ما هي دروس صراع ناغورني قره باغ بعد مأساة استمرت 3 عقود؟
تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT
أعلن رئيس "جمهورية آرتساخ"، المعلنة من جانب واحد صمويل شارهرامانيان، أنه حلّ كل مؤسسات منطقة ناغورني قره باغ، فيما فر معظم أرمن هذه المنطقة من الإقليم الذي يعاد دمجه بأذربيجان.
تسعى واشنطن وبروكسل إلى ملء الفراغ الروسي
وتتساءل صحيفة "غارديان" البريطانية عن الدروس التي يمكن استخلاصها من هذه الخاتمة المأسوية لثلاثة عقود من النزاع الانفصالي في أوروبا.
أعادت صور الطوابير الطويلة من السيارات المتقاطرة من ناغورني قره باغ الجبلية إلى أرمينيا المجاورة، إلى الأذهان، ذكريات مظلمة عن التطهير العرقي الذي اعتقدت أوروبا أنه بات من الماضي. وفيما أعاد الغزو الروسي لأوكرانيا بحماقاته ودماره الوحشي، أوروبا إلى الأيام المرعبة للحروب العالمية، فإن هروب الأرمن يحيي ذكريات بلقان التسعينات –أو حتى ما هو أبعد كثيراً، نهاية الامبراطورية العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى.
Nagorno-Karabakh’s tragedy has echoes of Europe’s dark past. But a remedy lies in Europe too, my latest @TheGuardian https://t.co/FAXC0S7acK
— Nathalie Tocci (@NathalieTocci) October 2, 2023
لا شك في أن ناغورني قره باغ يقع ضمن الحدود الرسمية المعترف بها لأذربيجان. ولم تتساءل أوروبا والأسرة الدولية يوماً حول هذه المسألة. وقد سلطت الحرب في أوكرانيا الضوء مجدداً على أهمية سيادة وسلامة الأراضي باعتبارهما محورين أساسيين للقانون الدولي.
وفي هذه الحال، لا أسباب قانونية سليمة لمعارضة إعادة دمج قره باغ بأذربيجان. ومن المهم التذكير بأن الرئيس الأذري إلهام علييف لم يأمر 120 ألفاً من السكان المحليين الأرمن بالرحيل، ناهيك عن توجيه البندقية إلى رؤوسهم. وعرضت باكو الهوية الأذرية على جميع أرمن قره باغ، الذين يلقون السلاح ويتخلون عن الكفاح السياسي للاستقلال.
ومع ذلك، وبعيداً عن الشكل، فإن هناك محتوى يشير بشكل جذري إلى حالة أخرى من التطهير العرقي في أوروبا. وقد يكون علييف راغباً في إعادة دمج أرمن قره باغ، لكن أذربيجان ليست ديمقراطية. وفي حال إعادة دمجهم في بلد لا يحمي حقوق الإنسان الفردية ولا الحريات الأساسية- ناهيك عن الحقوق الجماعية، التي من غير المرجح أن تمنح للأرمن، فإن اقتراح علييف لن يكون جذاباً على الإطلاق.
وإلى ذلك، هناك كراهية عميقة بين الأرمن والأذريين، وهي أعمق من تلك الموجودة بين الجورجيين والأبخازيين أو الأوسيتيين، أو المولدافيين وسكان إقليم ترانسنيستريا. وهذه الكراهية ترتبط عميقاً بالجروح التي أحاطت بالإبادة الجماعية للأرمن عام 1915، والتي لا تعترف بها تركيا، التي رحبت بالتحرك الأذري في قره باغ. وبينما لا تقارن المسألتان من حيث العنف والحجم، فإن هجرة أرمن قره باخ من أذربيجان "التركية" سوف تنتهي بربطها بقصة أكبر وأقدم للمظلومية الأرمينية، ولتجريدهم من ممتلكاتهم. وبدلاً من أن تلتئم، فإن جروح الأرمن تنزف مجدداً.
"It is also important to underline that Azerbaijan...has not ordered 120,000 local Armenians to leave, let alone pointed a gun at their heads. Baku has offered to extend citizenship to all...who lay down their weapons and the struggle for independence," https://t.co/Z0pt0c6WxP
— Nurlan Mustafayev (@nmustafayev) October 2, 2023
وتتذكر الكاتبة ناتالي توتشي رحلتها إلى قره باغ عام 2001، حيث لاحظت أن لا مجال لتسوية تفاوضية هناك. وحتى قبل طفرة النفط في أذربيجان، وتوظيف عائداته بكثافة في الصناعات الدفاعية، بدا واضحاً أن قره باخ لن يصبح دولة مستقلة في يوم من الأيام. لكن عوض مواجهة الواقع واستخدام الرافعة التي توافرت بعد عام 1994، لتأمين سلام المنتصر، افترض الأرمن أنهم سيتمتعون باليد العليا إلى الأبد. وعلى مدى عقود لم يتراجعوا عن مطالبتهم بالاستقلال، وها قد انتهى بهم الأمر بالتخلي عن ممتلكاتهم بشكل مأسوي.
لقد تخلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أرمن قره باغ، وتركهم لمصيرهم بسبب غزوه الفاشل لأوكرانيا، وبسبب الحقد على رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، الذي يسعى إلى نقل بلاده إلى أوروبا والغرب.
وفي الوقت نفسه يدرك الأرمن أنه لولا التخلي الروسي عنهم لما كانت الأمور لتسير على هذا النحو. إن شعورهم بخيانة روسيا عميق جداً. وتسعى واشنطن وبروكسل إلى ملء الفراغ واظهار التضامن حيال الأرمن. ويستلزم الأمر أكثر من الكلمات والمال لتعزيز طريق أرمينيا نحو الديمقراطية. إنه يتطلب التزاماً دائماً على مدى سنوات، أولاً وقبل كل شيء من قبل الأوروبيين. ومع إعادة فتح الاتحاد الأوروبي ملف التوسيع عبر اتاحة المجال لضم أوكرانيا ومولدافيا وربما جورجيا- فليس هناك طريقة أفضل للقيام بهذه المهمة، من عرض احتمال عضوية الاتحاد الأوروبي على أرمينيا أيضاً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب انتخابات المجلس الوطني الاتحادي التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة ناغورنی قره باغ أرمن قره
إقرأ أيضاً:
الهواري يحذِّر من غياب الرحمة في السلوك اليومي ويدعو إلى استلهام دروس الهجرة
ألقى الدكتور محمود الهوَّاري، الأمين العام المساعد للدَّعوة والإعلام الدِّيني بمجمع البحوث الإسلاميَّة، صباح اليوم، محاضرةً لطلَّاب كليَّة (التمريض) بجامعة بني سويف، تناول فيها أبعادًا إنسانيَّة وعمليَّة مِنَ الهجرة النبويَّة، وذلك في إطار جهود المجمع في نَشْر الوعي القيمي والتربوي، وتفعيل دَور الخطاب الدِّيني في بناء وعي الشباب الجامعي؛ مِن خلال التعاون المستمر مع الجامعات والمؤسَّسات التعليميَّة، وفي سياق الحملة الدَّعويَّة التي أطلقها المجمع بعنوان: (الهجرة النبويَّة.. ميلاد أمَّة ورسالة تتجدَّد)؛ بهدف ترسيخ القِيَم الأخلاقيَّة، وتعزيز الانتماء والمشاركة الفاعلة في قضايا الوطن.
وقال الدكتور الهوَّاري، إنَّ الهجرة النبويَّة كانت لحظةً فاصلةً صنعتها مجموعةٌ مِنَ القِيَم الحاكمة، التي ما زالت صالحةً لإصلاح الفرد والمجتمع، يأتي في مقدِّمتها: (الرَّحمة)، تلك القيمة التي تجلَّت بوضوح في تصرُّفات النبي مع مَن آذوه؛ إذْ خرج مِن مكَّةَ دون أن يردَّ الأذى، بل حرص على ردِّ الأمانات، مبيِّنًا أنَّ هذه السلوكَّ النبويَّ وعيٌ راقٍ، ونُبلٌ أخلاقيٌّ يعلو فوق الخصومات.
وأشار الأمين العام المساعد للدَّعوة والإعلام الدِّيني إلى أنَّ موقف النبي مِن سراقة بن مالك، الذي خرج يُطارده، ثم سَمِعَ منه وعدًا بسوارَي كسرى؛ يعكس قيمة الأمل العميقة في قلب النبي، مؤكِّدًا أنَّ الثقة بموعود الله لا تتنافَى مع شدَّة الخطر؛ بل هي وقود الثبات في أحلك الظروف، داعيًا الشباب إلى الإيمان بقدراتهم مهما ضاقتْ بهم السُّبُل، والعملِ على تحويل التحديات إلى فُرَص.
كما أكَّد أهميَّة الجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكُّل، موضِّحًا أنَّ النبي خطَّط بدقَّة للهجرة؛ إذِ اختار الصُّحبة، وحدَّد المسار، ورتَّب التفاصيل، لكنه في الوقت نفْسه ظلَّ على يقينٍ أنَّ النَّصر مِن عند الله؛ وهي رسالة قويَّة مفادها أن الإيمان لا يُغنِي عن العمل، وأنَّ النجاح ثمرةُ جهدٍ واعٍ وثقة صادقة.
وتناول الدكتور محمود الهوَّاري الإيجابيَّةَ والسَّعيَ بوصفهما ركيزتَين في كلِّ تحرُّك نبوي؛ فالرسولُ خرج وهو يحمل مشروعًا للتغيير لا لمجرَّد نجاة شخصيَّة، مشدِّدًا على أنَّ الإيجابيَّة -بالإضافة إلى المعنى الذي تحمله مِنَ التفاؤل- تعني تحمُّل المسئوليَّة والمبادرة، والجِدِّيَّة في بناء الذَّات وخدمة المجتمع، وهي القِيَم التي يحتاجها طلَّابُ اليوم لبناء مستقبَلهم ومجتمعهم.
وسلَّط الدكتور الهوَّاري الضوءَ على دَور الشباب في الهجرة النبويَّة، مبيِّنًا أنَّ كثيرًا مِنَ المهام المحوريَّة في هذا الحدث العظيم أُنيطَ بالشباب: مِن إعداد المَبيت، إلى جَمْع المعلومات، إلى إخفاء الأثر؛ ممَّا يعكس ثقة النبي بطاقات الشباب، داعيًا الطلَّاب إلى أن يكونوا فاعلين في مجتمعاتهم.
واختتم الدكتور محمود الهوَّاري بتأكيد أنَّ الرحمة اليوم غائبة عن كثيرٍ مِن مفاصل المجتمع: في الأسرة، والعمل، والأسواق، وبين الأصدقاء والشُّركاء، وأنَّ إحياء هذه القيمة ضرورةٌ لبناء مجتمع متماسك ومتراحم، لافتًا إلى أنه مَن أراد أن تكون له هجرة في هذا العصر؛ فليُهاجِر مِنَ القسوة إلى الرحمة، ومِنَ السلبيَّة إلى العمل، ومِنَ التخلِّي إلى التحمُّل.