رسم البهجة من قلب الألم.. رحلة عبد المنعم إبراهيم بين الكوميديا والأحزان
تاريخ النشر: 17th, November 2025 GMT
تحل اليوم ذكرى رحيل أحد أعمدة الكوميديا المصرية وأبرز فناني جيله، الفنان عبد المنعم إبراهيم، الذي ترك إرثا فنيا خالدا في تاريخ السينما والمسرح المصري، فلم يكن مجرد ممثل كوميدي يرسم الابتسامة على وجوه المشاهدين، بل كان صاحب مدرسة فنية خاصة امتزج فيها الضحك بالوجدان الإنساني، والبساطة بالعمق.
ميلاد عبد المنعم إبراهيمولد عبد المنعم إبراهيم محمد حسن الدعبشي في 24 ديسمبر 1924 بمدينة بني سويف، وتعود أصوله إلى قرية ميت بدر حلاوة بمحافظة الغربية.
حصل على دبلومة المدارس الثانوية الصناعية ببولاق، ثم التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث كان زميله في اختبارات القبول الفنان عبد المنعم مدبولي وقد اجتاز الاثنان الاختبارات أمام لجنة من كبار رموز المسرح المصري، ضمت جورج أبيض ونجيب الريحاني ويوسف وهبي وزكي طليمات.
تخرج عبد المنعم إبراهيم عام 1949، وبدأ مسيرته الفنية من خلال المسرح، إذ انضم إلى فرقة المسرح الحديث بقيادة زكي طليمات، وشارك في أولى مسرحياته «مسمار جحا» من تأليف أحمد باكثير، تلتها مسرحية «ست البنات» لأمين يوسف غراب.. وعلى الرغم من رغبته في أداء الأدوار التراجيدية، إلا أن خفة دمه وروحه المرحة جعلت الكوميديا مجال تألقه الأبرز.
بعد ذلك، قدم استقالته من العمل الحكومي ليتفرغ تماما للفن، وترك فرقة المسرح الحديث عام 1955 لينضم إلى فرقة إسماعيل ياسين، حيث قدم مسرحية «معركة بورسعيد»، ثم توالت أعماله في الفرقة من خلال مسرحيات مثل: «الخطاب المفقود»، «جمهورية فرحات» و«جمعية قتل الزوجات» وغيرها.
إلا أنه لم يستمر في الفرقة أكثر من عام واحد، إذ عاد ليستقر في المسرح القومي الذي أمضى فيه بقية سنوات حياته، وكان يعتبره بيته الثاني.
وخلال فترة العدوان الثلاثي عام 1956، قدم على خشبة المسرح القومي مسرحية قصيرة ومؤثرة بعنوان«معركة بورسعيد»، ثم واصل تألقه على خشبة القومي من خلال أدوار بارزة في عدد من الأعمال المهمة مثل: «حلاق بغداد» لألفريد فرج، «السلطان الحائر» لتوفيق الحكيم و "ومعروف الإسكافى».
بعيدا عن خشبة المسرح، لمع نجم عبد المنعم إبراهيم في السينما من خلال أعمال مميزة، وكان دائما يميل إلى أدوار الكوميديا، حتى أطلق عليه البعض لقب «شارلي شابلن العرب»، ولم يقتصر دوره على البطولة فقط، بل كان يرضى أيضا بأن يكون صديق البطل، كما ظهر إلى جانب رشدي أباظة في فيلم «الزوجة 13»، وأيضا في فيلم «عدو المرأة».
في عام 1959، كانت أول بطولة لعبد المنعم إبراهيم من خلال فيلم «سر طاقية الإخفاء» للمخرج نيازي مصطفى، حيث جسد شخصية الصحفي الفاشل عصفور قمرالدين، الذي يتحول إلى ناجح بفضل طاقية سحرية.
بدأ عبد المنعم إبراهيم أدواره النسائية عام 1959 في فيلم «لوكاندة المفاجآت» بدور نرجس ريحان، ثم أدى شخصية سكر هانم في فيلم «سكر هانم»، وأما آخر أدواره النسائية فكان في فيلم «أضواء المدينة» للمخرج فطين عبد الوهاب عام 1972، حيث جسد دور الجدة التركية.
سبق عبد المنعم إبراهيم بفيلم «إشاعة حب» عام 1960 فكرة تطبيق الدابسماش، حين أدى صوت هند رستم بشخصية محروس في مشهد أصبح أيقونيا: «كده برضه يا سونة يا خاين، أحبك، أعشقك، أموت في هواك».
تميز عبد المنعم إبراهيم بإجادته اللغة العربية الفصحى، ما أهله لتجسيد شخصيات مثل الشيخ الأزهري ومعلمي اللغة، ومن أبرز هذه الأدوار شخصية «الشيخ عبد البر» في فيلم «إسماعيل يس في الأسطول»، كما شارك في مسلسلات مثل «السفيرة عزيزة» و«غصن الزيتون».
بجانب التمثيل، تألق عبد المنعم إبراهيم في العديد من المسلسلات التليفزيونية من بينها: «زينب والعرش، أولاد آدم، الشهد والدموع» وقد جمع بين اللونين الكوميدي والتراجيدي في أعماله.
ينتمي عبد المنعم إبراهيم إلى الجيل الذهبي من الفنانين الذين قدمهم البرنامج الإذاعي الشهير «ساعة لقلبك» إلى جانب فؤاد المهندس وعبد المنعم مدبولي والمعلم شكل.
حصل الفنان القدير عبد المنعم إبراهيم على العديد من الجوائز وشهادات التقدير، وأبرز هذه الجوائز: وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1983، وجائزة درع المسرح القومي عام 1986.
تزوج عبد المنعم إبراهيم 4 مرات في حياته، رحلت الأولى بعد 11 عاما، وتزوج شقيقتها لكن وقع الانفصال بينهما بعد فترة قصيرة، ومرة ثالثة من سيدة لبنانية، حتى ارتبط بالفنانة كوثر العسال لمدة 20 عاما.
أزمات في حياة عبد المنعم إبراهيمرغم خفة ظله وحسه الكوميدي، لم تكن حياة عبد المنعم إبراهيم سهلة، فقد فجع بوفاة زوجته فجأة، تاركة له أربعة أطفال، أصغرهم لم يتجاوز عامه الثاني، وبعد عامين، تلقى صدمة جديدة بوفاة شقيقه عن عمر 35 عاما، تاركا وراءه 6 أبناء وأمهم، فوجد نفسه مسؤولا عن 11 فردا، ولم تمض فترة طويلة حتى فقد والده، بعد وفاة زوجته الأولى بفترة وجيزة، مما اضطره للعودة إلى المسرح رغم حزنه العميق، مواصلا إضفاء البهجة على الآخرين بينما كان يحمل عبء الحياة على عاتقه.
رحل عبد المنعم إبراهيم عن عالمنا في 17 نوفمبر 1987، عن عمر ناهز 63 عاما، وقد أوصى بأن تخرج جنازته من المسرح القومي لأنه كان يعشق المسرح ويعتبره بيته، وأن يدفن في قريته، ميت بدر حلاوة.
ومع مرور 38 عاما على رحيله، لا يزال إرثه الفني حيا في قلوب محبيه، وخلف هذه البسمة الساحرة، كانت هناك حياة مليئة بالتحديات والمواقف المأساوية، عاشها بروح قوية وعزيمة لا تلين.
اقرأ أيضاًذكرى رحيل معالي زايد.. كادت تدخل السجن بسبب مشهد في فيلم لـ أحمد زكي
ذكرى رحيل فؤاد حداد.. شاعر العامية الذي لا يغيب
ذكرى وفاة سعد الدين وهبة.. مسيرة نصف قرن في خدمة الفن والثقافة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: عبد المنعم ابراهيم الفنان عبد المنعم ابراهيم الفنان عبد المنعم عبدالمنعم إبراهيم عبدالمنعم ابراهيم عبد المنعم إبراهیم المسرح القومی من خلال فی فیلم
إقرأ أيضاً:
3 مليارات شخص حول العالم يعانون من هذا الألم
واشنطن - صفا
كشفت دراسة حديثة نشرتها مجلة "The Lancet Neurology" ضمن تحليل "العبء العالمي للأمراض 2023"، أن اضطرابات الصداع تؤثر على نحو ثلاثة مليارات شخص حول العالم، أي بمعدل شخص من كل ثلاثة أفراد، لتحتل المرتبة السادسة بين أسباب فقدان الصحة على مستوى العالم خلال عام 2023.
وأوضحت الدراسة أن معدلات الإصابة باضطرابات الصداع لم تتغير تقريباً منذ عام 1990، ما يعكس عدم معالجة الأسباب الجذرية لهذه المشكلة على مدار العقود الثلاثة الماضية، وفقا لموقع "ميديكال إكسبريس".
وأظهرت النتائج أن النساء يعانين من فقدان الصحة بمعدلات أكبر بسبب الصداع مقارنة بالرجال في جميع الفئات العمرية، حيث يعد الصداع النصفي مسؤولاً عن نحو 90% من حالات الإعاقة المرتبطة بالصداع، رغم أن الصداع التوتري أكثر انتشارا بضعفين تقريبا.
ورغم أن الصداع النصفي أقل انتشارا، إلا أنه يُعتبر الأكثر تعطيلا للأنشطة اليومية ويشكل الجزء الأكبر من اضطرابات الصداع عالميا.
وسجلت أعلى معدلات الإعاقة الناتجة عنه في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، تليها المناطق المرتفعة الدخل مثل أوروبا وأمريكا الشمالية، مع بقاء العبء مرتفعا في كل أنحاء العالم. وأبرزت الدراسة أن الإفراط في استخدام الأدوية يفاقم العبء بشكل كبير، إذ يسبب الصداع الناتج عنه أكثر من 20% من حالات الإعاقة المرتبطة بالصداع عالميا.
وفي التفاصيل، شكل هذا الإفراط 22.6% من فقدان الصحة لدى الرجال و14.1% لدى النساء في حالات الصداع النصفي، بينما بلغ 58.9% لدى الرجال و56.1% لدى النساء في الصداع التوتري.
وأكد الباحثون أن جزءا كبيرا من عبء الصداع قابل للوقاية من خلال تحسين إدارة العلاج وتوفير رعاية صحية أفضل، خاصة في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل حيث تفتقر العلاجات الفعالة إلى الانتشار الواسع.
وأوضح المؤلف الرئيسي للدراسة أن إدماج خدمات الصداع ضمن الرعاية الأولية يمكن أن يقلل من فقدان الإنتاجية ويحسن جودة حياة مئات الملايين.
ويظل العبء العالمي لاضطرابات الصداع أحد أكثر الحالات الصحية شيوعاً وتعطيلاً، مع توزيع غير متساوٍ بين الجنسين، وتفاقم بسبب الإفراط في أدوية الألم الذي يعد سببا قابلا للوقاية من الألم المزمن والإعاقة.
ورغم أن العلاجات المتاحة فعالة وميسورة التكلفة، إلا أن الوصول إلى الرعاية المناسبة والتثقيف حول الاستخدام الآمن للأدوية محدود في العديد من المناطق.
ولم تشهد الثلاثون عاما الماضية تغييرات جوهرية في عبء الصداع، ما يستدعي معالجة الأسباب الكامنة مثل نمط الحياة والإجهاد وسوء استخدام الأدوية، مع توسيع الخدمات الصحية لتشمل التعليم والتثقيف بشأن الوقاية.
وشدد الباحثون على أن التركيز على هذه الإجراءات الوقائية قد يمنع الكثير من حالات الإعاقة ويحد من فقدان جودة الحياة في المستقبل.
وأشارت النتائج إلى أن إدارة الصداع النصفي والناتج عن الإفراط في الأدوية يمكن أن يقلل العبء العالمي بشكل ملحوظ، مع أهمية توفير العلاج المبكر للأطفال والبالغين لتقليل سنوات الإعاقة.
ودعت الدراسة إلى دمج هذه الإجراءات في السياسات الصحية الوطنية، وتعزيز برامج الوقاية وتحسين الوصول إلى الرعاية عالمياً، مؤكدة أن زيادة الوعي وتنسيق الجهود سيخفض بشكل كبير من عبء اضطرابات الصداع.