الفيسبوك أكثر من مجرد منصة تواصل اجتماعي، بل أصبح عين المواطن التي لا تنام، تراقب، وتكشف، وتُحاسب، تلك العين التي لا تغفل عن حدث، ولا تمرّ على موقف دون تعليق، أصبحت جزءًا من نسيج الحياة اليومية، تُشكل الرأي العام، وتوجّه النقاش، بل وتكشف ما خفي أحيانًا عن أعين المؤسسات الرسمية والإعلام التقليدي، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هل هي ميزة تُعزز الشفافية والمساءلة، أم عيب يهدد الخصوصية ويُشعل فوضى المعلومات؟
الرقابة الشعبية لا تعرف حدودًا جغرافية، ولا تنتظر إذنًا من أحد:
منذ بزوغ عصر السوشيال ميديا، بات المواطن شريكًا في صنع الخبر لا متلقيًا له فقط، فبضغطة زر، يمكن لأي شخص أن يوثّق حادثًا، أو يكشف فسادًا، أو ينقل مأساة إنسانية في لحظتها، وهنا برز الفيسبوك كـعين رقمية جماعية تمتد إلى كل زاوية من الشارع، والمكتب، والمستشفى، والمدرسة.
لقد أعاد الفيسبوك تعريف مفهوم الرقابة الشعبية، فأصبح المواطن الصحفي والمحقق والمراقب، وباتت القصص التي كانت تُدفن بصمت، تجد طريقها إلى الضوء، مدعومة بصور وفيديوهات وأصوات الناس أنفسهم، هذا ما جعل المنصة أداة قوية في محاربة الفساد، وكشف الإهمال، وتعزيز الشفافية.
فكم من قضية أُعيد فتحها بعد أن انتشرت عبر منشور بسيط؟ وكم من مسؤول اضطر إلى الرد أو الاعتذار بعد أن تحوّل مقطع قصير إلى عاصفة من الغضب الشعبي؟
الجانب المظلم بين التشهير والفوضى:
ليس الضوء فقط يكشف، فهو أيضًا قد يُعمي، فبين الرغبة في كشف الحقيقة، والانجراف نحو الإثارة، يقع كثيرون في فخ التشهير، والاتهامات غير الموثقة، لذلك ليست المشكلة في اختلاط الحقيقة بالشائعة، بل في أن الشائعة كثير ما ترتدي ثوب الحقيقة ببراعة أكبر، فإلى متى استغلال الضوء كأداة للعمى بدلاً من الإبصار.
وراء كل صورة تُنشر بلا وعي، إنسان قد تنهار سمعته أو تذبل مشاعره:
لقد تحوّل الفيسبوك أحيانًا إلى محكمة رقمية بلا قاضٍ، يصدر فيها الناس أحكامهم قبل أن تتضح الحقائق، وهنا يبرز الخطر الأكبر حين تختلط الحقيقة بالشائعة، والمطالبة بالمحاسبة بالتنمر والتشهير، لا تنتصر الحقيقة دائماً، بل تنتصر القصة الأكثر إثارة.
كما أن الخصوصية أصبحت سلعة مفقودة، فكل شخص يحمل كاميرا في جيبه، يلتقط ويسجل وينشر، دون وعي بأن خلف كل صورة إنسان له حياة وسمعة ومشاعر، هذه الممارسات جعلت من الفيسبوك أحيانًا عينًا متطفلة، لا تعرف حدودًا بين الرقابة البناءة، والفضول السلبي.
بين الميزة والعيب وعي المستخدم هو الفيصل:
الفيسبوك في جوهره أداة، كالسيف يمكن أن يقطع طريق الظلام، أو يجرح صاحبه إن أسيء استخدامه، فليست المنصة هي المسؤولة عن الفوضى، بل طريقة تعامل المستخدمين معها، الوعي، والتحقق من المصادر، واحترام الخصوصية، هي ما يحوّل عين المواطن من عين تراقب لتدمّر، إلى عين ترى لتُصلح.
على المجتمعات اليوم أن تتعامل مع الفيسبوك كقوة اجتماعية جديدة، لا يمكن تجاهلها، بل يجب تثقيف الأفراد على كيفية توظيفها في خدمة المصلحة العامة دون الإضرار بالآخرين.
بين المراقبة والمسؤولية
صار الفيسبوك بالفعل عين المواطن التي لا تنام، لكنه في النهاية مرآة تعكس وعي الناس وثقافتهم، إن أحسنوا استخدامه صار وسيلة للتنوير والمساءلة والشفافية، وإن أساؤوا استخدامه تحول إلى أداة للفتنة والفوضى.
ومن هذا المنطلق، العيب أو الميزة ليس في المنصة ذاتها، بل في الضمير الذي يستخدمها،
فالعين التي تراقب يجب أن ترى بالعدل، لا بالهوى، والمنشور الذي يُكتب، إن لم يكن نزيهًا ومسؤولًا، قد يكون أشد ضررًا من الصمت نفسه، وختامًا العين المتطفلة لا تبحث عن خطأ لتصلحه، بل تبحث عن عورة لتشهّر بها فأين القانون.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية:
د زينب محمد شرف
الفيسبوك
المواطن الصحفي
عین المواطن
إقرأ أيضاً:
وزارة الداخلية بصنعاء تعلن نجاح عملية «ومكرُ أولئكَ هو يبور» وتكشف شبكة تجسّس مرتبطة بـ«غرفة استخباراتية» في السعودية
الجديد برس| خاص| أعلنت
وزارة الداخلية في حكومة صنعاء عن تنفيذ عمليةٍ أمنية نوعية «ومكرُ أولئكَ هو يبور»، أسفرت بحسب البيان الرسمي عن إلقاء القبض على شبكة تجسسية تتبع غرفة
عمليات مشتركة تضمّ — وفق نص البيان — المخابرات الأمريكية (CIA) والموساد الإسرائيلي والمخابرات السعودية، ويُزعم أن مقرّها على الأراضي السعودية.
نص البيان بسم
الله الرحمن الرحيم قالَ تَعالى {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} صدق اللهُ العظيم بفضلِ اللهِ تعالى وتوفيقِه، ومعونتِه وتأييدِه، تعلنُ وزارةُ الداخليةِ عن عمليةِ (ومكرُ أولئكَ هو يبور) وهي عمليةٌ أمنيةٌ نوعية، تمت على عدةِ مراحل، أدتْ بعون اللهِ تعالى وتوفيقِه إلى إلقاءِ القبضِ على شبكةٍ تجسسيةٍ تتبعُ غرفةَ عملياتٍ مشتركة، بين المخابراتِ الأمريكية (CIA)، والموسادِ الإسرائيلي، والمخابراتِ السعودية، مقرُها على الأراضي السعودية. لقد تحققَ هذا الإنجازُ الأمنيُ النوعيُ – بفضلِ اللهِ تعالى – بعدَ عملياتِ تحرٍ ورصدٍ ومتابعة؛ كشفت مخططاتِ العدو، وأساليبَ عملِ العناصرِ الخائنةِ التابعةِ له، وارتباطاتِها.. ولقد تبينَ بعدَ تمام التحقيقات، وعملياتِ التحريِ والتحليل، الكثيرُ من المعلوماتِ نكشفُ منها ما يلي: أولًا: قامتِ الغرفةُ المشتركةُ بتنسيقِ الجهودِ التخريبيةِ والتجسسيةِ ضدَّ اليمن، وباشرتْ عملَها من الأراضِي السعودية؛ لتشكيلِ خلايا صغيرةٍ ومتعددة، تعملُ بشكلٍ منفصلٍ عن بعضِها، وترتبطُ كلُها بالغرفةِ المشتركةِ للأعداء. ثانيًا: سلمتْ غرفةُ مخابراتِ العدوِّ المشتركةِ للخلايا التجسسية أجهزةً ووسائلَ تجسسٍ متطورة؛ لتنفيذِ أعمالِ التجسسِ والرصد، لأيِّ مكانٍ يريدون رصده، ورفعِ الاحداثياتِ والمعلوماتِ عنْه، ودربتْ عناصرُ الخلايا الإجراميةِ على الأجهزةِ المسلمةِ لهم، وعلى كيفيةِ كتابةِ التقارير، ورفعِ الإحداثيات، وطرقِ التمويهِ والتخفِّي تفاديًا لكشفهم، ووقوعِهم في أيديِ رجالِ الأمن، حيثُ تلقّوا تدريبَهم على أيدِي ضباطٍ أمريكيين وإسرائيليين وسعوديين على الأراضِي السعودية. ثالثًا: رصدتْ الخلايا التجسسيةِ، البنيةَ التحتيةَ اليمنية، وحاولت كشفَ البنيةِ العسكريةِ والأمنية، وأماكنِ التصنيعِ العسكري، ومواقعِ إطلاقِ الصواريخِ البالستية، والطائراتِ المسيرة، التي يستهدفُ بها جيشُنا الباسلُ العدوَّ الصهيونيَّ المجرم، وقامتْ بجمعِ معلوماتٍ ورصدٍ للقياداتِ المدنيةِ للدولة، وقياداتِ الجيشِ والأمنِ ومقراتِهم وأعمالِهم. رابعًا: تورطتْ خلايا الشبكةِ في الاسهامِ بسفكِ دمِ المدنيين اليمنيين في عدةِ عملياتٍ شنّها العدوُّ الأمريكيُّ والإسرائيليُّ، على المساكنِ والأسواقِ والأماكنِ العامة، وقامتْ بإمدادِ العدوِّ بالمعلوماتِ والإحداثياتِ عن بعضِ المنشآتِ الخدميةِ التي استهدفَها العدو؛ بغيةَ الإضرارِ بمصالحِ الشعبِ اليمني، والتضييقِ الاقتصاديِ والمعيشي عليه. إن تشكيلَ الغرفةِ الاستخباراتية المشتركةِ، بينَ العدوِّ الأمريكيِّ والإسرائيليِّ والسعوديِّ، وتجنيدَ أكبرِ عددٍ من الخلايَا التجسسية، أتى في ظلِّ التصعيدِ والعدوانِ على اليمن؛ لمحاولةِ إيقافِ عملياتِه العسكرية، ومواقفِه الرسميةِ والشعبيةِ، المساندةِ لإخوانِنا في غزة، ولمظلوميتِهم، والداعمةِ لحقِّ الشعبِ الفلسطيني وقضيتِه العادلة. وتعزيزًا لثقةِ الشعبِ بأجهزتِه الأمنيةِ ومؤسستِه العسكرية، تكشفُ وزارةُ الداخليةِ عن جزءٍ مهمٍ من المعلوماتِ والتفاصيلِ عن هذهِ الشبكةِ وخلاياها الإجراميةِ الخائنةِ لدينها ووطنِها، وعن بعضِ تجهيزاتِها وأساليبِ عملِها؛ لاطلاعِ الشعبِ اليمنيِ العظيمِ المجاهدِ على توجهاتِ الأعداءِ وتحركاتِهم. إنَّ وزارةَ الداخليةِ وهي تزفُّ هذا الإنجازَ إلى شعبِنا اليمنيِّ العظيم، لَتُعَبِّرُ عن جزيلِ شكرِها، وعظيمِ تقديرِها ليقظةِ أبنائِه الأحرار، وتؤكدُ أن تعاونَهم ويقظتَهم كانتْ وستظلُ من أهمِّ العواملِ التي أسهمتْ وتسهمُ في فضحِ مخططاتِ الأعداءِ وإفشالِها، وإنَّها لتدعو كلَّ يمنيٍ حرٍ إلى مزيدٍ من اليقظةِ والتنبهِ لتحركاتِ الأعداءِ التي تستهدفُ جبهتَنا الداخلية، وتسعى لزعزعةِ الأمنِ والاستقرار، لإيقافِ وإِضعافِ الموقفِ الشعبيِّ والرسمي، والعملياتِ العسكريةِ الداعمةِ والمساندةِ لغزةَ وفلسطين. ونؤكدُ لقائدِ الثورةِ، قائدِ المسيرةِ القرآنية، وللقيادة السياسية، ولشعبِنا اليمنيِّ العظيم، أننَا على العهدِ سنبقى في أتمِّ اليقظة، والجاهزيةِ العالية، نبذلُ قصارى جُهدنِا في أداءِ واجبِنا الجهادِي، في سبيل اللهِ تعالى، خدمةً لهذَا الشعبِ، حتى يأتيَ اللهُ بنصرِه، وهو على كلِّ شيءٍ قدير، هو حسبُنا ونعمَ الوكيل الرحمةُ والخلودُ والمجدُ للشهداءِ الأبرار والشفاءُ للجرحى والحريةُ للأسرى والنصرُ لليمنِ ولكلِّ المجاهدينَ ولكلِ أحرارِ الأمة. صادرٌ عن وزارة الداخلية بتأريخ 17 جمادى الأولى 1447هـ الموافق 8 نوفمبر 2025م