لجريدة عمان:
2025-11-10@18:42:02 GMT

الذكاء الاصطناعي في طريقه إلى ما يفوق الذكاء

تاريخ النشر: 10th, November 2025 GMT

ترجمة: أحمد شافعي

قبل وقت غير بعيد أصبح الذكاء الاصطناعي ذكيًا. وقد يرفض البعض هذا الزعم، ولكن عدد من يشكّون في فطنة الذكاء الاصطناعي يتناقص.

وفقًا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة يوفجوت سنة 2024، تقول أغلبية واضحة من الراشدين الأمريكيين إن أجهزة الكمبيوتر بالفعل أشد ذكاء من الناس أو ستكون كذلك عما قريب.

ومع ذلك، لكم أن تتساءلوا عما لو أن الذكاء الاصطناعي فعلا ذكي؟

في عام 1950، ذهب عالم الرياضيات آلن تورينج إلى أن هذا سؤال خاطئ؛ لأنه أشد غموضا من أن يستحق البحث العلمي.

وذهب إلى أنه بدلا من محاولة تحديد ما إذا كانت أجهزة الكمبيوتر ذكية، يجب علينا أن نرى ما لو أنها قادرة على الاستجابة للأسئلة بطريقة لا تتميز عن طريقة البشر. ورأى هذا الاختبار، المعروف باختبار تورينج، لا بوصفه معيارًا للذكاء وإنما بوصفه بديلا أكثر برجماتية لهذا المعيار.

وبدلًا من افتراض تعريف للذكاء، ثم التساؤل عما لو أن الذكاء الاصطناعي يستوفي هذا التعريف، فإننا نفعل أمرًا أكثر ديناميكية؛ إذ نتفاعل مع الذكاء الاصطناعي متزايد التطور ونرى كيف يتغير فهمنا لما نحسب أنه الذكاء.

لقد تنبأ تورنج بأنه في نهاية المطاف «سوف يتبدل استعمال الكلمات والرأي العام المستنير تبدلًا كبيرا بحيث يتسنى للمرء الحديث عن آلات تفكر دون أن يتوقع اعتراضًا من أحد».

واليوم وصلنا إلى هذه النقطة. فالذكاء الاصطناعي لا يقل في كونه ذكاء عن كون التصوير الفوتوغرافي الرقمي تصويرًا فوتوغرافيًا.

والذكاء الاصطناعي الآن في سبيله إلى القيام بأمر أشد روعة: وذلك أن يكون ذا وعي. وسوف يحدث هذا بمثل الطريقة التي أصبح بها ذكيا. فمع تفاعلنا مع ذكاء اصطناعي متزايد التطور سوف يتكون لدينا مفهوم للوعي أكثر احتواء.

قد تعترضون على هذا وتعتبرونه لعبًا بالكلمات، وترون أنني أقول إن الذكاء الاصطناعي سوف يصبح واعيًا لأننا سوف نشرع في استعمال كلمة «الوعي» على نحو يشمله. لكن ما من تلاعب بالكلمات؛ فثمة دائما حلقة تغذية ارتجاعية بين نظرياتنا والعالم، فتتكون مفاهيمنا بقوة ما نكتشفه.

وانظروا إلى الذرة. على مدى قرون، كان مفهوم الذرة لدينا يضرب بجذوره في نظرية يونانية قديمة عن وحدات الواقع غير القابلة للانقسام. وحتى أواخر القرن التاسع عشر، كان علماء فيزياء من أمثال جون دالتن لا يزالون يرون أن الذرات كريات صلبة غير قابلة للانقسام. لكن بعد اكتشاف الإلكترون سنة 1897 واكتشاف النواة الذرية عام 1911، روجع مفهوم الذرة، فتحولت من كيان غير قابل للانقسام إلى كيان قابل للتفكك، أشبه بنظام شمسي تدور فيه الإلكترونات حول النواة. ومع تزايد الاكتشافات تزايدت مراجعة المفاهيم، بما أدى إلى ما لدينا الآن من نماذج الذرة المعقدة القائمة على ميكانيكا الكم.

ولم تكن تلك محض تغيرات لفظية؛ فقد تحسن فهمنا للذرة من خلال تفاعلنا مع العالم. ولذلك فإن فهمنا للوعي سوف يتحسن من خلال تفاعلنا مع الذكاء الاصطناعي متزايد التطور.

قد يعترض المشككون على هذا التشبيه. وسوف يذهبون إلى أن اليونانيين كانوا مخطئين في تصور طبيعة الذرة، لكننا لسنا مخطئين في تصور طبيعة الوعي لأننا نعرف مباشرة ما الوعي: وهو التجربة الذاتية الداخلية. وسوف يصر المشككون في برنامج الدردشة الآلي على أنه لا يتكلم عن إحساس بالسعادة أو الحزن إلا لأن هذه العبارات جزء من بياناته التدريبية، لكنه لن يعرف أبدا ما إحساس السعادة أو الحزن.

لكن ما معنى أن نعرف ماذا يكون إحساس الحزن؟ وكيف نعرف أنه شيء لا يمكن أن يجربه الوعي الرقمي؟ قد نظن ـ بل لقد تعلمنا بالفعل أن نفكر ـ أننا معشر البشر لدينا بصيرة مباشرة في عالمنا الداخلي، بصيرة لا تتأثر بالمفاهيم التي تعلمناها؛ غير أننا بعد أن نتعلم من شكسبير كيف يمكن أن يكون حزن الفراق عذبًا، نكتشف أبعادًا جديدة في تجربتنا. فأكثر ما «نشعر» به إنما نتعلمه.

لقد ذهبت الفيلسوفة سوزان شنيدر إلى أنه سوف تكون لدينا أسباب لاعتبار الذكاء الاصطناعي واعيا إذا ما قال نظام كمبيوتري دونما تدريب إن لديه تجارب ذاتية داخلية للعالم. فلعل هذا يشير إلى وعي لدى نظام الذكاء الاصطناعي؛ لكن هذا معيار بعيد، وهو معيار نحن البشر أنفسنا قد لا نستوفيه؛ لأننا أيضا مدرَّبون.

يتخوف البعض من أنه في حال اكتساب الذكاء الاصطناعي الوعي سوف يستحق منا مراعاة معنوية، أي أنه سيصبح ذا حقوق، ولن يتسنى الاستمرار في استعماله كيف نشاء، وأننا قد نضطر إلى حمايته من الاستعباد. لكن في حدود ما أفهم، ما من تبعة مباشرة تترتب على الزعم بأن مخلوقًا واعٍ، ومفادها أنه يصير بذلك مستحقا للاعتبار المعنوي. ولو أن ذلك قائم، فإن أغلبية هائلة من الأمريكيين على الأقل يبدون غير واعين به. فليس النباتيون إلا نسبة ضئيلة من الأمريكيين.

وكما أن الذكاء الاصطناعي دفعنا إلى رؤية سمات معينة في الذكاء البشري باعتبارها أقل قيمة مما كنا نتصور (من قبيل القدرة على الحفظ وسرعة الاسترجاع)، فسوف يدفعنا وعي الذكاء الاصطناعي إلى استنتاج أنه ليست أشكال الوعي كافة تستحق الاعتبار المعنوي. أو أنه بالأحرى سوف يعزز الرأي الذي يبدو أن الكثيرين يتبنونه: وهو أنه ليست كل أشكال الوعي ذات قيمة معنوية مماثلة لقيمتنا.

لقد كنت حتى وقت قريب أجادل في مسألة ما إذا كان الكمبيوتر ذكيا. وقبل أن أنتبه، وجدتني أجادل في ما إذا كان الذكاء الاصطناعي يمكن أن يفوقنا ذكاء. وعندي فضول لأن أعرف إن كنتم تظنون أن الذكاء الاصطناعي قادر على تكوين وعي، أم أنكم ترون أن دون ذلك عوائق لا تحصى. ولو أن الذكاء الاصطناعي قادر على تكوين وعي، فهل يجعلنا هذا ملزمين معنويا بمعاملته على نحو معين؟

باربرا جيل مونتيرو أستاذة الفلسفة في جامعة نوتردام ومؤلفة كتاب «فلسفة العقل: مقدمة موجزة جداً».

الترجمة عن ذي نيويورك تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن الذکاء الاصطناعی إلى أن

إقرأ أيضاً:

ترامب يقلل من مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي

أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة أنه لا يشعر بالقلق من احتمال وجود فقاعة في الأسواق المالية تحيط بشركات الذكاء الاصطناعي.
وقال رداً على سؤال لوكالة فرانس برس حول هذا الموضوع خلال استقباله رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في البيت الأبيض، "أنا أحب الذكاء الاصطناعي وأعتقد أنه سيكون مفيداً جداً".
وأضاف "نحن متقدمون على الصين ومتقدمون على العالم في مجال الذكاء الاصطناعي"، ما يشير إلى المنافسة الاقتصادية والجيوسياسية التي تغذي طفرة الاستثمارات في هذا القطاع.
وتأتي تصريحات ترامب في الوقت الذي أظهرت فيه بورصة نيويورك علامات ضعف في الأيام الأخيرة، حيث تفاعلت بحذر مع ارتفاع تقييمات شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي العملاقة.
ويشعر الخبراء بالقلق من ارتفاع بعض القيم السوقية لشركات عملاقة بشكل كبير وسريع، في ظل مخاوف متزايدة بشأن قدرنها على تحمل التكاليف الباهظة لسباق الذكاء الاصطناعي.
وتجلى هذا التوتر الخميس في ظل تصريحات مربكة لشركة "أوبن آيه آي" حول طلب محتمل للحصول على دعم حكومي، قبل أن يتم التراجع عنها لاحقا.

أخبار ذات صلة ترامب يتوقع نشر «قوة الاستقرار الدولية» في غزة قريباً فيفا يطلق «جائزة السلام» ويثير التكهنات حول الفائز الأول المصدر: آ ف ب

مقالات مشابهة

  • التقنيات الناشئة .. أوسع من الذكاء الاصطناعي
  • ناشرون: الذكاء الاصطناعي ليس بديلاً عن الإبداع الروائي
  • الخشت يحذر من غرف صدى خوارزميات الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي يخلق 16 وظيفة جديدة في سوق العمل
  • ملتقى "الذكاء الاصطناعي والهوية الثقافية" يفتح أبوابه للشباب والفنانون.. ومشروع الوعي الأثري (قريبا)
  • الجامعة التنموية في عصر الذكاء الاصطناعي: عقل الأمة ومحرك مستقبلها
  • طارق نور: الذكاء الاصطناعي أذكى من الإنسان
  • الذكاء الاصطناعي يُنجب Zozan C.. أول مطربة كوردية رقمية
  • ترامب يقلل من مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي