طور لقاح جديد آمالاً واعدة في الوقاية من مرض السعال الديكي، وهو مرض شديد العدوى يصيب الجهاز التنفسي ويتسبب بمضاعفات خطيرة، خاصة لدى الأطفال الصغار.

تمثل الدراسة، التي أُجريت بالشراكة بين جامعة ساوثهامبتون ومستشفى ساوثهامبتون الجامعي وجامعة أكسفورد، إنجازاً علمياً بارزاً. ولأول مرة، أثبت الباحثون قدرة اللقاح على منع البكتيريا المسببة للسعال الديكي من التواجد في الأنف والحلق، مما يُخفض احتمال انتقال العدوى بين الأفراد.

أوضح البروفيسور روبرت ريد، قائد الدراسة، أن هذا الاكتشاف "يعد خطوة رئيسة نحو وقف انتشار المرض"، بتأكيد فعالية اللقاح في منع استعمار البكتيريا البشرية.

تفاصيل التجربة العلمية

تضمنت الدراسة اختبار لقاح BPZE1، الذي يعتمد على نسخة ضعيفة من البكتيريا المسببة للسعال الديكي. ويُعطى هذا اللقاح عبر بخة واحدة داخل الأنف. اجتذبت التجربة 53 متطوعًا بالغًا، تم تقسيمهم لتلقي اللقاح أو دواء وهمي. بعد ذلك، تعرض المشاركون للبكتيريا تحت مراقبة دقيقة لمدة 16 يومًا داخل منشأة مخصصة للحجر الصحي، حيث تم جمع العينات ومراقبة استجابتهم الصحية.

أظهرت النتائج أن اللقاح يتمتع بسلامة عالية دون ظهور أي آثار جانبية خطيرة. كما لوحظ انخفاض كبير في مستويات البكتيريا في الأنف لدى الأغلبية ممن تلقوا اللقاح، مما يحد من مخاطر انتقال العدوى. إضافة إلى ذلك، حفز اللقاح استجابات مناعية قوية سواء في الأغشية الأنفية أو مجرى الدم، مما يشير إلى إمكانية توفير حماية طويلة الأمد.

أهمية اللقاح لمواجهة الانتشار الوبائي

حاليًا، تُعتبر لقاحات السعال الديكي جزءًا من جدول التطعيمات الروتينية للأطفال. إلا أن هذه اللقاحات لا تضمن الحماية مدى الحياة ولا تمنع انتقال البكتيريا بين الأفراد. ومع تطور لقاح BPZE1، يصبح هناك نهج مختلف وأكثر شمولية لمكافحة المرض؛ حيث يمكنه الحد من استقرار البكتيريا في الأنف والحلق، ما يساهم في تقليل انتشار العدوى ويوفر حماية طويلة الأمد لفئات عمرية مختلفة.

تمثل هذه النتائج قفزة نوعية في الجهود العالمية للسيطرة على السعال الديكي، وتفتح الأبواب أمام تحسين استراتيجيات الوقاية من هذا المرض الخطير.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مرض السعال الديكي الجهاز التنفسي الاطفال جامعة أكسفورد انتقال العدوى البكتيريا السعال الدیکی

إقرأ أيضاً:

علماء يتوصلون لعلاج من أعماق البحار لمرض الأمعاء الالتهابي

يمثل الأسبوع الأول من شهر ديسمبر كل عام فرصة عالمية لتسليط الضوء على "داء كرون" و"التهاب القولون التقرحي"، وهما من أبرز الأمراض المصنفة تحت مظلة "داء الأمعاء الالتهابي" (IBD).

تشهد أعداد المصابين بهذا المرض المزمن نمواً ملحوظاً، إذ ازدادت بشكل كبير منذ عام 1990. ويتميز المرض بالتهاب مستمر في القناة الهضمية مصحوب بأعراض منهكة تشمل آلام البطن الشديدة، الإسهال الحاد، والنزيف وتُعد الفئة العمرية بين 15 و39 عاماً الأكثر عرضة للإصابة، مما يبرز الحاجة إلى جهود متزايدة لتطوير حلول علاجية أكثر فاعلية.

إزاء تحديات العلاج التقليدي الذي يفشل في تحقيق استجابة كافية لدى نسبة كبيرة من المرضى أو تظهر مقاومة لدى البعض، يتوجه العلماء نحو مصدر طبيعي مبتكر: الطحالب البحرية.

منذ عام 2021، انطلق مشروع بحثي طموح تحت اسم Algae4IBD، يهدف إلى استكشاف الإمكانات الواعدة لهذه الكائنات البحرية، بدءاً من الطحالب الدقيقة وصولاً إلى الأعشاب البحرية، في علاج أمراض الأمعاء الالتهابية بطرق غير تقليدية.

يرتكز المشروع على دراسة أكثر من ألف سلالة طحلبية بهدف العثور على مركبات طبيعية ذات خصائص فريدة تساعد على تهدئة الالتهابات المزمنة، وتحسين توازن ميكروبيوم الأمعاء الصحي، ومكافحة الاختلالات البكتيرية التي تُعد من العوامل المؤثرة في المرض.

وفي إطار التعاون الدولي، تقوم فرق بحثية متعددة بتوظيف مهاراتها لتحقيق تقدم ملموس. ففي ميلانو الإيطالية، يتم اختبار مستخلصات الطحالب على أنسجة مأخوذة من 55 مريضاً، بينما يقوم شركاء صناعيون في فرنسا وأيرلندا بتحويل الاكتشافات إلى منتجات غذائية وظيفية تضم حلوى الجيلي الصحية والمخبوزات والزبادي المدعّم الغني بالفوائد الغذائية. ولضمان جودة عالية وأداء موثوق، تُزرع الطحالب في أنظمة داخلية متقدمة تحاكي بيئتها الطبيعية تحت ظروف محكمة، ما يسهم في تسهيل استخدامها في المجالات الصيدلانية والغذائية مستقبلاً.

تشير النتائج الأولية للمشروع إلى خصائص مضادة للالتهابات أظهرتها مستخلصات الطحالب مع قدرة الجسم على تحملها بشكل إيجابي، رغم أن الفريق البحثي لا يزال يواجه تحديات لتحديد العناصر النشطة المسؤولة عن هذا التأثير الفعال، بهدف تطويرها كأدوية تخصصية أو مكملات غذائية تعزز الصحة.

تتجاوز أهمية المشروع حدود البحث عن علاج جديد؛ فهو يُعد نموذجاً للاستفادة المتكاملة من الموارد الطبيعية كالطحالب البحرية عبر مزج الحكمة البيئية مع الابتكار العلمي والتقنيات المتقدمة. ويسعى الباحثون أيضاً إلى تصميم "أطعمة خارقة" تجمع العديد من الفوائد الصحية من مكافحة الالتهابات وتعزيز المناعة وصولاً إلى خصائص البروبيوتيك والبريبايوتيك.

تأتي هذه المبادرات في وقت تتزايد فيه الحاجة الماسة إلى حلول مبتكرة تخفف من معاناة مرضى داء الأمعاء الالتهابي. ويبدو أن أعماق المحيطات تحمل بين طياتها وعداً جديداً لمستقبل مليء بالأمل لملايين المرضى حول العالم، بفضل إمكانات الطحالب البحرية الفريدة.
 

مقالات مشابهة

  • لقاح الهربس النطاقي يخفض خطر الوفاة نتيجة الخرف
  • دراسة: لقاح الهربس النطاقي يقلل خطر الوفاة بمرض الخرف
  • علماء يتوصلون لعلاج من أعماق البحار لمرض الأمعاء الالتهابي
  • البرازيل.. إنتاج أول لقاح بالعالم لعلاج «حمى الضنك»
  • علماء: جرعة ١ من لقاح الورم الحليمي البشري قد تكفي لمكافحة سرطان عنق الرحم
  • البرازيل.. ابتكار أول لقاح في العالم مضاد لحمى الضنك
  • لو عندى نزلة برد أعمل إيه؟.. الصحة توضح خطوات التعامل والوقاية
  • آلية دفاعية مذهلة.. هكذا يتخلّص النمل من العدوى القاتلة قبل انتشارها
  • أمل جديد لكبار السن.. لقاح قد يقلّل خطر الإصابة بالخرف أو يُبطئ تقدّمه