«بريكس» بين المقابل والمكاسب وحسابات المصالح
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
أثبتت التجارب خطأ الاعتماد على نصائح الأدوات التنمويَّة الغربيَّة، خصوصًا وأنَّها نصائح تفصل بَيْنَ نُمو الدوَل والبُعد الاجتماعي لدَيْها، وتعتمد على عمليَّة لا تزيد عن إصلاح مالي يخفض الدَّعم والمسؤوليَّات الاجتماعيَّة للدَّولة دُونَ إصلاح اقتصادي حقيقي يخلق نُموًّا حقيقيًّا ينعكس على حياة المواطن. ورغم وضوح ذلك كان اللجوء لصندوق النَّقد والبنك الدولييْنِ ضرورة ملحَّة لعدم وجود بديل، وأيضًا لربطٍ خبيث من الدوَل الغربيَّة بَيْنَ موافقة تلك الجهات على القروض والإعلان بقدرة الدوَل على الالتزام بسداد ديونها، فكان مَن يبغى التنمية عَلَيْه أوَّلًا اللجوء لتلك الأدوات الغربيَّة والالتزام بنصائحها ظنًّا بأنَّ الموافقة ستُعطي جدارة اقتصاديَّة تُمكِّنه من النُّمو وتحقيق الأهداف الوطنيَّة.
وتحدَّثنا في المقال السَّابق عن الإقبال الذي شهدته المجموعة من حيث طلبات الانضمام والذي بلغ (24) طلبًا، والذي تُوِّج بالموافقة على انضمام (6) دوَل هي مصر والسعوديَّة والإمارات وإيران والأرجنتين وإثيوبيا، لِتعَبِّرَ (بريكس) عن مصالحها بوضوح؛ كون تلك الدوَل تُعُّد من الدوَل المصدِّرة للطَّاقة التقليديَّة، كما أنَّها تمتلك مُقوِّمات كبرى في قِطاع الطَّاقة المُتجدِّدة، لذا تحرص دوَل المجموعة القديمة على التعاون المباشر لضمان مصادر الطَّاقة، ناهيك عمَّا تُمثِّله تلك الدوَل كأسواق استهلاكيَّة قادرة على استيعاب القدرات الإنتاجيَّة لدوَل (بريكس) الخمس، بالإضافة إلى ما تملكه تلك الدوَل من مواقع جغرافيَّة تجعل الاستثمار بها فرصة في كافَّة المناطق التجاريَّة حَوْلَ العالَم.
ما سَبقَ يؤكِّد أنَّ أهداف (بريكس) تنطلق من مصالحها، وهذا ليس عيبًا، لكن يجِبُ على الأعضاء الجُدد ـ خصوصًا العرب مِنْهم كمصر والسعوديَّة والإمارات ـ إدراك ذلك بعناية، وتعظيم الاستفادة من الانضمام، عَبْرَ وضع استراتيجيَّة ترتكز على المصلحة المشتركة وتعمل على تعميم الفائدة. ولعلَّ الاهتمام الشَّعبي المصري الذي نراه ونسمعه، يعكس الأولويَّات المصريَّة، خصوصًا معضلة العملة الصعبة، حيث أعلنت (بريكس) عن سَعْيِها لوقف هيمنة الدولار عَبْرَ اعتماد العملات المحليَّة أو إيجاد شكلٍ ما لعملة موَحَّدة تستخدم في التجارة البيئيَّة بَيْنَ دوَل المجموعة، وفي الحالة المصريَّة فإنَّ ذلك سيوفِّر بديلًا للدولار لأكثر من 40% من فاتورتها الاستيراديَّة، وهو ما سيُخفِّف العبء عن الاقتصاد المصري، ويزيح كثير من الأعباء التي يتحملها المواطن بشكلٍ يومي نتيجة نقص الدولار. ويبقى أن يدركَ المصريون ـ حكومةً وشَعبًا ـ أنَّ التعاون مع المجموعة الصَّاعدة لا بُدَّ ألَّا يقتصرَ على الحلول المؤقَّتة لمشاكلنا الآنية، لكن يجِبُ أن يتخطَّى ذلك عَبْرَ بَلْوَرة رؤية وطنيَّة جاذبة للاستثمار الجادِّ، الذي سيصنع الفارق في المستقبل القريب، فالتركيز مع دوَل المجموعة على المشاكل الحاليَّة، يقلِّل من فرص التنمية الاقتصاديَّة المأمولة. باختصار فالمجموعة كغيرها من التكتلات تقوم على المصالح، لذا عَلَيْنا إدراك ماذا سنقدِّم وما هو المقابل.
إبراهيم بدوي
ibrahimbadwy189@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الجنائية الدولية تبعد المدعي العام خان عن قضية دوتيرتي
قرر قضاة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية استبعاد كبير ممثلي الادعاء بالمحكمة، كريم خان، عن قضية جرائم الحرب المرفوعة على الرئيس الفلبيني السابق رودريجو دوتيرتي لتضارب محتمل في المصالح، وفق نسخة من قرار قضائي اطلعت عليه رويترز.
ويمثل هذا القرار ضربة جديدة لكريم خان الذي تنحى مؤقتا عن منصبه في مايو/أيار الماضي في ظل تحقيق تجريه الأمم المتحدة بشأن مزاعم بسوء السلوك الجنسي. ويُمنع الآن من المشاركة في محاكمة دوتيرتي، وهي القضية الرئيسية الوحيدة النشطة المنظورة بالمحكمة، التي تعاني من ضغوط العقوبات الأميركية.
وفي أغسطس/آب، سعى دفاع دوتيرتي إلى استبعاد خان بحجة أن مشاركته في المراسلات الموجهة إلى المحكمة من ضحايا حرب دوتيرتي على المخدرات يشكل تضاربا في المصالح.
وطلب خان من هيئة القضاة رفض طلب الاستبعاد، مؤكدا أنه "لا يوجد أي تضارب في المصالح ناتج عن تمثيله رئيس لجنة حقوق الإنسان في الفلبين"، إضافة إلى مجموعة من الضحايا في الاتصالات السابقة مع المحكمة الجنائية الدولية.
وفي الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، وافقت غرفة الاستئناف على طلب الدفاع، وقالت في قرار لم يُنشر بعد، إن خان ربما يبدو متحيزا بسبب دوره السابق، وعليه استبعد من القضية.