الحقيقة التي لم يذكرها البرهان في وول ستريت جورنال..!
تاريخ النشر: 27th, November 2025 GMT
عبدالمنعم النور
لم يكن مقال الفريق عبدالفتاح البرهان في صحيفة (وول ستريت جورنال) مجرد قراءة سياسية للأزمة السودانية، بل محاولة واضحة لتصحيح صورته أمام العالم، وتنظيف سجل مثقل بالانتهاكات التي امتدت لعقود. المقال بدا كأنه إعادة إنتاج لخطاب يريد صاحبه أن يختصر الحقيقة في سطر واحد: أن الحرب الحالية اندلعت؛ لأن قوات الدعم السريع “تمرّدت على الدولة”.
فالبرهان، الذي يكتب اليوم بلغة المنتصر الأخلاقي المدافع عن الدولة، هو نفسه الضابط الذي عمل في عمق دارفور خلال سنوات الإبادة الجماعية، وهو نفسه الذي سمّى نفسه يومًا “رب الفور” في إقليمٍ مزقته العمليات العسكرية التي أشرفت عليها القوات المسلحة والجنجويد معًا. وحين يقول في مقاله إن قوات الدعم السريع “نشأت كميليشيا مستقلة، وتطورت بعيدًا عن الدولة”، فإنه يتعمّد القفز فوق دوره الشخصي في تكوين هذه القوة، وفوق الوثائق التي تثبت أن الجنجويد كانوا يتحركون بأوامر عسكرية مباشرة من قيادات المنطقة، وفي مقدمتهم عبدالفتاح البرهان. كانت تلك السنوات مرحلة مفصلية أسست لكل ما يجري اليوم، حين انفتحت أبواب دارفور للنار والعنف والتطهير، وراح ضحيتها نحو 300 ألف إنسان بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
والحديث عن جذور الحرب لا يمكن أن يُختصر في أبريل 2023 كما فعل البرهان، لأن جذورها تمتد إلى بدايات الألفية الثالثة، حين واجه نظام الحركة الإسلامية مطالب أهل دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق بالحديد والنار، فقصفت القرى بالطائرات، وأحرقت المزارع، ودمرت آبار المياه، وارتكبت جرائم إبادة جماعية موثقة لدى الأمم المتحدة، راح ضحيتها نحو 300 ألف قتيل وأكثر من 2.5 مليون مشرد حسب تقديرات 2008. في تلك السنوات، كان البرهان أعلى مسؤول عسكري في المنطقة، وكان يشرف على العمليات التي نفذتها القوات النظامية والجنجويد معًا، وهي المليشيات نفسها التي يتنصل منها اليوم، ويصفها بأنها “قوة متمردة”.
لكن أحد أهم الأسباب التي ولّدت حميدتي وبنت قوته، هو انهيار المؤسسة العسكرية نفسها؛ بسبب سياسات النظام الذي كان البرهان أحد أعمدته. فمع اشتعال حروب الأطراف رفض أبناء دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق الالتحاق بالجيش، حتى لا يشاركوا في قتل ذويهم، فانخفض التجنيد إلى مستويات خطيرة. ولتعويض النقص الحاد في العنصر البشري، لجأت الدولة إلى خيارها الأخطر: الاعتماد على مليشيات الجنجويد بقيادة الشاب محمد حمدان دقلو. وهنا لعب البرهان دورًا محوريًا، فقد كانت العلاقة بينه وبين قادة الجنجويد علاقة مباشرة، وكان هو من ينسق معهم العمليات على الأرض، الأمر الذي مكّن حميدتي مبكرًا من فهم توازنات القوة داخل الدولة.
ومن هنا لم يهبط حميدتي من السماء، ولا نشأ “خارج الدولة” كما يريد البرهان أن يوهم القرّاء، بل صعد من صميم هندسة أمنية شارك فيها البرهان وصلاح قوش وعمر البشير. وفي 2013، وبمبادرة من جهاز الأمن، وُلد الاسم الجديد: قوات الدعم السريع، قوة تُصنَّف على الورق كقوة تتبع الدولة، لكنها في الواقع جهازٌ موازٍ بُني حول الولاء الشخصي. وبعد عام واحد فقط، تم منح هذه القوات شرعية قانونية دستورية، وبدأت الأموال تتدفق على حميدتي لبناء قوة قتالية ضخمة قوامها أكثر من 150 ألف مقاتل. كانت تلك القوة بالنسبة للبشير “أفضل قرار اتخذه في حياته”، كما قال بنفسه، لأنها وفرت له جيشًا بديلًا بالولاء المطلق.
ولم يكن البرهان بعيدًا عن هذا البناء، بل كان شريكًا أصيلًا فيه؛ فهو الذي نسق مع الجنجويد في دارفور، وهو الذي شارك في الاتفاق الذي تم بين حميدتي وصلاح قوش، وهو الذي صعد إلى موقع القيادة مستفيدًا من القوة التي خلقها هذا التحالف العسكري المزدوج.
صعود حميدتي إلى قمة السلطة لم يكن صدفة، ولم يكن معجزة لشخص محدود التعليم، بل كان نتيجة طبيعية لفراغ كامل في مؤسسات الدولة صنعته الحركة الإسلامية عن عمد. فقد أُقصي كبار الضباط، وأحيل الأكفاء للصالح العام، وحل محلهم أهل الولاء، بينما تكدست ثروات الدولة في حسابات ضيقة، وتلاشت مؤسسات الرقابة، وانهارت القيم المهنية داخل الجيش والأمن، ووجدتُ الساحة مهيأة لرجل يملك السلاح والرجال والذهب.
وعندما جاءت ثورة ديسمبر، لم يعد ممكناً تجاهل حميدتي. شاركت قواته في فض اعتصام القيادة العامة في جريمة هزت الضمير العالمي، ثم أصبح الرجل نائبًا لرئيس مجلس السيادة، شريكًا في كل الملفات، وممثلًا للدولة في الإقليم. ومع الزمن أصبح أكثر بروزًا من البرهان نفسه، يمتلك شركات، وحدود، وذهب، وإعلامًا، وعلاقات دولية مفتوحة، الأمر الذي أثار غضب المؤسسة العسكرية التي رأت في صعوده تهديدًا وجوديًا.
ومع ذلك، عندما انهار نظام البشير، لم يكن الجيش بقيادة البرهان بعيدًا عن اللعبة، بل شارك حميدتي في إسقاط البشير نفسه، ووقع معه على كل الاتفاقات التي جاءت بعد الثورة. لقد كانت العلاقة بينهما شراكة كاملة، قبل أن تتحول — كما هو متوقع في الأنظمة غير المؤسسية — إلى صراع دموي على السلطة.
لهذا فإن محاولة البرهان اليوم تصوير الحرب كـ“تمرّد ميليشيا” تتجاهل جوهر الحقيقة: الطرفان ولدا من النظام نفسه، والاثنان شريكان في صناعة القوى التي تدمّر السودان اليوم.
ما يسميه البرهان “خيانة الدعم السريع” هو في الحقيقة نتيجة طبيعية لسياسات هندسها بنفسه حين كان يعمل في دارفور، ثم حين أصبح قائدًا عامًا بعد الثورة، ثم حين انقلب على الحكومة المدنية في 25 أكتوبر 2021، وأعاد البلاد إلى الحكم العسكري، ودفن آخر أمل في انتقال مدني كان يمكن أن يمنع الحرب.
ورغم أن البرهان حاول في مقاله أن يقدم نفسه كقائد حرّ القرار، إلا أن الواقع طوال السنوات الماضية أثبت أنه أسير كامل لمنظومة الحركة الإسلاموية التي أعادت إنتاج نفسها داخل مؤسسات الدولة بعد الثورة. فالبرهان لم يكن يومًا صاحب قرار مستقل، بل كان يتحرك وفق ما ترسمه له مراكز القوى داخل هذا التنظيم، ويعود إليها في كل خطوة قبل الإقدام عليها، من انقلاب 25 أكتوبر إلى شكل إدارة الحرب. وهذه الحقيقة الجوهرية التي يعرفها السودانيون، ويتناقلها الداخل والخارج، لم يجرؤ البرهان على ذكرها في مقاله، لأنها تكشف حدود دوره، وأنه لا يملك زمام أمره كما أراد أن يصوّر للعالم.
وفي النهاية.. السودان لا يحتاج إلى روايات تبرئة يكتبها البرهان في الصحف الغربية، بل يحتاج إلى مواجهة الحقيقة، أن الحرب الحالية هي حصاد مرّ لمنظومة كاملة شارك البرهان وحميدتي معًا في بنائها، وأن السودان لن يخرج من النفق ما لم يدرك العالم أن أصل الكارثة بدأ في دارفور عام 2003، حين كانت القيادة العسكرية، وعلى رأسها البرهان تشرف على الجنجويد الذين صاروا لاحقًا دعمًا سريعًا، قبل أن ينقلب الابن على الأب، وتشتعل البلاد في صراع لم يكن يومًا صراعًا بين دولة وميليشيا، بل بين قوتين خرجتا من الرحم نفسه.
من المفارقة أن يختم عبدالفتاح البرهان مقاله بعبارة “السلام لا يُبنى على الأوهام”، بينما أكبر الأوهام هي الرواية التي قدّمها في مقاله نفسه، متجاهلًا دوره المركزي في صناعة الجنجويد، وتأسيس الدعم السريع، وإشعال الصراع الذي يريد اليوم أن يحمّل تبعاته للآخرين. الحقيقة التي يتحدث عنها لا يمكن أن تكون حليفًا للسودان إلا إذا شملته هو أولًا، واعترف بمسؤوليته التاريخية في ما جرى، لأن السلام لا يقوم على إخفاء الماضي، بل على مواجهته.
[email protected]
الوسومعبدالمنعم النورالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الدعم السریع فی دارفور فی مقاله لم یکن
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: من منصة الجيش إلى طاولة التفاوض
تبدو ردود الأفعال على خطاب الرئيس البرهان أمام قادة الجيش، وعلي المبادرة السعودية – الأمريكية، أقرب إلى لوحة سريالية متعددة التكوين، تتفاعل فيها الحسابات السياسية مع التوازنات الإقليمية والدولية مع نبض الشارع السوداني الذي أصبح لا يحتمل مجرد الحديث عن عودة المليشيا.
منصة الجيش التي اختارها البرهان بذكاء شهدت ، حضور جميع القادة العسكريين، كبار الضباط، وقادة الوحدات ، و مساعدو القائد العام، وهيئة الأركان، وقادة المخابرات والشرطة ولم يغيب عنها إلا الفريق الكباشي الذي يتعافى بالقاهرة ،هذا الجمع المتكامل أرسل رسالة مزدوجة: أولًا للداخل، بأن الجيش وكافة القوات موحدة ومستعدة لمواجهة التمرد ، وثانيًا للخارج، بأن فرض أي حل دون مراعاة سيادة الدولة سيكون مرفوضًا.
فمن جانب المؤسسة العسكرية، من المتوقع أن يظهر تماسك أكبر حول خطاب البرهان، لأن الخطاب أعاد تثبيت سردية الحرب بوصفها معركة دفاع عن الدولة لا عن السلطة. هذا النوع من الخطابات يُنتج عادةً ارتفاعًا في ثقة القادة الميدانيين، ويزيد من التماسك الداخلي، لكنه في الوقت نفسه يرفع سقف التوقعات العسكرية، مما قد يجعل أي تنازل لاحق في التفاوض أكثر حساسية داخل الجيش نفسه . إلا أنّ الجيوش التي خاضت حربًا طويلة غالبًا ما تدرك أن الصلابة في الخطاب لا تلغي الحاجة إلى مخرج سياسي.
ففي حديث البرهان عن “استمرار المعركة حتى استعادة الدولة” ، كان واضحًا أنه لا يتحدث إلى قواته فقط، بل إلى المجتمع الدولي، وإلى خصومه، وإلى القوى السياسية التي تنتظر تحديد ملامح ما بعد الحرب.
هذا الخطاب لا يمكن فهمه بمعزل عن عودة منصة جدة إلى الواجهة، فالقائد العام أراد أن يذكّر بأن المؤسسة العسكرية ليست طرفًا يمكن تجاوزه، وأن الدخول في أي مسار تفاوضي لا يُبنى على وهم الهدن المجربة، بل على ميزان قوي واقعي يحدّد شكل النهاية ومواقيتها.
لهذا جاءت الرسالة واضحة: الجيش، مهما تعددت الضغوط، يرى نفسه الضامن الوحيد لوحدة الدولة وصاحب الكلمة العليا في ترتيبات الانتقال القادمة، في ظل ضعف الأحزاب السياسية وانقسامها.
في الداخل، خطاب البرهان عزّز تماسك الجبهة الداخلية، وأرسل إشارات واضحة إلى الشارع السوداني والقوى السياسية بأن الجيش لن يسمح بتكرار تجارب الماضي، وأن أي طرف مدني أو سياسي لا يحترم سيادة الدولة لن يكون جزءًا من مستقبل التفاوض. في المقابل، مليشيا الدعم السريع وجدت نفسها أمام سقف واضح: لا سلام مع بقاء المليشيا قوة مستقلة في المدن أو خارج إطار الدولة، مع تهديد ضمني بإمكانية التحرك العسكري لاستعادة السيطرة على المناطق الساخنة في كردفان ودارفور.
لكن هذا الخطاب، بما يحمله من صلابة، لا ينفي حقيقة أخرى أكثر تعقيدًا. فإشارة البرهان إلى أنّ “المعركة ليست معركة الجيش وحده” تعكس إدراكًا بأن الحرب ، لن تُحسم عسكريًا فقط، وأن التفاوض لن يكون هزيمة إذا أتى في صيغة تحفظ وحدة البلاد وتوازناتها وسيادتها.
الخطاب ركّز على أن السعودية تُعتبر طرفًا محايدًا وقادرًا على إعادة ضبط ميزان التفاوض، بينما الإمارات وُضعت تحت الضوء باعتبارها طرفًا منحازًا، وأن أية وساطة تشارك فيها أبوظبي ستكون محل رفض.
إقليميًا، ستراقب السعودية خطاب البرهان بعينٍ مزدوجة: عين تثمّن رسالته بشأن وحدة الدولة والمؤسسة العسكرية، وعين أخرى تبحث عن مؤشرات انفتاح على المسار السياسي. فهي تدرك أن الصلابة العسكرية مطلوبة لفرض الجدية داخل التفاوض، لكنّها تدرك أيضًا أن أي تشدد قد يعقّد فرص النجاح. لذلك ستعمل الرياض على ربط الخطاب بتصور عملي لإجراءات بناء الثقة، مع تحييد الأطراف التي تحدث عنها البرهان منها المبعوث الامريكي مسعد بولس.
أما الولايات المتحدة فستنظر إلى الرسائل الواردة في الخطاب عبر منظور براغماتي: هل يعني هذا أن الجيش مستعد للتفاوض وفق ضمانات واضحة؟ أم أن الخطاب يكرّس مرحلة جديدة من الإصرار العسكري؟ وفي الأغلب ستعتمد واشنطن على تقييماتها للوضع الميداني، لتقرأ مدى جدية الجيش في التحرك نحو المسار السياسي. وفي حال تبيّن لها أن الخطاب لا يتناقض مع نية الانخراط، ستعمل على تعزيز الضغط على الطرف الآخر للقبول بوقف إطلاق نار إنساني طويل الأجل.
وبالنسبة للإمارات، فمن المتوقع أن يكون رد فعلها أكثر حذرًا. فغيابها عن منصة المبادرة الجديدة قد يُفهم في أبوظبي على أنه إعادة رسم لموازين النفوذ في السودان. ومن ثمّ قد تحاول التأثير من وراء ستار لضمان استمرار دورها في أي ترتيبات مستقبلية، لكنّ قدرتها على المناورة ستكون أقل، بعد أن تغير المزاج العالمي عقب الانتهاكات الوحشية في الفاشر، وانكشاف دورها.
أما مصر فقد وُجهت لها رسالة ضمنية بضرورة إعادة تقييم موقفها، خصوصًا أن دعمها للرباعية لم يعد متوافقًا مع مصالح السودان الاستراتيجية. لذلك قد تتحرك مصر وتركيا وقطر باتجاه تقييم جديد للوضع. فالقاهرة ستقرأ خطاب البرهان بوصفه تثبيتًا لدور الجيش، وهو أمر يتوافق مع رؤيتها الثابتة للسودان، بينما ستنظر أنقرة والدوحة إلى المبادرة باعتبارها فرصة للانخراط إذا دُعيت، بالنظر الي التجربة القطرية في سلام دارفور و حفظ امن الإقليم .
تصريح الرئيس التركي أردوغان “رويترز” أضاف بعدًا جديدًا للمشهد، إذ أكد أن السودان طلب مشاركة أنقرة في جهود إنهاء الحرب وتحقيق السلام وأن أنقرة ستبذل قصارى جهدها في ذلك . دخول تركيا يُنظر إليه كرافعة توازن مهمة لا كبديل عن الوسطاء الخليجيين أو الأمريكيين، إذ يمنح الخرطوم مساحة تفاوضية أوسع ويخرجها من دائرة الضغط.
هنا يظهر بعد التحالفات المحتملة الذي يكتسب أهمية استراتيجية أكبر: السودان، بصموده، يحتفظ بخيارات واسعة نحو روسيا والصين، بما في ذلك القاعدة البحرية الروسية في البحر الأحمر، والتي تمنحه قدرة على خلق توازن إقليمي حقيقي في مواجهة محاولات الضغط الخارجي.
وتُبرز الخرطوم كلاعب قادر على حماية مصالحه وممراته البحرية، مع الحفاظ على مرونة في التحالفات. هذا التحرك الاستراتيجي يتيح للسودان أوراق قوة سياسية ودبلوماسية كبيرة، ويمنع أي طرف دولي من فرض حل قسري على شاكلة سيناريو الحل للحرب الروسية –الأوكرانية.
السيناريوهات المتوقعة لردود الفعل الخارجية تنقسم إلى ثلاثة مسارات: الأول، مسار تكيّف إيجابي من الولايات المتحدة والسعودية لتعديل صياغة المبادرة بما يراعي سيادة السودان، مع مشاركة تركية وقطرية كرافعة توازن. الثاني، مسار ضغط سياسي ودبلوماسي لإجبار الخرطوم على تنازلات جزئية. والثالث، سيناريو الجمود، حيث تستمر الحرب بوتيرة أقل لكنها أكثر تعقيدًا، ما قد يدفع السودان إلى توسيع خياراته في التسليح.
ومهما بدا خطاب البرهان حادًا، فإنه في جوهره إعلان موقف يُمهّد لمرحلة تفاوضية مشروطة، أكثر مما هو رفض مطلق لأي تسوية. فهو خطاب يرفع سقف التوقعات العسكرية من أجل تخفيض الكلفة السياسية لاحقًا.
هذه لغة مألوفة في سياقات ما قبل التفاوض، حيث تلجأ الأطراف إلى تعزيز صور قوتها قبل الدخول في أي اتفاق. غير أنّ الجديد فيه هو توقيته: فقد جاء في لحظة بدأ فيها المجتمع الدولي يعيد تقييم مواقفه ، ويفتح الباب أمام صياغة رؤية مشتركة لوقف النار، ثم الانتقال، ثم إعادة الإعمار.
بحسب #وجه_الحقيقة فإن خطاب البرهان أعاد تعريف قواعد التفاوض. السودان يرفض أي حل يترك المليشيا قوة في المدن، ويصر على انسحابها وتجميع سلاحها، ويؤكد أن أي تسوية سياسية يجب أن تُبنى على مؤسسات الدولة، لا على الوكلاء أو الوسطاء غير المحايدين. الطريق من منصة الجيش إلى طاولة التفاوض لن يكون سلسًا، لكنه بدأ يتشكل على أساس سيادة الدولة، وإرادة السودانيين .
دمتم بخير وعافية.
الثلاثاء 25 نوفمبر 2025م [email protected]
Promotion Content
بعد مماتك اجعل لك أثر في مكة سقيا المعتمرين في أطهر بقاع الأرض ورّث مصحفا من جوار الكعبة المشرفة
2025/11/25 فيسبوك X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة البرهان: حديث جهير وموقف وطني2025/11/25 أمريكا: ما بين السودان ونيجيريا2025/11/25 ثم ماذا بعد خطاب البرهان ؟؟2025/11/25 الدعم السريع يعلن هدنة من طرف واحد. وينتظر هو وداعميه (وبعض الحمقى) (..)2025/11/25 لا توجد جهة غير مليشيا الجنجويد تستهدف المواطنين2025/11/25 أمجد فريد الطيب: فعلا تباً للحرابة ومن أشعلها2025/11/25شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات الدعم السريع يخرج جكوك الخلا والمدن 2025/11/25الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن