سجن راكيفت.. جحيم سري تحت الأرض لاعتقال الفلسطينيين في الظلام ودون تهمة
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
نشرت صحيفة غارديان تقريرا حصريا يكشف عن اعتقال إسرائيل عشرات الفلسطينيين من غزة في سجن تحت الأرض يُدعى "راكيفت"، حيث يُحرم الأسرى من ضوء الشمس والطعام الكافي وأي تواصل مع عائلاتهم أو العالم الخارجي.
التقرير -الذي أعدته الصحفية إيما غراهام هاريسون- يستند إلى شهادات محامين من اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل (بكاتي)، والذين زاروا السجن وتحدثوا إلى اثنين من الأسرى المدنيين.
وهذان الأسيران أحدهما ممرض اعتُقل أثناء عمله في ديسمبر/كانون الأول 2023، والآخر شاب بائع طعام يبلغ من العمر 18 عاما اعتُقل عند حاجز في أكتوبر/تشرين الأول 2024.
كلاهما حُوّلا إلى سجن راكيفت تحت الأرض في يناير/كانون الأول الماضي، ويقولان إنهما يتعرضان للضرب المنتظم وسوء المعاملة، وهو ما يتوافق -وفقا للصحيفة- مع تقارير عن أساليب تعذيب كُشف عنها سابقا في السجون الإسرائيلية.
بُني السجن في أوائل الثمانينيات لاحتجاز مجرمي الجريمة المنظمة، لكنه أُغلق بعد سنوات قليلة بسبب "لاإنسانيته"، لكن وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير أعاد فتحه بعد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قائلا "هذا هو المكان الطبيعي للإرهابيين، تحت الأرض".
وما يميز هذا السجن -وفقا للصحيفة- أنه بالكامل تحت سطح الأرض: الزنازين وساحة التمرين الصغيرة وغرفة المحامين، وكل ذلك بلا نوافذ أو ضوء طبيعي.
وقد كان هذا السجن مخصصا لـ15 سجينا فقط، لكنه الآن يضم نحو 100 معتقل وفقا لبيانات حصلت عليها "بكاتي".
الاعتقال دون تهم أو محاكماتويؤكد التقرير أن كثيرا من الأسرى مدنيون بالكامل، وأن المحاكم الإسرائيلية تمدد اعتقالهم في جلسات فيديو قصيرة دون حضور محامين، وتبرر ذلك بعبارة واحدة "حتى نهاية الحرب".
ورغم اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول 2025 -الذي أفرجت بموجبه إسرائيل عن 1700 أسير من غزة دون تهم- فإنه لا يزال أكثر من ألف آخرين رهن الاعتقال، بينهم الممرض الذي لم ير ضوء النهار منذ يناير/كانون الثاني 2025، وفقا لتقرير "غارديان".
ظروف قاسية وتعذيب ممنهجونقلت الصحيفة عن محامين وصفهم للمشهد في السجن أثناء زيارتهم له قائلين "حراس ملثمون مسلحون يقودونهم أسفل الدرج إلى غرف مليئة بالحشرات الميتة، أما المراحيض فمتسخة لدرجة لا يمكن استخدامها".
إعلانوأضافوا أن الكاميرات تراقب حتى لقاءات المحامين، في خرق لحق الأسرى في الخصوصية القانونية، وذكروا أن أيدي وأرجل الأسرى مقيدة، ورؤوسهم موجهة إلى الأرض عند إدخالهم.
إحدى المحاميتين -وهي سجا ميشرقي برانسي- نقلت عن الممرض قوله في أول لقاء معها "أين أنا؟ ولماذا أنا هنا؟"، أما الشاب البائع فقال لها "أنت أول إنسان أراه منذ اعتقالي، من فضلك عودي لزيارتي".
وأضافت ميشرقي "آخر مرة رأى فيها الممرض ضوء النهار كانت في 21 يناير/كانون الثاني هذا العام".
تأثير نفسي وجسدي مدمرووصفت تال شتاينر المديرة التنفيذية لـ"بكاتي" الاحتجاز تحت الأرض بأنه "قاس بشكل متعمد، وله آثار نفسية وجسدية مدمرة، إذ من الصعب أن يظل الإنسان سليما عندما يُحتجز في ظروف بهذا القدر من القسوة".
وأشارت إلى أن الحرمان من الضوء الطبيعي يسبب اضطرابات في النوم وفي إنتاج فيتامين "دي"، مما يؤثر على الصحة العامة.
ردود رسمية متناقضةوقالت "غارديان" إن مصلحة السجون الإسرائيلية زعمت أنها تعمل "وفق القانون وتحت إشراف الجهات الرقابية"، لكنها رفضت الإجابة عن عدد أو هوية الأسرى في راكيفت.
أما وزارة العدل فقالت إنها أحالت الأسئلة إلى الجيش، والجيش أحالها مجددا إلى مصلحة السجون، في حلقة من التهرب المؤسسي من المسؤولية.
ويخلص تقرير "غارديان" إلى أن هذا النوع من الاعتقال "يمثل وصمة إنسانية وأمنية لإسرائيل نفسها"، إذ حذر مسؤولو استخبارات إسرائيليون من أن سوء معاملة الأسرى الفلسطينيين يهدد أمن إسرائيل على المدى الطويل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات تحت الأرض
إقرأ أيضاً:
إعلام الأسرى الفلسطينيين يحذر من خطورة الوضع الصحي للأسير معاذ بلال
الثورة نت /..
حذر مكتب إعلام الأسرى الفلسطينيين، اليوم الخميس، من تدهور الحالة الصحية للأسير معاذ سعيد بلال (54 عامًا) من مدينة نابلس، والمحتجز في سجن “جانوت”، بعد تراجع وزنه إلى نحو 50 كجم نتيجة سياسة التجويع الممنهجة التي تمارسها إدارة سجون العدو الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب على غزة.
وأكد المكتب، في بيان على موقعه الإلكتروني، أن معاذ بلال يُعد من أقدم الأسرى الفلسطينيين، إذ أمضى أكثر من 27 عامًا متواصلة خلف القضبان، وهو محكوم بالسجن المؤبد 26 مرة، بالإضافة إلى 27 عامًا أخرى، ورغم ذلك، أفشل العدو الإسرائيلي إدراج اسمه في صفقتي “وفاء الأحرار” و”طوفان الأحرار”.
وقالت عائلة الأسير بلال، إنه يعاني من أوجاع حادة في الأسنان وفقدان معظمها، إضافة إلى آلام مزمنة في الظهر وصداع دائم ومشاكل في المعدة، مع استمرار سياسة الإهمال الطبي التي تمنع الأسرى من تلقي أدنى أشكال العلاج.
وأضافت أن الوضع الصحي للأسير بلال أصبح بالغ الخطورة، ولم يعد قادرًا على تناول الطعام بشكل طبيعي بسبب ضعف جسمه الشديد.
وبحسب مكتب إعلام الأسرى، يُعد بلال من قادة المقاومة في نابلس، حيث اعتقل عام 1998 بعد مطاردة طويلة، وكان جزءًا من مجموعة نفذت عمليات نوعية ضد العدو الإسرائيلي، أبرزها عمليتا “محانيه يهودا” و”بن يهودا” في القدس عام 1997، وخلال سنوات سجنه واصل تعليمه، ونال بكالوريوس في الشريعة الإسلامية وماجستير في الدراسات الإسرائيلية.
وأكد المكتب أن قضية معاذ بلال تعكس المعاناة الحقيقية للأسرى المؤبدين، الذين يواجهون الموت البطيء جراء التجويع والإهمال الطبي، داعيًا المؤسسات الدولية للتحرك الفوري لوقف هذه الجرائم والانتهاكات الممنهجة بحق الأسرى الفلسطينيين.