هل بدأ الدعم الغربي لأوكرانيا يتآكل؟
تاريخ النشر: 4th, October 2023 GMT
تناولت عدة صحف غربية موضوع المساعدات الغربية لأوكرانيا، عن اتفاق تجنب إغلاق الحكومة الأميركية الذي أسقط الدعم لأوكرانيا، إذ رأت مجلة "تايم" أن ثمنه سيكون باهظا بالنسبة لكييف.
كذلك تكليف الزعيم الشعبوي روبرت فيكو، بتشكيل الحكومة في سلوفاكيا والذي وعد بعدم تسليم "‘طلقة واحدة" إلى أوكرانيا، وهو ما رأته صحيفة "لاكروا" الفرنسية بداية تصدعات في الدعم الغربي لهذا البلد.
في حين بدا لصحيفة "لوموند" الفرنسية هي الأخرى، أن كلا الأمرين يشكلان تحذيرا من استغلال الحرب التي تفرضها روسيا على أوكرانيا لأغراض سياسية داخلية.
ورأى جيفري سونينفيلد، وهو أستاذ الإدارة وعميد مشارك أول في كلية ييل للإدارة، في مقال له بمجلة "تايم" الأميركية أن الاتفاق المفاجئ الذي اقترحه رئيس مجلس النواب السابق كيفن مكارثي في اللحظة الأخيرة لتجنب إغلاق الحكومة كان له ثمن باهظ بالنسبة لأوكرانيا.
ويشير سونينفيلد إلى أن التراجع عن دعم كييف في حربها ستكون له آثار كارثية، ويصب مباشرة في مصلحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الرابح الوحيد من إضعاف دعم الحلفاء، حسب رأيه.
الخيار الأبسط
وأوضح الكاتب أنه يتعين على الناخبين أن يفهموا بعض الأمور المتعلقة بالدعم الأميركي لأوكرانيا، ومنها أولا أن أوكرانيا ليست ثقبا يضيع فيه المال كما يصور المناهضون لدعمها، بل إن هذا الدعم أرخص كثيرا مما يبدو.
فالمساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا البالغة 43 مليار دولار منذ غزو روسيا تعادل نحو 5% من ميزانية الدفاع الأميركية وأقل من 1% من إجمالي الإنفاق الحكومي، وفق سونينفيلد، ومع أن المبلغ ليس ضئيلا، فهو لا يتجاوز ما تنفقه الولايات المتحدة على البرامج الخاصة بالوكالات الحكومية.
كما أن الأسلحة التي ترسلها الولايات المتحدة، مثل 186 دبابة برادلي التي تحتاجها أوكرانيا بشدة، من مخزوناتنا لا تكلف أموالا طائلة –حسب الأستاذ- والولايات المتحدة لا تتحمل العبء بمفردها.
ويقول الكاتب إن أوروبا أسهمت بمبلغ معادل للمساعدات العسكرية الأميركية وضعف ذلك في الدعم الإنساني، حتى إن بعض الدول الأوروبية مثل إستونيا تخصص نصف ميزانيتها الدفاعية لأوكرانيا.
ويعتبر سونينفيلد أن الأهم للولايات المتحدة أنها لم ترسل أي قوات إلى أوكرانيا، ولم تفقد أي أرواح هناك.
وذكر الكاتب بأن ما وصفها بالاستثمارات المالية الأميركية الضئيلة تعود منها على البلد عوائد هائلة، إذ دمرت أوكرانيا 50% من القوة العسكرية الروسية، مما اضطر بوتين إلى إنفاق ما يزيد على 150 مليار دولار على تجديد الموارد العسكرية للبلاد.
كما أدت العقوبات ومعها نزوح أكثر من ألف شركة من القطاع الخاص، إلى خنق الاقتصاد الروسي، مع انخفاض بعض القطاعات من 60 إلى 90%، إلى جانب تكاليف الحرب المتصاعدة، وفق سونينفيلد.
وأردف الكاتب أن "الاسترضاء" ليس خيارا جديا، وإذا اختارت واشنطن عدم تمويل المساعدة العسكرية لأوكرانيا كما يريد الجمهوريون مثل النائبين مات غايتس وراند بول، أو إذا أجبرت أوكرانيا على تسليم أراضيها كما اقترح كاتب العمود في صحيفة "نيويورك تايمز" توماس فريدمان، فإننا سنواجه حتما ارتفاع التكاليف أكثر.
ويعيد سونينفيلد ذلك إلى أن أجندة بوتين التوسعية لا تتوقف عند أوكرانيا، بل ستشمل بولندا ومولدوفا وفنلندا والسويد وغيرها.
وبالتالي فإن الخيار الأبسط –كما يراه جيفري سونينفيلد- هو إنفاق أقل من 1% من ميزانية الحكومة لدعم الدفاع في أوكرانيا اليوم، أو إنفاق مزيد في المستقبل.
ويرى الكاتب أن بوتين يترنح الآن، والسهم الوحيد المتبقي في جعبته هو استخدام الدعاية والاستنزاف لإضعاف دعم الحلفاء.
إشارات سيئة
أما صحيفة "لاكروا" الفرنسية، فرأت في افتتاحية لها أن المخاوف بدأت تتزايد من تراجع الدعم الغربي.
ورأت الصحيفة في تكليف روبرت فيكو الذي وعد بعدم تسليم "ذخيرة" إلى كييف بتشكيل الحكومة في سلوفاكيا، وفي الاتفاق الذي جنب الإدارة الفدرالية الأميركية الشلل على حساب التضحية بجزء من المساعدات لأوكرانيا، إشارات سيئة.
ويُضاف إلى تلك الإشارات القرار الذي اتخذته بولندا بقطع شحنات الأسلحة، وعدد من استطلاعات الرأي الأميركية التي تدعو إلى التركيز على مكافحة الهجرة غير الشرعية عوضا عن الحرب طويلة الأمد.
وأشارت الصحيفة إلى أننا مع ذلك، ينبغي ألا نبالغ في وصف حالة "الضجر" التي أصابت الغربيين، لأن من شأن ذلك أن يصب في مصلحة موسكو التي لا تنتظر سوى ذلك.
ورأت "لاكروا" أن ثمة معطيات جيدة، إذ إن روبرت فيكو لم يحصل إلا على 23% من الأصوات، كما أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب -أكثر المرشحين تأييدا لروسيا- أقرب إلى الإدانة من قبل المحاكم منه إلى ولاية ثانية، ناهيك عن أن الدعم البولندي للاجئين الأوكرانيين لا يزال قويا.
ومن جانبها، أبدت صحيفة لوموند مخاوفها من أن سقوط سلوفاكيا في المعسكر الموالي لروسيا قد يؤثر في الالتزام الأوروبي تجاه أوكرانيا، لكنها قللت من أهمية ما حصل في الكونغرس، وفي سلوفاكيا على حد سواء، معتبرة أنه لا يعكس حتى الآن موجة عارمة.
وخلصت الصحيفة الفرنسية إلى أن هذه الأحداث تذكر "الديمقراطيات" بواجباتها، وبأن الموافقة على الدعم المطول لأوكرانيا تتطلب جهدا دؤوبا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
بريطانيا تعد بتسليم 100 ألف مسيّرة لأوكرانيا وزيلينسكي يجري تعديلات بقيادة الجيش
تعهدت بريطانيا اليوم الأربعاء بتزويد أوكرانيا بـ100 ألف طائرة مُسيّرة، وذلك تزامنا مع إجراء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تغييرات في قمة قيادة جيش بلاده.
وتعهدت الحكومة البريطانية بتسليم المسيرات بحلول نهاية السنة المالية الحالية في أبريل/نيسان 2026، وذلك بعد قولها إن الطائرات المسيرة غيّرت إستراتيجيات خوض الحروب.
وقالت الحكومة البريطانية إن هذه المسيرات -التي تبلغ قيمتها 350 مليون جنيه إسترليني (473 مليون دولار)- تُعد جزءا من مبادرة دعم عسكري أوسع نطاقا لأوكرانيا تصل قيمته إلى 4.5 مليارات جنيه إسترليني (نحو 6 مليارات دولار أميركي).
ومن المقرر أن يعلن وزير الدفاع جون هيلي عن هذا القرار في اجتماع مجموعة الاتصال الدفاعية لأوكرانيا التي تضم 50 دولة في بروكسل والذي تشارك ألمانيا في استضافته.
وفي بيان قبيل الاجتماع، أكد هيلي أن "بريطانيا تكثف دعمها لأوكرانيا من خلال تسليم مئات الآلاف من الطائرات المسيرة هذا العام واستكمال إنجاز كبير في تسليم ذخيرة مدفعية بالغة الأهمية".
وإلى جانب تسليم المسيرات، قالت بريطانيا إنها أتمت شحن 140 ألف قذيفة مدفعية إلى أوكرانيا منذ يناير/كانون الثاني الماضي، وإنها ستنفق 247 مليون جنيه إسترليني (حوالي 334.5 دولار أميركي) هذا العام لتدريب قوات أوكرانية.
إعلان تعديلات بقيادة الجيشفي الأثناء، أجرى زيلينسكي تغييرات في قمة القيادة العسكرية، حيث أعلن مساء أمس الثلاثاء أن القائد السابق للجيش ميخايلو دراباتيي أعفي من المهام التنظيمية مثل التعبئة والتدريب وتجهيز المجندين.
وقال زيلينسكي "سيركز دراباتيي بالكامل على القضايا القتالية، وتم تعيينه قائدا للقوات المشتركة حتى يتسنى له التركيز بنسبة 100% على الجبهة".
وجاء تقليص مسؤوليات دراباتيي (42 عاما) بعد هجوم صاروخي روسي مميت استهدف ميدانا للتدريب العسكري في منطقة دنيبروبتروفسك، أسفر عن مقتل 12 جنديا أوكرانيا وإصابة العشرات.
كما عيّن الرئيس الأوكراني أوليه أبوستول قائدا لقوات المظليين، وروبرت بروفدي قائدا لوحدات الطائرات المسيرة.
وأعلن زيلينسكي أن فاديم سوخاريفسكي سيتولى مهمة تحديث هيكل القيادة بالكامل بصفته نائب القائد الجديد لمجموعة الجيش الشرقي.
وتواجه أوكرانيا ضغوطا شديدة على الجبهة في ظل استمرار الغزو الروسي الذي دخل عامه الرابع.
أضرار كبيرةوفي سياق متصل، قالت صحيفة واشنطن بوست إن صور أقمار صناعية ومقاطع فيديو أظهرت تضرر 13 طائرة روسية جراء الهجوم الأوكراني على قواعد عسكرية في عمق روسيا.
ونقلت واشنطن بوست عن خبراء قولهم إن الطائرات المتضررة شملت 8 قاذفات من طراز "تي يو 95" البعيدة المدى والقادرة على حمل أسلحة نووية.
وكانت الاستخبارات الأوكرانية أعلنت الأحد الماضي نجاحها في تنفيذ عملية نوعية ضخمة استهدفت 40 طائرة إستراتيجية روسية بسيبيريا، في حين توعدت موسكو بالرد، وقالت إن الهجمات استهدفت مطارات في 5 مقاطعات، وأكدت تصديها لبعضها واعتقال عدد من المشاركين.
اجتماعإلى ذلك، يعقد وزراء الدفاع في مجموعة الاتصال الدفاعية الخاصة بأوكرانيا اجتماعا اليوم الأربعاء في بروكسل بهدف تنسيق وتعزيز الدعم العسكري المقدم لكييف.
ومن المتوقع أن يقدم وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف إحاطة لحلفاء بلاده حول تطورات الوضع الميداني، بالإضافة إلى أبرز احتياجات أوكرانيا العاجلة.
إعلانومن المقرر أن يرأس المحادثات، التي كانت تقودها الولايات المتحدة في السابق، وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس ووزير الدفاع البريطاني جون هيلي.
ويتولى هذان الوزيران المسؤولية خلفا لوزير الدفاع الأميركي السابق لويد أوستن، الذي كان قد أطلق هذا الإطار المعروف أيضا باسم "مجموعة رامشتاين"، التي تضم نحو 50 دولة، وذلك قبل تغيير الإدارة في الولايات المتحدة.
وقررت الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب عدم قيادة المحادثات. وبدلا من ذلك، تهدف إلى دفع كييف وموسكو نحو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن. وتخشى دول أخرى أن يأتي مثل هذا الاتفاق على حساب أوكرانيا.