قصة الثلاجة الكهربائية والسمكة التي أحبها السلطان سعيد بن تيمور
تاريخ النشر: 2nd, October 2023 GMT
أثير – فاطمة بنت ناصر، مترجمة وصحفية
سأحدثكم اليوم عن قصة: السمكة والثلاجة. أما السمكة فكانت تعيش في مياه الولايات المتحدة الأمريكية وتحديدا في المحيط الأطلسي الذي يحد الولايات المتحدة الأمريكية من جهة الغرب، واسم السمكة Chesapeake Bay shad. وهي سمكة نالت على رضا ذائقة السلطان سعيد بن تيمور.
مؤخرًا صادفت موضوعًا يعود لعام 1938، نشرته صحيفة Evening Star التي كانت تصدر من واشنطن حول هذه السمكة التي كانت من أهم أسباب أن يقطع السيد سعيد بن تيمور نصف العالم ليتذوقها في أمريكا. كنت أظن أن هذه ليست سوى مبالغة صحفية لا بد منها في صياغة الأخبار، غير أن الأمريكيين يثبتون هذا بعدة أدلة منها:
– قيامهم بسرد تاريخ علاقة السمك الأمريكي بعمان، التي سبقت عهد السلطان سعيد بن تيمور، فعلاقة عمان والسمك الأمريكي ترجع لما قبل تولي السيد سعيد بن تيمور لعرش عمان، ففي عام 1832م وتحديدا في عهد حكومة الرئيس الأمريكي السابع Andrew Jackson ( 1829-1837)، قام سفير أمريكا المتجول Edmund Roberts بجولة حول العالم استغرقت 445 يوما قطع خلالها 45،000 ألف ميل أي ما يعادل (72420.48 كم)، ولم تفضِ جولته إلى مفاوضة أية اتفاقيات تجارية عدا تلك التي قام بها مع سلطنة عمان والتي كانت زنجبار حينها تابعة لها، وقد كانت السمكة الأولى التي تصل إلى أرض الخليج عبر بوابة مسقط.
هذه السمكة تحديدًا لا يختلف حول مذاقها الشهي أي رئيس أمريكي بدءًا من الرئيس الأمريكي الأول George Washington وحتى رئيسها السابع الذي عاصر عهد رئاسته فترة حكم السلطان سعيد بن تيمور.
100 عام
بعد مرور 100 عام على قصة الاتفاقية التجارية بين أمريكا وسلطنة عمان في 1832م، وتحديدا في عهد السلطان سعيد بن سلطان، جاءت الاتفاقية الثانية في عام 1932م؛ فقد استقبل السلطان سعيد بن تيمور وفد التفاوض الأمريكي وأكرمهم بمأدبة عشاء في مسقط. كانت مأدبة فاخرة لكن دون ملاعق ولا أشواك ولا سكاكين!. وهذا أمر متعمد بالطبع ففي ذلك الوقت كانت هناك ملاعق وغيرها من أدوات الأكل، لكن من المعروف اعتزاز السلطان سعيد بن تيمور بأصله العربي ورسائله الضمنية في رفض الانقياد للغرب حتى في أبسط الأمور.
بعد أن غادر الوفد السلطنة عائدا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، قرروا أن يبعثوا بهدية تعبّر عن امتنانهم للسلطان سعيد بن تيمور، فكانت الهدية عبارة عن ثلاجة كهربائية حديثة.
الثلاجة
لم يكن حمل الثلاجة من الباخرة إلى القصر بمسقط بالأمر السهل، وذلك للطبيعة الجغرافية للميناء وبعد مرسى السفينة نسبيًا عنه، وقد تم الاستعانة بقارب لينقل الثلاجة إلى الشاطئ ومنه إلى قصر السلطان. كان القصر بمسقط قد زود حديثًا بالكهرباء وحين وصلت الثلاجة إلى القصر وتم فتحها أمام السلطان كانت المفاجأة، بوجود كمية من سمكة Chesapeake Bay shad. ومن هنا تأتي قصة أخرى تتعلق بعظام هذه السمكة.
سمكة بدون عظام
أراد الوفد الأمريكي إرسال هدية مميزة للسلطان لا تقتصر فقط على أول ثلاجة كهربائية تدخل إلى عُمان، لكن قرروا أن يملأوها بسمكتهم Chesapeake Bay shad الشهية التي كانت إلى جانب مذاقها اللذيذ معروفة بكثرة عظامها. وقد قرر الأمريكان أن يقدموا للسلطان سعيد بن تيمور أفضل تجربة لتذوق السمكة دون أن تشغله عظامها عن التلذذ بلحمها، ولهذا طلبوا طلبًا خاصًا من شركة الأسماك لتقوم بنزع كل العظام التي ستقدم هدية للسلطان سعيد، لتصل إلى مائدته بلحمها النقي لا تنغصه عظامها الكثيرة عن مذاقها الرائع.
من نزع العظام؟
يذكر المقال أن من قام بنزع عظام السمك المقدم للسلطان سعيد هو Cy Ellis وهو يعد أبرز من يتقنون هذا الأمر، وقد وصفت الصحيفة عمله بأنه “فن صعب ندرة من يجيدونه”. صورت الصحيفة Cy Ellis وهو يقوم بتجهيز السمكة تلو الأخرى لنزع عظامها، لم يكن يلبس لباس عامل في مصنع بل كان يرتدي بدلة فنان راقٍ. وقد أضافت الصحيفة أنه بلا شك فخور بأن توكل إليه مهمة تجهيز هدية سلطان عمان.
من كتب المقال؟
من قام بكتابة المقال ليس صحفيًا مبتدئًا يبحث عن الشهرة عن طريق المبالغة وكتابة العناوين اللافتة، بل هو صحفي مخضرم حاصل على عدة جوائز وله إنجازات كثيرة.
الشاعر والصحفي والمراسل والناقد John J. Daly وهو أحد أشهر الصحفيين في أمريكا. بدأ مسيرته الصحفية بالوقوف أمام والده مدافعا عن قناعته، فقد كان والده أحد العاملين في مطابع صحيفة Washington Post لمدة ١٠ أعوام (١٨٧٠- ١٨٨٠) وقد شهد النقلة في عالم الطباعة من الطباعة بواسطة آلة “الضرب بالقالب” وصولا إلى الطباعة بالكبس الحراري وأول آلة طباعة متنقلة عرفت باسم Linotype، وكان ذلك العمل الشاق سببا لرفض الأب نهائيا فكرة أن يعمل أي من أبنائه في عالم الصحافة، حيث قال صراحة: “لن يصبح أي من أبنائي صحفيًا”، وقد أنفق الأب مبالغ كبيرة حتى يتخرج ابنه من الجامعة الكاثوليكية في تخصص الهندسة الميكانيكية.
لم يخيّب الابن ظن والده لكنه تخرج من الجامعة وذهب للعمل في اليوم التالي في صحيفة Washington Post وعمل مراسلًا رياضيًا. أما سبب شهرته الكبيرة فتعود إلى تغطيته لحريق نشب في مسرح Knickerbocker – عرف بحريق واشنطن العظيم- في ٢٨-١- ١٩٢٢م، وقد كان من الناجيين من الحريق، وقام بكتابة قصة الحريق فور نجاته وكتب الليل بطوله تحقيقا كاملا من ٥٠٠٠ كلمة، ولم يتوقف عن الكتابة حتى تورمت أصابعه. بعد هذه التغطية الصحفية المميزة، انهالت عليه العروض من عدد كبير من الصحف والمجلات الأمريكية.
وما يعنينا هنا أن المقال كُتب في عام ١٩٣٨م أي بعد أن أصبح الكاتب أحد أشهر الصحفيين في أمريكا! ومن هنا تأتي أهمية المقال الذي كان مميزًا جدًا ويحمل العديد من الإضاءات التاريخية التي تدل على تمكّن ملحوظ وكتابة تجمع ما بين الرصانة والتشويق.
المصادر:
– أرشيف صحيفة Evening Star
- https://www.washingtonpost.com/news/capital-weather-gang/wp/2013/04/26/knickerbocker-snowstorm-the-washington-posts-john-jay-daly/
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: التی کانت
إقرأ أيضاً:
جلالة السلطان يبحث التطورات المقلقة في المنطقة مع عدد من رؤساء الدول
العمانية: أجرى حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ اليوم، اتصالات هاتفيّة مع كلّ من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، وفخامة الرئيس إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، ودولة كير ستارمر، رئيس وزراء المملكة المتحدة.
جرى خلال الاتصالات بحث تطوّرات التصعيد الخطير بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإسرائيل، وما يشهده من تزايد في وتيرة الهجمات وانعكاساتها المدمرة على البنى الأساسية والمدنيين، وما قد يترتب عليها من تداعيات تمسّ أمن واستقرار دول المنطقة بأسرها.
كما تم التطرق إلى الهجمات الأخيرة التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية على مواقع في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وما تنذر به من مزيد من التوتر والتصعيد.
وتم التأكيد خلال هذه الاتصالات على أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لوقف دوامة التصعيد، وتجنيب المنطقة مزيدًا من الدمار والمعاناة، بما في ذلك الأخطار البيئية والتداعيات الإشعاعية المحتملة، صونًا لأرواح الشعوب وحفاظًا على أمن واستقرار المنطقة.
كما أجرى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – ، اتصالا هاتفيا مع أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
جرى خلال الاتصال تبادل وجهات النظر بشأن التطورات المقلقة في المنطقة، والتأكيد على ضرورة تضافر الجهود وتكثيف التنسيق الإقليمي والدولي للحد من التصعيد بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإسرائيل، بما يسهم في تجنيب المنطقة ويلات الأزمات والكوارث، وحماية شعوبها ومنشآتها ومكتسباتها.
كما عبّر الجانبان عن رفضهما للهجمات التي شنّتها الولايات المتحدة الأمريكية على أراض إيرانية؛ لِما تمثله من تصعيد يعيق جهود التهدئة ويزيد من حدة التوتر، بما قد يُنذر بتداعيات خطيرة تهدد أمن واستقرار المنطقة بأسرها.
وتلقّى جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ اتصالا هاتفيا من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود وليّ العهد، رئيس مجلس الوزراء بالمملكة العربية السّعودية.
جرى خلال الاتصال التشاور بشأن التطورات المتسارعة والتصعيد الخطير بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وإسرائيل، والتدخل الأمريكي الأخير على بعض المنشآت الإيرانية.
كما تم التأكيد على ضرورة الإسراع في تكثيف الجهود الإقليميّة والدوليّة لوقف هذه الحرب المدمّرة، وتهيئة السّبل لفتح قنوات التفاهم والحوار، بما يضمن أمن واستقرار الجميع، ويصون الأرواح ويحفظ المقدّرات.
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد شنّت، في ساعة متأخرة من مساء الأحد، ضربات جوية استهدفت مواقع نووية إيرانية، في تصعيد جديد وخطير للصراع في منطقة الشرق الأوسط.