لجريدة عمان:
2025-12-01@20:05:57 GMT

شبح الحرب في أفق المنطقة

تاريخ النشر: 1st, December 2025 GMT

رفعت الإجراءات العدوانية والاستفزازية التي يقدم عليها الكيان الصهيوني في لبنان وسوريا والعراق، من احتمال اندلاع حرب مدمرة في لبنان وفي عموم المنطقة.

مرّ عامٌ على إعلان وقف إطلاق النار في لبنان. خلال هذه الفترة التزم حزب الله التزاما كاملا ببنود وقف النار، ولم يُطلق رصاصة واحدة، في حين أن الجيش الصهيوني، وبشهادة قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان، انتهك وقف إطلاق النار أكثر من عشرة آلاف مرة، مستخدِمًا نيران المدفعية والغارات الجوية والطائرات المسيّرة، فدمّر قرى الجنوب اللبناني، وأودى بحياة أكثر من خمسمائة شهيد.

إن تحفّظ المقاومة وضبطها للنفس أمام كل هذه الاعتداءات يعود إلى أن الحكومة الرسمية في لبنان هي الجهة التي تتحمّل مسؤولية وقف إطلاق النار. غير الحكومة لجأت إلى التحرّك عبر الاتصالات بالولايات المتحدة، وباللجنة الخماسية المكلّفة بمتابعة الهدنة، وبالمنظمات الدولية، لكن هذه المساعي انتهت إلى طريق مسدود، وثبت أن سلوك المسارات القانونية والدبلوماسية غير مجد، وأن العدو لا يفهم سوى لغة القوة.

غير أن هجوم الجيش الصهيوني الأسبوع الماضي على مبنى في الضاحية الجنوبية لبيروت، واستشهاد «هيثم علي طباطبائي» أحد كبار قادة المقاومة، وأربعة آخرين من عناصر حزب الله، خلق واقعا جديدا يجعل استمرار ضبط النفس أمرا متعذّرا. تبيّن أن الكيان الصهيوني لا يعترف بأيّ حدّ أو سقف في مواصلة جرائمه، وأن الدولة اللبنانية عاجزة عن حفظ سيادتها والدفاع عن أرضها ومواطنيها، فلم يعد من مفرّ سوى أن تضع المقاومة حدا لصبرها وتتحمّل زمام المبادرة. وقد قال نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، في خطابه مساء الجمعة: «من حقّنا أن نردّ، ونحن من سيحدّد زمان الردّ». في المقابل هدّد الجيش الصهيوني قائلا إنه «سيردّ بقوة بالغة على أي محاولة من جانب حزب الله تمسّ أمن إسرائيل».

ولا يُعرَف على أي أساس يجري الكيان الصهيوني حساباته: هل يعتقد أن حزب الله قد ضعف ولم يعد قادرا على توجيه ردّ قوي؟ أم أنه، في إطار مخطط أوسع، يتعمّد استدراج حزب الله إلى مواجهة شاملة؟

اليوم يَطرح الجميع سؤالين أساسيين حول حجم ردّ حزب الله وتوقيته، ولا أحد يمتلك جوابا قاطعا، لكن يمكن إيراد بعض الاحتمالات في هذا السياق. فمن حيث حجم العملية، من الطبيعي ألا تقتصر على تبادل محدود للنيران أو إطلاق عدد من الصواريخ والطائرات المسيّرة، بل إن الردّ المنتظر من حزب الله يفترض أن يكون حاسما، موجعا، ورادعا. أمّا فيما يتعلّق بتوقيت الردّ، فثمة جملة من الملاحظات ينبغي التوقف عندها:

أولا، في الظروف الراهنة التي يكون فيها الجيش الصهيوني في حالة استنفار كامل، لا يمكن الإفادة من عنصر المفاجأة. ثانيا، البابا ليو الرابع عشر، زعيم الكاثوليك في العالم، في جولة في الشرق الأوسط. ومن البديهي أن تسعى المقاومة في هذه الأيام إلى الحفاظ على الهدوء احترامًا للبابا، ولا سيما مع مطالبة بعض الأوساط بأن يتوجّه إلى جنوب لبنان كي يطّلع مباشرة على معاناة سكان القرى الجنوبية جرّاء جرائم الكيان الصهيوني. وطبقًا للمعلومات المتوافرة، فقد طلبت الحكومة اللبنانية من إسرائيل وقف عملياتها العدوانية طوال فترة وجود البابا في لبنان، لكن الكيان الصهيوني رفض هذا الطلب حتى لا تتاح للبابا فرصة زيارة الجنوب.

أما التطور المهم الآخر فهو زيارة بدر عبد العاطي، وزير الخارجية المصري، إلى بيروت. الهدف الدقيق من هذه الزيارة غير واضح حتى الآن؛ ربما لدى مصر معلومات حول خطة عمليات واسعة يعدّ لها الكيان الصهيوني، وأن الوزير يحمل تحذيرًا إلى لبنان. عبد العاطي قال، بعد لقائه نبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني، إن على إسرائيل أن توقف اعتداءاتها لكي تتاح للجيش اللبناني فرصة القيام بمهامه.

وهنا يبرز مجددًا السؤال الأهم: إذا اندلعت حرب بين مقاومة لبنان والجيش الصهيوني، فهل ستظل هذه الحرب محصورة في حدود لبنان، أم ستتخذ طابعًا إقليميًا؟ الاحتمال الأقوى أن الحرب ستكون إقليمية. فـ«أنصار الله» والجيش اليمني أعلنا أنه في حال شنّ الجيش الصهيوني هجومًا على لبنان، سيُستأنَف تنفيذ عمليات الحصار البحري ضد الكيان دعمًا للمقاومة في لبنان. ومن جهة أخرى، ألن تتحرك فصائل المقاومة في العراق هي الأخرى؟

العراق يعيش اليوم مرحلة ما بعد الانتخابات، حيث تتنافس التيارات السياسية على تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر تمهيدًا لاختيار رئيس للجمهورية ورئيس للوزراء. في مثل هذه الظروف، بدأت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني تنفيذ إجراءات تهديدية على الساحة العراقية لثني قوى المقاومة عن التدخل لنصرة لبنان. فقد أقدما قبل يومين على تفجير حقل غاز قريب من مدينة السليمانية، وأغرق انقطاع الكهرباء الناجم عن هذا العمل التخريبي أجزاء واسعة من إقليم كردستان العراق في الظلام. وبعد ذلك، دخل عدد كبير من الضباط والعسكريين الأمريكيين، وربما الإسرائيليين أيضًا، إلى الإقليم بذريعة تقديم الدعم والحماية، فيما وُجِّهت أصابع الاتهام إلى الحشد الشعبي.

من ناحية أخرى، حلّقت عدد من الطائرات العسكرية التابعة للكيان الصهيوني، مساء الثلاثاء الماضي، في أجواء المحافظات الجنوبية للعراق حتى مشارف الحدود الإيرانية. ورغم أن الناطق باسم الجيش العراقي أعلن أن هذه الطائرات تعود إلى سلاح الجو العراقي وكانت في إطار تدريب، فإن هذا التفسير لم يكن مقنعًا على ما يبدو؛ إذ سارعت بعدها القوة الجوية الإيرانية إلى تنفيذ مناورات في المنطقة الحدودية، لتؤكد أن إيران في حالة استعداد كامل لمواجهة أي تهديد محتمل. في ضوء ما تقدّم، يمكن القول إن شبح الحرب بات مخيِّما على المنطقة، وإن أي خطأ في حسابات العدو قد يفضي إلى عواقب وخيمة على المنطقة ذاتها، وعلى العدو الصهيوني أيضًا.

محمد علي مهتدي، دبلوماسي إيراني سابق وباحث أقدم في قضايا الشرق الأوسط، ومشرف مجموعة «المجتمع والسياسة في لبنان» في مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط بطهران.

عن صحيفة إطلاعات الإيرانية

تمت الترجمة عن الفارسية باستخدام الذكاء الاصطناعي

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الکیان الصهیونی الجیش الصهیونی فی لبنان حزب الله

إقرأ أيضاً:

ما أسباب سعي إيران لترميم نفوذها في المنطقة رغم كل الضغوط الأميركية والإسرائيلية؟

 

كان لافتاً الموقف الإيراني الذي يمضي في التشدد بالنسبة إلى لبنان و”حزب الله” وسلاحه، بالتزامن مع ميل للتقارب مع كل من المملكة العربية السعودية، ومصر، بهدف المساعدة للتخفيف من الضغوط القصوى الأميركية- والإسرائيلية على إيران و”حزب الله” تحديداً في لبنان. لكن بماذا تفكر ايران بهذه المرحلة؟

 

إيران بحسب مصادر ديبلوماسية، تريد أن تنفذ سياسة ترميم نفوذها بعد الضربات التي تلقتها في هذا المجال. وتريد إعادة منظومتها وبناء نفوذها في المنطقة، بعد الحرب التي تعرض لها محورها منذ أكثر من سنتين. وتريد أن يستمر مردود دفع الأموال للعودة إلى منظومتها داخل البيئة الشيعية.

 

وتفيد هذه المصادر، أن الترميم للنفوذ الذي تريده إيران، وتأمل أنها تستطيع تحقيقه، هو على قواعد وأسس جديدة مختلفة. إيران بحسب المصادر الديبلوماسية، لا تريد حرباً، وخيارها عدم المواجهة، لكن إذا فُرضت عليها المواجهة، وإذا توسعت المعركة سيتم قلب المعادلة كلها، أي عبر دخول كل الجبهات في الإقليم في هذه المواجهة. لذلك يأتي “الترميم” على أسس مختلفة، وهي تتمثل بأمرين: الأول: الاعتراف بالواقع الجديد، والتعامل معه. والثاني: الحفاظ على وجود جماعات إيران وقرارها، على أن يكون السلاح قابل للحل عبر المعادلة السياسية في الداخل، وتكريس موقع لها، في الداخل. أي تكريس موقع ل”حزب الله” في الداخل، مقابل سلاحه. وهذا يشكل جزءاً من الترميم.

وأوضحت المصادر الديبلوماسية، أن المنحى التي تعتقد إيران أنها قابلة للسير به يبدأ إقليميًا من العلاقة المتجددة مع المملكة العربية السعودية. وهي جدية معها في العلاقة، لا سيما وأن الرياض قادرة على التخفيف من حدة الضغوط الأميركية، كما ترى إيران. ويتخلل ذلك، إثبات إيران انفتاحها على جيرانها من الدول العربية، ما ينعكس على كل المحيط.

 

وبالتالي، يريد الإيراني خلق مساحة مشتركة مع السعودية، وتعزيزها. وتدرك إيران أنها حالياً ليست في موقع فائض قوة، فهي تسير بواقعية مع المملكة، وبدلاً من الصراع يمكن بناء هذه المساحة المشتركة.

 

وأوضحت المصادر، أن لا مشكلة إيرانية مع مبدأ التطبيع مع اسرائيل، وأن مصر والأردن ذهبتا إلى ذلك. لكن هي ترى أن لبنان يسير إليه، وفق الشروط الإسرائيلية. وهذا تعتبره إيران أسوأ بكثير من أية دولة دخلت السلام. وهي تعتقد أن الإمارات العربية المتحدة، التي تمثل الرئة الاقتصادية لإيران، لا تريد طهران أن تتحول إلى تهديد أمني إسرائيلي لها، بينما هناك فارقاً مع دول “المحور الإيراني” في ذلك، حيث توجد شروط للسلام، في مقدمها الاحتفاظ بدور إيران وحصتها في الإقليم، وفي الدول المعنية بذلك.

 

منذ سنوات كانت إيران قد طرحت تسوية، على أن يحصل عليها تعديلات مع الزمن، في اتجاه التوصل إلى اتفاق عدم اعتداء. والأغلب أن ما كانت تطرحه هو اتفاق يشبه اتفاق نيسان 1996. على أن تكون مدة الاختبار لنجاحه عشر سنوات، ويتضمن ترسيماً لمزارع شبعا. وكان ثمة بحث أميركي -إيراني في المسألة وان بصورة غير مباشرة، وكان “حزب الله” في هذا الجو. وكانت هناك أجواء في 2007 حول مباحثات سورية- إسرائيلية، والإيراني في جوها أيضاً. كل النفوذ الذي تسعى إيران لتحقيقه حتى الآن، وفقاً للمصادر، وعلى الرغم من السعي الأميركي- الإسرائيلي لإضعاف نفوذها، هو بهدف حفظ موقع لها في المنطقة في إطار التسوية الكبرى التي ستأتي يوماً ما.

لذلك لا تزال إيران تضغط على لبنان للإبقاء على نفوذها فيه. ويضغط الأميركيون على السلطة لحصر السلاح بيد الدولة .

مقالات مشابهة

  • ما أسباب سعي إيران لترميم نفوذها في المنطقة رغم كل الضغوط الأميركية والإسرائيلية؟
  • عن الحرب بين لبنان وإسرائيل... ماذا قالت صحيفة؟
  • بين سلام البابا ورسالة حزب الله.. هل تحيِّد زيارة بيروت شبح الحرب؟
  • حماس: العدوان الصهيوني لم يتوقف والوساطات الدولية مسؤولة عن وقف الانتهاكات
  • قائد الجيش الإيراني يعلن التأهب لسحق الكيان بعد انضمام “كردستان” للأسطول البحري
  • القائد العام للجيش الإيراني يهدد بـ رد حاسم وساحق ضد الكيان الصهيوني
  • مطلوب أطلق النار على نقيب في الجيش... إليكم تفاصيل ما جرى في ضهر البيدر
  • لبنان عالق بين إيران وإسرائيل... هل اقتربت الحرب؟
  • لأول مرة.. الجيش الإيراني يكشف تفاصيل حدثت خلال حرب الـ12 يوما مع الكيان الصهيوني