ما الذي تحقق لتحالف السعودية بعد أكثر من 8 أعوام حرب في اليمن ؟
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
الجديد برس:
قبل أكثر من 8 أعوام أعلنت السعودية عن تشكيل تحالف من عدة دول وإطلاق عملية عسكرية في اليمن، هدفها المعلن إعادة “الشرعية” والقضاء على ما أسمته “الانقلاب”. على رغم أن عملية دعائية وإعلامية أطلقت بالتوازي مع العملية العسكرية، لتبرير شن حرب على بلد جار، وأيضا لتضخيم ما يتم تحقيقه، إلا أن الحرب بدأت تسلك مسارا آخر شيئا فشيئا، وبدأت الأمور تتضح أكثر.
في البداية كان الجزء الأكبر من العمليات العسكرية جويا، وكانت الأهداف مقدرات دولة، ومدنية بحتة، من منازل، وصالات أعراس، وحدائق، ومنتجعات، ومصانع، وغير ذلك. لكن، ومع تشكيل قوات برية تحت مسى “المقاومة” التي كانت خليطا من عناصر الإصلاح والقاعدة والسلفيين، بدأت معارك برية في أكثر من جبهة. من حيث النجاحات الميدانية، لم تختلف معارك تلك التشكيلات عن العمليات الجوية التي لم تكن حتى عامل تفوق في المعارك. على إثر فشل ومراوحة العمليات البرية، بدأت معارك من الاتهامات داخل تشكيلات التحالف نفسها. من اتهام طرف باستهداف بعض الكيانات المحسوبة على طرف آخر، إلى اتهام الولايات المتحدة بالحيلولة دون التقدم باتجاه صنعاء واقتحامها، رغم أن الأخيرة كانت جزءا أساسيا من عمليات التحالف. ثم اتسعت الهوة بين ما تم تشكيله، وبدأت معارك بينية عنيفة فيما يسمى “المناطق المحررة”.
بالنسبة إلى تلك المناطق، والتي كان قد وصل إليها جزء من قوات صنعاء، فقد دخلت في أزمة مازالت قائمة وتعاني منها حتى اليوم، عنوانها العريض “غياب الدولة”. كان هذا الوضع الكارثي ينتظر المناطق الخاضعة لسلطة حكومة صنعاء لو تمكنت تلك التشكيلات من السيطرة عليها. يمكن للوضع، وأيضا للمواطنين، تحديد ما هي المناطق المحتلة فعلا والمناطق الناجية من الاحتلال. لقد كان الهدف المعلن من العملية هو السيطرة على كل المناطق الخاضعة لسلطة حكومة الإنقاذ في العاصمة صنعاء، قبل أن يتحول، وبعد ثمان سنين من الحرب، إلى محاولة لإقناع عيدروس الزبيدي بالسماح لتوليفة معين عبدالملك ورشاد العليمي بالعودة إلى عدن لإدارة مؤسسات الدولة الخارج عن الخدمة منها. قبل ذلك، كانت تلك المناطق قد تحولت إلى ساحة لعمليات الاغتيال والتصفيات البينية، وأيضا لمعارك عنيفة بين أدوات الإمارات الباحثين عن دولة مزعومة، وأدوات السعودية الباحثين عن موطئ قدم لحكومة شكلية غير معترف بها “شعبيا”، ومن دون مخالب أو أنياب.
إلى جانب كل ما حدث داخل تلك المناطق اليمنية الجنوبية، بدأت السعودية بعسكرة الشرق ضد الجنوب، في إطار صراعها على النفوذ مع دولة الإمارات. قبل أشهر، تم الإعلان من داخل العاصمة السعودية الرياض، عن تشكيل “مجلس حضرموت الوطني”، ليكون أداة للسعودية في موازاة المجلس الانتقالي الجنوبي التابع للإمارات. وفق مصادر متطابقة، بدأت السعودية بتجهيز تشكيلات مسلحة كذراع عسكري لمجلس حضرموت، إلى جانب المنطقة العسكرية الأولى التي يحظى حزب الإصلاح بنفوذ كبير فيها.
مع إصرار المجلس الانتقالي الجنوبي على ضم حضرموت والمهرة إلى المحافظات الجنوبية التي يسيطر عليها، تمهيدا لقيام دولته المزعومة، قد يكون الجنوب والشرق على موعد مع معارك عنيفة قادمة، خصوصاً في ظل تغذية النزعات المناطقية وغيرها من قبل الأطراف الخارجية المتحكمة بالأدوات المحلية.
في مقابل ذلك، لم تشهد المحافظات الخاضعة لسلطة حكومة صنعاء أياً من تلك الأزمات التي شهدتها المحافظات الجنوبية، حتى عمليات التنظيمات الإرهابية انتهت فيها، رغم الحصار الجوي والبحري المفروض عليها منذ سنوات.
الآن، ومع وجود بوادر مفاوضات سلام جادة بين صنعاء والرياض، بعد أعوام من الحرب، يمكن طرح تساؤل عن الأهداف التي تحققت للسعودية، والدول المنخرطة ضمن تحالفها، من العمليات العسكرية التي انطلقت في مارس من العام 2015. هل كان تقسيم اليمن، وإدخال الجزء المحتل منه في حروب عبثية هو الهدف غير المعلن للسعودية من عمليتها العسكرية؟. مع ذلك، سيبقى ذاك الجزء أكبر عامل تهديد لأمن المملكة القومي، لأن الفوضى الممنهجة قابلة للاتساع والخروج عن السيطرة بطبيعتها.
*عرب جورنال – عبدالرزاق علي
المصدر: الجديد برس
إقرأ أيضاً:
تقرير بريطاني: اليمن يفرض معادلاته ويعيد تشكيل الأمن البحري في المنطقة
يمانيون../
في تطور لافت يعكس التحولات الجذرية في موازين القوى الإقليمية، كشف تقرير نشره موقع ميدل إيست مونيتور البريطاني أن العدوان الأمريكي الأخير على اليمن لم يحقق أيًّا من أهدافه المعلنة، بل تحوّل إلى نموذج جديد للفشل الاستراتيجي الذي يلاحق السياسات الأمريكية في المنطقة، خصوصًا في ظل تنامي دور صنعاء كقوة صاعدة تُعيد تشكيل ملامح الأمن البحري.
وأشار التقرير إلى أن العمليات التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية تسببت بخسائر اقتصادية وعسكرية جسيمة للولايات المتحدة، قدّرت بمليارات الدولارات، مؤكداً أن تلك العمليات لم تكن مجرد ردّ فعل، بل عبّرت عن مستوى متقدم من التخطيط والقدرة على خوض معارك معقّدة تُربك أعتى التحالفات العسكرية.
وأكد التقرير أن قرار واشنطن بوقف العدوان على اليمن، دون التنسيق المسبق أو إشراك الكيان الصهيوني في صياغة الاتفاق، كشف عن تصدّع كبير في العلاقة بين الحليفين التقليديين، خصوصًا بعد أن تزامن ذلك القرار مع ضربة صاروخية يمنية استهدفت مطار اللد المحتل، المعروف صهيونيًا باسم “بن غوريون”، ما ضاعف من حجم الإحراج الإسرائيلي وعمّق الشرخ مع البيت الأبيض.
وأضاف الموقع أن هذه التطورات أخرجت اليمن من كونه قوة محلية تدافع عن حدودها، إلى لاعب إقليمي ذي تأثير مباشر في معادلات الأمن البحري والتجارة العالمية، لا سيما في البحر الأحمر وباب المندب، حيث باتت حركة الملاحة تخضع لحسابات صنعاء وخياراتها السياسية والعسكرية.
وخَلُصَ التقرير إلى أن إعلان وقف العدوان من قبل واشنطن منح صنعاء انتصاراً سياسياً ومعنوياً بالغ الأهمية، وعزّز من حضورها الإقليمي كقوة تمتلك من الجرأة والصلابة ما يكفي لتحدي الهيمنة الأمريكية ومجمل المعسكر الغربي، وهو ما يغيّر جذريًا شكل المعادلات الجيوسياسية في المنطقة.