ساحل العاج: حزب غباغبو يندد بـحالات تزوير متعددة ويرفض نتائج الانتخابات المحلية
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
في مؤتمر صحافي بالعاصمة أبيدجان السبت، قال جوستان كونيه كاتينان، المتحدث باسم حزب الشعوب الأفريقية بزعامة لوران غباغبو المعارض، إن "حزب الشعوب الأفريقية - ساحل العاج يرفض نتائج الانتخابات المحلية وانتخابات مجلس الشيوخ والتي تم التوصل إليها بشكل أساسي من خلال مناورات مزورة".
وأضاف كاتينان أن "اللجنة الانتخابية المستقلة هي أول متواطئة، إن لم تكن المُبادِرة، في حالات التزوير المتعددة". وأثار مخالفات تتعلق خصوصا بالمعدات الموضوعة في مراكز الاقتراع.
هذا، وجه "حزب الشعوب الأفريقية - ساحل العاج" أيضا اتهاما لحزب "تجمع الهوفويتيين من أجل الديموقراطية والسلام" بزعامة الرئيس الحسن واتارا بأنه "اشترى أصوات الناخبين."
وقد تصدر حزب "تجمع الهوفويتيين من أجل الديموقراطية والسلام" النتائج في 123 من أصل 201 بلدية وفي 25 من أصل 31 منطقة.
وإلى ذلك، فقد مثّلت هذه الانتخابات المحلية مقياسا لشعبية كل من السلطة والمعارضة قبل عامين من الانتخابات الرئاسية المقررة في العام 2025.
فرانس27/ أ ف ب
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: ناغورني قره باغ الحرب في أوكرانيا ريبورتاج ساحل العاج أفريقيا انتخابات محلية الحسن واتارا
إقرأ أيضاً:
حول الاكتئاب السياسي للشعوب العربية
تعيش الشعوب العربية، من بعد عام 2011، أي من بعد اصطدامها مع أنظمتها عبر الثورات والانتفاضات والاحتجاجات والإضرابات، حالة من القمع السياسي لم تشهد مثلها من قبل في تاريخها الحديث. إذ كان حجم القتل والتهجير والنزوح والاعتقال والاختفاء مروّعا، في مصر وسوريا وتونس وليبيا واليمن والسودان وبلدان أُخرى، وفي ظل كلّ هذه الأحداث شهدنا تصاعد موجات كبيرة من الاضطراب النفسي، إذ اجتاح المرض النفسي بأشكاله المتباينة والمعقدة وجدان هذه الشعوب بشكل جمعي، وأصبحت المنظومة الاستبدادية، بما تشمل من سياسات مختلفة أهمّها القمع والإفقار، هي المُسبب الرئيس للاكتئاب لدى الجماهير العربية.
انسحقت الشعوب أمام قمع الأنظمة، هذه حقيقة، ومورست عليها أشكال مختلفة من القتل والتعذيب والاختفاء والسجن والإذلال، إذلال داخل أوطانها وخارجها في منافي الهجرة واللجوء، إذ شهد كثير من اللاجئين والمنفيين تمثّلات إذلالية متباينة؛ كل هذا العذاب الذي رأوه ترك إشكاليات نفسية صَعب تجاوزها، بل وجعلتهم ذوات مريضة، هشّة ومُضطربة، وأحيانا منتحرة، تعيش داخل دوامات الأمراض النفسية وكيفيّة الخلاص منها، في ظل استمرار منظومات سياسية ومُجتمعية تزيد من تفشي هذه الأمراض لا من معالجتها، فالقمع والعنصرية وكل مسببات الأمراض النفسية ما زالت قائمة، بل تزيد وتترسَّخ مع الوقت.
كل تمثلات الإبادة من قتل جماعي وحصار وتجويع وإذلال نراه يوميا. نرى كل هذه المشاهد ولا نستطيع تقديم أي فعل حقيقي لإيقافها، عاجزون تماما عن فعل أي شيء تجاه إنقاذ أهل غزة، أهلنا، من الإبادة
كذلك، ما حدث في فلسطين بعد السابع من أكتوبر، من إبادة جماعية مارستها إسرائيل على الغزيين، جعل من الاكتئاب السياسي الذي تعيشه الشعوب العربية اكتئابا سياسيا وجوديّا، أي ثورة مرضية لا حلَّ لها. ما يحدث مروّع مثل أي إبادة تاريخية، إبادة جماعية تمارس بحق شعب عربي محاصر ومُجوّع، أمام جميع الشعوب العربية، أمامنا نحن. كل تمثلات الإبادة من قتل جماعي وحصار وتجويع وإذلال نراه يوميا. نرى كل هذه المشاهد ولا نستطيع تقديم أي فعل حقيقي لإيقافها، عاجزون تماما عن فعل أي شيء تجاه إنقاذ أهل غزة، أهلنا، من الإبادة.
هذا ما أخذنا، وبشكل واضح، إلى الاكتئاب الوجودي بفعل السياسة، حيث تمرّ علينا السنوات، ونحن كشعوب أصبحنا خارج كل المعادلات السياسية، فلا نستطيع اختيار رئيس جمهورية أو حتى رئيس بلدية، القمع السياسي، وتمثلاته في المجتمع والثقافة والاقتصاد، يتفشّى ونحن نتفرج عليه عاجزين عن إنقاذ أصواتنا التي أصبحت صامتة، ممّحوة تماما، دون تأثير في أي معادلة تحدث من حولنا. نحن نعيش في صمت حياتي، لا سياسي فقط، سُحبت من أيدينا كلّ مفاعيل المشاركة في الحياة اليومية، التي هي حياتنا، وتتحكم فيها السُلطويات، وبيدها الأمنية تقمعنا وتُنسينا تماما أننا ذوات لها الحق في تحقيق مصيرها.
كل هذا تسبب في محونا، دون أن ندري، كذوات كانت لها أصوات تمثّيلية في مشاهد حياتية مُختلفة. الآن، كلٌ يبحث عن معنى لذاته، ويسعى إلى تحقيقه عبر أي عمل فرداني، التمثيل والغناء والكتابة والرقص وغيرهما، كل يؤدي عمله بشكل فردي، وإن كان ظاهره جماعيا. لكن، هنا العودة إلى الذات والبحث عن معنى الوجود والحياة، والتخففّ من حالة الاكتئاب أصبحت ذاتية، في ظل صعود مفاهيم الفردانية المختلفة، من تحقيق الذات والتصالح معها، والإنجاز الشخصي، والأنا أولا ومن ثم الآخر إن جاء من الأساس، متمثلا في العائلة والمجتمع والنظم.
وبفعل موت التنظيمات، ولا أقصد هنا التنظيم السياسي فحسب، بل التنظيم المجتمعي والثقافي المؤثر، أصبحت النجاة فردية تماما، هذا المفهوم الصاعد بقوة، إذ من يستطيع النجاة وحده من كل مفردات القمع ينجو، وتنتهي مهمَّته. فلم يعد يفكر أي إنسان في كيف ننجو جميعا، ونتخلص من تمثلات القهر والاستلاب والاغتراب التي فرضتها علينا الأنظمة السياسية العربية. لكن حتى النجاة الفردية لا يُضمن تحققها وإن تجلَّى تحقيقها بتمظهرات مُختلفة زيفيّة، إذ تستطيع إسرائيل قتلك وأنت مواطن لبناني أو فلسطيني أو سوري، وإن كنت لا تسعى لمقاومتها، فالصاروخ ينزل ولا يفرّق بين مقاوم وغير مقاوم. أيضا قمعت الأنظمة العربية -نظام الأسد كان مثالا واضحا على ذلك- كثيرا من الناس غير السياسيين، قتلتهم ولم تهتم إن كانوا معارضين أو مؤيدين، فالمواطن العربي في عين أنظمته الاستبدادية مواطن لا يساوي عقب سيجارة، كما قال الروائي عبد الرحمن منيف.
إنها المنظومات الكبيرة التي تُدير حياتنا، رغما عنَّا، والتي سببت لنا الأمراض النفسية، إن كل ما نمرّ به من إشكاليات نفسية جزء رئيس منه هو اكتئاب سياسي، جمعي ووجودي، بامتياز
لم تفوّت المنظومة الرأسمالية وذراعها الاجتماعي النيوليبراليّ؛ الفرصة لاستغلال كم الأمراض النفسية التي اجتاحت وجدان الشعوب العربية، فانتشرت عيادات العلاج النفسي باهظة الأثمان، وسوَّقت لمفاهيم الخلاص الفرداني، ومُثل السعي نحو الذات، والابتعاد عن الآخر، وبلورت عدة سلوكيات وإرشادات فردانية بمفردات ثنائية ضيقة، "الصحي والتوكسيك"، كما يقول الكاتب المصري كريم محمد في أحد منشوراته. أما كل ما يخص الاجتماع، المجتمع والسياسة والثقافة، فابتعدوا عنه تماما، لا شأن لنا به، غاضين النظر بوعي أو دون وعي عن أن كل إشكالياتنا تتأسس وتنمو من خلاله. إنها المنظومات الكبيرة التي تُدير حياتنا، رغما عنَّا، والتي سببت لنا الأمراض النفسية، إن كل ما نمرّ به من إشكاليات نفسية جزء رئيس منه هو اكتئاب سياسي، جمعي ووجودي، بامتياز.
الصراع ما زال مستمرا، على الرغم من الحالة السيئة التي وصلنا إليها، فضلا عن انعدام وجود أو بناء معطيات سياسية واجتماعية جديدة، تفضي إلى حالة من اهتزاز أو هدم الحالة الاستبدادية في بلداننا العربية، لكن ما زالت توجد وتعمل بعض من إشراقات التنظيم والعمل المدني والحقوقي والثقافي، والسياسي بدرجة أقل منه، ربما مع الوقت والسعي نحو العمل الإصلاحي والثوري؛ تتفهّم كتل مؤثرة من الشعوب العربية أن حالة الجمود التي نحن عليها هي حالة لا تؤدي سوى إلى المرض النفسي الجمعي، ولا توجد أي طرق أمامنا سوى التحرك والمشاركة وتحدّي هذه المنظومات، من أجل الخلاص، واستعادة ذواتنا التي تم محوها بواسطة سياسات العنف المرئي والرمزي التي تمارس علينا.