صدى البلد:
2025-07-02@11:21:15 GMT

نهال علام تكتب: ما بكِ أيتها الأرض !

تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT

لست بعالم ولا خبير، فقط أنا كائن حي رأى من تقلبات الحياة الكثير والكثير، إلى الحد الذي جعلني اشتاق لتلك الطفلة التي لم ترى من الوجه الآخر للطبيعة إلا وجهها الطيب وعطائها الأثير، فكان أول تعارفنا في زلزال ٩٢ الذي استقبلته بفرح كبير،  لأن كل ما أدركته هو الإجازة الطارئة، ذات اللمسات الخاطفة التي ستعيدني لألعابي وتبقيني وسط أصدقاء النادي أحبابي.

لم أكن بعد اختبرت معنى الفقد ولا عرفت رائحة الموت ولا ذهبت مهرولة لصلاة الجنازة، ذلك الزمن الذي لم يتمنى فيه قلبي لو إنني من المشاركين في فرق الإغاثة، ولا يشغل عقلي الأصوات التي تتعالى بالاستغاثة، يا الله من الحظات والمشاهد التي تدمي العين، وتتعاقب بقوة فيصرخ منها القلب الذي تتركه متألم وحزين.

كنت أمقت شهر سبتمبر في طفولتي وصباى فهو هادم اللذات الذي يعيدنا للسبورة والالتزام، واليوم صرت أهابه بإمعان بعد أن صار مفرق الجماعات بعد أن اعتاد أن يفقدنا الاتزان، فمنذ الحادي عشر من سبتمبر الذي عقب مطلع الألفية بعام، وما يحدث في هذا العام أصبح سبتمبر شهر الألام المصحوب بعدم الأمان.

كان أسبوعاً كارثياً بامتياز من زلزال المغرب الغير معلوم الأسباب، وحتى فيضان ليبيا الذي عظم جرحه القدر والإهمال، آلاف الضحايا ومثلهم من المفقودين وأضعافهم من المصابين، وعدد لا نهائي من الثكلى والمذبوحين بسكين الفقد الباردة وطوق المصيبة الجامدة.

البداية واحدة في كلا البقعتين اللتان تفصل بينهما دولتين لشخوص كانوا في خضم أحداثهم العادية، لم يكن هناك أمراً استثنائيا، بشر يمارسون الحياة بأريحية وكم هي بعيدة فكرة الموت الضبابية، لم يستمع أحدهم لدقات طبول الأرض قبل أن تنفث أوزارها، ولا لزخات مطر الفقد التي لم تكن كشرت عن أنيابها، وفي غمضة عين ابتلعت الأرض احيائها وفي ليبيا رأيناها وهي تلفظ أمواتها.

ما بك أيتها الأرض ألسنا ابنائك! اتناسيت إننا من ترابك مبعوثون وإلى ترابك راجعون! كيف هي قسوتك التي أثبتتها الدراسات معلنة أنك تجاوزت المساحة الآمنة للبشر افقدت قدرتك على التمييز بيننا وبين الحجر ! أم ربما امعنت النظر في قلوبنا فشبهت لك بأنها أقسى مما اسميناه حجر!

خلق الله الأرض في ٧ أيام، وابتلعت تلك الأرض التي تضامن معها البحر قرى وأحياء كاملة وأحلام طازجة وضحكات غير ناضجة وأمال متجددة وأمنيات كانت تبدو متحققة، كل ذلك في دقائق لا تكفي لإعداد فنجان من القهوة لذا حاذر فالدنيا تمكر لنا فتأخذنا على سهوة.

في كتاب الله الحكيم وآياته المحكمات " إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها" فالدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة، ولقد أرانا من آياته أنها غير آمنة ومن يحتمي بها كمن يرقد على جناح تلك البعوضة، لكن من سخرية القدر أن تتابع الأخبار فتضرب كفاً على كف من عجائب وأسرار القدرة البشرية التي لازالت فتية ولديها طاقة على الشد والجذب بكل قوة عفية.

بعد أخبار الزلازل والفيضانات والضحايا والمصابين، والفقدى والمعوزين  إثر الكوارث الطبيعية الإجبارية، يعقبها أخبار قتلى الحروب الاختيارية ومصابي الصراعات الاعتيادية، ونزاعات السلطة الأفريقية. 
وليزداد عجبك إذهب لمواقع التواصل الاجتماعي ولكن رجاء حاول الحفاظ على هدوئك وأدبك، فهناك القواعد الأنسانية ستجدها عند البعض مقلوبة، وميزان الرحمة لدي حفنة قواعده مكسورة، والكثير  من التفسيرات العلمية والعسكرية من دلو الفَتي مسكوبة.

مصر الشقيقة الكبرى التي عهدتها الدنيا منذ بزوغ فجر الحياة، بأنها تتلو تراتيل السلام في محراب جيشها وصلوات الجلد في ثكنات جنودها وكتب الحكمة في كتائب قيادتها، وعندما قال رئيسها يوماً أن مصر سند أشقائها في الضراء قبل السراء، والزمن الفاصل لتلبية النداء هو مسافة السِكة، لم يكن ذلك إلا قول حق والشدة خير اختبار للعِزة، ومنحة المحنة غربلة الأخلاق ومعرفة الرجال.

وما أن فتحت السماء أبوابها وانهمرت دموعها حزناً على فراق أبنائها المحسوم وتنفيذا لأحكام القدر المقسوم في ليبيا، كان الجيش المصري هناك يده مع يد الجيش الليبي قبل أن تجف دموع السماء وفور ما كان من البحر من جفاء.

لذا سيذكر التاريخ أن الجيش المصري بمعداته الثقيلة ومهماته العتيدة ورجاله المُخلصين كانوا أول من تحرك ليكونوا من المخَلصين، إنقاذ المنكوبين والبحث عن ناجين وانتشال جثث الضحايا التي ابتلعها البحر، مسؤلية تحملتها مصر باسم الإنسانية ونصرة للأخاء، ولن تغفل صفحات التاريخ أن تفرد باباً لتأريخ التحرك الأول لحاملة الطائرات ميسترال منذ انضمامها لعتاد الجيش المصري في عام 2016 لتكون مستشفى متحرك على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم للمنكوبين وعلى متنها كل ما يلزم متطلبات الإغاثة من أطباء ودواء ولوازم الجراحة حتى تخفف من الضغط على المستشفيات العائمة في مياه الفيضانات.

الكوارث الطبيعية شرك صنعه الإنسان بنفسه واليوم يقع فيه ولا فرار منه، وربما ليس من زرع هو الذي حصد ولكن في نهاية الأمر الجاني والمجني عليه هم البشر، وكم هو محزن أن يرد ذكر ليبيا والمغرب مصحوبتان بوصفهما منكوبتان فكليهما لنا فيهم نسب وعشم وتاريخ ومن الود والإحسان ما نحمله للشعبين بالفطرة ويبادلونا إياه وذلك واضح لا يحتاج لبرهان ولا تفسير.

صارت أثر من بعد عين.. جملة أليمة مرت بنا كثيراً في الحكايات الخيالية ولم نتخيل أنها ستمر بنا في رواية واقعية، وإن كانت كارثة زلزال المغرب مفاجأة، تبقي المصيبة التي المت بليبيا متوقعة حيث تم التحذير منها لكن لم يتخيل عاقل ولا مجنون حجم هذا الدمار المحموم، فالأهالي تخيلت أنها ستركن إلى الأدوار العليا لتعصمهم من ممرات السيل ولكن كانت إرادة القدر التي نفذها نصل الإهمال وهو إنهيار سدي أبو منصور ووادي درنة فكان لسان حال القدر لا عاصم لكم اليوم.

تلك الفاجعة العظيمة هي ناقوس خطر أعلن فيه البحر المتوسط تغير طبيعته بفعل الاحتباس الحراري، وتلك الموجات صارت واقعاً علينا أن نواجهه بعد أن فقدنا القدرة على منعه، بالإضافة لتغيير خرائط الزلازل تحت البحر المتوسط أصبح الأمر كارثياً بلا شك، وما كنا ننزعج لو رأيناه فيلماً سينمائياً أصبح واقعاً حياتياً، وإذا كانت تلك مسئولية الدول والحكومات فنحن أيضاً كشعوب وأفراد علينا التزامات أخلاقية ويجب علينا أن نخرج من تلك المحن أكثر تعاطفاً وتراحماً وفهماً ووعياً لما تمر به البشرية.

كل الدعوات بالرحمة لضحايا تلك الفواجع وكل صلوات الصبر أن يربط الله على قلوب الناجيين، فالموت قد يكون أكثر رحمة من أن تكون من الشاهدين، ولكنها إرادة الله ولا راد لقضائه ولا عاصم من أمره.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

بعد فقدانه... العثور على جثة شاب غريق وهذه هويته!

عُثر منذ قليل على جثة الشاب المفقود منذ يوم أمس مقابل شاطئ المدفون - البترون بالقرب من حاجز الجيش.


وكان أربعة أشخاص قد تعرضوا للغرق يوم أمس، حيث تمكنت فرق الدفاع المدني من إنقاذ ثلاثة منهم في حينه، فيما استمرت عمليات البحث عن الشخص الرابع حتى اليوم.


وجاء العثور على الجثة بمشاركة فرق الدفاع المدني وعدد من شباب المنطقة، إضافةً إلى فريق «JET SKI ARAKO» في المحلة، الذين ساهموا إلى جانب عناصر الدفاع المدني في عمليات البحث المتواصلة حتى العثور عليه.


وتبيّن أن الغريق عراقي الجنسية، ويدعى "أ. أ. ح." من مواليد 2006، وقد نُقلت الجثة إلى مستشفى البترون لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. مواضيع ذات صلة انتشال جثة غريق من داخل نهر النيل Lebanon 24 انتشال جثة غريق من داخل نهر النيل 01/07/2025 18:19:39 01/07/2025 18:19:39 Lebanon 24 Lebanon 24 حادثة مؤلمة.. فرق الإنقاذ تنتشل جثة طفل غريق Lebanon 24 حادثة مؤلمة.. فرق الإنقاذ تنتشل جثة طفل غريق 01/07/2025 18:19:39 01/07/2025 18:19:39 Lebanon 24 Lebanon 24 العثور على جثة شاب فلسطيني في بساتين العباسية Lebanon 24 العثور على جثة شاب فلسطيني في بساتين العباسية 01/07/2025 18:19:39 01/07/2025 18:19:39 Lebanon 24 Lebanon 24 العثور على جثة الطفلة مريم بعد غرقها في البحر Lebanon 24 العثور على جثة الطفلة مريم بعد غرقها في البحر 01/07/2025 18:19:39 01/07/2025 18:19:39 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً ما بين التهويل والواقع… هل ينهار اتفاق وقف اطلاق النار؟! Lebanon 24 ما بين التهويل والواقع… هل ينهار اتفاق وقف اطلاق النار؟! 11:00 | 2025-07-01 01/07/2025 11:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 داخل عبوات الشيبس.. يُخفيان المخدّرات ويروّجانها Lebanon 24 داخل عبوات الشيبس.. يُخفيان المخدّرات ويروّجانها 10:52 | 2025-07-01 01/07/2025 10:52:53 Lebanon 24 Lebanon 24 بشأن سلاح "حزب الله"... ماذا كشفت مصادر مطلعة؟ Lebanon 24 بشأن سلاح "حزب الله"... ماذا كشفت مصادر مطلعة؟ 10:26 | 2025-07-01 01/07/2025 10:26:00 Lebanon 24 Lebanon 24 زيارة وفد وادي خالد إلى السفير السعودي لتعزيز التعاون Lebanon 24 زيارة وفد وادي خالد إلى السفير السعودي لتعزيز التعاون 10:24 | 2025-07-01 01/07/2025 10:24:53 Lebanon 24 Lebanon 24 سلام: لبنان وجّه رسميًا إلى الأمم المتحدة رسالة يطلب فيها تمديد تفويض اليونيفيل Lebanon 24 سلام: لبنان وجّه رسميًا إلى الأمم المتحدة رسالة يطلب فيها تمديد تفويض اليونيفيل 10:22 | 2025-07-01 01/07/2025 10:22:49 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة من مصرف لبنان.. خبرٌ إيجابي بـ"الدولار" Lebanon 24 من مصرف لبنان.. خبرٌ إيجابي بـ"الدولار" 14:15 | 2025-06-30 30/06/2025 02:15:00 Lebanon 24 Lebanon 24 على البحر... ممثلة معروفة بإطلالة صيفية رائعة والجمهور يتغزّل بها (صور) Lebanon 24 على البحر... ممثلة معروفة بإطلالة صيفية رائعة والجمهور يتغزّل بها (صور) 11:24 | 2025-06-30 30/06/2025 11:24:23 Lebanon 24 Lebanon 24 توقيف كاتبة عدل Lebanon 24 توقيف كاتبة عدل 09:58 | 2025-07-01 01/07/2025 09:58:52 Lebanon 24 Lebanon 24 صورة من لبنان في تقرير إسرائيليّ.. هذا ما كشفه عن "حزب الله" Lebanon 24 صورة من لبنان في تقرير إسرائيليّ.. هذا ما كشفه عن "حزب الله" 14:00 | 2025-06-30 30/06/2025 02:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أمر غريب يحصل في البحر المتوسط.. قبطان عربي يكشف معلومات خطيرة (فيديو) Lebanon 24 أمر غريب يحصل في البحر المتوسط.. قبطان عربي يكشف معلومات خطيرة (فيديو) 04:15 | 2025-07-01 01/07/2025 04:15:02 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 11:00 | 2025-07-01 ما بين التهويل والواقع… هل ينهار اتفاق وقف اطلاق النار؟! 10:52 | 2025-07-01 داخل عبوات الشيبس.. يُخفيان المخدّرات ويروّجانها 10:26 | 2025-07-01 بشأن سلاح "حزب الله"... ماذا كشفت مصادر مطلعة؟ 10:24 | 2025-07-01 زيارة وفد وادي خالد إلى السفير السعودي لتعزيز التعاون 10:22 | 2025-07-01 سلام: لبنان وجّه رسميًا إلى الأمم المتحدة رسالة يطلب فيها تمديد تفويض اليونيفيل 10:16 | 2025-07-01 افتتاح أفران ومخابز للجيش بتمويل ألماني فيديو للمرة الاولى... ميريام فارس تتحدث عن الامومة وهذا ما قالته Lebanon 24 للمرة الاولى... ميريام فارس تتحدث عن الامومة وهذا ما قالته 01:37 | 2025-07-01 01/07/2025 18:19:39 Lebanon 24 Lebanon 24 سامسونغ تُطلق Galaxy M36... وتعليقات سلبية تُحرج الشركة على يوتيوب (فيديو) Lebanon 24 سامسونغ تُطلق Galaxy M36... وتعليقات سلبية تُحرج الشركة على يوتيوب (فيديو) 10:55 | 2025-06-30 01/07/2025 18:19:39 Lebanon 24 Lebanon 24 مُرتدية روب الاستحمام فقط.. فنانة شهيرة تُفاجئ جمهورها بإطلالتها على المسرح! (فيديو) Lebanon 24 مُرتدية روب الاستحمام فقط.. فنانة شهيرة تُفاجئ جمهورها بإطلالتها على المسرح! (فيديو) 03:05 | 2025-06-30 01/07/2025 18:19:39 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • علام : الهلال‬⁩ قادر على الوصول إلى نهائي كأس العالم للأندية .. فيديو
  • ما قصة السحابة المتوهجة التي ظهرت في السماء الليلة وكيف تشكلت؟
  • مفاجأة بشأن تمدد مياه البحر المتوسط وعلاقته بالزلازل وتسونامي
  • بعد فقدانه... العثور على جثة شاب غريق وهذه هويته!
  • رنين شومان.. هل له أي علاقة بكوارث قادمة في البحر المتوسط؟
  • وداعًا يا مريم.. قصة الفراشة التي اختطفها البحر في تونس
  • هل غرقت في الأعماق؟.. قصة الطفلة مريم التي اختفت وسط البحر في تونس
  • متى يجوز الصلاة بالحذاء؟.. شوقى علام يجيب
  • رئيس مجلس إدارة شركة المها الدولية محمد العنزي: على بعد كيلو مترات من هذا القصر ولدت أول أبجدية عرفتها البشرية وعلى هذه الأرض خط الإنسان أولى الحروف التي تحولت لاحقاً إلى حضارات وتراث إنساني لا يزال نوره يهدي العقول والأمم ومن هنا من دمشق نطلق مشروعنا الث
  • المفسدون في الأرض