عقوبة الجواسيس والعملاء في دين الله وقوانين الأرض
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
يمانيون| بقلم: علي عبدالمغني
لقد نظّمت القوانين الدولية والإنسانية -في اتّفاقيات جنيف وغيرها- حقوق الأسرى والجرحى والقتلى من جميع أطراف النزاعات، سواءٌ أكانت محليةً أم دولية، إقليمية أم عالمية,لكنها، في المقابل، استثنت فئةً واحدةً من كُـلّ هذه الضمانات: الجواسيس والعملاء.
السبب واضح: لأن جميع الشعوب والأمم، عبر التاريخ، اعتبرت التجسس والعمالة أقذر المهن التي عرفتها البشرية؛ لما فيها من خيانة للوطن، وغدر بالجماعة، واستباحة للدم والعرض والمال باسم المصلحة الأجنبية.
ولهذا، لا يوجد في القانون الدولي أَو القانون الإنساني ما يُلزم الدولة التي تُجنّد جاسوسًا أَو عميلًا في بلدٍ آخر بأن تتحمل أية مسؤولية قانونية أَو أخلاقية تجاهه إذَا تم القبض عليه أَو تخلّت عنه؛ بل على العكس، فإن هذه الدول تتعامل معهم كـأدوات رخيصة، تتخلّص منهم بمُجَـرّد انتهاء مهمتهم أَو كشف أمرهم، دون أدنى شعور بالعار أَو المسؤولية.
ولعلّ السمة الأبرز في مصير الجواسيس والعملاء هي المذلّة والإعدام: لا دولة تدافع عنهم، ولا وطن يعترف بهم، ولا أهل يسألون عنهم.
والمثير للانتباه أن القوانين الوضعية، رغم اختلافها البالغ بين الدول في التشريعات والعقوبات، تتّفق تمامًا في حكمٍ واحد: عقوبة الجاسوس والعميل هي الإعدام؛ ذلك لخطورة الخيانة على كيان الأُمَّــة ووجودها، فهي لا تهدّد فردًا أَو مجموعة، بل تُهدّد الأمن القومي كله.
ولهذا السبب، نادرًا ما نسمع عن جواسيس أمريكيين في روسيا أَو الصين. أما في عالمنا العربي والإسلامي، وللأسف، فقد أصبح كثيرٌ من الحكّام -إن لم نقل أكثرهم- من الجواسيس والعملاء والخونة أنفسهم، أَو من يدور في فلكهم.
ومن أسباب هذا الانحدار الخطير أن فقهاء الأُمَّــة وعلماءها لم يولوا مفهوم “العمالة” و”التجسس” العناية الكافية في بحوثهم الفقهية. فلم يُدخِلوه ضمن أبواب النفاق أَو الردة أَو الكفر، رغم أن واقعه أشدّ فتكًا. فالمواطن قد يرفض أن يُسمّى “منافقًا” أَو “مرتدًّا” ولو عُرضت عليه كنوز الدنيا، لكنه قد يقبل -تحت وطأة الحاجة أَو الإغراء- أن يكون جاسوسًا بمبلغٍ زهيد، ظانًّا أن الأمر لا يتعدى كونه خيانة وطنية يُعاقب عليها في الدنيا فقط، دون أن يعلم أن العمالة في حقيقتها جريمة وجودية تفوق النفاق عواقبَ؛ لأنها لا تقتصر على مسألة عقدية، بل تُترجم إلى دماء تسيل، وبيوت تُهدم، وأمن يُدمّـر.
إن الجاسوس لا يخون عقيدةً فحسب، بل يسلّم أبناء شعبه إلى أعدائهم، ويفتح لهم أبواب العُقر، ويوصلهم إلى أدقّ مواقع القوة. وهو بذلك يقاتل أمّته قبل أن يقاتل أعداءها.
وفي هذا السياق، كان مفتي الديار اليمنية، السيد العلامة شمس الدين شرف الدين، صائبًا حين أفتى بردّة العُملاء والخونة، لأنهم خرجوا من ملة الولاء لأمتهم، ودخلوا في طاعة أعدائها. هذه الرؤية القرآنية تُعدّ الخطوة الأولى لعلاج هذا “الوباء الأخلاقي” الذي أضعف الأُمَّــة، رغم امتلاكها من عناصر القوة ما لا يملكه أعداؤها.
ولعلّ من أبرز الأدلة على صدق هذا التحليل ما شهده العالم من ثبات الشعب اليمني، ودعمه المطلق لفلسطين، وقدرته على هزيمة التحالف الأمريكي–الصهيوني–السعوديّ، وبناء قدرات عسكرية وأمنية نوعية، حتى باتت اليمن خامس دولة في العالم تمتلك صواريخ بالستية فرط صوتية، وواحدة من الدول الرائدة في صناعة الطائرات المسيرة -كل ذلك رغم عقدٍ من العدوان والحصار.
والسرّ في ذلك؟
من أهم أسبابه أن صنعاء تطهّرت -نسبيًّا- من شبكات الجواسيس والعملاء، حين التحق كثيرون منهم بتحالف العدوان، مما منح الشعب اليمني فرصةً نادرةً للالتفاف حول قيادته الوطنية، والاعتماد على الذات، وبناء القدرات بعيدًا عن عيون الخونة وأذرع الاستخبارات الأجنبية.
واليوم، تُعدّ الولايات المتحدة و”إسرائيل” والسعوديّة مؤامرةً كبرى تستهدف تقويض هذه المنظومة الأمنية والدفاعية الناشئة، عبر إعادة تفعيل شبكات التجسس والعمالة من الداخل. لكنهم، بكل يقين، لن يجنوا من وراء ذلك إلا الفشل.
فاليمن -شعبًا وقيادةً وأجهزةً- لهم بالمرصاد.
وكل محاولة اختراق أَو خيانة لا تزيدهم إلا صلابةً، وثباتًا، وعزمًا.
لأن مسيرتهم قرآنية، وقيادتهم ربانية، وثقتهما بالله راسخة، ومعنوياتهما عالية -ليس دفاعًا عن حدود وطن فحسب، بل إعلانا لرسالة الحق، ونصرةً للعدل، وإيصالا لهُدى الله إلى البشرية جمعاء.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
شاهد / غرفة استخباراتية مشتركة في الرياض… الموساد وCIA والسعودية يديرون تجنيد الجواسيس ضد اليمن..
???? غرفة استخباراتية مشتركة في الرياض… الموساد وCIA والسعودية يديرون تجنيد الجواسيس ضد اليمن..#ومكر_أولئك_هو_يبور pic.twitter.com/9BPR0FE1b4
— قناة المسيرة (@TvAlmasirah) November 8, 2025