سجن كبير في قلب اليمن.. الحوثيون يحولون ذمار إلى مركز اعتقال جماعي
تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT
تشهد محافظة ذمار، الواقعة على بعد نحو 130 كيلومترًا جنوب صنعاء، تصاعدًا خطيرًا في الانتهاكات والجرائم ضد المدنيين، وسط تحويل ميليشيات الحوثي المحافظة إلى ما يمكن وصفه بسجن مفتوح يضم الآلاف من المختطفين المدنيين في سجون رسمية وسرية تديرها قيادات الجماعة المحلية.
ويقول نشطاء حقوقيون إن ما يجري في ذمار يمثل نموذجًا مصغرًا لسياسات القمع الحوثية في مناطق سيطرتها، حيث تلتقي الاعتقالات التعسفية مع الإخفاء القسري، التعذيب، ونهب الممتلكات، ما يضع المدنيين في دائرة مستمرة من الخوف والتهديد.
وكشفت منظمة مساواة للحقوق والحريات عن استمرار جماعة الحوثي في اختطاف 76 مواطنًا من ذمار وإخفائهم قسريًا لمدة عشرة أيام، دون السماح لأسرهم بمعرفة أماكن احتجازهم أو التواصل معهم. وقالت المنظمة إن هذه الحملة، التي نفذتها الجماعة يوم 27 أكتوبر الماضي، استهدفت أكاديميين وتربويين وشخصيات سياسية واجتماعية في عدة مديريات بالمحافظة، في واحدة من أكبر عمليات القمع الجماعي منذ بداية الانقلاب.
وأضافت المنظمة أن مصير المختطفين لا يزال مجهولًا، بينهم كبار في السن ومرضى، مع غياب أي معلومات رسمية أو إنسانية عن أماكن احتجازهم أو أوضاعهم الصحية، ما يجعلهم عرضة للانتهاكات الجسيمة.
وأكدت أن استمرار الإخفاء القسري يعد جريمة مكتملة الأركان وانتهاكًا صارخًا للمواثيق الدولية، بما فيها اتفاقيات جنيف الأربع، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، مشيرة إلى أن هذه الممارسات تشكل جرائم ضد الإنسانية.
وشدد رئيس منظمة مساواة، وليد الجبر، على ضرورة ممارسة المجتمع الدولي ضغوطًا فعلية على الحوثيين للإفراج الفوري عن المختطفين، محذرًا من أن استمرار صمت المجتمع الدولي يمنح الجماعة مزيدًا من الجرأة على التمادي في الانتهاكات.
سجون سرية
وتشير المصادر الحقوقية إلى أن الجماعة تدير في ذمار 65 سجناً سريًا و30 مقبرة جماعية، تُحتجز فيها آلاف المدنيين بعيدًا عن أي رقابة قضائية أو إنسانية. وتعمل هذه المراكز على فرض الرعب وبث الخوف في المجتمع المحلي، حيث يتعرض المعتقلون لمعاملة قاسية وتعذيب جسدي ونفسي، ويُحرمون من أي اتصال مع ذويهم أو محامين مستقلين.
ويؤكد حقوقيون في ذمار أن استمرار الحوثيين في استخدام السجون السرية كأداة سياسية وقمعية يجعل من المحافظة نموذجًا لتطبيق سياسة الإخفاء القسري والاعتقالات التعسفية، ويضع المدنيين في دائرة مستمرة من التهديد، في حين تغيب أي آليات محلية أو دولية فعالة لحماية حقوقهم.
تقرير الشبكة اليمنية للحقوق والحريات أوضح أن هناك سجون حوثية في مرافق حكومية وأماكن عامة، مثل سجن الأمن والمخابرات، وسجن كلية المجتمع، ومعتقل الاستاد الرياضي، وسجن الغربية، وسجن ذي سحر، ومعتقل المردع في الحدا، إضافة إلى سجون سرية أخرى.
وقالت الشبكة، في بيان، إن الجماعة تستخدم هذه المعتقلات لاحتجاز السكان والمسافرين المارين عبر الخطوط التي تربط ذمار بصنعاء من جهة، وبمحافظات إب وتعز من جهة أخرى، مؤكدة أن عناصر الحوثي حوّلوا ذمار إلى «مركز رئيسي للاعتقال والتعذيب الوحشي».
وأضافت أن أكثر من 1168 مختطفاً ومخفياً قسراً يقبعون في سجون ذمار، بينهم 479 من أبناء المحافظة، مشيرة إلى أن عمليات المداهمة الأخيرة رافقها نهب واسع لمنازل المدنيين، واعتداءات على النساء والأطفال وكبار السن، في مشهد وصفته المنظمة بـ"الاجتثاث الواسع لأبناء المحافظة".
تحليل وتداعيات
يمثل ما يحدث في محافظة ذمار تصعيدًا خطيرًا في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، ويكشف عن سياسة ممنهجة لدى جماعة الحوثي لتحويل المدنيين إلى أدوات للابتزاز السياسي وإسكات الأصوات المستقلة. وتشير الانتهاكات إلى أن الجماعة لا تسعى فقط إلى الهيمنة العسكرية والسياسية، بل تعمل على تفكيك البنية الاجتماعية والاقتصادية للمدنيين، وتحويل المحافظة إلى ما يشبه مركز اعتقال مفتوح ومناطق رعب يعيش سكانها تحت التهديد المستمر.
ويؤكد خبراء حقوقيون أن استمرار هذه الممارسات يهدد الأمن المجتمعي في اليمن بشكل شامل، ويجعل أي جهود لإعادة بناء مؤسسات الدولة أو التسوية السياسية صعبة جدًا، ما يزيد من الضغط على المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه حماية المدنيين ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
وتندرج هذه الانتهاكات ضمن استراتيجية حوثية لتعميم القمع وبث الخوف، خصوصًا بعد تزايد موجات الرفض الشعبي في المحافظة التي تعد من أكثر المناطق نشاطًا في أعمال الاستقطاب والتجنيد.
ويشير المراقبون إلى أن تصاعد القمع يعكس ارتباك قيادة الجماعة وتخوفها من فقدان السيطرة الاجتماعية، في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة وانحسار الموارد المالية للجماعة، ما دفعها إلى تصعيد سياسات القمع والاحتجاز لضمان البقاء على النفوذ والسيطرة.
وتخلص التقارير الحقوقية إلى أن محافظة ذمار قد تحولت في السنوات الأخيرة إلى «سجن كبير»، يعاني سكانه الملاحقات والتضييق المستمرين، في وقت يواصل فيه المجتمع الدولي الصمت، ما يجعل الانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين انتهاكًا شاملًا ومتواصلًا لحقوق الإنسان.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: المجتمع الدولی أن استمرار إلى أن
إقرأ أيضاً:
منظمة حقوقية: جماعة الحوثي تخفي قسريا أكثر من 70 شخصا في ذمار منذ 10 أيام
قالت منظمة "مساواة" للحقوق والحريات إن جماعة الحوثي تواصل منذ 10 أيام اختطاف 76 مدنيًا من أبناء محافظة ذمار دون السماح لذويهم بمعرفة أماكن احتجازهم أو بالتواصل معهم.
وذكرت المنظمة في بيان لها أن الجماعة نفذت يوم 27 أكتوبر الماضي حملة اختطافات واسعة ومتزامنة في عدد من مديريات المحافظة، طالت أكاديميين وتربويين وشخصيات سياسية واجتماعية.
وأفادت أن مصير جميع المختطفين لا يزال مجهولاً، بينهم مرضى وكبار سن، في ظل غياب أي معلومات رسمية أو إنسانية عن أماكن احتجازهم أو أوضاعهم الصحية.
واعتبرت المنظمة ذلك جريمة إخفاء قسري مكتملة الأركان، وانتهاكًا صارخًا لكل المواثيق والاتفاقيات الدولية.
وأكد البيان أن هذه الممارسات تشكّل جرائم ضد الإنسانية، كونها تأتي في سياق سياسة ممنهجة تستهدف المدنيين وتهدف إلى بث الرعب في أوساط المجتمع.
وقال إن استمرار صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الجرائم يشكل تواطؤًا غير مباشر مع المليشيا ويمنحها مزيدًا من الجرأة على التمادي في انتهاكاتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها.