رام الله – "كنت أصرخ: مشان الله توقف عن الضرب وسأغادر المكان، لكن دون جدوى، بل كان يزداد وحشية كل مرة"، بهذه الكلمات وصفت المصورة الصحفية رنين صوافطة ما جرى معها خلال استقبالها في طوارئ مستشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس، بعد تعرضها لاعتداء مروع من قبل مستوطنين أثناء تغطيتها موسم قطف الزيتون في بلدة بيتا شمال الضفة الغربية.

وتوضح صوافطة أن الصحفيين الذين تواجدوا للتغطية كانوا هدفا مباشرا للمستوطنين، وأن الاعتداء عليها كان "بقصد القتل"، فقد توجه أهالي قرية بيتا جنوب نابلس لقطف زيتونهم في منطقة جبل القماص برفقة متضامنين أجانب، قبل أن تهاجمهم مجموعة من المستوطنين بالعصي والحجارة، مستهدفة بالدرجة الأولى الطواقم الصحفية ومنها صوافطة.

تقول صوافطة إنها لم تستطع الانسحاب سريعا بسبب ثقل معداتها الصحفية والدرع الواقي وصعوبة تضاريس المنطقة، فسقطت أرضا، ليحاصرها أكثر من 5 مستوطنين ويبدؤوا ضربها بعنف على المناطق المكشوفة من جسدها، خصوصا يدها اليمنى التي تحمل بها الكاميرا.

وتضيف "كلما تألمت أكثر كانوا يضربون بقوة أكبر، وكان التركيز على رأسي ويدي"، كما ظهر في الفيديو الذي انتشر لها داخل قسم الطوارئ.

ونقلت صوافطة إلى المستشفى مصابة إصابة مباشرة في يدها اليمنى وخاصرتها، في حين أكد الأطباء حاجتها إلى رحلة علاج طويلة بعد تشخيص 3 كسور في مرفقها، فضلا عن إصابتها بحجر في رأسها أدى إلى تحطيم خوذتها. وتعلق "اللباس الصحفي الواقي هو الذي أنقذ حياتي من الموت".

وعلى مدى سنوات عملها مصورة للأخبار، تعرضت صوافطة لاعتداءات متعددة من القوات الإسرائيلية، بينها إصابات بالرصاص الحي والمطاطي والضرب والاختناق والاحتجاز ومنع التغطية، إلا أن اعتداء المستوطنين الأخير كان "الأقسى على الإطلاق" بالنسبة لها ولزملائها الذين كانوا معها.

بعد نقلها إلى المستشفى.. الصحفية رنين صوافطة تروي تفاصيل اعتداء المستوطنين عليها، خلال تغطيتها قطف ثمار الزيتون على جبل قماص في بلدة بيتا جنوب نابلس بالضفة الغربية#فيديو pic.twitter.com/zirHuFqEsO

— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 8, 2025

لا قانون يعاقبهم

المصور الصحفي ناصر اشتية كان أيضا من بين المصابين. ويقول، كما صوافطة، إن المستوطنين استهدفوا المناطق غير المغطاة بالدروع الواقية، حيث أصيب بحجر كبير في رقبته إذ كان يوثق الاعتداء على زميلته، مما تسبب له بهتك عصب رئيسي، إضافة إلى رضوض في يده اليمنى نتيجة السقوط المتكرر أثناء محاولته الانسحاب.

إعلان

ويروي اشتية للجزيرة نت أنه وصل إلى المنطقة نحو الساعة 11 صباحا لتغطية مساندة المتضامنين الأجانب لأهالي بيتا في قطف الزيتون، قبل أن يهاجمه عشرات المستوطنين (ما بين 30 و40 مستوطنا) خلال أقل من نصف ساعة، وجميعهم يحملون العصي والحجارة ويستهدفون الصحفيين والمتضامنين بشكل مباشر.

ويوافق اشتية زميلته صوافطة على أن هذا الاعتداء هو من الأصعب خلال 33 عاما قضاها في العمل الميداني وتغطية الأحداث من الانتفاضة الأولى حتى اليوم، وقد أصيب خلالها عشرات المرات من قبل قوات الاحتلال.

ويشير إلى أنه تعرض قبل شهرين فقط لاعتداء مماثل في الأغوار، حيث سرق المستوطنون عدسته وحطموا مركبته واعتدوا عليه بشكل مباشر، مما دفعه لتجنب التغطية في المناطق التي ينتشر فيها المستوطنون. ويضيف "اعتداءات المستوطنين هي الأخطر.. إنهم مجموعات لا يضبطها قانون ولا يمكن ملاحقتها أو معاقبتها".

لحظة اعتداء مستوطنين على صحفيين خلال اقتحامهم جبل قماص في بلدة بيتا جنوب #نابلس#الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/2enTV7slNd

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) November 9, 2025

أكثر من 100 اعتداء

وإلى جانب صوافطة واشتية، أصيب مراسل قناة الجزيرة محمد الأطرش والمصور لؤي السعيد، إضافة إلى مصور وكالة شينخوا الصينية نائل بويطل.

ويقول المصور الصحفي أيمن النوباني، عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين، إن اعتداءات المستوطنين على الصحفيين تصاعدت خلال العام الأخير بشكل خطير يهدد حياتهم ويعيق عملهم، خصوصا في المناطق التي تتكرر فيها اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين.

ويضيف في حديثه للجزيرة نت "شهدنا محاولات قتل للصحفيين.. للأسف لا أحد يستطيع اليوم حماية الصحفي الفلسطيني خلال تغطيته أو تنقله أو عمله اليومي".

وبحسب رصد النقابة، فقد وقع خلال السنوات الثلاث الأخيرة نحو 100 اعتداء على الصحفيين من قبل المستوطنين، تركز معظمها في الأشهر الأخيرة، وكان من بينها الاعتداء المميت على مصور وكالة الأناضول عصام الريماوي، وحرق مركبة المصور جعفر اشتية لمنعه من التغطية.

ويشير النوباني إلى جهود النقابة عبر شراكاتها مع الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب والمؤسسات الدولية لكشف هذه الاعتداءات والضغط لوقفها، لكن "الاعتداءات مستمرة وبشكل أعنف، ولا أحد قادر على حماية الصحفي الفلسطيني على الأرض".

إصابة عدد من الصحفيين الفلسطينيين، بينهم رنين صوافطة ومحمد الأطرش ولؤي السعيد، جراء اعتداء نفذه مستوطنون خلال تغطيتهم موسم قطف الزيتون في بلدة بيتا جنوب نابلس pic.twitter.com/qtWUro25Nz

— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) November 8, 2025

الفرار من الموت

أما مراسل الجزيرة محمد الأطرش، فقد حاول النجاة بنفسه بعد محاصرته من قبل المستوطنين، ويقول إن الهجوم هذه المرة كان "أكبر من أن تنجح في التخفيف منه الخطة التي وضعها الصحفيون للانسحاب عند أي طارئ".

ويوضح الأطرش أنه تمركز مع زملائه في منطقة تكشف البؤر الاستيطانية، وارتدوا لباسهم الصحفي المميز، لكن المستوطنين خرجوا فجأة من عدة جهات وحاصروهم. ويقول "فجأة أصبحت في الوسط والمستوطنين حولي، ولم أجد سبيلا إلا النزول إلى الوادي قفزا على الصخور، بينما كان أحدهم يصرخ: انتبه رأسك، ورشق الحجارة لا يتوقف".

إعلان

وخلال انسحابه، سمع صراخ رنين صوافطة وأحد المستوطنين يقول "قتلوا الصحفية!"، فتأكد حينها أن الهدف كان القتل. ويضيف أن "الفيديو المنتشر لضرب رنين لا يتجاوز نصف دقيقة، لكن الحقيقة أنهم استمروا بضربها لـ5 أو 6 دقائق.. وهذا يعني أن الهدف كان القتل. أدركت حينها أنني أهرب من الموت".

ويؤكد الأطرش، الذي اعتقل في بداية الحرب وتعرض للتعذيب داخل السجون، أن ما جرى كان "كمينا معدا مسبقا لقتل الصحفيين" من قبل مجموعات مدفوعة بالحقد والانتقام من كل ما هو فلسطيني، ولاسيما الصحفيين الذين يشكلون تهديدا لهم من خلال كشف جرائمهم عبر الإعلام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات فی بلدة بیتا بیتا جنوب من قبل

إقرأ أيضاً:

تسجيل 97 جريمة للمستوطنين بالضفة خلال أكتوبر

كشف مصدر أمني إسرائيلي اليوم الأحد عن 97 جريمة ارتكبها مستوطنون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة الشهر الماضي، في حين أكد المرصد الأورومتوسطي رصد تزايد في اعتداءات المستوطنين ضد الفلسطينيين -ولا سيما المزارعين- تزامنا مع موسم الزيتون.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن المصدر الإسرائيلي وقوع 97 جريمة الشهر الماضي مقارنة بـ60 جريمة في الشهر ذاته من العام الماضي.

وحذر المصدر من أن تصاعد جرائم المستوطنين يدفع الفلسطينيين إلى الرد على ذلك، مشيرا إلى أنه لوحظ خلال شهر قطف الزيتون ارتفاع فيما سماها المصدر ذاته بـ"الجريمة اليهودية".

واعتبر ذلك إرهابا قائلا "لا شك أن هذه الأمور تدفع أفرادا فلسطينيين غير متورطين في الإرهاب إلى الإرهاب"، وفق تعبيراته.

ومتحدثا عن تفاصيل جرائم المستوطنين قال المصدر إن الشهر الماضي شهد وقوع 21 حادثة احتكاك بين المستوطنين والفلسطينيين، بالإضافة إلى 46 حادثة رشق حجارة نفذها مستوطنون و11 حادثة اعتداء و14 حادثة حرق متعمد و5 حوادث تخريب.

13 شهيدا في 2025

من جهته، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان استشهاد 13 فلسطينيا باعتداءات المستوطنين منذ مطلع العام الجاري في الضفة الغربية، في حين ارتفع العدد إلى 37 منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأضاف أن فريقه وثق 324 اعتداء نفذها مستوطنون خلال 39 يوما (منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى مساء 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري)، بمعدل 8 اعتداءات يوميا.

وأوضح المرصد أن عنف المستوطنين خلال موسم قطف الزيتون الحالي يعد الأعلى منذ سنوات، إذ وثق الفريق نحو 163 هجوما أسفر عن إصابة أكثر من 143 فلسطينيا وإتلاف ما يزيد على 4200 شجرة وشتلة في 77 قرية بالضفة الغربية.

ولفت إلى أن الهجمات التي ينفذها مستوطنون مسلحون على هيئة مليشيات منظمة تنطلق من المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير القانونية المنتشرة في الضفة الغربية أصبحت تمثل ممارسة منهجية للعنف المسلح ضد المدنيين الفلسطينيين، مؤكدا أن هذه المجموعات تعمل بتنسيق وثيق مع جيش الاحتلال.

إعلان

كما نبه إلى أن اعتداءات المستوطنين المتكررة تسببت في تهجير قسري لنحو 5200 فلسطيني من قراهم وبلداتهم القريبة من البؤر الاستيطانية.

وتندرج الاعتداءات ضمن موجة تصعيد إسرائيلية واسعة في الضفة من الجيش والمستوطنين منذ أن بدأت تل أبيب حرب الإبادة الجماعية بقطاع غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

مقالات مشابهة

  • صحف عالمية: عنف المستوطنين بالضفة الغربية يستفحل والعالم يتفرج
  • تصاعد اعتداءات المستوطنين بالضفة وتحذير أممي من تفاقم العنف
  • غرفة عمليات الصحفيين تتابع الزملاء خلال تغطية انتخابات النواب
  • 384 اعتداءً إسرائيليًا ضد التجمعات البدوية بالضفة خلال أكتوبر
  • تسجيل 97 جريمة للمستوطنين بالضفة خلال أكتوبر
  • صحف عالمية: أمومة من نوع مختلف بغزة وأعنف موسم زيتون بالضفة
  • “حماية الصحفيين”: اعتداء مستوطنين على صحفيين فلسطينيين انتهاك صارخ للقانون الدولي
  • تصاعد هجمات المستوطنين بالضفة.. إصابات وحرق منزل وتهجير قسري لا يتوقف
  • بالصور: إصابة مسعفين وصحفيين في هجوم لمستوطنين في بيتا