أثير- عبدالله العريمي

لم أزل في ظل الدهشة الأولى التي أحاطتني بها العاصمة السعودية الرياض وكأن اللفظ والمعنى هناك يتناوبان بمهارة عالية لتفعيل الحواس وتشكيل تقويم جديد في المملكة العربية السعودية، ففي حالات تغيير الصور النمطية وتحرير القيم المُعاشة – بعيدا عن ميزان الصواب والغلط – وصناعة مصائر الأمم لابد من حوار متكافئ بين الزمن والفعل البشري، أما ثورة المملكة فهي تتجاوز الزمن بحرفية عالية وأهداف واضحة، والنص الذي تكتبه المملكة العربية السعودية ممتلئ بعناوين ثقافية واجتماعية دقيقة، كل شيء هناك معدٌّ لاصطياد تلك الملامح والعناوين الدالة عليه، ومستعد أيضا لتكوين الصور في المخيلة المعدة بدورها للاقتناع الصافي بالحرية وميلاد الربيع في الروح قبل الأرض، ذلك هو النص الذي يكتبه الأمير محمد بن سلمان دون الشفاء الكامل من التاريخ أو الإغراق الكلي في الحضارة، في الرياض صورٌ لا حصر لها تحتل وعي الشاعر دون مجاز أو كناية أو تورية، بل موسيقى مرئية تدربه بمهارة على الطيران إلى مستوى الجمال ومستوى الحب، لقد كان كل شيء فيها يتحدث بلغة مصفاة، النوافذ والشوارع والشعارات المكتوبة على الجدران، لطف الإنسان وصفو تعامله وتجانسه مع شعرية المكان، كل شيء نجاة وانتصار، نجاة من فخ الفراغ ومكائد التاريخ المقنّع، وانتصار عناصر التاريخ الصافية ومكوِّنات الجمال المحض، عناصر تؤدي واجبها الوطني والإنساني لتؤلف بين الواقع والخيال وتنزل المستحيل من عرشه المتخيل ليكون ممكنا تعيشه المملكة العربية السعودية إنسانا وتاريخا وثقافة، لقد كان معرض الرياض الدولي للكتاب هو مسرح الأحداث الذي تفرعت منه طرق ومعابر إلى جماليات تجعلك واقفا إزاء معضلة لغوية كبيرة، إذ كيف يمكن أن تفصّل ثوبا لغويا يغطي مساحات الإحساس بالضوء المبشِّر بهذه الرحلة السريعة بمقاس التوقيت البشري والأبدية بتوقيت الرياض، العاصمة العربية المضاءة كلها بمصابيح الأمل، الأمل الذي يبدو وكأنه يتمشى معك في شوارعها، ولا يمكّنك من اجتياز منطقة الفرح بما هو كائن لتكون شاهدا على مسببات الحلم الكبير، سعودية الصنع، لا أوراق هنا في حالة وداع لأشجارها، ولا حروف منفصلة عن لغة تشرح مدارج اللون واشتقاقاته في التكوين السعودي الجديد، لغة تدوِّن الأزرق المرسل من خيمة الفجر إلى البنفسجي المطمئن من الورد المزهر في أواخر الربيع وبدايات الصيف، هكذا أفهم مترادفات اللون وامتزاجه في تكوين الحاضر البنفسجي المزرق المكتظ بدلالات الحب والسلام في الرياض، وقد تركتها وهي منشغلة بكتابة قصائدها بضوء مشع ، ومأخوذة بتفاصيل الوجود، تلك هي الرياض كما عرفتها في مساء يحرِّكه إيقاع نبل الأصدقاء، وفتوتها التي تفضي إلى لقاء آخر، فالأشياء العظيمة تلك التي لا تبوح بأسرارها دفعة واحدة، والسعودية اليوم متناغمة جدا بين متعة ما تم اكتشافه وحكمة السؤال والبحث الذي يرفعنا إلى مستويات الانتباه لما يمكن أن يكون.

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

في ذكرى رحيله الـ15.. عبدالله فرغلي “الأستاذ” الذي صعد من فصول اللغة الفرنسية إلى قمة المسرح والسينما (تقرير)

 

تحل اليوم 18 مايو الذكرى الخامسة عشرة لرحيل الفنان القدير عبدالله فرغلي، أحد أعمدة الفن المصري، الذي ترك بصمة لا تُنسى في المسرح والسينما والتلفزيون، وامتدت مسيرته الإبداعية لأكثر من 40 عامًا، قدّم خلالها نحو 200 عمل فني.

 


من معلم لغة فرنسية إلى نجم المسرح

وُلد عبدالله فرغلي عام 1928، وبدأ حياته المهنية مدرسًا للغة الفرنسية، قبل أن ينتقل إلى عالم الفن في ستينيات القرن الماضي. كانت انطلاقته الحقيقية من خلال خشبة المسرح، حيث جذب الأنظار بأدائه الكوميدي الذكي، وكان من أبرز أعماله المبكرة مع فؤاد المهندس في مسرحيتي “أنا وهو وسموه” (1966) و“حواء الساعة 12” (1968).

الفنان القدير عبدالله فرغلي
“علام الملواني” ونجومية المسرح

نال شهرته الكبيرة من خلال مسرحية “مدرسة المشاغبين”، حيث جسّد شخصية “علام الملواني” المشرف الاجتماعي الذي وقف في وجه الطلبة المشاغبين، وأصبح هذا الدور من أشهر الشخصيات في تاريخ المسرح المصري. وشارك في عدد من المسرحيات الكلاسيكية مثل:
• “هاللو شلبي”
• “سيدتي الجميلة”
• “الفلوس حبيبتي”
• “سكر زيادة”

 


السينما.. من “أرض النفاق” إلى “الحريف”

امتدت موهبة فرغلي إلى الشاشة الكبيرة، وشارك في أفلام أيقونية أبرزها:
• “أرض النفاق”
• “سفاح النساء”
• “الشقة من حق الزوجة”
• “فوزية البرجوازية”
• “الدنيا على جناح يمامة”

وكان له حضور قوي في أفلام عادل إمام، منها:
• “الحريف” (بدور “رزق الإسكندراني”)
• “المولد” (بدور “علي الأعرج”)
• “احترس من الخط”

 

الدراما التلفزيونية: حضور دائم

في التلفزيون، ترك عبدالله فرغلي بصمته في أعمال لا تُنسى، منها:
• “أبنائي الأعزاء.. شكرًا”
• “أخو البنات”
• “حدائق الشيطان”

وكان آخر ظهور له في الجزء الأول من مسلسل “الجماعة” عام 2010، قبل رحيله في العام ذاته عن عمر ناهز 82 عامًا.

 

إرث لا يُنسى

لم يكن عبدالله فرغلي مجرد ممثل، بل أستاذًا في الأداء والتنوع، مزج بين خفة الظل والقدرة على تقمص الأدوار الصعبة، ليحجز لنفسه مكانة خالدة في ذاكرة المشاهدين. في ذكرى رحيله، لا يزال اسمه يُذكر بكل احترام كأحد رواد الأداء المسرحي والتلفزيوني في مصر.

رحل بجسده، لكن صوته وضحكته ووقاره لا تزال تعيش في وجدان أجيال.

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: سوء الظن من سوء السبيل !!
  • DAZN : الهلال فخر السعودية ونبض الرياض .. فيديو
  • إطلالات متميّزة لنجمات المملكة العربية السعودية في مهرجان كان السينمائي
  • من وصول أولى دفعات الحجاج السوريين إلى مطار جدة في المملكة العربية السعودية
  • د.حماد عبدالله يكتب: "مطلوب" مراكز للتميز !!
  • برعاية «الخريف».. شراكة سعودية صينية لإنشاء أول مصنع لإنتاج الصفيح المقصدر في المملكة
  • د.حماد عبدالله يكتب: العمل العام "والمصالح" !!
  • كلمات مؤثرة لحجاج سوريين في مطار دمشق الدولي قبل توجههم إلى المملكة العربية السعودية لأداء فريضة الحج
  • في ذكرى رحيله الـ15.. عبدالله فرغلي “الأستاذ” الذي صعد من فصول اللغة الفرنسية إلى قمة المسرح والسينما (تقرير)
  • انطلاق الدفعة الأولى من الحجاج السوريين إلى المملكة العربية السعودية