هل يستعد لبنان لمواجهة جديدة بعد التصعيد في خطاب حزب الله؟
تاريخ النشر: 7th, November 2025 GMT
بيروت – تتصاعد وتيرة التوتر على الحدود اللبنانية الجنوبية، حيث شنت الطائرات الإسرائيلية خلال الساعات الماضية سلسلة غارات مكثفة على مناطق عدة في الجنوب اللبناني، شملت القطاعات الغربي والأوسط والشرقي، مما أثار مخاوف من انزلاق الأوضاع إلى مواجهة أوسع في ظل احتقان داخلي متزايد وانقسام حاد حول ملف سلاح حزب الله.
لكن التطور اللافت تمثل في البيان الذي أصدره حزب الله تحت عنوان "كتاب مفتوح إلى الرؤساء الثلاثة والشعب اللبناني"، والذي حمل لهجة غير مسبوقة منذ بداية التوتر الحدودي.
وأكد حزب الله بوضوح في بيانه رفضه طروحات التفاوض مع إسرائيل، مشددا على "الحق المشروع في مقاومة الاحتلال والعدوان"، ورفض أي طرح يهدف إلى نزع سلاح المقاومة، معتبرا أن الحديث عن هذا الملف في الظرف الراهن "يخدم العدو الإسرائيلي ومشاريعه في المنطقة".
وفي رسالة مزدوجة، حاول الحزب طمأنة الداخل بالتأكيد على حرصه على السلم الأهلي، لكنه في الوقت نفسه وجّه تحذيرا واضحا من أنّ أي مسعى داخلي أو خارجي لتقييد سلاح المقاومة خارج التوافق الوطني سيقابل برد عملي، مما يعكس تمسك الحزب بخياره العسكري والسياسي في آن واحد.
بدورها عقدت الحكومة اللبنانية جلسة لمجلس الوزراء أمس الخميس، خصصتها لمناقشة تقرير الجيش حول مسألة "السلاح غير الشرعي"، وسط تصاعد الضغوط الدولية على بيروت لفتح حوار داخلي بشأن إستراتيجية الدفاع الوطني ومستقبل العلاقة مع حزب الله.
وعقب الجلسة، قال وزير الإعلام اللبناني بول مرقص إن رئيس الجمهورية جوزيف عون شدد على أن "خيار التفاوض هو السبيل المتاح لوقف الاعتداءات على لبنان"، مؤكدا أنه يحظى بتأييد داخلي ودولي واسع، وأضاف أن "العدو يسعى إلى إدامة حالة الحرب وإبقاء التهديد قائما ضد اللبنانيين، إضافة إلى عرقلة استكمال انتشار الجيش تنفيذا لاتفاق وقف الأعمال العدائية".
إعلانوفي بيان منفصل، وصف الرئيس عون الغارات الإسرائيلية على جنوبي لبنان بأنها "جريمة مكتملة الأركان"، معتبرا أنها أيضا "جريمة سياسية نكراء"، مشيرا إلى أن "إسرائيل لم تدّخر جهدا منذ اتفاق وقف إطلاق النار قبل عام لإظهار رفضها لأي تسوية تفاوضية بين البلدين".
وعلى الأرض، واصل جيش الاحتلال تصعيده في الأسابيع الأخيرة من خلال شن أحزمة نارية وعمليات اغتيال استهدفت قيادات ميدانية، إلى جانب آلاف الخروقات للقرار 1701، تجاوزت 4500 خرق منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بحسب مصادر لبنانية رسمية.
وأسفرت هذه العمليات عن سقوط مئات الشهداء والجرحى، في حين لا تزال إسرائيل تسيطر على 5 تلال لبنانية احتلتها في الحرب الأخيرة، إلى جانب أراض أخرى تحتلها منذ عقود.
وبين ضغوط الخارج وحسابات الداخل، تبدو الساحة اللبنانية أمام مرحلة دقيقة، حيث يتقاطع التصعيد العسكري مع سباق سياسي حول هوية القرار السيادي وموقع المقاومة في معادلة الدولة، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى الجنوب مجددا كجبهة مفتوحة على احتمالات متعددة.
"ضوء أخضر"
يرجح المحلل السياسي يوسف دياب أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة على لبنان تشكل ترجمة ميدانية للتهديدات التي دأبت تل أبيب على توجيهها في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أنها جاءت على ما يبدو بضوء أخضر أميركي لاستئناف العمليات العسكرية في الساحة اللبنانية، ولا سيما بعد تصريحات المبعوث الأميركي توم براك التي قال فيها إن الدولة اللبنانية فشلت في بسط سلطتها وحصر السلاح بيدها، في إشارة إلى سلاح حزب الله.
وفي حديثه للجزيرة نت، يرى دياب أن ما يجري من تطورات قد يكون تمهيدا لمرحلة جديدة من التصعيد، قائلا "نأمل ألا تتوسع رقعة المواجهة، لكن المؤشرات تدل على أن الأمور تتدحرج نحو مواجهة كبرى، خصوصا في ظل تمسك حزب الله بموقفه الرافض لنزع سلاحه".
ويعلق على البيان الذي أصدره حزب الله قبل الغارات بأنه "شديد اللهجة، وأن فيه تراجعا عن التعهدات السابقة التي أعلن فيها الحزب التزامه بالعمل تحت سقف الدولة واتفاق الطائف، والسعي إلى بناء دولة قوية بمشاركة جميع القوى اللبنانية".
ويرى دياب أن تصلب حزب الله لا يمكن فصله عن الموقف الإيراني، معتبرا أن طهران تواصل استخدام الورقة اللبنانية وملف الحزب وسيلة للضغط والمقايضة مع واشنطن والعواصم الأوروبية في سياق مفاوضاتها بشأن الملف النووي.
ويختم بالقول إن المرحلة المقبلة "لا تبدو مبشرة بالخير، بل تنذر بمزيد من التوتر وربما الانزلاق إلى مواجهة يصعب احتواء تداعياتها إن وقعت".
يرى المحلل السياسي توفيق شومان أن وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة والمتصاعدة على الجنوب اللبناني تُنذر بمرحلة جديدة من التصعيد، تتّسع فيها دائرة الاستهداف لتشمل مناطق إضافية، مع ارتفاع غير مسبوق في القوة التدميرية للغارات، في محاولة لزيادة حجم الخسائر البشرية والمادية، بما يشكّل -برأيه- وسيلة ضغط على الدولة اللبنانية ودفعها نحو مسار المفاوضات السياسية.
إعلانويقول شومان، في حديثه للجزيرة نت، إن "هذه الاعتداءات لا تهدف إلا للضغط بعدما أعلن لبنان قبوله بالمفاوضات غير المباشرة من دون منحها بعدا سياسيا، لكن حكومة بنيامين نتنياهو ترى أن الظروف الإقليمية والدولية مواتية لفرض شروطها على لبنان، مما يجعل من المرجح تصاعد الهجمات الإسرائيلية في المرحلة المقبلة".
وفي ما يتعلق ببيان حزب الله، يوضح شومان أنه يمكن قراءته من زاويتين:
الأولى: أنه تنبيه للدولة اللبنانية إلى خطورة الانخراط في مفاوضات عبثية بلا ضمانات أو نتائج، قد تُدخل البلاد في متاهة جديدة. والثانية: هي تذكير لبنان بسلسلة الاتفاقيات والقرارات التي لم تلتزم بها إسرائيل، سواء بقرار وقف إطلاق النار يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 أو القرار 1701.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات حزب الله
إقرأ أيضاً:
إعلام عبري: جيش الاحتلال يستعد لاحتمال خوض جولة قتال جديدة ضد حزب الله
نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤولين في حكومة الاحتلال القول بأن الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمال خوض جولة قتال جديدة ضد حزب الله قريبا.
وقالت القناة 12 الإسرائيلية في تقرير لها أنه لن يُسمح لحزب الله بتعزيز قوته والعودة إلى ما كان عليه قبل الحرب.
وفي وقت لاحق ، أكدت وسائل الإعلام الإسرائيلية، أنه خلال مناقشة خاصة دعا إليها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، تم طرح تحذيرات خطيرة تفيد بأن حزب الله يواصل تعزيز تسليحه وإعادة بناء بنيته التحتية في جنوب لبنان، بما في ذلك تهريب صواريخ قصيرة المدى من سوريا.
ونقلت وسائل الإعلام عن مصادر أن الحزب يقوم بإعادة تأهيل المباني في المنطقة الجنوبية، ويزود القرى بعناصر محلية، وسط سلسلة من المناقشات الأمنية حول التوترات على الحدود الشمالية.
وأشار تقرير استخباراتي إسرائيلي إلى أن حزب الله يعيد بناء قواته بوتيرة أسرع من التقديرات السابقة، ما يشكل تحديات عملياتية كبيرة أمام إسرائيل ويستدعي دراسة خيارات رد متعددة.
ووفقًا للعرض الذي قدم لصانعي القرار، فإن الجيش الإسرائيلي يعتزم قريبًا تكثيف هجماته في لبنان بهدف شل قدرة الحزب وإلحاق أضرار كبيرة به، مع مراعاة تجنب تصعيد مباشر في الوقت الحالي، لكن مع الاستعداد لأي تحركات مفاجئة من الحزب.
ونوهت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن الجيش لم ينفذ بعد ضربات داخل بيروت، إلا أن أي تعزيز مستمر لقدرات حزب الله سيجعل أي مكان غير محصن عرضة للهجوم.
كما أفادت صحيفة "هآرتس" بأن كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي حذروا من أن الحزب يعمل على إعادة بناء قواته، ما قد يدفع إسرائيل إلى توسيع عملياتها، رغم أن النشاط العسكري يتركز حاليا شمال نهر الليطاني وليس قرب الحدود المباشرة.
وأشار مسؤولو الاستخبارات العسكرية إلى أنهم قدموا أدلة على تعزيز الحزب لقدراته للحكومة الأمريكية والمشرفين على اتفاق وقف إطلاق النار، مضيفين أن الجيش اللبناني لا يتخذ إجراءات جدية لوقف إعادة بناء الحزب.
وأكد مسؤولون إسرائيليون أن ضربات سابقة أضعفت الحزب مؤقتًا، لكن جهوده الحالية تهدف للحفاظ على مكانته الداخلية وردع الحكومة اللبنانية، فيما أعرب السفير الأمريكي لدى تركيا والمبعوث المؤقت إلى لبنان وسوريا، توم باراك، عن قلقه من بطء نزع سلاح الحزب، داعيًا إلى حصر السلاح بيد الحكومة اللبنانية.