لجريدة عمان:
2025-11-08@20:41:55 GMT

«ليست جمعية خيرية..»

تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT

وجدتني مصادفة أجلس إلى طاولة واحدة مع رجل أعمال عُماني لا يجيد التحدث إلا بالأرقام.

دار الحديث حول المشاريع الوطنية العملاقة، وقوانين الاستثمار المُحّدثة، وحراك السوق العالمية، ومستقبل تأثير أسعار النفط على الاقتصاد المحلي والعالمي، وما يمكن أن ينتج عن التوترات السياسية من آثار اقتصادية.

حديث الرجل بدا مختلفًا عن تلك التي تدور غالبًا في المقاهي بين الأصدقاء الاعتياديين، جرّنا إلى العلاقة النمطية المنطبعة في الأذهان بين صاحب العمل والعامل المواطن في القطاع الخاص، وموقع الوافد بين ثنايا هذه العلاقة «غير المرضِي عنها» عادة.

فوجدت الفرصة سانحة لأطرح ما أعتقده بناءً على طروحات سمعتها من شباب يعملون في شركات محلية وعالمية مُستثمِرة داخل الوطن.

وفي أشد الحديث توجهتُ للرجل: «لكن كيف تقبل، وأنت مواطن عُماني، أن تضع وافدًا على رأس أهم المناصب بشركتك، وتمنحه مرتبًا عاليًا؟ كيف تسمح لمواطَنتك بإعطاء هذا الوافد ميزات وصلاحيات لا يتحصل عليها المواطن في بلده، كتأمين السكن والتذاكر والخدمات الأساسية كالكهرباء والماء؟ ما هو دوركم كأصحاب شركات محلية إذًا، وأنتم تمنحون الوافد سُلطات مفتوحة تُمكِنه حتى من تسريح المواطن؟»

ازدرد الرجل جرعة من قهوته، ورد بثقة: «لأننا بكل بساطة نُدير مؤسسات ربحية. إنها ليست جمعيات خيرية؛ إما أن نربح ونربح ونربح ونواصل الربح، وإما أن نخسر ونخرج من السوق ونُغلق الشركات ونندب حظنا، ثم نحجز لنا مكانًا على مقربة من بوابة سوق مطرح لنطلب الصدقة من الناس».

«لا توجد في عالميّ المال والأعمال عواطف، أخي العزيز. هذا العالم لا يؤمن إلا بالربح، وأنا كمواطن: لا أهوى الوافد، ولا أكره المواطن، إنما أُحب نفسي. أنا من المتحمسين لعمل المواطن في القطاع الخاص، لا ريب، الذي أرى أنه مستقبل بلدي. أنا قطعًا أختار ابني وأخي وجاري، شرط أن يبادلني القيمة نفسها، وهي «الانتماء للشركة ومطاردة الكسب».

«أتعرف ما هي مشكلة البعض من أبنائنا؟ أنهم غير طموحين، ينظرون إلى العمل بالشركات على أنه محطة مؤقتة. يعمل الشاب معك وعينه على الوظيفة الحكومية، يُنجز مهامه ويتتبع إعلانات هذه الوظائف في الصحف، يترقب المناسبات التي تمنح الإجازات، وهذا ما يتقاطع مع طبيعة العمل في القطاع الخاص».

«نعم تُوجه إلى بعض الشركات انتقادات كثيرة، أهمها سقوف الرواتب المنخفضة، وهذا صحيح، لكن رغم ذلك نُعول على تحسن أحوال السوق مستقبلًا بعد الأزمات التي عصفت بها، وعلى الدعم الحكومي ماثلًا في البرامج التي توفِر البيئة المناسبة للعمل في هذا القطاع، كما نأمل أن يصل المواطن يومًا إلى قناعة أن مستقبله إنما هو في القطاع الخاص، فيكون الانضمام إليه حينئذ الطموح الأول، وليس البديل الصعب».

وجه سؤاله للجميع بجِدية: «هل سمعتم مثلًا أن مواطنًا أمريكيًا أو أوروبيًا فضّل عملًا حكوميًا على آخر في القطاع الخاص؟ هل قرأتم يومًا تحقيقًا أو استطلاعًا نُشر ذات مرة في صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أو «لوموند» الفرنسية أو «كوريري ديلا سيرا» الإيطالية أو «بيلد» الألمانية يناقش لماذا يرغب المواطن هناك بالانخراط في القطاع الحكومي؟ قطعًا ستكون الإجابة بلا، مع الأخذ في الاعتبار البون الشاسع بين قوة وديناميكية القطاع الخاص هنا وهناك».

النقطة الأخيرة:

يقول فولتير: «العمل يبعدنا عن أكبر ثلاثة شرور في الحياة: الملل والإثم والحاجة».

عُمر العبري كاتب عُماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی القطاع الخاص

إقرأ أيضاً:

منتدى الأعمال العُماني الأوكراني يؤكد على تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري

"العُمانية": أكد منتدى الأعمال العُماني الأوكراني الذي نظمته غرفة تجارة وصناعة عُمان بالتعاون مع سفارة أوكرانيا لدى سلطنة عُمان اليوم بمقر الغرفة بمسقط، على أهمية فتح آفاق جديدة للتعاون المشترك في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتبادل التجاري.

شارك في المنتدى عددٌ من أصحاب الأعمال من الجانبين العُماني والأوكراني؛ وذلك بهدف بحث فرص التعاون التجاري والاستثماري وتعزيز الشراكات الاقتصادية بين البلدين خاصة في قطاعات الأمن الغذائي والخدمات اللوجستية والبناء والتشييد والتصنيع والاستشارات المالية.

وأوضح سعود بن أحمد النهاري عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان أن الغرفة حريصة على مد جسور التواصل المباشر بين أصحاب الأعمال العُمانيين ونظرائهم الأوكرانيين، واستكشاف الفرص المتاحة في مختلف القطاعات الاقتصادية، بما يسهم في تنويع الشراكات التجارية وتعزيز الاستثمارات المتبادلة.

من جانبها أشادت سعادة أولغا إيفانيفنا سيسلخ سفيرة أوكرانيا لدى سلطنة عُمان بما تشهده سلطنة عُمان من تطور اقتصادي وبالبيئة الداعمة للاستثمار، مؤكدة على رغبة بلادها في توسيع مجالات التعاون الاقتصادي مع سلطنة عُمان، لاسيما في القطاعات ذات الأولوية المشتركة، والعمل على تيسير تبادل المعلومات والخبرات بين مؤسسات القطاع الخاص في البلدين.

وشهد المنتدى نقاشات موسعة حول عدد من القطاعات الحيوية شملت الأمن الغذائي، وتقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي، والخدمات اللوجستية، ووسطاء الشحن، وأتمتة التصنيع، والاستشارات الاستثمارية والمحاسبية والضريبية، والهندسة المعمارية وتصميم الديكور، إضافة إلى الاستشارات القانونية والإدارية ووكلاء الإعلانات وتطرقت النقاشات أيضًا إلى آليات تفعيل التعاون التجاري وتبادل المعلومات حول الأنظمة الاقتصادية والاستثمارية في البلدين بما يسهم في تطوير شراكات واقعية ومشروعات مشتركة تخدم مصالح الجانبين.

وتضمن المنتدى عرضًا تقديميًّا حول خدمات غرفة تجارة وصناعة عُمان ودورها في تمكين القطاع الخاص ودعم بيئة الأعمال وتمكين القطاع الخاص في مسيرة التنمية الاقتصادية إلى جانب برامجها في التدريب وبناء القدرات وجهودها في دعم المستثمرين عبر تنظيم الملتقيات الاقتصادية والمعارض الدولية.

وأقيمت على هامش المنتدى لقاءات ثنائية بين أصحاب الأعمال من الجانبين، تم خلالها مناقشة سبل تعزيز الشراكات بين القطاع الخاص في البلدين.

مقالات مشابهة

  • 5109 شركات مجيدة تُصدِّر منتجات بقيمة 5.9 مليار ريال
  • وزير المالية : متفائل بمستقبل الاقتصاد المصرى وقدرة القطاع الخاص على قيادة النمو
  • التعبئة والإحصاء: القطاع الخاص يدفع 80% من إجمالي أجور العاملين في السوق
  • الانتخابات وفق القانون النافذ والثنائي ليس جمعية خيرية
  • البطالة في أميركا عند أعلى مستوى خلال 4 سنوات
  • منتدى الأعمال العُماني الأوكراني يؤكد تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري
  • هندسة التجويع.. كيف يدير الاحتلال فوضى السوق لإدامة إخضاع غزة؟
  • منتدى الأعمال العُماني الأوكراني يؤكد على تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري
  • التأمين الصحي الشامل يعزّز كفاءة المنظومة ويكرّس حق المواطن في اختيار مقدم الخدمة