليلِ منفعتِهِ.
وكذلكَ جاءت السنةُ لتؤكدَ على أهميةِ الوقتِ وقيمةِ الزمنِ، وتقررَ أنّ الإنسانَ مسئولٌ عنهُ يومَ القيامةِ، فعن معاذِ بنِ جبلٍ أنّ رسولَ اللهِ قالَ: «لنْ تَزُولَ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسْأَلَ عن أَرْبَعِ خِصالٍ عن عُمُرِهِ فيمَ أَفْناهُ؟ وعَنْ شَبابِهِ فيمَ أَبْلاهُ؟ وعَن مالِهِ مِن أينَ اكْتَسَبَهُ وفيمَ أنْفَقَهُ؟ وعَنْ علمِهِ ماذَا عمِلَ فيهِ» البيهقيُّ والترمذيُّ بسندٍ حسنٍ ].
وأخبرَ النبيُّ أنّ الوقتَ نعمةٌ مِن نعمِ اللهِ على خلقِهِ، ولابدَّ للعبدِ مِن شكرِ النعمةِ وإِلّا سُلبتْ وذهبتْ. وشكرُهَا يكونُ باستعمالِهَا فى الطاعاتِ، واستثمارِهَا فى الباقياتِ الصالحاتِ، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنه: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» البخارى.
فالآياتُ والأحاديثُ تشيرُ إلى أهميةِ الوقتِ فى حياةِ المسلمِ، لذا لابُدَّ مِن الحفاظِ عليه وعدمِ تضييعِهِ فى أعمالٍ قد تجلبُ لنا الشرَّ وتبعدُنَا عن طريقِ الخيرِ، فالوقتُ يمضِى ولا يعودُ مرةً أُخرى.
إنّ الإنسانَ إذَا عَرفَ قيمةَ شيءٍ مَا وأهميتَهُ حرصَ عليهِ وعزَّ عليهِ ضياعُهُ وفواتُهُ، وهذا شيءٌ بديهيٌّ، فالمسلمُ إذَا أدركَ قيمةَ وقتِهِ وأهميتَهُ، كان أكثرَ حرصًا على حفظِهِ واغتنامِهِ فيمَا يقربُهُ مِن ربِّهِ.
يقولُ ابنُ الجوزيِّ رحمَهُ اللهُ تعالى: «ينبغِى للإنسانِ أنْ يعرفَ شرفَ زمانِهِ وقدرَ وقتِهِ، فلا يضيعُ منهُ لحظةً فى غيرِ قربةٍ، ويقدمُ فيهِ الأفضلَ فالأفضلَ مِن القولِ والعملِ، ولتكنْ نيتُهُ فى الخيرِ قائمةً مِن غيرِ فتورٍ بمَا لا يعجزُ عنهُ البدنُ مِن العملِ».
لذلكَ كانُوا لا يندمُونَ إلَّا على فواتِ الوقتِ الذى لم يرفعْهُم درجةً، قال ابنُ مسعودٍ: «ما نَدمتُ على شيءٍ نَدمِى على يومٍ غَربتْ شمسُهُ، نقصَ فيهِ أجلِي، ولم يزددْ فيهِ عملِى».
وقالَ أحدُ السلفِ: «إذَا أتَى عليَّ يومٌ لم أزددْ فيهِ علمًا ولم أزددْ فيهِ هديً فلا بوركَ لِى فى طلوعِ شمسِ ذلكَ اليوم»،
هذهِ هى قيمةُ الوقتِ وأهميتُهُ ومكانتُهُ فى الإسلامِ، فعلينَا أنْ نستغلَّ الأوقاتَ وأنْ نجعلَ حياتَنَا كلَّهَا للهِ، فلا نضيعُ مِن أوقاتِنَا ما نتحسرُ عليهِ يومَ القيامةِ، فالوقتُ سريعُ الانقضاءِ، فهو يمرُّ مرَّ السحابِ.