في خطوة تاريخية تعكس تحولاً استراتيجياً في السياسة اليمنية، أعلنت وزارة الخارجية في صنعاء رفضها القاطع لقرار مجلس الأمن الدولي الأخير بتجديد العقوبات على اليمن. لم يكن هذا الرفض مجرد بيان دبلوماسي تقليدي، بل كان إعلاناً صريحاً عن ميلاد مرحلة جديدة في العلاقات الدولية، حيث ترفع صنعاء سقف المواجهة مع القوى الدولية إلى مستوى غير مسبوق.


تفكيك شرعية القرار الدولي
ما قامت به الخارجية اليمنية ليس مجرد اعتراض على قرار، بل هو تفكيك لشرعية آلية صنع القرار الدولي ذاتها. فرفض الاعتراف بقرار مجلس الأمن – الذي تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا – يمثل ضربةً لنظام الهيمنة الدولية القائم. لقد أرسلت صنعاء رسالة واضحة مفادها: “لا شرعية لقرار يصدر عن أطراف منحازة تضع نفسها خصماً وقاضياً في آن واحد”.
نهاية لعبة لجان الخبراء
بيان الخارجية اليمنية كان قاسياً وحاسماً تجاه ما سمَّته “لجنة الخبراء الأممية”، معتبراً إياها أداةً منحازةً في يد القوى الكبرى. هذا الموقف يمثل انقلاباً على آلية كانت تُستخدم لعقود كأداة ضغط سياسي تحت غطاء أممي. إنه إعلان لموت أدوات الهيمنة الناعمة، ورفضٌ صريح لأن تكون سيادة اليمن ومصالحه رهينةً لتقارير لجان مُسيَّسة.
لغة الردع والتحذير
العبارة الأكثر وقعاً في البيان كانت التحذير الواضح: “أي محاولة للإضرار بمصالح اليمن ستواجه بالقوة”. هذه العبارة تحمل عدة دلالات:
· التحول من الدفاع إلى الردع: لم تعد صنعاء تنتظر حتى تُهاجم، بل أصبحت تعلن مقدماً قدرتها واستعدادها للرد.
· الاستناد إلى سجل عملي: التحذير يأتي بعد سلسلة من العمليات العسكرية التي أثبتت فيها صنعاء قدراتها.
· توسيع نطاق الردع: الرسالة موجهة ليس فقط للقوى الدولية، بل أيضاً للأطراف الإقليمية التي قد تُقدِم على استهداف مصالح اليمن.
نحو نظام إقليمي جديد
المتأمل في هذا الموقف يرى أن صنعاء لم تعد تتعامل كدولة محاصرة تطلب رفع العقوبات، بل كقوة إقليمية فاعلة ترفض هذه العقوبات من أساسها. هذا التحول يعكس:
· نضج المشروع السياسي: من حركة مقاومة إلى دولة قادرة على فرض معادلات جديدة.
· تغير موازين القوى: انزياح في ميزان القوى الإقليمي لصالح محور المقاومة.
· إعادة تعريف السيادة: السيادة لم تعد مجرد شعار، بل أصبحت ممارسة فعلية في العلاقات الدولية.
خاتماً ما نشهده اليوم في اليمن هو بروز نموذج جديد للدولة التي ترفض الانصياع للهندسة الإقليمية القديمة. صنعاء تُعلن أن اليمن الجديد يُصَنِّع نفسه بقوة الموقف وبقوة السلاح، وأن الزمن الذي كانت فيه القرارات الدولية تُفرض عليه دون حساب قد ولى. فالرسالة واضحة: السيادة أولاً، والكرامة قرار، والردع خيار. وهذه معادلة لن تُلغى ببيان دولي أو بقرار عقوبات.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

جبران للعمل الدولية: التفتيش 27 ألف منشأة لضمان تطبيق القانون الجديد

عقد محمد جبران وزير العمل اجتماعًا ثنائيًا مع السيدة مانويلا تومي، مساعد المدير العام للحوكمة والحقوق والحوار بالمنظمة، تناول خلاله مستجدات التعاون المشترك ودعم المنظمة لجهود مصر في تطوير تشريعات وسياسات العمل.

وخلال اللقاء، أعرب الوزير عن تقديره للدعم الفني الذي قدمته منظمة العمل الدولية أثناء دراسة مشروع قانون العمل الجديد قبل صدوره، مؤكدًا أن هذا الدعم كان له دور مهم في تعزيز الامتثال لمعايير العمل الدولية، وأن الدولة المصرية حرصت على أن يأتي القانون متوافقًا تمامًا مع الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر. كما شدد الوزير على حرصه على عرض جميع القرارات التنفيذية للقانون على المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي، الذي يضم نخبة من الخبراء وممثلي العمال وأصحاب الأعمال بما يعكس تنوعًا فكريًا ونقابيًا واسعًا.

وأوضح الوزير أن قانون العمل الجديد، الذي صدر في مايو ودخل حيز النفاذ في 1 سبتمبر 2025، جاء بعد حوار اجتماعي موسع شاركت فيه منظمات العمال وأصحاب الأعمال والمجتمع المدني، مشيرًا إلى أن القانون يمثل خطوة كبيرة في تعزيز حماية حقوق العمال وتحقيق التوازن بين طرفي علاقة العمل، إضافة إلى ضمان الامتثال للمعايير الدولية. وقد تضمن القانون نصوصًا صريحة لحظر التحرش والعنف والتنمر في بيئة العمل، ووضع آليات واضحة لتلقي الشكاوى وإنفاذ القانون والتدابير الوقائية اللازمة. كما ألغى القانون عقوبة الفصل بسبب الإضراب المخالف للقانون، ومنح حماية أكبر للمرأة العاملة والطفل والأشخاص ذوي الإعاقة، وأنشأ محاكم عمالية متخصصة لضمان سرعة الفصل في النزاعات من خلال قضاة متخصصين. وتضمن القانون فصلًا كاملًا لتنظيم أنماط العمل الجديدة مثل العمل عن بُعد والعمل من خلال المنصات الرقمية وتقاسم العمل، بالإضافة إلى توفير حماية واسعة للعمالة غير المنتظمة والعاملين في الاقتصاد غير المنظم.

وفيما يتعلق بإنفاذ القانون، أكد الوزير أن الوزارة تنفذ حملات مكثفة لضمان التطبيق السليم للقانون، وأنه يترأس بنفسه بعض هذه الحملات لتوجيه رسالة واضحة بأن القوانين صدرت لتُنفذ، مشيرًا إلى أن هذه الحملات تُنفّذ إلى جانب التفتيش الدوري وبحث الشكاوى. كما أوضح أنه منذ شهر أكتوبر فقط، تم التفتيش على ما يقارب 27 ألف منشأة، حيث مُنحت بعض المنشآت مهلة لتصويب أوضاعها، بينما تم تحرير محاضر بشأن المخالفات الأخرى.

وتناول الوزير أيضًا مشروع القانون الجديد الخاص بالعمالة المنزلية، موضحًا أنه يستهدف تقديم حماية قانونية واجتماعية لفئة ضعيفة ومهمشة تحتاج إلى هذه الحماية، وأن تصميم آليات تفتيش وإنفاذ للقانون يجب أن يراعي طبيعة مكان العمل وهو "المنزل الخاص"، وهو ما يبرر وضع تشريع منفصل لهذه الفئة.

كما أكد معاليه النجاح في تفعيل دور المجلس الأعلى للتشاور الاجتماعي بتشكيل متوازن بين أطراف العمل الثلاثة، وبتمثيل متنوع للنقابات المنضمة وغير المنضمة واللجان النقابية المستقلة، بالإضافة إلى أعضاء مراقبين من المجالس القومية، موضحًا أن القانون منح المجلس شخصية اعتبارية مستقلة وموازنة خاصة لضمان استقلاله ودوره.

ومن جانبها، هنأت السيدة مانويلا تومي مصر على صدور قانون العمل الجديد، مؤكدة أنه قانون طموح ويتماشى مع التطورات الحديثة في عالم العمل. وأعربت عن سعادتها بإدراج نصوص لحظر التحرش والتنمر والعنف في بيئة العمل، ورحبت بإلغاء القيود السابقة على ممارسة الإضراب باعتباره وسيلة مشروعة يلجأ إليها العمال في حالات التعسف. كما أشارت إلى أن تجارب الدول تختلف في شأن تنظيم العمالة المنزلية بين إدراجها في قانون العمل أو سن تشريع مستقل، مؤكدة تفهمها للتحديات المتعلقة بالتفتيش داخل المنازل الخاصة، ومبدية استعداد المنظمة لنقل التجارب الدولية لمصر للاستفادة منها. واختتمت حديثها بالتأكيد على تقديرها للتعاون المثمر مع مصر، وتطلعها لتعزيزه في مجالات الحوكمة وحماية الحقوق والحوار الاجتماعي.

وتؤكد وزارة العمل استمرار تعاونها الوثيق مع منظمة العمل الدولية بما يدعم تطوير منظومة العمل في مصر ويُعزز حماية حقوق جميع العاملين.

طباعة شارك وزارة العمل قانون العمل منظمة العمل

مقالات مشابهة

  • أتزعجكم براءة اليمن ورجولته يا أسقط متآمرين وأحط فاسدين على وجه الأرض
  • جبران للعمل الدولية: التفتيش 27 ألف منشأة لضمان تطبيق القانون الجديد
  • “ستراتفور” الأمريكي: أي هجوم لـ “تل ابيب” ضد اليمن سيتسبب بعودة هجمات قوات صنعاء ضد السفن المرتبطة بإسرائيل
  • تعرف على قدرات F-35 الأكثر تطوراً وفتكاً في العالم.. المقاتلات التي تثير رعب الحوثيين في اليمن
  • لقاح ينهي كابوس الإيدز.. خطوة تاريخية نحو القضاء على الفيروس
  • ندوة فكرية بجامعة صنعاء: اليمن أسقط أسطورة الردع الصهيوأمريكي وكشف خلله الاقتصادي
  • نافذة- أبرز المؤشرات التي تكشف حجم الأزمة الغذائية في اليمن
  • أسعار الصرف اليمن اليوم الاثنين 17 نوفمبر
  • جاهزية كاملة وتنقّلات مكثفة.. المنتخبات اليمنية تستعد لاستحقاقات آسيوية وعربية وخليجية