من «إبسن» إلى «يون فوسه».. لماذا النرويج؟
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
وسط تكهنات طالت وحوارات دارت حول من عساه يكون الفائز بجائزة نوبل للآداب هذا العام، شهد الوسط الثقافى كثيرا من الجدل والمناقشات، على مدار يومين سابقين لإعلان اسم الفائز والذى جاء مخيبا لآمال الكثيرين، مثيرا لدهشات أكثر، فرغم أن النرويجى يون فوسه قد تم طرح اسمه لثلاث سنوات سابقة، مما يجعل فوزه هذا العام ليس مستبعدا، إلا أن اشتداد المنافسة، وقوة المرشحين الآخرين، وكون يون مسرحيا فى الأساس، وليس روائيا أوقاصا، مثلما جرت العادة فى معظم من فازوا قبلا بنوبل، كل ما سبق قد حدا بالبعض لإنكار هذا الفوز، وقد لا يكون قد قرأ أوطالع عنوانا واحدا لجون.
وبين هؤلاء يقف الأدب النرويجى بمعزل عن محاولات كثير من قراء الوطن العربى خاصة لغزوه والاقتراب من حدوده، فما الذى نعرفه نحن عن الأدب النرويجى وأعمال الكتاب النرويجيين، ماذا وصل إلينا باستثناء مسرحيات «هنرى إبسن»، وما حاولنا مطالعته للفائزين النرويجيين الثلاثة بجائزة نوبل: بيورنستيارنه بيورنسون، كنوت همسون، سيجريد أوندست، ماذا نعرف أكثر من رواية «كريستين لافرانسداتر» ل»سيجريد أوندست»، ورواية «الجوع» لـ«كنوت هامسون»، وروايات «جو نيسبو» البوليسية، المترجم معظمها إلى العربية خلال السنوات الماضية، وروايات «جوستان غاردر» الفلسفية؟
هل لفت نظرنا أو تذكرنا قرار اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، نهاية الدورة السابقة، باختيار النرويج لتحل ضيف شرف الدورة المقبلة 2024؟ هل أدركنا حينها ما للأدب النرويجى من تأثير كبير فى الثقافة الأوروبية، وإسهامات هامة عبر عصوره المختلفة، مما جعله يحصد ٤ جوائز لنوبل فى الأدب، لتحتل النرويج المرتبة الثامنة بين دول العالم الأكثر حصدا لجائزة نوبل للأدب، بعد فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، أمريكا، السويد، روسيا، إيطاليا؟
فقط.. علينا بدلا من الاستغراق فى الاستنكار أن نبحث عن أسباب سطوع نجم ذلك الأدب النرويجى الذى بدأ متأثرا بالكتابات الأيسلندية، المدونة فى كتاب «الإدا»، و«الساكا»، وظل هذا الأدب الإسكندنافى يجاهد ليصنع لغته المستقلة والمحلية، بعد أن رزح لعقود طويلة يكتب باللغة الدانماركية حتى حلول الاستقلال، ثم بزوغ عصر النهضة للأدب النرويجى بظهور هنريك إبسن وألكسندر كيلاند، وغيرهما، فى القرن التاسع عشر، ليظل تأثير مسرح إبسن مسيطرا حتى ستينيات القرن العشرين، بظهور بريشت ومسرح العبث.
ترى ما الذى دفع بلدا يتحدث لغة غير منتشرة ويكتب بها أدباؤه لأن يحتل تلك المكانة الأدبية عالميا؟
بل ويخترق أدباؤه سماوات عالمية عدة، مثل داغ سولستاد، وكجيل أسكيلدسن، أفضل كتاب القصة القصيرة، وبير بيترسن، لين أولمان، جو نيسبو، والمسرحى جون فوس، ماجا لوندى، المشهورة بكتابها «حكاية النحل»، وماريا بار.
باختصار فإن النرويج تكن احتراماً كبيراً للثقافة والإبداع، لنا أن نفهم ذلك حين نعلم أنها خصصت عام 2017، نحو 1,440 مليون يورو للثقافة، و86,6 مليون لقطاع الكتاب.
كما أن الدولة توفر للكاتب منحة على شكل راتب يصل إلى نحو 25 ألف يورو سنوياً، ومن جهة أخرى، فإن برنامج Norla (دعم الأدب النرويجى فى الخارج) يساعد فى ترجمة الكتب المؤلفة باللغة النرويجية: فقد صدر سنة 2016، 499 كتابا نرويجيا فى 46 لغة، من بينها الجزء الرابع من كتاب ملك التخييل الذاتى، كارل أوف كنوسغارد، باللغتين الإسبانية والكاتالينة.
كما أن النرويج تدعم ناشريها، فقد تبنت برنامجاً فريداً لاقتناء الكتب وتوزيعها على المكتبات العامة، وهى مثلاً البلد الوحيد فى العالم الذى يشترى كل عام 773 نسخة من أى كتاب روائى، و1550 نسخة من كل كتاب موجه للأطفال والشباب، علماً بأن متوسط توزيع هذه الكتب ينحصر فى 2500 نسخة. كما أن الكتب الورقية معفاة من الضرائب.
ترى.. أمازلنا بعد ما كل ما سبق نعبر عن استنكارنا؟ بل، هل عرفنا أين نحن، ولماذا نغرد خارج السرب؟
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: فاقد الشىء لا يعطيه !!
لايمكن أن نطلب من فاقد الأهلية أن يكون – "أهل " لثقة أو لقرار أو لتنفيذ مهام بعينها جادة أو محترمة – ففقدان الأهلية تدخل تحت وصف العبث أو الجنون أو الإتصاف بالخروج عن المعقول ولا يمكن أبداَ أن نطالب " ثعبان " مثلاَ – حينما يتم " دفئه " بألا " يلدغ " من حوله – أو " عقرب " حينما يترعرع فى صحراء أو فى حديقة بأن يمتنع عن ضرب "ذنبه" فيما يصادفه من أجسام سواء كانت لإنسان أو حيوان، ولكن من الطبيعى جداَ أن تتعايش هذه المخلوقات مع أمثالها دون ضرر – كما قرأنا وكما عرفنا – إلا الضرر الذى يمكن أن يقع فى الخلاف أو الشجار للفوز "بأنثى" من نفس النوع أو فريسة من الذكور الضعيفة – وأيضًا تعلمنا ذلك على الأقل من المشاهدة لبرامج " جيوجرافيك تشانيل، أو "أنيمال بلانت " أو عالم الحيوان فى التليفزيون المصرى، وهذه الصفات التى تؤكد بأن فاقد الشىء لا يعطيه تنطبق أيضاَ على البشر الذى يُنْتَزَع ْمن قلوبهم الرحمة – فلا يمكن أبداَ أن تطمأن أو تطمع لدفىء فى العلاقات معهم أو حتى بينهم، ولعل ما يصادفنا فى الحياة أيضاَ – هؤلاء الجهلة الذين يتبوءون مراكز علمية أو قيادية فى البلد – فنجد نتاجهم شىء غير منتظر- شىء لا يصدقه العقل، حيث فاقدى لأدوات
الإدارة فى وظائفهم – وفاقدى العلم فى مسئولياتهم العلمية سواء كانت فى جامعات أو مدارس أو حتى مراكز للبحوث –وهؤلاء الفاقدين لخواص ومواصفات مؤهلة لتولى مهامهم – أكثر ضرراَ على المجتمع من تلك الزواحف أو الحشرات التى أشرنا إليها فى مبتدىء المقال – حيث الضرر الواقع من الحشرة سوف يؤلم ويؤدى لإيذاء فرد ولكن الإيذاء والضرر الذى ستحصده نتيجة إدارة "جاهل" أو إشراف علمى "لمتخلف عقلياَ" على رسالة علمية أو تولى إدارة بحثية أو تولى سيئون مستقبل أمة فى التعليم سوف يأخذ بنا إلى الدرك الأسفل -سوف يَهزِمْ فى نفوسنا أملًا لمستقبل نحاول بكل ما نستطيع أن نزيد من تراكم النجاح فيه والخبرات ولكن من ( حظنا الهباب ) أن يأتى إلينا إختيارًا، وسوء سبيل - وأعتقد عن دون قصد من صاحب الإختيار وأيضاَ عن دون قصد من الشخص الذى تم إختياره – حيث يرى ذو الفاقد للأهلية – بأنه أحكم وأعقل وأندر الشخصيات على بساط الخليقة، ولكن هو "حظنا الهباب"، ويجب أن نتدراك هذا الأمر – وبسرعة – فى اتخاذ القرار بالإستبعاد مثلما كانت السرعة فى اتخاذ قرار الإختيار دون أسباب واضحة أو دون مبررات وحيثيات مقبولة أو يمكن تجربتها أو إختبارها – وليكن الأدب الشعبى نبراسًا فى هذا -فاقد الشىء لا يعطيه – وكفى المؤمنين شر القتال – وروح ياسيدى الفاضل ربنا يسامحك !!
أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد
Hammad [email protected]