عدن.. لقاء يناقش رفع كفاءة الخطاب الديني ودعم مواجهة تطرف الحوثي والمخدرات
تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT
تتجه الحكومة اليمنية نحو توحيد الخطاب الديني وضبط المنابر الدعوية كجزء من معركة الوعي ضد الفكر الحوثي المتطرف والآفات الاجتماعية المتنامية التي تشهدها البلاد جراء الحرب الطويلة وتنامي التأثير الطائفي. هذه الجهود تمثل أحد أهم المسارات المكملة لمواجهة الانحرافات الفكرية التي حاولت الجماعة الحوثية ترسيخها في المجتمع خلال سنوات الحرب.
وعقدت وزارة الأوقاف والإرشاد، الاثنين، لقاءً موسعًا في العاصمة عدن برئاسة نائب الوزير أنور العمري، لمناقشة آليات توحيد الخطاب الديني في المساجد، وتعزيز دوره في مكافحة الفكر الطائفي والانحرافات السلوكية، لا سيما انتشار ظاهرة المخدرات التي تهدد فئة الشباب.
الاجتماع الذي ضم مديري عموم المديريات ومكاتب الأوقاف في عدن وعددًا من مسؤولي الوزارة، ناقش التحديات التي تواجه العمل الدعوي وسبل تطوير الأداء المؤسسي، بما يسهم في ترشيد الخطاب الديني وإعادة توجيهه نحو بناء وعي وطني جامع يقوم على قيم التسامح والوسطية والاعتدال.
وأكد نائب وزير الأوقاف والإرشاد أنور العمري أن الوزارة تسعى إلى استعادة المنبر الديني لدوره التنويري بعد أن استغلته الجماعات المتطرفة لتغذية النزعات المذهبية، مشددًا على أن الخطاب الديني الموحّد هو أساس تحصين المجتمع من الأفكار الحوثية ومن كل أشكال التطرف الفكري والسلوكي.
وأشار العمري إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب تضافر الجهود الرسمية والشعبية لمواجهة الحرب الفكرية التي تشنها الميليشيات الحوثية، عبر نشر وعي ديني معتدل يحمي الشباب من الانزلاق نحو الغلو والعنف، مؤكدًا التزام الوزارة بدعم مكاتبها في المحافظات وتمكينها من أداء دورها الدعوي والتوعوي بفعالية.
بدوره، شدد وكيل قطاع الإرشاد الدكتور عبدالناصر الخطري على أن المعركة الفكرية لا تقل شراسة عن المعركة العسكرية، وأن توحيد الخطاب الديني وضبط إدارة المساجد يعدان ركيزة أساسية لمواجهة مشروع الحوثي الإيراني الهادف لتفكيك الهوية اليمنية ونشر الفكر الطائفي.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الخطاب الدینی
إقرأ أيضاً:
هل تستطيع أوروبا مواجهة الحرب الهجينة مع روسيا؟ خبير عسكري يجيب
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن أوروبا تواجه تحديا غير مسبوق في التعامل مع الحرب الهجينة التي باتت السمة الأبرز في المواجهة مع روسيا، موضحا أن هذا النمط من الصراعات يطمس الحدود بين الحرب والسلم ويحوّل كل المجالات إلى أدوات صراع محتملة.
وأوضح أن المفهوم الذي يعتمده العقل الروسي يقوم على مبدأ عسكرة كل شيء، بحيث لا يعود هناك فارق بين الحرب والسلام، مشيرا إلى أن هذا المفهوم يترجم في ممارسات تتراوح بين استخدام الطائرات المسيّرة مجهولة المصدر، وقطع الكابلات البحرية، والتلاعب في الفضاء المعلوماتي عبر حملات تضليل إعلامي منظمة.
وأشار إلى أن أوروبا استوعبت تدريجيا خطورة هذا النمط من المواجهات، فبدأت في بناء منظومات دفاعية متكاملة، أبرزها ما يُعرف بـ"صندوق الأدوات الهجينة" الذي يجمع الإمكانات والخبرات الأوروبية للتصدي للأساليب غير التقليدية، إلى جانب إنشاء خلايا لتنسيق حماية البنى التحتية الحيوية ومراقبة الحملات الإعلامية المعادية.
ويأتي ذلك في سياق أوسع من التوترات المتصاعدة بين حلف شمال الأطلسي (ناتو) وروسيا، حيث شهدت أوروبا خلال الأشهر الأخيرة سلسلة حوادث غامضة شملت اختراقات بطائرات مسيّرة وأعطالا في شبكات الاتصالات والغاز تحت البحر، وهي حوادث لم يُحدد مصدرها بعد، مما يعزز مخاوف الناتو من حرب غير معلنة تدور في الخفاء.
وأضاف العميد حنا أن الاتحاد الأوروبي أطلق أيضا صندوقا ماليا تحت اسم "سيف أوروبا للأمن"، تبلغ قيمته 150 مليار يورو، يمكن للدول الأعضاء الاستفادة منه لتعزيز قدراتها الدفاعية، مؤكدا أن هذا الصندوق يندرج ضمن خطة شاملة لإعادة ترميم البنية التحتية في الجبهة الشرقية من إستونيا حتى بولندا، بما يتيح تنفيذ المناورات العسكرية بشكل فعّال.
ورغم هذه الجهود، فإن حنا يرى أن القارة الأوروبية ما زالت تتحرك في إطار رد الفعل، لا الفعل، وأن إستراتيجياتها الدفاعية تحتاج إلى مزيد من التماسك والتنفيذ العملي ضمن خريطة الأمن الأوروبية الممتدة حتى عام 2030، مشددا على أن ما يجري حتى الآن هو في إطار "الردع عبر المنع"، لا المواجهة المباشرة.
إعلانوفي الوقت الذي تتسع فيه رقعة الصراع إلى مجالات غير تقليدية، مثل الفضاء السيبراني والاقتصاد والإعلام، يشير خبراء الناتو إلى أن الهجمات الإلكترونية ارتفعت بنسبة 25% هذا العام مقارنة بعام 2024، في مؤشر على اتساع نطاق الحرب الهجينة واستهدافها البنى الحيوية في أوروبا الشرقية.
عنوان الحروب المستقبليةويؤكد العميد حنا أن الطائرات المسيّرة أصبحت عنوانا جديدا لهذه الحروب، إذ مثّلت الحرب الأوكرانية مختبرا حيّا لتطور قدراتها، خاصة مع إدماج الذكاء الاصطناعي في عملياتها.
لكنه يرى أن المرحلة المقبلة ستشهد سباقا لإنتاج أنظمة مضادة للمسيّرات، لافتا إلى أن الاتحاد الأوروبي بدأ مؤخرا اختبار نماذج أميركية الصنع في هذا المجال.
وحسب حنا، فإن مفهوم الحرب الهجينة في التفكير الروسي لا يقتصر على الأدوات التقنية، بل يشمل أيضا إعداد المسرح الإستراتيجي عبر مراحل متعددة يمكن إنكارها، بما يتيح لموسكو زرع الانقسام داخل أوروبا وحلف الناتو، وتحضير الأرضية لحرب تقليدية محتملة دون إعلان مسبق.
وفي هذا الإطار، تحدثت برلين مؤخرا عن نشاط غير مألوف لأقمار صناعية روسية تتعقب نظيراتها المدنية، بينما حذّر مسؤولون ألمان من قدرات روسية وصينية قادرة على تعطيل أو تدمير الأقمار الصناعية، الأمر الذي دفع الناتو إلى تعزيز قدراته الفضائية وتطوير شبكة أقمار "نورث لينك" الدفاعية في المدار القطبي.
ويضيف حنا أن أحد أخطر أبعاد الحرب الهجينة يتمثل في السيطرة على تدفق البيانات، موضحا أن نحو 90% من بيانات العالم تنتقل عبر كابلات بحرية، في حين أن 10% فقط تمر عبر الأقمار الصناعية، وهو ما يجعل هذه الكابلات هدفا إستراتيجيا.
ولفت إلى أن حادثة قطع الكابلات في بحر البلطيق شكّلت جرس إنذار دفع الحلف لإنشاء وحدة خاصة لحماية أمن الاتصالات البحرية.
أما في ما يتعلق بدور الولايات المتحدة، فيؤكد حنا أنها ليست بمعزل عن هذه الحرب، رغم بعدها الجغرافي، فهي تملك أكبر شبكة كابلات بحرية في العالم وتتحكم في جزء كبير من منظومة الأقمار الصناعية، مما يجعلها عرضة لهجمات إلكترونية أو تخريبية محتملة، بينما تسعى الصين في المقابل إلى بناء بنية تحتية رقمية مستقلة لحماية مصالحها.
ويخلص الخبير العسكري إلى أن الحرب الهجينة لم تعد مجرد مصطلح في الأدبيات الإستراتيجية، بل باتت واقعا يتشكل يوما بعد يوم، تتداخل فيه الأسلحة الصلبة مع الأدوات الناعمة في فضاء غير محدد المعالم، لتجد أوروبا نفسها اليوم أمام اختبار تاريخي لقدرتها على الصمود في مواجهة حرب بلا إعلان ولا خطوط حمراء.