الجديد برس| على وقع تصاعد الخروق العسكرية الإسرائيلية وتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، تتزايد التحذيرات الدولية من احتمال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار “الهش”، وسط استمرار القيود على إدخال المساعدات وتفاقم معاناة المدنيين. وبينما تؤكد منظمات أممية أن إسرائيل تعرقل وصول الإغاثة وتمنع دخول مواد أساسية للأطفال والمرضى، تكشف صور أقمار صناعية جديدة عن دمار واسع في مناطق يفترض أنها خاضعة للهدنة، في ظل تصريحات إسرائيلية توحي بالاستعداد للعودة إلى العمليات القتالية.

وللشهر الثاني على التوالي، تتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، حيث أكدت منظمة أطباء بلا حدود أن المدنيين ما زالوا يسقطون يوميًا برصاص جيش الاحتلال “رغم وقف إطلاق النار الهش” خصوصًا قرب “الخط الأصفر”. وقالت منسقة الطوارئ في المنظمة، كارولين سيغوين، إن مستشفيات رئيسية تقع ضمن مناطق يسيطر عليها الجيش، مما يعقّد وصول المرضى إلى الرعاية الطبية، مشيرة إلى أن سلطات الاحتلال تعرقل إدخال الأدوية ومستلزمات الإيواء والنظافة. وأوضحت أن آلاف المهجرين يعيشون في خيام تفتقر إلى الماء والكهرباء، وسط تفشي الأمراض الجلدية والتنفسية مع اقتراب فصل الشتاء. وفي السياق نفسه، حذرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني من أن 80% من مياه قطاع غزة ملوثة بالكامل، ما أدى إلى تسجيل أكثر من 70 ألف إصابة بفيروس الكبد الوبائي منذ بدء الحرب. وأظهر تحليل لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، استنادًا إلى صور أقمار صناعية حديثة، أن جيش الاحتلال دمر أكثر من 1500 مبنى منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول 2025، لا سيما في المناطق الشرقية والشمالية من القطاع، ما يثير تساؤلات حول مدى التزام الاحتلال بالهدنة. ميدانيًا، نفذ جيش الاحتلال فجر الأربعاء عملية نسف شرق خان يونس، تلاها قصف مكثف من الطائرات الحربية والمسيّرات، في حين شنت مقاتلاته أحزمة نارية شمال بيت لاهيا داخل الخط الأصفر، وأطلقت زوارقه نيرانها باتجاه سواحل القطاع في خرق جديد لوقف النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ورغم القيود المفروضة على وصول المساعدات الحيوية، أفاد موقع “واللا” الإسرائيلي بأن سلطات الاحتلال قررت فتح معبر “زيكيم” شمال غزة اليوم الأربعاء، بعد موافقة المستوى السياسي، بهدف السماح بدخول شاحنات الإغاثة. وقرار مرور الشاحنات عبر معبر “زكيم”، هو الأول من نوعه منذ إعلان وقف إطلاق النار، ويتزامن مع قيود كبيرة على عمل المنظمات الدولية الإغاثية، والوكالات الأممية في قطاع غزة. ولا يزال جيش الاحتلال يعرقل عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ويمنعها من العمل في القطاع، برفض إدخال قرابة 6000 شاحنة مساعدات تنتظر عند المعابر الحدودية. وعلى مدى عامين من الإبادة سعت سلطات الاحتلال إلى عرقلة عمل “أونروا” من خلال سنّه قوانين وتشريعات في الكنيست الإسرائيلي. وقال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، ريكاردو بيريس، إن نحو 1.6 مليون محقن و938 ألف زجاجة حليب للأطفال لا تزال محتجزة بانتظار التصاريح منذ أغسطس الماضي، مما يهدد حياة آلاف الأطفال الذين يعانون سوء التغذية. وبين في مؤتمر صحفي من جنيف، أن سلطات الاحتلال تمنع كذلك وصول ثلاجات تعمل بالطاقة الشمسية لتخزين قوارير اللقاح إلى غزة، وقطع غيار لشاحنات المياه. وأضاف: “تعتبر إسرائيل المحاقن والثلاجات من الأشياء مزدوجة الاستخدام، ونجد صعوبة بالغة في الحصول على التصاريح الجمركية وتجاوز عمليات التفتيش، ومع ذلك فهي ضرورية”. وتابع: “هذا يعني أن هناك نحو مليون زجاجة حليب من الممكن أن تصل إلى الأطفال الذين يعانون من مستويات متفاوتة من سوء التغذية”. ويشير مصطلح “الاستخدام المزدوج” إلى المواد التي تزعم سلطات الاحتلال أنها ذات استخدامات عسكرية ومدنية محتملة. كما أعلنت وزارة الصحة في غزة تسجيل أكثر من 6000 حالة بتر بحاجة إلى تأهيل عاجل وطويل الأمد، 25% منهم أطفال و12.7% نساء، وسط انهيار شبه كامل في النظام الصحي. يأتي ذلك، بينما يستعد فريق من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتنسيق مع كتائب القسام لدخول المنطقة الصفراء شرق القطاع، للبحث عن جثث أسرى إسرائيليين مفقودين منذ المعارك الأخيرة، وهي أول عملية من نوعها منذ بدء الهدنة. يحدث ذلك على وقع تصعيد في الخطاب العسكري الإسرائيلي، حيث أكد قائد سلاح الجو، اللواء تومر بار، استعداد قواته لاستئناف العمليات القتالية “في أي لحظة”، بالتنسيق مع قيادة الجنوب، تنفيذًا لأهداف الحرب كما حددتها القيادة السياسية. ويرى مراقبون أن استمرار الخروق الميدانية وتدهور الوضع الإنساني قد يدفع نحو انهيار كامل لاتفاق الهدنة ما لم تتدخل الأطراف الدولية سريعًا لتثبيت التهدئة وضمان وصول المساعدات إلى أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في ظروف وصفتها الأمم المتحدة بـ”غير القابلة للحياة”. المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: وقف إطلاق النار سلطات الاحتلال جیش الاحتلال قطاع غزة أکثر من

إقرأ أيضاً:

NYT: عزلة أكاديميي الاحتلال متواصلة بعد وقف إطلاق النار بغزة

قالت صحيفة نيويورك تايمز، إن مقاطعة أكاديميي الاحتلال متواصلة، بعد وقف إطلاق النار بغزة، بعد موجة الضغط العالمي بسبب الإبادة المرتكبة في القطاع.

وأشارت إلى أن 23 من أكاديميي الاحتلال، وصلت لهم رسائل بريد إلكتروني، تبلغهم بإمكانية المشاركة في اجتماع افتراضي لجمعية علماء الآثار الأوروبية، بشرط إخفاء هوياتهم المهنية.

وجاء في رسالة من مجلس إدارة الجمعية: "يجب تجنّب أي إشارة إلى الانتماء إلى مؤسسة أو جهة تمويل إسرائيلية."

هذا القرار، الذي جاء في إطار تعليق الجمعية علاقاتها مع الاحتلال بسبب الحرب في غزة، صدم غاي د. شتايبل، رئيس مجلس علم الآثار الإسرائيلي والمدير منذ زمن طويل لبعثة تنقيب في قلعة مسادا القديمة.

وبعث المحاضر البارز في جامعة تل أبيب، في رسالة غاضبة إلى المجل: قال فيها "لقد غسلتم أيديكم وهدأتم ضمائركم، وقد تنظرون الآن في المرآة معتقدين أنكم فعلتم شيئاً. لكن هل سألتم أنفسكم ما التغيير الحقيقي الذي أحدثه قراركم؟".

وتحت ضغط من الاحتلال، تراجع المجلس عن قراره ووصفه بأنه "متسرّع وسوء تقدير" في اليوم السابق لانطلاق المؤتمر، لكن قراره الأولي عكس انتشار المقاطعات ضد الجامعات والأكاديميين الإسرائيليين، خصوصاً من مؤسسات أوروبية، والتي تصاعدت بشكل كبير خلال الإبادة المستمرة منذ عامين في غزة، وتواصلت حتى بعد وقف إطلاق النار الهش الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي.

ولا يتوقع أحد أن تنتهي المقاطعات قريباً وفقا للصحيفة.

وقال إيمانويل نحشون، رئيس فريق العمل الإسرائيلي لمكافحة المقاطعات على الجامعات الثمانية للاحتلال: "قد تخف حدتها، وقد تقل وتيرتها، لكنها ستستمر بشكل أو بآخر. الهدف الحقيقي هو نزع الشرعية عن إسرائيل."

في أوروبا، يقول مسؤولو الجامعات إن المقاطعات مبرَّرة بسبب اتهامات بارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في غزة، وهي اتهامات وجّهتها لجنة تابعة للأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان.

قال راؤول راموس، نائب رئيس جامعة برشلونة، موضحاً سبب إعلان جامعته العام الماضي مقاطعة الجامعات الإسرائيلية: "التكنولوجيا القادمة من الجامعات الإسرائيلية كانت ستستخدم لقتل الشعب الفلسطيني."

لكنه أضاف أن الجامعة ستواصل التعاون مع الطلاب والباحثين الإسرائيليين الأفراد.

وتمثل المقاطعات مثالاً على تزايد عزلة الاحتلال الدولية بسبب الإبادة في غزة، والتي استشهد بفعلها أكثر من 67 ألف فلسطيني، أغلبهم من النساء والأطفال.

وقال نحشون، وهو دبلوماسي سابق للاحتلال، إن نحو 50 جامعة ومؤسسة أكاديمية أوروبية أنهت تعاونها مع الجامعات الإسرائيلية جزئياً أو كلياً خلال الحرب.

وفي تقرير إلى الكنيست في مايو، قال فريقه إنه وثّق أكثر من 700 حالة مقاطعة أكاديمية، تشمل إنهاء برامج التبادل الطلابي ورفض منح الباحثين الإسرائيليين تمويلاً للأبحاث.



وقدّر أن العدد تجاوز الآن الألف حالة، وأضاف أن أبرز المقاطعين توجد في بلجيكا وهولندا وإيطاليا وإسبانيا.

جامعة غينت في بلجيكا، التي تعد من قادة هذا التوجّه، واصلت مقاطعتها لجميع الجامعات الإسرائيلية حتى بعد وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر.

أما جامعة أمستردام، التي علّقت في مارس برنامج تبادل طلابي مع الجامعة العبرية، فقالت إن وقف إطلاق النار "بصيص أمل"، لكنها أعلنت في 15 أكتوبر أنها لن تدخل في أي تعاون جديد مع مؤسسات أكاديمية إسرائيلية.

قال المتحدث باسم جامعة أمستردام، بوب مونتن: "الهيئات الدولية المستقلة خلصت إلى أن إبادة جماعية جارية. وهناك إجماع واسع في مجتمعنا على أن التقاعس غير مقبول."

لكنه أوضح أن الجامعة، مثل برشلونة، ستحافظ على علاقاتها مع الطلاب والباحثين الإسرائيليين الأفراد.

ويخشى الأكاديميون الإسرائيليون من إجراءات أخرى تتجاوز المقاطعات، منها مطالب في بعض الدول بإقصاء إسرائيل من برنامج "هورايزون أوروبا"، وهو برنامج تمويل أوروبي ضخم قدم مليارات اليوروهات للاحتلال خلال العقد الماضي.

مقالات مشابهة

  • غارات إسرائيلية وعمليات نسف متواصلة للمنازل شرقي القطاع
  • قصف إسرائيلي وعمليات نسف متواصلة للمنازل شرقي القطاع
  • خروقات إسرائيلية متواصلة لاتفاق غزة.. ودعوة أممية لإيصال المساعدات
  • الأمم المتحدة: ثمة عراقيل في وصول المساعدات إلى غزة
  • الأمم المتحدة: لا تزال جهود زيادة المساعدات في غزة تواجه معوقات رغم وقف إطلاق النار
  • بالرغم من التنكيل والإختطافات المستمرة.. الصليب الأحمر يسلم سلطات الحوثيين أكثر من 35 طنا من المساعدات الطبية
  • NYT: عزلة أكاديميي الاحتلال متواصلة بعد وقف إطلاق النار بغزة
  • أوتشا: مئات آلاف العائلات في غزة تواجه خطر البرد والأمطار
  • أزمة دوائية خانقة تهدد حياة آلاف المرضى في غزة وسط عجز غير مسبوق