شرق آسيا… #نافذة_الأردن الجديدة نحو #اقتصاد_الريادة والابتكار
الأستاذ #الدكتور_أمجد_الفاهوم

تمثل زيارة جلالة الملك إلى اليابان وشرق آسيا محطة سياسية-اقتصادية فارقة، ليس فقط من حيث ما حملته من رسائل دبلوماسية عميقة، بل بما فتحته من أبواب استراتيجية يمكن للأردن أن يدخل منها إلى فضاء جديد من الشراكات التي تعيد رسم موقعه في الاقتصاد العالمي.

فالشرق الآسيوي لم يعد مجرد جغرافيا بعيدة، بل أصبح مركز ثقل في التكنولوجيا والابتكار والصناعة المتقدمة، وهو ما يجعل التقارب الأردني-الياباني فرصة تتجاوز البروتوكولات إلى مشروع وطني قابل للبناء إذا أحسنّا قراءته واستثماره.

فقد كشفت الزيارة أبعاداً سياسية واضحة تؤكد موقع الأردن كدولة محورية في استقرار المنطقة، وتُبرز قدرة الدبلوماسية الأردنية على الحفاظ على شبكة علاقات متوازنة مع قوى دولية كبرى مثل اليابان. ولا يخفى على أحد، بأن هذا البعد السياسي ليس هامشياً، فهو يشكل أساساً لأي تعاون اقتصادي طويل الأمد. فاليابان تنظر إلى الأردن باعتباره دولة مستقرة وسط منطقة مضطربة، وهذا الاعتبار يمنح المملكة وزناً تفاوضياً ودعماً دولياً لا يمكن الاستهانة به.

لكن البعد الأهم يتمثل فيما تحمله الزيارة من إشارات اقتصادية واستشرافية. فاليابان ليست مجرد قوة صناعية، بل عقل معرفي متقدم في التكنولوجيا، المدن الذكية، الاقتصاد الرقمي، الطاقة المتجددة، والصناعات الدقيقة. والأردن يمتلك اليوم رأس مال بشري شاب قادر على التعلم السريع والتكيف مع التحولات العالمية. الجمع بين التجربة اليابانية والانفتاح الأردني يخلق مساحة تعاون يمكن أن تتحول إلى نموذج تنموي جديد يقوم على الابتكار والريادة والإنتاج، لا على الاقتصاد التقليدي القائم على الضرائب والجباية.

مقالات ذات صلة تصريحات منسوبة للمناصير ودور رئيس الوزراء في المعالجة 2025/11/16

إن ما يميز هذه الزيارة أنها تأتي في لحظة تستدعي إعادة تقييم البنية الاقتصادية الأردنية والبحث عن شراكات تسمح بالانتقال من اقتصاد يراوح مكانه إلى اقتصاد يفتح أبوابه أمام التكنولوجيا والاستثمار النوعي. فالسوق الآسيوية ليست مجرد بديل، بل فرصة لإعادة توجيه الاقتصاد الوطني نحو مسارات إنتاجية تُعزز القيمة المضافة، وتخلق فرص عمل عالية المهارة، وتدمج الأردن في سلاسل التوريد الحديثة التي باتت تشكل العمود الفقري لاقتصاد المستقبل.

والأردن قادر، إذا ما وضع خطة واقعية، على تحويل هذه الزيارة إلى نقطة تحول. فالأساس في ذلك أن تدرك الحكومة بأن العلاقات الدولية لا تتحول إلى مكاسب اقتصادية تلقائياً؛ بل تحتاج إلى رؤية وبرامج ومتابعة. والرؤية يجب أن تنطلق من اختيار قطاعات محددة ذات قابلية للنمو بالتعاون مع الشركاء الآسيويين، مثل التكنولوجيا الرقمية، الأمن السيبراني، الطاقة البديلة، المياه، الصناعات الغذائية، والتصنيع الخفيف المرتبط بالابتكار. إذ أن هذه القطاعات يمكن أن تشكل قواعد إنتاجية جديدة قادرة على المنافسة إقليمياً إذا تمت إدارتها بكفاءة.

كما يمكن للأردن أن يستفيد من الخبرات اليابانية في بناء منظومة تعليمية وتدريبية مرتبطة مباشرة بسوق العمل، خاصة في مجالات الهندسة والذكاء الاصطناعي والروبوتات. فالاستثمار في الإنسان هو الطريق الأسرع والأقوى لبناء اقتصاد معرفي، واليابان تمتلك تاريخاً طويلاً في تحويل رأس المال البشري إلى محرك للنمو. وبذلك فيمكن التركيز أيضاً على الربط بين الجامعات الأردنية ونظيراتها اليابانية، وبين الشركات في البلدين، والذي بدوره سيخلق جسوراً معرفية تعزز مهارات الشباب وتفتح أمامهم آفاقاً جديدة.

ومن الزاوية الاقتصادية البحتة، فإن البيئة الاستثمارية الأردنية بحاجة إلى إعادة هيكلة تجعلها أكثر مرونة وجاذبية. اليابانيون لا يأتون إلى سوق غير واضحة القواعد ولا مستقرة الإجراءات. مما يتطلب دراسة متأنية لمنظومة التحديث التشريعي، وتبسيط الأنظمة، وتقليل البيروقراطية، وتخصيص مناطق اقتصادية متخصصة جاهزة لاستقبال الاستثمارات، حيث أن هذه العناصر ليست خيارات تجميلية، بل شروط أساسية لتحويل النوايا إلى مشاريع واقعية.

إن ما يحتاجه الأردن اليوم ليس أحلاماً كبيرة ولا تمنيات معلّقة، بل خطة عمل دقيقة تستند إلى قدراته الفعلية وموارده البشرية وموقعه الجغرافي. فزيارة الملك لليابان تُعطي الإطار السياسي والبوابة الدبلوماسية، لكن البناء الاقتصادي يتطلب جرأة في القرار، ووضوحاً في الأولويات، وإدارة تنفيذية تعرف أن المستقبل يُصنع ولا يُنتظر. فها هو الشرق الآسيوي يفتح الباب… والأردن قادر على الدخول بثقة إذا اختار الطريق الصحيح.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: نافذة الأردن اقتصاد الريادة

إقرأ أيضاً:

وثائق إبستين تفضح شبكة علاقات مع شخصيات نافذة في واشنطن وهوليوود

نشر مجلس النواب الأمريكي آلاف الصفحات من الوثائق التي كشفت عن شبكة واسعة من الاتصالات بين الممول المدان بجرائم جنسية جيفري إبستين وعدد من أبرز الشخصيات في السياسة والإعلام وهوليوود والعلاقات الدولية.

وبحسب مجلة بوليتيكو الأمريكية نشرت لجنة الرقابة في مجلس النواب الأمريكي ، الأربعاء، أكثر من 20 ألف صفحة من الوثائق المرتبطة بالممول والمدان بجرائم جنسية جيفري إبستين، والتي كشفت عن تبادلات واسعة عبر البريد الإلكتروني مع عشرات الشخصيات البارزة في مجالات السياسة والإعلام وهوليوود والعلاقات الدولية على مدار أكثر من عشر سنوات.

وأوضحت بوليتيكو أن إحدى الرسائل أظهرت تواصل إبستين مع مستشار سابق للبيت الأبيض، بينما تضمنت رسائل أخرى محادثات بينه وبين وزير الخزانة الأمريكي الأسبق لاري سامرز، في حين أظهرت وثائق إضافية عرض إبستين تقديم مساعدة لمستشار الرئيس الأمريكي السابق ستيف بانون.

كما بينت المجلة أن هذه الوثائق، التي أصدر جزءا منها الديمقراطيون والجزء الأكبر الجمهوريون، ألقت الضوء على آراء إبستين الخاصة حول الرئيس السابق دونالد ترامب ومدى معرفته بسلوكه الإجرامي.

وأكدت بوليتيكو أن إدارة ترامب ردت على هذه المزاعم عبر السكرتيرة الصحفية كارولين ليفيت التي اتهمت الديمقراطيين بـ"تسريب رسائل إلكترونية انتقائية إلى وسائل إعلام ليبرالية بهدف خلق رواية كاذبة لتشويه سمعة الرئيس ترامب".


كما هاجم ترامب عبر منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي خصومه السياسيين قائلاً إنهم "يحاولون إحياء خدعة إبستين لصرف الانتباه عن فشلهم في إدارة الإغلاق الحكومي".

وأشارت المجلة إلى أن من بين أبرز الأسماء الواردة في مراسلات إبستين كان لاري سامرز الذي تبادل معه عدة رسائل حول رحلته إلى السعودية عام 2017، حيث وصف الرأي السائد بين المسؤولين السعوديين بأن "دونالد مهرج وخطير في السياسة الخارجية"، كما تضمنت المراسلات ملاحظات مثيرة للجدل أدلى بها سامرز حول النساء، مما أعاد إلى الأذهان الانتقادات التي واجهها في السابق بسبب آرائه بشأن تمثيل النساء في مجالات العلوم والهندسة أثناء رئاسته لجامعة هارفارد.

وتابعت بوليتيكو موضحة أن إبستين تبادل كذلك رسائل مع الصحفي والمؤلف مايكل وولف حول كيفية إدارة صورته وعلاقته بترامب خلال حملته الانتخابية لعام 2016، وأظهرت إحدى المراسلات أن وولف نصح إبستين بترك ترامب “يشنق نفسه سياسيًا” إذا حاول إنكار علاقته به، بينما ورد في رسالة أخرى أن إبستين كتب عن معرفة ترامب المسبقة بـ"الفتيات" التي كان يتعامل معهن، في إشارة إلى غيسلين ماكسويل المتهمة السابقة والمقربة من إبستين.

وأضافت المجلة أن اسم كاثرين روملر، المستشارة السابقة للبيت الأبيض في إدارة أوباما، ورد أيضًا في الرسائل المتبادلة، حيث ناقشت مع إبستين قضية المحامي مايكل كوهين، وعبرت في رسالة منفصلة عن ازدرائها الشديد لأهالي نيوجيرسي في رسالة حول رحلة برية إلى نيويورك. وأوضحت بوليتيكو أن روملر تشغل حاليًا منصب المديرة القانونية في غولدمان ساكس.

كما تضمنت المراسلات تبادلات بين إبستين ومؤسس "باي بال" بيتر ثيل، أشاد فيها إبستين بمواقفه تجاه ترامب ودعاه لزيارته في الكاريبي، وهو ما نفاه متحدث باسم ثيل مؤكدًا أنه لم يزر جزيرة إبستين.

وبحسب بوليتيكو، فإن إبستين تحدث أيضًا إلى بانون عام 2018 مقترحًا عليه عقد لقاءات مع عدد من قادة العالم إذا وافق على قضاء أسبوعين في أوروبا، مشيرًا إلى أن “اللعب في أوروبا عن بُعد لا ينجح”.

وأشارت المجلة إلى أن الوثائق كشفت كذلك عن تواصل إبستين مع شخصيات روسية، إذ أرسل رسالة إلى السياسي النرويجي ثوربيورن ياغلاند، مقترحًا أن يتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف معه قبل قمة ترامب–بوتين في عام 2018، مضيفًا أنه تحدث سابقًا مع السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين قبل وفاته عام 2017.


كما أبرزت بوليتيكو تواصله مع شخصيات من عالم الفن، من بينها سون يي بريفين زوجة المخرج وودي آلن، في حين تطرقت رسائل أخرى إلى مسؤولة العلاقات العامة بيغي سيغال، التي ناقش معها إبستين إمكانية طلب مساعدة من أريانا هافينغتون في الدفاع عن سمعته بعد اتهامه في قضية مرتبطة بالأمير أندرو. ونقلت المجلة عن هافينغتون نفيها التام لأي تواصل أو معرفة سابقة بالموضوع.

وفي سياق آخر، كشفت المراسلات عن حوار بين إبستين والفنان الأمريكي أندريس سيرانو الذي عُرف بأعماله المثيرة للجدل، حيث تحدث الطرفان عن الانتخابات الرئاسية لعام 2016، وكتب سيرانو أنه كان ينوي التصويت ضد ترامب لكنه “تعاطف معه” بعد الجدل الذي أثير حول تصريحاته المسيئة للنساء، مشيرًا إلى أن “بيل كلينتون قال أمورًا مشابهة أيضًا”.

وأكدت بوليتيكو أن هذه المجموعة الجديدة من الوثائق أظهرت بوضوح حجم العلاقات التي كان إبستين يحتفظ بها داخل الدوائر السياسية والإعلامية والفنية، إضافة إلى تفاصيل حساسة حول اتصالاته مع شخصيات نافذة في الولايات المتحدة وخارجها.

مقالات مشابهة

  • تزامناً مع ”عام الحرف“.. ”منتجون“ تفتح نافذة تسويقية للأسر المنتجة بالقطيف
  • «لازم نرجع للقيم».. مصطفى بكري يكشف حيثيات الحكم على سوزي الأردنية
  • مصطفى بكري: سوزي الأردنية نشرت فيديوهات خادشة لتحقيق الربح
  • المتحف المصري الكبير يشدد تعليمات الزيارة بعد رصد سلوكيات غير منضبطة
  • منتخب واعدات العراق لكرة القدم يستعد لمواجهة الأردن ودياً استعداداً لغرب آسيا
  • «اقتصادية الشارقة» تنظم ملتقى «اقتصاد المستقبل»
  • الخارجية الأردنية: إحراق مستوطنين مسجدا بالضفة امتداد لسياسات الحكومة الإسرائيلية المتطرفة
  • وثائق إبستين تفضح شبكة علاقات مع شخصيات نافذة في واشنطن وهوليوود
  • جامعة سوهاج على خريطة العالمية.. إنجازات أكاديمية واتفاقات دولية تُعزز مسيرة الريادة