لدي صديق مصري زار الهند ومكث فيها أقل من ستة أشهر تقريبًا، فقام بتأليف كتاب عنها، وأصبح يتحدث عنها في المنتديات

وقد شاهدته بالأمس في إحدى الفضائيات وقد تم استضافته كخبير في الشأن الهندي للحديث عن مساعي ودلالة تحويل اسم الهند إلى بهارات.

في الحال تذكرت خالي الذي مكث في الهند أكثر من ٢٧ عاما وتعلم لغتهم وعرف عنهم كل شيء، ومع ذلك عندما أسأله عن الهند كان يرد على باقتضاب: ياخ بالله سيبك!

عزمي عبد الرازق

.

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

من دجلة إلى جنين

انضممتُ للوفد العماني الذي شارك في معرض الكويت الدولي للكتاب، لإدارة حوار عن العلاقات العمانية الكويتية عبر التاريخ. أجزم بأن اختياري أتى من أنني درستُ هناك وكتبتُ عن الكويت كثيرًا.

تجولتُ في المعرض، وصولًا لدار نشر عراقية ألاحقها متى ما شاركت في معرض من معارض الكتب في الخليج، وهي منشورات "نابو"، ونابو هو إله الحكمة والكتابة عند البابليين والآشوريين، ورمز المعرفة وحامي الكتّاب.

قال لي الشاب الذي يعمل في ركن الدار بعد أن عرف أنني عمانية، إن محبة خاصة وراسخة من العراقيين لشعبين أحدهما الشعب العماني. وقلتُ له إن روائيًّا عراقيًّا كتب روايةً كاملة في عُمان، كتبها بعد احتلال العراق ٢٠٠٣، عن أستاذ جامعي يعيش في صور ويتعرض لأسئلة عن موقفه فيما إذا كان ما حدث للعراق تحريرًا من طاغية أم احتلالًا، ليقف ذاهلًا أمام رغبة الناس في أن يقرر أيهما أفضل صدام أم الأمريكان. كنت أشير لرواية “القنافذ في يوم ساخن" للروائي العراقي الشهير فلاح رحيم. عرف الشاب الرواية لكن لم يقرأها.

تحكي الرواية قصة سليم أستاذ اللغة الإنجليزية والفترة التي قضاها في مدينة هادئة للغاية كما هي صور. بدأ تجربته مع المنفى في أوائل التسعينيات حين عمل مترجمًا لسنوات طويلة لصالح شركة نفط في صحراء ليبيا. وبعد ذلك انتقل عام 2006 إلى سلطنة عُمان ليعمل في كلية صور في المنطقة الشرقية. فيعيش في مدينة هادئة ومنعزلة، محاطة بمجموعة من المنفيين القادمين من أماكن متعددة. لا أعرف لِمَ لم أقرأ عنها كثيرًا في عُمان، أعتقد بأنني لم أسمع عنها قط، أضعتُ نسختي التي مررتها لأصدقاء كُثر تفاجأوا من سماعهم عنها.

عندها قلبتُ كتاب «دجلة الجريح» للكاتب الأيرلندي ليون مكارون ترجمة محمد نبراس العاني، دار نابو 2025. ينطلق المؤلف في رحلة طويلة تتبع مجرى نهر دجلة من منابعه الباردة في جبال الأناضول وصولًا إلى الأراضي العراقية.

في رحلة للتاريخ الثقافي للنهر وتشكيله لهوية الناس الذي عاشوا معه. تحدثت مع الشاب في نابو عن صورة شاهدتها لثلاثة أطفال يتمشون في مجرى نهر دجلة، مما سبّب لي صدمة هائلة؛ فقضايا الجفاف والتملح وغيرها، في كتب الجغرافيا التبسيطية التي تعلمناها في المدرسة فحسب أما أن يحدث هذا الآن، بينما نشهد عليه دون أن يسبّب لنا ذلك رجفة عين فإنه لكارثة محققة.

حكى لي أنه وافد على بغداد من أجل العمل، وعبّر لي أن كل ما كان يمتلكه هو النظر لدجلة، الذي شكّل وجدانه مثل الآخرين، قالها بينما تظهر على محياه ابتسامة مهزومة وساخرة، كأن ما حدث متوقع وطبيعيّ ولا يدعو للدهشة مطلقًا؛ فدجلة جريحة، بغداد جريح، والعراق جريح، هل نعرف شيئًا عدا ذلك؟ يغنّي كاظم الساهر من ألحانه وكلمات كريم العراقي: "بغداد وهل عذب الله مثلك في الدنيا أجمعها؟".

مازحتُ كرار قائلة إنني أعرف أنهم لا يحبون السمك البحري، فانفعل مؤكدًا أن هذا حقيقي، وأنه قبل ثلاثة أيام في الشارقة عندما شارف المعرض هناك على النهاية، عُزم على سمك بحري من كل الأنواع، لا بأس به، ولكنه لا يضاهي النهري، قال لي ذلك بحماسة، جعلتني أقول ساخرة إن هذا أمر أريد التأكد منه بنفسي.

قبل نحو أسبوع من هذا اللقاء كنتُ اقرأ كتاب أخي وأرضي: حكاية من فلسطين لسامي هرمز وسيرين صوالحة الذي نشر مترجمًا قبل شهرين عن منشورات تكوين الكويت. سيرين صوالحة تسرد لنا بحميمية عن فلسطين ونكبتها عبر تاريخها الشخصي وتاريخ عائلتها. كتابٌ صادم، ولكنه يُصر على توثيق أي نأمة صغيرة في وجه احتلال يحاول مصادرة هذا من بين ما اختطفه وسرقه.

تقول سيرين في مقطع شاركته على حسابي في انستغرام: "بتعرف إنه عندنا مقبرة للشهداء العراقيين؟ عملنا لهم مقبرة لأنهم الوحيدين اللي دافعوا ببسالة عن جنين وقاتلوا بشرف في الـ48. المقبرة كبيرة والناس لحدّيت هلا بتزورها وتدير بالها عليها، وزرعوا شجر زيتون حواليها". لم أكن أعرف عن هذا على الإطلاق، علّقتْ على منشوري كاتبة من فلسطينيي الداخل المحتل، لتقول لي إن جدها كان بصحبتهم، وإن هذه القصة لم يُكتب عنها بسبب الخوف. تكميم الأفواه في الداخل مرعب، "الناس كلها خايفة تحكي".

مع هذا ومع جفاف دجلة، لا نسمع من العراق الآن سوى صرخات الجروح المفتوحة، وعلى الرغم من أنها تخصنا، إلا أننا وكعادتنا مع جروحنا المشتركة، لا ندير لها حتى ظهورنا، إذ إنها ليست هناك. أينما وليتُ وجهي كان العراق، ثم أنه هناك يستدعي جرحنا الآخر، فلسطين، كأن حديثًا بدأ بالمصادفة مع عراقي، بدأ من دجلة وانتهى لمقبرة في فلسطين.

أردتُ أن أقول لكرار إنني أحب مقطعًا من قصيدة للجواهري عن دجلة، لكنني آثرت السكوت أمام تلك الابتسامة الهازئة والملتاعة. ها هي ذي عمومًا لعلها تفعل فينا شيئًا:

"سلامٌ على هَضَباتِ العراقِ/ وشطَّيهِ والجُرْفِ والمُنحنى

على النَّخْلِ ذي السَّعَفاتِ الطوالِ/ على سيّدِ الشَّجَرِ المُقتنى

على الرُّطَبِ الغَضِّ إذ يُجتلَى/ كوَشْيِ العروسِ وإذ يُجتنى

بإِيسارهِ يومَ أعذاقُه/ تَرفّث، وبالعسرِ عندَ القنى

وبالسَّعْفِ والكَرَبِ المُستجِدِّ/ ثوبًا "تهرّا" وثوبًا نضا

ودجلةَ إذْ فارَ آذيُّها/ كما حُمَّ ذُو حَرَدٍ فاغتلى

ودجلةَ زهوِ الصَّبايا الملاحِ/ تَخَوَّضُ منها بماءٍ صَرى

تُريكَ العراقَّي في الحالتينِ/ يُسرِفُ في شُحّهِ والنَّدى".

مقالات مشابهة

  • غادة عبد الرازق تخطف الأنظار في مهرجان ضيافة الآن بفستان ملفت
  • غادة عبدالرازق تبكي على المسرح وتكشف سر تأثرها في مهرجان ضيافة
  • تكريم غادة عبد الرازق في مهرجان ضيافة بدبي
  • «يا نقفلها يا الأهالي يكون عندهم ضمير».. جوري بكري تعلن إصابة نجلها
  • منهج الإيمان الصادق بالله سبحانه وتعالى
  • علي جمعة: الحوقلة أساس العلاقة بيننا وبين الله
  • من دجلة إلى جنين
  • 13 ديسمبر.. جلسة عاجل لـ هدير عبد الرازق أمام القضاء الإداري
  • كنز من كنوز الجنة.. لا حول ولا قوة إلا بالله| اعرف معناها وسرها
  • هل يوجد شخص وشه نحس على من حوله؟.. احذر 10 مصائب