هنا فلسطين الحرة.. هنا محمد الضيف ورفاقه
تاريخ النشر: 8th, October 2023 GMT
علي بن سالم كفيتان
استفاق الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين على أحداث كشفت الكثير من الحقائق المُهمة عن الصورة النمطية المرسومة عن ذلك الكيان لدى بعض النخب السياسية العربية، التي باتت تلهث خلف التطبيع مع جسد هش وحقيقة زائفة، وهنا استحضر الظهور الأخير لنتنياهو على منبر الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي؛ وهو يحمل خارطتين؛ الأولى: عندما احتلوا فلسطين 1948 ويُشير فيها لحجم العداء الخارجي لكيان إسرائيل في العالم العربي، والثانية لوضع إسرائيل في 2023، وهي مُحاطة بهالة من اللون الأخضر للدول العربية التي طبَّعت معها أو التي ستنضم قريبًا لذلك التطبيع المشؤوم، وكم أسعدني أن بلادي لم تكن ضمن هذه الخريطة، في الوقت الذي ظل فيه شيخها ومفتيها العالم الإسلامي الوحيد المجاهر بالعداء لذلك الكيان المحتل، كل ذلك يمنحنا في عُمان شعورًا لا يُوصف عندما تنتصر المقاومة ويُدحر العدو.
الكيان المحتل يلهث خلف التطبيع مع الأنظمة العربية بكل قوته ويستخدم هيلمان أمريكا والغرب لتحقيق هذه الغاية في الوقت الذي ينكل فيه بشعب أعزل سالبًا أرضه ومقدراته ولو كان هؤلاء يفقهون لعلموا أن السلام ليس في يد الأنظمة العربية؛ بل في يد ذلك المناضل الفلسطيني الذي أعاد الكرامة والعزة لكل فلسطيني وعربي صباح السبت 7 أكتوبر 2023، حاملًا بندقيته ومنطلقًا إلى عسقلان ليستعيد بقية أرضه التي نهبتها عصابات الهاجانا، فانكشف للعالم حقيقة الكيان المحتل وجنوده الذين باتوا يركضون في كل اتجاه، طالبين الرحمة من ذلك القادم من تخوم غزة على ظهر طائرة شراعية يدفعه هواء فلسطين للتحرير مع بزوغ شمس ذلك اليوم العظيم. لقد شاهد العالم هروب المستوطنين في الصحراء، فارين بأرواحهم تاركين الحلم الذي نسجه لهم تيودور هيرتزل (مؤسس الصهيونية)، بينما صمد رجال فلسطين على أرضهم ولم يتركوها وعاشوا كل المحن والنكبات ولم يرضوا بالأوطان البديلة.
هذه هي الترجمة الأكثر وضوحًا لمن هم أصحاب الأرض، وعلى الكيان الصهيوني إدراك هذه الحقيقة تمامًا فلا أمن ولا استقرار إلا من خلال الاعتراف المباشر بطرف النزاع الحقيقي وهو جناح المقاومة الفلسطينية بكل فصائله وعلى رأسها كتائب عز الدين القسام فأصحاب أوسلو هم الطرف الصامت اليوم ولا يستطيعون النطق بكلمة لأن الصوت بات للبندقية.
كل شيخ وطفل عربي وكل أم عربية مُثقلة بروح الهزائم التي زرعتها الأنظمة المتواطئة مع الغرب يقولون اليوم "سلموا لي على محمد الضيف وبوسو لي رأس أبي خالد الذي أعاد لنا كرامتنا وثقتنا بأمتنا مجددًا".. لقد دهس رأس الأفعى ومرغها في التراب وجر عشرات العلوج إلى غياهب الأسر وهم مذعورين من هول ما حدث وسيقت دبابات الغرب ومدرعاتهم وأسلحتهم كغنائم إلى مخازن كتائب عز الدين القسام في جوف غزة العزة، لقد توسعت الأراضي المحررة وباتت ساحة المعركة خارج غزة الحرة الأبية، وأصبحت مستوطنات غلاف غزة مهجورة، إلا من المُرابطين فيها من المقاومة الفلسطينية تدعمهم روح الشهادة وعناية الله ودعاء العالم الإسلامي بالنصر والتمكين سيستميت الكيان المهزوم لاستعادة ما فقد وسيخسر المزيد من الأرواح وستكتب ملاحم جديدة لشباب فلسطين المجاهد من أجل استعادة أرضه وكرامة شعبه.
أيها اليهود.. فلسطين ليست وطناً لكم عودوا الى أحفاد بلفور ليبحث لكم عن وطن آخر أو يمنحكم قطعة من أرض أجدادكم قبل أن يحملوكم على ظهور البواخر من أوروبا الى فلسطين. لن ينفعكم اعتراف الغرب بكم ككيان ودفعكم من أوطانكم وحياتكم الهنيئة في أوروبا وأمريكا إلى فلسطين إنهم يجمعونكم لمصيركم المحتوم، كما تقول كتبكم، تأكدوا أن الشعوب العربية لا تقبل بكم وأنها تنفر من وجودكم ولو بصم كل الحكام العرب لكم ومنحوكم ورقة التطبيع الزائف؛ فجميع الأجيال تعلم أنكم مغتصبون لأرض فلسطين وهذه هي الحقيقة الماثلة اليوم بعد نكستكم في أرض الرباط.
كما تعودنا على ردات أفعالكم بعد كل غارة، ستدمرون المباني في غزة وتقتلون الأطفال والنساء في الشوارع بطائرات الغرب وذخائره، المهم أنكم قد تلقيتم هذه المرة ضربة موجعة ولا يهم ما سيحدث بعد ذلك؛ فالشعب الفلسطيني تعود على صلفكم وهمجيتكم وبات يعرف كيف يتعامل معها..
عاشت فلسطين حُرّة أبيّة.. وسلموا لي على محمد الضيف ورفاقه في أرض الرباط.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أمسية “مؤسسة فلسطين الدولية”: حين يتوّج الإبداع الذاكرة ويُغنّي الجمال في وجه العتمة
صراحة نيوز ـ في مساء يشبه فلسطين في عنادها وجمالها وحنينها، احتضن ” المسرح الجديد” فيالمدارس العصرية في العاصمة الاردنية حفل توزيع جوائز فلسطين الثقافية لعام 2024/2025، والذي نظمته “مؤسسة فلسطين الدولية” في دورته الثانية عشرة، بحضور حاشد من أهل الثقافة والفكر والإبداع.
انطلقت الأمسية بمعزوفة تراثية فلسطينية حيّة، عزفتها الأرواح قبل الأوتار، ورافقت الحضور إلى مقاعدهم برقة الضوء العابر من ذاكرة الأرض. تلاها السلام الملكي الأردني، ثم الكلمة الافتتاحية باسم المؤسسة، والتي رحبت بالحضور والمكرّمين، مؤكدة أن هذه الجوائز هي وعدٌ متجدد للذاكرة، وانحياز دائم للجمال المقاوم، واحتفاء بمن يكتبون فلسطين بالألوان والكلمات والموسيقى، رغم القتل والجدران والركام والمنفى.
منصة الإبداع العربي وفلسطين القلب:
في كلمته الرئيسة، أكد الأستاذ الدكتور أسعد عبد الرحمن، الأمين العام للجوائز، أن “جوائز فلسطين الثقافية” لم تعد فعلاً احتفاليًا موسميًا، بل منصة عربية وعالمية راسخة، تُبرز وجه فلسطين الإنساني والإبداعي، وتُعيدها إلى قلب العالم، لا كقضية فقط، بل كهوية نابضة.
وقال: “لقد اتسع الحلم هذا العام ليشمل مسارين متوازيين: المسار العام الذي احتضن مشاركات من أنحاء العالم العربي والشتات، والمسار الخاص الذي خُصّص لأهلنا في قطاع غزة، الذين يكتبون الفن بالدم، ويُبدعون تحت القصف، في مواجهة حرب إبادة تستهدف الإنسان والذاكرة”.
وقد شهدت الدورة الثانية عشرة مشاركات من: الأردن، فلسطين، مصر، سورية، العراق، اليمن، المغرب، الجزائر، الكويت، تشاد، والمهجر العربي في إسبانيا والولايات المتحدة وغيرها، في تأكيد جديد أن الإبداع لا تحدّه جغرافيا، ولا توقفه الحواجز، ما دام في القلب متسعٌ لفلسطين.
لحظة التتويج… أسماء لا تُنسى:
وجاءت لحظة الإعلان عن الفائزين تتويجًا لمواسم من الكتابة والمقاومة الإبداعية، حيث صعد الفائزون أو من ناب عنهم لاستلام الجوائز، وسط تصفيق يشبه الدعاء، وتوزعوا على النحو التالي:
في المسار العام:
جائزة غسان كنفاني في الأدب (مناصفة):
محمد جدي حسن جراري (تشاد) – عن عمله “زمن الملل”.
عبد الله أبو لبن الشلبي (إسبانيا/فلسطين) – عن عمله “نساء في الشمس”.
جائزة إدوارد سعيد للفكر التنويري:
محمد الحليقاوي (الأردن) – عن عمله “السهم والدائرة.. الاستشراق والحركة الصهيونية”.
جائزة فدوى طوقان في الشعر:
أحمد محمد زيد (سوريا) – عن ديوانه “صلاة شطر القبلة الأولى”.
جائزة ناجي العلي في الكاريكاتير:
رأفت الخطيب (الولايات المتحدة/الأردن).
جائزة وليد الخطيب في التصوير الفوتوغرافي:
وضاء عبد الكريم فليح (العراق) – عن عمله “مشاعر إنسانية”.
وفي المسار الخاص – قطاع غزة:
جائزة جمال بدران للفن التشكيلي (مناصفة):
محمود علوان
سهيل سالم
جائزة فدوى طوقان في الشعر:
آلاء نعيم القطراوي – عن قصيدتها “العصافير تسرق خبزي”.
جائزة وليد الخطيب في التصوير الفوتوغرافي:
محمد أسعد محمد محيسن – عن عمله “كلنا فلسطين”.
وقد ألقى الدكتور إبراهيم أبو الرب كلمة ناب فيها عن الفائزين من قطاع غزة، قائلاً بصوت تغلب عليه الرهبة والمحبة: “في كل جائزة تُمنح لقطاع غزة، يُمنح العالم لحظة صدق. هؤلاء المبدعون لا يكتبون بالحبر فقط، بل يكتبون بالرماد والدموع… وببقايا الضوء”.
فنون تُقاوم النسيان:
تخللت الأمسية عروض مرئية وثّقت أعمال الفائزين، وأضاءت وجوههم وأفكارهم وأحلامهم، ومقاطع أدبية وموسيقية تنقلت بين صوت فدوى طوقان، وملامح غسان كنفاني، ولوحات سميح القاسم، لتعيد سرد الحكاية بصوت الفن وذاكرة الأرض.
وفي لحظة بالغة التأثير، ارتفعت قاعة الحفل إلى مقام الوفاء، حين تلا الأديب الكبير محمد علي طه شهادته الوجدانية في أصدقائه الشعراء والفنانين الراحلين، الذين تحمل جوائز فلسطين الثقافية أسماءهم. لم تكن كلمته مجرد تحية، بل مرثية دافئة مغموسة بالحب، أعادت إلى الحضور أرواح أولئك المبدعين، لا كأسماءٍ على دروع التكريم، بل كضوءٍ لا ينطفئ في ذاكرة الأمة. استحضرهم الأديب الكبير كما لو أنهم معنا، في أعماق قلوبنا، يبتسمون من خلف الغياب، في قصائد لم تُكتب بعد، وفي لوحات ما زالت تلمع في مخيلة الوطن. كانت كلمته مثل صلاة، تسرد الوفاء، وتحرّض الحياة على الاستمرار في الدرب نفسه: درب الكلمة التي تقاوم، والصورة التي لا تنكسر، والقصيدة التي تُرمم ما تهدمه البنادق.
ختامٌ على إيقاع الأمل:
في كلمتها الختامية، شكرت مؤسسة فلسطين الدولية الحضور، ولجان التحكيم، والرعاة، وإدارة المدارس العصرية، وكل من أسهم في إنجاح هذا الحدث الذي يُعيد رسم ملامح فلسطين كما نحب أن نراها: حرة، خلاقة، عصية على المحو.
قالوا: “نلقاكم في الدورة القادمة بإبداع أكبر، لأن فلسطين لا تُبدع فقط لتُصفق، بل تُبدع لتُبقي على جذوتها حيّة، ولتُثبت أن ما لا يُكتب، يضيع”.