أين أصبحت أزمة ممر خور عبدالله بين الكويت والعراق؟
تاريخ النشر: 4th, September 2023 GMT
في 30 يوليو (تموز) الماضي، أجرى وزير الخارجية الكويتي سالم الصباح زيارة حاسمة لبغداد والتقى نظيره العراقي فؤاد حسين ورئيس الوزراء العراقي ومحمد شياع السوداني. وكان الهدف من الزيارة مناقشة العلاقات الثنائية بين البلدين، وتسوية النزاع الحدودي البحريّ الطويل الأمد والمثير للجدل حول ممر خور عبدالله المائي.
أسلوب الحكومات العراقية في حل هذه القضايا لم يحظَ بعد بدعمٍ يستند إلى الإجماع
وفي هذا الإطار، قال يريفان سعيد، باحث مشارك في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، ومحاضر في جامعة كردستان هولير، في مقاله بموقع مجلة "ناشونال إنترست": ما يزال هذا النزاع مصدراً أساسيّاً للخلاف بين البلدين. واكتسبت الزيارة الدبلوماسية أهمية خاصة نظراً لتوقيتها القريب من الذكرى الثالثة والعشرين للغزو العراقي للكويت في عام 1990 الذي ما زال يتردد صداه في ذاكرة المنطقة. فضلاً عن ذلك، تتزامن الزيارة مع تحولات داخلية عميقة في السلطة العراقية".
وأضاف سعيد أن "تداعيات هذه التطورات على الاستقرار الإقليمي جديرة بالملاحظة لأنها يمكن أن تؤثر على المشهد الجيوسياسي مُستقبلاً. وفي ضوء هذا الحراك المُعقَّد، يكتسب حل النزاع الحدودي البحري أهمية مُتزايدة، مما يؤكد الحاجة المُلحَّة لأن يتوصل البلدان إلى حلٍ بنّاء ودائم. النزاع الحدودي يعود لقرون
ويرجع النزاع الحدوديّ بين العراق والكويت إلى قرون ماضية. فقد أثَّرت الصراعات على الطرفين، وتدخلات القوى الاستعمارية، وتنافس القوى العظمى على الحدود الحالية بين البلدين. وحتى قبل اكتشاف النفط في المنطقة، ظلَّ الصراع الحدودي مسألةً مثيرة للجدل.
ورغم توقيع الاتفاقيات والإقرار بالكويت وسيادتها واستقلالها في الماضي، لم تتخلَّ الحكومات العراقية المختلفة قط عن مطالبها بأجزاء من الأراضي الكويتية. وتراوحت المطالبة العراقية بالأراضي الكويتية ما بين سيطرة كاملة وسيطرة جزئية، إذ عوَّلَت على الأغلب على الاستقرار السياسي لبغداد.
1990 wants their territorial dispute back.https://t.co/FGh7ZBwiYN
— Agent Max Remington, Americanist ???????? (@AgentMax90) September 4, 2023
فكلما استقرت بغداد سياسيّاً، كانت تُصعِّد مطالباتها بالأراضي الكويتية وترفض ترسيم الحدود بين البلدين، مما يفضي إلى المزيد من المشكلات للكويت. وفي الماضي، جرَّب العراق تكتيكات مختلفة لإرغام الكويت على التسوية.
وأرغم العراق الكويت أيضًا على التخلي عن جُزر بُوبيَان ووربة وفيلكا متذرعاً بأسباب أمنية وتجارية. ووافقت الكويت رغبةً منها في إقرار السلام على بعض مطالب العراق، بما في ذلك السماح للقوات العراقية في الجزر بمواجهة العدوان الإيرانيّ. وقدّمت الكويت أيضاً دعماً ماليّاً وسياسيّاً كبيراً للعراق للحيلولة دون الأعمال العسكرية. ورغم هذه الجهود، زحفَ صدام حسين في 2 أغسطس (آب) 1990 بجيشه على الكويت، وضمّها بوصفها المحافظة التاسعة عشرة في العراق.
وأثار العزو العراقي ردة فعل دولية عنيفة، ووحَّدَ القوى الغربية والعربية لإخراج العراق من الكويت عام 1991.وفي أعقاب النزاع، وقَّعت الكويت والعراق عدة اتفاقيات تحت إشراف الأمم المتحدة لترسيم حدودهما البريَّة.
ورغم التقدُّم الذي أُحرِزَ في ترسيم غالبية الحدود البريَّة، يقول الباحث، لا تزال الحدود البحرية تفتقر للترسيم، مضيفاً أن حل هذا النزاع كان هو الهدف الرئيس وراء زيارة وزير الخارجية الكويتيّ إلى بغداد الشهر الماضي. ولبُّ هذا الخلاف يكمن في خور عبد الله البالغ الأهمية من الناحية الإستراتيجيّة، إذ إنه ممر حاسم لـ 80% من واردات العراق وصادراته.
Please my latest for the @TheNatlInterest regarding Iraq-Kuwait border disputes and its implications for regional stability and US interests.
Iraq and Kuwait Should Get to the Bottom of Their Border Dispute https://t.co/rKGxaqeKjW
منذ 2003، أبرمت بغداد والكويت اتفاقيات متعددة لتسوية هذا النزاع. وشملت الصفقات جهودَ ملاحة تعاونية وتدابير أمنية لحماية المنطقة. ورغم ذلك، كان تنفيذ بغداد للاتفاقيات بطيئاً على الأغلب، ومتأثراً بالاعتبارات التجارية والعوامل الجيوسياسية.
وأشار الباحث إلى أن العراق يهدف إلى استكمال ميناء الفاو الكبير بحلول عام 2028 على أن يكون الأكبر في منطقة الشرق الأوسط. ويمكن لهذا المشروع الطموح أن يُحْدِث ثورة في المشهد الاقتصادي العراقي، ويتيح وصولاً بلا أي عوائق إلى البحر، ويقلل من الاعتماد على الطرق والموارد الحالية. ومع ذلك، من المُستبعد أن يُغيِّر ميناء الفاو الكبير وجهة نظر النخبة السياسية العراقية فيما يختص بخور عبد الله. ومن ثم، قد يؤدي ذلك إلى إطالة الجدل بين العراق والكويت لسنوات.
علاوة على ذلك، غالباً ما تكون النزاعات الإقليمية معقدة للغاية، فلا يمكن تسويتها بسبب التأثير الكبير لمكانة الدول وهويتها، والذي يمكن أن يفوق الاعتبارات السياسية والاقتصادية. وغالباً ما تؤجِّج هذه الصراعات مشاعر الوطنية المتعصبة، مما يزيد مهمة البحث عن قواسم مُشتركة تعقيداً.
ومن الممكن للأبعاد الوجدانية والتاريخية أن تُفاقِم تعقيد المفاوضات، مما يستلزم اتباع نُهُج دقيقة ومدرسة لتحقيق نتائج مبشرة. وبادرت الحكومة العراقية في إطار تسوية النزاعات إلى إنشاء لجنة رفيعة المستوى مسؤولة عن الإشراف على لجنة فرعية مُخصصة للبحث عن حلول مُرْضيَّة للطرفين للمسائل المتعلقة بالحدود، وغيرها من النزاعات القائمة بين البلدين.
#Iraq’s Federal Supreme Court on Monday ruled unconstitutional a law that ratifies an agreement signed with #Kuwait to regulate maritime navigation in Khor Abdullah. The law violates the Iraqi constitution which stipulates that laws to rectify international agreements should pass… pic.twitter.com/i1vo63bXoD
— KUWAIT TIMES (@kuwaittimesnews) September 4, 2023
ومع ذلك، فإن أسلوب الحكومات العراقية في حل هذه القضايا لم يحظَ بعد بدعمٍ يستند إلى الإجماع. وسرعان ما تطورت زيارة وزير الخارجية الكويتي التي كان الهدف منها التصدي لإشكالية ترسيم الحدود إلى موضوع سياسي مثير للجدل داخل العراق.
وأمست قضية نقل السكان والأحياء قضية رأي عام مثيرة للجدل، مما أثار مقاومة شعبية كبيرة من الجانب العراقي. وعزا الكاتب جزءاً من هذه المعارضة إلى سوء الفهم وتلاعب السياسيين الشعبويين الذين يسعون إلى صبغ أنفسهم بصبغةِ القومية المتطرفة لتحقيق مكاسب سياسية، لا سيما في ضوء انتخابات مجلس المحافظات العراقية المقبلة المقررة في نوفمبر 2023(تشرين الثاني) .
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الكويت والعراق خور عبدالله النزاع الحدودی بین البلدین العراقیة فی
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد العراقي يعانق الرقمنة: حظر النقد يعيد تشكيل المستقبل المالي
9 يونيو، 2025
بغداد/المسلة: يمثل التحول نحو الدفع الإلكتروني في العراق خطوة طموحة نحو اقتصاد رقمي حديث، حيث تسعى الحكومة إلى تقليص الاعتماد على النقد وتعزيز الشفافية المالية.
وأعلن مستشار رئيس الوزراء العراقي، صالح سلمان، في 9 يونيو 2025، حظر الدفع النقدي في المؤسسات الحكومية اعتبارًا من يوليو 2025، في إطار إصلاحات مالية شاملة تهدف إلى دمج البنوك العراقية في النظام المالي العالمي.
وارتفعت نسبة الشمول المالي من أقل من 10% في 2018-2019 إلى حوالي 40% حاليًا، مع وصول عدد أجهزة نقاط البيع إلى 60-70 ألف جهاز، وزيادة الحسابات المصرفية إلى 22-23 مليون حساب، مما يعكس تقدمًا ملحوظًا في البنية التحتية المالية.
وأطلقت الحكومة حملات توعية لتغيير الثقافة التقليدية القائمة على النقد، حيث يفضل العراقيون تاريخيًا التعامل النقدي بسبب انخفاض الثقة بالمصارف. وشهدت تجربة مماثلة في أغسطس 2023، عندما بدأت محطات الوقود بتطبيق الدفع الإلكتروني، مما قلل من الازدحام وساهم في تسريع المعاملات. ويتوقع الخبراء أن يساهم التحول الإلكتروني في مكافحة الفساد وتقليل مخاطر السيولة النقدية، حيث تجاوز حجم المدفوعات الحكومية الإلكترونية 912 مليار دينار في يوليو 2024.
ودعمت الحكومة برنامج “ريادة” بالتعاون مع البنك المركزي لتمويل وتدريب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مما يعزز ريادة الأعمال ويقلل الحواجز التشغيلية. وفتح العراق أبوابه للاستثمار الأجنبي، مع تعاقدات مع شركات عالمية مثل “إرنست ويونغ” و”KPMG” لإعادة هيكلة مصارف حكومية مثل الرافدين والرشيد، بهدف تحسين الكفاءة والامتثال للمعايير الدولية. وتسعى هذه الإصلاحات إلى معالجة تحديات استمرت عقودًا بسبب العقوبات، مع التركيز على التحول الرقمي وتعزيز الأمن السيبراني.
وواجه العراق تحديات مماثلة في يناير 2023، عندما أُعلن عن خطط لتوسيع الدفع الإلكتروني، لكن مقاومة ثقافية وفساد إداري أعاقا التنفيذ. ويبرز اليوم تفاؤل حذر، حيث يتطلب النجاح تعاونًا بين الحكومة والمواطنين والقطاع الخاص. ويعكس التعاون مع 30 بنكًا أجنبيًا وإطلاق مصرف رقمي جديد، مثل “مصرف الرافدين الأول” برأسمال 500 مليار دينار، طموح العراق لتحقيق اقتصاد شامل وشفاف. ويظل التحدي الأكبر في بناء الثقة المجتمعية وتطوير البنية التحتية لضمان استدامة هذا التحول.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts