حكم الغش في الامتحانات بالشرع الشريف
تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT
الغش.. قالت دار الإفتاء المصرية إن الغش في الامتحانات حرامٌ شرعًا، وهو من أخطر المشاكل التي تواجه العملية التعليمية؛ لاشتماله على كثير من المفاسد الأخلاقية والاجتماعية، ولما فيه من الإثم والعدوان والخروج عن مقتضى الفضائل والمكارم التي يجب على المسلم التحلي بها، علاوة على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد حذر من الغش في أحاديث عدة حتى عده الفقهاء من الكبائر.
ويستوي في تحريم الغش في الامتحانات أن تكون في المواد الأساسية أو التكميلية أو في امتحانات القدرات للالتحاق بالكليات أو غيرها، ويدخل فيه أيضًا الغش البسيط الذي يحتاج الطالب فيه إلى من يذكره ولو بجزء قليل من الإجابة أو المعلومات ليتذكر بقيتها؛ فكلّ ذلك منهيٌّ عنه، ومخالف للشرع والقانون.
الغش:
وأوضحت الإفتاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرنا من الغش، ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي» أخرجه مسلم.
الغش والكذب:
والغشُّ والكذبُ وكتمانُ العيب من الأمور التي يستحق بها صاحبها اللعن والمقت والطرد من رحمة الله سبحانه وتعالى؛ فعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، يَقُولُ: «مَنْ باع عيبًا لم يُبَيِّنْهُ لم يَزَلْ في مَقْتِ الله، ولم تَزَلِ الملائكة تلعنه»، أخرجه ابن ماجه.
مشروعية الغش:
وأكدت الإفتاء أن الغشُّ محرَّمٌ في كل صورة؛ وهو من الكبائر؛ لأنَّه كذبٌ وخيانةٌ وحصولٌ على مكاسب لا حقَّ لصاحبها فيها، وقد نهى الله سبحانه وتعالى عنه؛ فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58]، والغش من أشد أنواع الإِيذاء.
دعاء التوبة بعد الغش:
قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-: «اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْك.
الغش:
ومن المؤكد أن الله تعالى رحيم بمن تاب وأناب إليه أن يعذبه بعد التوبة، ودود ذو محبة للتائب يوده ويحبه، قال تعالى: {إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود: 90].
التوبة من الغش:
كما أن الله تبارك وتعالى رحيم بعباده لطيف بهم؛ قال تبارك وتعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53]؛ فالله تعالى واسع المغفرة، فإذا تاب العبد إلى ربه ورجع قبل الله تبارك وتعالى توبته حتى لو ارتكب أشنع الخبائث؛ لأن رحمته وسعت كل شيء في الأرض وفي السماء؛ قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25].
الغش بالإسلام:
والكافر إذا تاب إلى ربه وأسلم قبل الله تعالى توبته؛ قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الأنفال: 38]؛ فمن باب أولى إذا ارتكب المسلم معصية كبيرةً أو صغيرة ثم تاب إلى ربه قبله الحق تباركت أسماؤه، وباب التوبة مفتوح لن يُغلق أبدًا إلا بعد أن تصل الروح إلى الحلقوم. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ﴾ [النساء: 17 - 18].
حكم الغش
وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ اللهَ يَقْبلُ تَوبةَ الْعَبدِ مَا لم يُغَرْغِر» رواه أبو داود وابن ماجه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الغش حكم الغش الغش فی الامتحانات صلى الله علیه ى الله علیه الله تعالى قال تعالى ى الله ع
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: لو تفكر المستهزئ في حسرته وخزيه يوم القيامة لكان هذا دافعًا لضبط سلوكه
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك إن ربُّنا عز وجل نهانا عن السخرية بالمؤمنين؛ في ذواتهم، وفي أفعالهم، وفي أفكارهم، وفي آرائهم.
وتابع: ونهانا ربُّنا أن يسخر الرجالُ من الناس – من الرجال أو النساء – والنساءُ من الناس – من النساء أو الرجال – ونبَّهنا ربُّنا سبحانه وتعالى إلى ذلك، وأمرنا بالتوبة إن وقعنا فيها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي ذرٍّ رضي الله تعالى عنه: «إنك امرؤٌ فيك جاهلية» عندما سخِر من بلالٍ رضي الله تعالى عنهما.
وأشار إلى أن الإنسان يقع في ذلك على سبيل العَرَض، وقد يتمكَّن فيه ذلك فيكون مرضًا. وسواء أكان على سبيل العرض أو على سبيل المرض، فإنه يجب عليه أن يُبادر بالتوبة، وأن يستغفر ربَّه، وأن يتأسف لمن سخِر منه.
ونوه ان الله – في شأن أولئك – أن نتركهم جانبًا، وأن نستمر في طريقنا، وأن يكون هدفنا هو الله، وأن يكون الله هو مقصودنا، وأن يكون الله سبحانه وتعالى هو غايتنا. “الله مقصودي، ورضاه مطلوبي”
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ خطابٌ للمؤمنين، خطابٌ لمن صدَّق بالله ورسوله، ولكنه غفل عن نفسه فسخر من أخيه؛ فحينئذٍ يجب عليه أن يُبادر بالتوبة، فإن لم يفعل فقد ارتضى لنفسه أن يكون في دائرة الظالمين، والظلمُ ظلماتٌ يوم القيامة.
وربُّنا سبحانه وتعالى يتكلَّم عن هؤلاء الأفراد الذين يسخرون من المؤمنين حتى في مجتمعات الإسلام، فيقول:
﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ (المطففين: 29–36).
وفي قصة نوحٍ يقول ربنا سبحانه وتعالى:
﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ﴾ (هود: 38).
يعني: فيه ردٌّ للعدوان، ورفعٌ للطغيان، ومحاولةٌ للإسكات، لكنه ليس من شأن المؤمن أن يبدأ بالسخرية، وأن يفعلها.
إذن هناك سخرية من الملأ:
﴿وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ (هود: 38–39).
ردَّ عليهم نوحٌ عليه السلام، لكن بأدبٍ راقٍ، لا يقصد السخرية منهم في نفسه، وإنما يقصد أن ينصر قضية الله سبحانه وتعالى.
إذن فهذا ديدنُهم من قديم؛ لم يكن في عصر نوحٍ فقط، ولا في عصر النبي ﷺ فقط، ولا الآن فقط.
وهو عنوان: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾.
وهو عنوان الضحك والسخرية والاستهزاء.
فالسخرية ليست من خُلُق المؤمن.
فماذا نفعل؟
وقد فعل المرسلون من قبل في التعامل مع أولئك: "المقاطعة".
إذا عرفت من أحدهم هذا، وعرفت أنه تحوَّل من عَرَضٍ إلى مرض – إن كان مؤمنًا – أو من حدِّ المودَّة إلى حدِّ الإجرام إن كان غير مؤمن، أو من حدِّ المفاصلة والعدوان إن كان من الملأ – فعليك أن تُقاطعه.
لا تقرأ له، ولا تسمع لكلامه؛ لأن كلامه من اللغو.
وسِرْ في طريقك.
علاج الاستهزاء والسخرية
وأوضح ان علاج آفة الاستهزاء والسخرية هو المعرفة والتحقّق بأن الاستهزاء – وإن كان مقصودُك منه إخزاءَ غيرك عند الناس – فأنت بذلك تُخزي نفسك عند الله.
فلو تفكرت في حسرتك، وجنايتك، وخجلك، وخزيك يوم القيامة، لكان هذا دافعًا لضبط سلوكك، ولعدم الإتيان بمثل هذا؛ ولذلك قالوا: إن الإيمان باليوم الآخر هو الذي يتحكم في سلوك الإنسان في الدنيا.
وكما قيل: معظم النار من مستصغر الشرر.