شاهد.. هلع مئات الإسرائيليين في مهرجان موسيقى هربا من صواريخ المقاومة
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
تداولت وسائل إعلام عبرية لقطات مصورة توثق لحظة فرار مئات الإسرائيليين من مهرجان موسيقي أقيم في صحراء النقب بجنوب إسرائيل، في محاولة للهروب من الصواريخ ونيران المقاومة الفلسطينية.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بدأت القوائم تنتشر بأسماء الحاضرين الذين ما زالوا مفقودين مساء السبت. تحتوي إحدى القوائم التي اطلعت عليها صحيفة "نيويورك تايمز" على أكثر من 500 اسم للأشخاص الذين تم الإبلاغ عن فقدهم، بالإضافة إلى مسقط رأسهم ومعلومات الاتصال بأفراد الأسرة الذين يبحثون عنهم.
ومنذ قليل، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، إنه تقرر إعلان المنطقة الواقعة تحت سيطرة "فرقة غزة" منطقة عسكرية مغلقة.
وأضاف أدرعي عبر منصة إكس (تويتر سابقاً)، أن "الدخول إلى هذه المنطقة ممنوع تماماً، ويطلب من الجمهور التحلي باليقظة وتجنب الدخول إلى المنطقة".
وتشير منطقة "فرقة غزة" إلى قاعدة "رعيم" العسكرية ومحيطها، والتي سيطرت عليها حركة حماس صباحاً، واستعادها الجيش في وقت لاحق.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلي أن عدد الإسرائيليين الذين سقطوا في العمليات التي تنفذها "حماس" منذ الصباح ارتفع إلى 300 شخص.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: النقب الإسرائيليين المقاومة الفلسطينية آفيخاي آدرعي الجيش الإسرائيلي
إقرأ أيضاً:
ترامب يوقف حرب غزّة.. خطة سلام أم فخّ لإعادة رسم الشرق الأوسط؟
مقدمة: بين هدنةٍ إنسانية ومشروعٍ سياسيٍّ مموّهبعدَ عامين من انطلاقِ طوفانِ الأقصى، وعام كاملٍ من الحربِ المدمِّرة في قطاعِ غزّة، خرجت الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب لتطرح ما وُصف بأنه خطة شاملة لوقف الحرب.
الخطة التي كشفت عنها قناة الجزيرة تتضمّن بنودا تنفيذية دقيقة تبدأ بوقف إطلاق النار خلال 72ساعة، وتنتهي بتسليم الأسرى وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية، لكنها في الجوهر تتجاوز البعد الإغاثي لتلامس قلب المعادلة السياسية في المنطقة.
فهذه الخطة ليست مجرّد مبادرة إنسانية عابرة، بل مشروع لإعادة ترتيب البيت الشرق أوسطي وفق الرؤية الأمريكية الجديدة التي يسعى ترامب إلى ترسيخها كإرثٍ سياسيٍّ في ولايته الثانية والأخيرة.
أولا: ملامح الخطة ومضامينها العميقة
تقوم "خطة ترامب لوقف الحرب في غزة" على ثلاث ركائز رئيسة:
1- هدنة قصيرة الأمد تستمرّ 72 ساعة لتهيئة الانسحاب الإسرائيلي من محيط القطاع.
2- تبادل متزامن للأسرى والمعلومات بين حماس وإسرائيل، بإشراف الصليب الأحمر ووساطة مصرية وقطرية.
3- فتح شامل للمعابر وإدخال المساعدات بما لا يقلّ عن 600 شاحنة يوميا، وإطلاق مشاريع عاجلة لإزالة الركام وإعادة تشغيل محطات الكهرباء والمياه.
ظاهريا، يبدو الأمر إنسانيا بحتا؛ غير أنّ المتعمق في نصوص الوثيقة يلحظ أنّها تمهّد لمرحلة جديدة من إدارة الصراع لا إنهائه، عبر تدويلٍ مدروس للقطاع، يُمكّن واشنطن من إعادة الإمساك بخيوط اللعبة الإقليمية بعد سنواتٍ من الارتباك في عهدَي أوباما وبايدن.
ثانيا: خلفيات القرار الأمريكي ودلالاته
يُدرك ترامب أنّ استمرار الحرب أضعف صورة الولايات المتحدة عالميا، وعمّق الفجوة بين واشنطن وحلفائها العرب، كما زاد من نفوذ محور موسكو-بكين-طهران في الشرق الأوسط، لذلك سعى إلى تثبيت حضور أمريكا كقوة ضابطة، ليس عبر السلاح بل عبر إدارة ما بعد الحرب.
فهو لا يسعى إلى "سلامٍ دائم" بالمعنى الكلاسيكي، بل إلى هدوءٍ قابلٍ للتحكم، يسمح له بإعادة بناء التحالفات العربية على قاعدة المصالح الأمنية والاقتصادية المشتركة، مع إبقاء السيطرة الأمريكية على مفاتيح التمويل والإعمار.
بهذا، تحاول واشنطن أن تُظهر نفسها كمنقذٍ من الأزمة، بينما تُبقي جذور الصراع حيّة لتظلّ المنطقة بحاجةٍ دائمةٍ إلى إشرافها السياسي والعسكري.
ثالثا: إسرائيل بين انسحابٍ ميدانيٍّ وفشلٍ استراتيجيٍّ
من الجانب الإسرائيلي، تمثل الخطة اعترافا غير معلنٍ بالعجز عن تحقيق الحسم العسكري.
فبعد عامين من طوفان الأقصى، لم تتمكّن تل أبيب من القضاء على البنية العسكرية للمقاومة، رغم الدمار الهائل الذي خلّفته في القطاع.
الانسحاب التدريجي من محيط غزة ليس نصرا تكتيكيا، بل إعادة تموضعٍ اضطرارية تحت غطاء الاتفاق الأمريكي.
إسرائيل خرجت من الحرب مثقلة بالخسائر البشرية والاقتصادية وبانقسامٍ داخليٍّ متفاقم، وهي اليوم تبحث عن مخرجٍ يحفظ ماء وجهها دون أن تعترف بالهزيمة صراحة.
رابعا: الدور العربي والإقليمي في إدارة ما بعد الهدنة
الخطة أعادت رسم الأدوار الإقليمية بوضوح:
- مصر استعادت موقعها المحوري كوسيطٍ رئيسيٍّ، مع ضماناتٍ أمريكية بإدارة مشتركة لمعبر رفح وتشغيله في الاتجاهين.
- قطر عادت إلى واجهة التمويل الإنساني والسياسي للقطاع.
- تركيا تترقّب مساحة المشاركة في الإعمار وفي ترتيبات الأمن البحري والجوي، خصوصا في ظلّ تزايد ثقة واشنطن بقدراتها في ضبط التوازنات.
لكنّ الأهم هو أنّ الشعوب العربية والإسلامية لم تعد متلقية صامتة؛ فالمزاج الشعبي الرافض للاعتداءات المتكررة على الفلسطينيين قد يشكّل ضغطا متزايدا على الأنظمة الرسمية، وربما يمهّد لمرحلة جديدة من الصحوة السياسية والإيمانية تعيد ترتيب أولويات المنطقة.
خامسا: المقاومة الفلسطينية.. الرقم الصعب في كل المعادلات
رغم الحصار والدمار، أثبتت المقاومة أنّها الرقم الذي لا يمكن تجاوزه. فهي لم تنهزم عسكريا، بل نجحت في استنزاف الجيش الإسرائيلي وفرض معادلة "الردّ بالردّ" حتى اللحظة الأخيرة. كما أنّها اليوم أمام اختبارٍ جديد: كيف تُحافظ على تماسكها العسكري والسياسي داخل هدنةٍ قد تُستغلّ لإعادة هندسة القطاع؟
ومهما كان حجم الضغوط، يبقى أنّ أيّ اتفاقٍ لا يضمن سيادة الشعب الفلسطيني على أرضه ومقدّراته سيكون هشّا ومؤقتا، ذلك لأن المقاومة لا تستمدّ شرعيتها من رعاية الخارج، بل من نبض الشارع ودماء الصمود الممتدّة منذ عقود.
سادسا: الاحتمالات المستقبلية
1- تهدئة قابلة للتمديد: إذا نجح تنفيذ الاتفاق الإنساني، قد تتحوّل الهدنة إلى مسارٍ سياسيٍّ جديد يعيد ترتيب العلاقة بين الفصائل الفلسطينية والمجتمع الدولي.
2- عودة التصعيد: أيّ خرقٍ إسرائيلي أو محاولةٍ لتقويض المقاومة قد تُعيد إشعال الميدان بسرعة أكبر.
3- إدارة دولية للقطاع: احتمال تشكيل قوّة رقابية أو عربية- دولية لإدارة غزّة مؤقتا، وهو خيارٌ يحمل في طيّاته الكثير من الحساسية.
4- صحوة شعبية عربية وإسلامية: الاحتمال الأكثر تفاؤلا، حيث تُعيد الجماهير فرض القضية الفلسطينية على جدول السياسات الإقليمية، وتكسر احتكار القوى الكبرى لرسم مستقبل المنطقة.
خاتمة: الهدنة ليست قدرا مقدورا
إنّ خطة ترامب لوقف حرب غزة لا ينبغي أن تُقرأ كقَدَرٍ محتومٍ لا يُمكن دفعه، بل كاختبارٍ جديدٍ لإرادة الشعوب وقدرة المنطقة على صياغة مستقبلها بيدها. فما يجري في فلسطين ليس مسألةَ "سلامٍ عادل" ولا "تسويةٍ مقبولة"، بل نضالٌ طويلٌ من أجل التحرير الشامل للأراضي الفلسطينية المحتلة.
الشعب الفلسطيني لا يقبلُ بأقلّ من استعادةِ كامل حقوقه الوطنية والسيادية، ويؤمنُ أنَّ الكيانَ المحتلَّ مصيره إلى زوالٍ لا محالة. والهدنةُ، إن وُفِّقَت، يجب أن تكون بوابة لإطلاقِ مسارٍ يضمنُ الكرامةَ والعودةَ والحريةَ، لا حصارا سياسيا يمهّد لإدارةٍ مؤقتةٍ تُبقي الاحتلال في صورٍ أخرى. فالتاريخ لا يُكتَب باتفاقياتِ الورق، بل بإرادة الشعوب وصمودِها.