جريدة الوطن:
2025-05-25@19:23:44 GMT

اغتيال الطفولة!

تاريخ النشر: 16th, October 2023 GMT

اغتيال الطفولة!

ليس سرًّا أنَّ التكنولوجيا غيَّرت حياتنا على مرِّ العقود، ولا تزال تفعل ذلك، سواء كان الأمْرُ يتعلق بالتمويل أو التعليم، فلا يوجد حقيقة مشهد لَمْ يتأثر بالتقدُّم التكنولوجي المستمرِّ. ولكن وعلى الرغم من ذلك فالحروب والصراعات ليست واضحة دائمًا ولا يتمُّ مناقشتها في كثير من الأحيان، خصوصًا إذا اختفت المبادئ والعدالة، وطغى الظلم بصوَره المختلفة.

بل إنَّ هناك شيئًا واحدًا لَمْ يتغيَّر! إنَّها صدقًا تلكم التأثيرات الأسوأ والتي تقع في كثير من الأحيان على الأشخاص الأكثر ضعفًا والمحاصرين في أيِّ صراع: الأطفال.
إنَّ الأثَر المُدمِّر للحرب على الأطفال يتجاوز مجرَّد الخطر المباشر المتمثل في الإصابة أو الموت. ويعاني الأطفال أيضًا من الآثار الجانبيَّة لعوامل مِثل النزوح، وقطع الروابط الأُسريَّة، والجوع، وعدم إمكان الوصول إلى الخدمات الأساسيَّة. ولعلَّه يكُونُ من المُجهِد للغاية مشاهدة التلفاز اليوم وكُلَّ يوم، ورحى الحرب والظلم تعاقبهم؛ لأنَّهم أبناء الأرض وأطفالها، حيث يعيش الأطفال أو يشهدون بيئات عنيفة، ممَّا يُمثِّل ضيقًا عاطفيًّا ونَفْسيًّا مستمرًّا، ويؤدِّي مع الوقت إلى ضعف النُّموِّ المعرفي، والتي لها صِلَة بفرص حياتهم، بما في ذلك العلاقات الاجتماعيَّة والأداء المدرسي. في حين أنَّ النُّموَّ البدني مُهمٌّ، فإنَّ تنمية قدرات الطفل العاطفيَّة والاجتماعيَّة والمعرفيَّة أمْرٌ بالغ الأهمِّية بنَفْسِ القدر. لذلك تُمثِّل السنوات الأولى من الطفولة ـ إن استطعتُ تسميتها ـ بنافذة الفرصة والتي تُشكِّل تجربة نُموِّ الطفل بأكملها طوال حياته. فكيف بالأطفال الذين أُجبروا على ترك منازلهم بسبب الحرب والصراع غالبًا ما يكُونُون بِدُونِ مأوى بديل، ولا يُمكِنهم الذهاب إلى المدرسة. وحتمًا هذا يجعلهم أكثر عرضة لخطر سوء المعاملة والاستغلال.
من ناحية أخرى، فالتعرُّض للحرب أثناء مرحلة الطفولة والمراهقة يُمكِن أن يُشكِّلَ مخاطر وأعراضًا مختلفة، كالصَّدمة والضِّيق، أو تطوُّر الكوابيس ومشاكل في التركيز، وأحيانًا ينتهي بالخوف الشديد أو مستويات عالية من القلق. ألَا يستحقُّ ذلك الطفل، بغَضِّ النظر عن المكان الذي يعيش فيه، أن يعيشَ حياة آمنة وسعيدة وصحيَّة؟!
ألَا يعي أولئك الظالمون، كيف أنَّ حياة الطفل تتغيَّر مع حروبهم، ويظلُّون متوتِّرين دائمًا مع قلق مستمر؟ فأيُّ ضجيج غير مألوف: كتحرك كرسي، أو إذا أُغلق الباب ـ على سبيل المثال ـ بعد مرور الصَّدمة بفترة، يكُونُ لدَيْهم ردُّ فعل، ربَّما نتيجة خوفهم من أصوات الطائرات والصواريخ والحرب. وهنا في نهاية المطاف يصبحون مخدَّرين عاطفيًّا ممَّا يزيد من احتمال تقليدهم للسلوك العدواني الذي يشهدونه واعتبار هذا العنف أمرًا طبيعيًّا. وهذا بِدَوْره يُمكِن أن يؤثِّرَ على قدرتهم على بناء علاقات ناجحة مع الآخرين على المدى الطويل! وللأسف، في بعض الحالات، لا يرى الأطفال أيَّ خيار آخر سوى محاولة الهروب ممَّا يعيشونه ومن البيئة المحيطة بهم عن طريق تعاطي المخدّرات ـ مثلًا ـ أو حتَّى إيذاء النَّفْس والانتحار.
إنَّ اغتيال الطفولة بشتَّى صوَرها الشنيعة، والتي يفرضها أيُّ احتلال، سواء من حصار واعتداءات وعدوان متكرر، ناهيك عن الاعتقال والاحتجاز والسِّجن والاعتداء الجسدي هو بحقِّ الظلم بعَيْنه في عصر أضحى ذلك العالَم المتشدِّق بالحُرِّيَّة أن تكُونَ من قِيَمه الغافلة المنافقة، التجبُّر والتَّمادي في عنجهيَّته الظالمة والتي ـ بلا شك ـ ستكُونُ الدائرة عَلَيْه ولو بعد حين.
ختامًا، لا نستطيع تخيُّل مقدار الألَم الذي عاش به ذلك الطفل الذي أضحى بالغًا الآن بعد مرور عقود من عمره. وكيف تأثرت حياته بحدثٍ في الطفولة، لَمْ يدرك بحينه. ولعلَّ التعبير العاطفي عن الصَّدمة، سواء أكان بشكلٍ غير لفظي كالحركة وممارسة الرياضة، أو لفظيًّا بوصف الحدث هو مُهمٌّ لنَفْسيَّة الطفل ومتابعته لحياته. فالمرء الذي لَمْ يَمُر بجحيم عواطفه لَنْ يتغلبَ عَلَيْها أبدًا. لذلك يجِبُ أن يفصحَ ذلك الطفل عن أوجاعه ومشاعره لِيتجاوزَها ويتحرر مِنْها، كما هي حال أرضه التي ستتحرَّر ـ بمشيئة الله ـ … عاشت فلسطين حُرَّة أبيَّة.

د. يوسف بن علي الملَّا
طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
dryusufalmulla@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

قفازات لطخت بالدم ليلة اغتيال الرئيس الأمريكي السادس عشر تباع في مزاد (صور)

الولايات المتحدة – عُرضت قطع أثرية ثمينة مرتبطة بالرئيس الأمريكي الراحل أبراهام لينكولن مؤخرا في مزاد، حيث تم بيع معظمها.

وجرى عرض القطع الأثرية للبيع بعد أن كانت جزءا من مجموعة كان من المفترض أن تبقى متاحة للعرض العام إلى الأبد، لكنها أصبحت محور نزاع بين مؤسسات حكومية بسبب دين مستمر قدره 8 ملايين دولار.

ومن بين المعروضات، كانت هناك قفازات جلدية ملطخة بالدماء كانت في جيب لينكولن ليلة اغتياله، وهي واحدة من 144 قطعة تم عرضها في المزاد، تم بيع 136 منها.

وأُقيم المزاد في دار “فريمان/هيندمان” في مدينة شيكاغو، وجمع نحو 7.9 ملايين دولار، غير أن هذا المبلغ يشمل رسوم المشترين التي تصل إلى نحو 28% وتُضاف إلى كل عملية بيع لتغطية التكاليف الإدارية لدار المزادات.

وكانت القفازات هي القطعة الأعلى سعرا، إذ بيعت بمبلغ 1.52 مليون دولار بما في ذلك الرسوم.

كما بيعت واحدة من مناديل لينكولن التي كانت بحوزته في 14 أبريل 1865، ليلة إطلاق النار عليه، مقابل 826,000 دولار.

أما ملصق “مطلوب” الذي يحتوي على صور لثلاثة من المشتبه فيهم في مؤامرة الاغتيال بقيادة جون ويلكس بوث، فقد بيع مقابل 762,500 دولار، وهو مبلغ يفوق بكثير التقديرات الأعلى التي كانت تشير إلى 120,000 دولار.

وبيعت أيضا أقدم عينة معروفة من خط يد الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة، وهي مقتطف من دفتر يعود إلى عام 1824، بمبلغ 521,200 دولار.

ولم تُجب مؤسسة لينكولن الرئاسية على الاتصالات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني التي طُلب فيها التعليق.

لكن الموقع الإلكتروني للمؤسسة أوضح أن عائدات المزاد ستُستخدم لسداد الدين، وأن “أي فائض من الأموال سيُخصص لمواصلة العناية بمجموعتنا الواسعة وعرضها”.

وكانت المؤسسة قد اشترت في عام 2007 مجموعة مؤلفة من 1540 قطعة من لويس تايبر لصالح مكتبة ومتحف أبراهام لينكولن الرئاسي الوليد آنذاك، والذي افتُتح في عام 2005 في المدينة التي أسس فيها لينكولن ممارسته القانونية وعاش فيها أثناء خدمته في الهيئة التشريعية لولاية إلينوي ولفترة وجيزة في الكونغرس.

وقد كانت الغاية من هذه المجموعة أن تعزز ما ينقص المكتبة والمتحف — من القطع الملموسة والجاذبة للسياح — إذ كانا غنيين بالمخطوطات المرتبطة بلينكولن.

لكن التبرعات جاءت ببطء، ما اضطر المؤسسة إلى بيع أجزاء من المجموعة غير المتعلقة بلينكولن، وهددت ببيع المزيد قبل أن تقرر تمديد القرض.

وأبراهام لينكولن (Abraham Lincoln):

هو الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية، ويُعد أحد أبرز الشخصيات في التاريخ الأمريكي. وُلد في 12 فبراير 1809 وتوفي في 15 أبريل 1865 بعد تعرضه للاغتيال. يُعرف بلقب “محرر العبيد” نظرًا لدوره الكبير في إلغاء العبودية في أمريكا.

قاد البلاد خلال الحرب الأهلية التي اندلعت بين الولايات الشمالية (الاتحاد) والولايات الجنوبية (الكونفدرالية) بسبب قضايا أبرزها العبودية.

اغتيل على يد الممثل الجنوبي جون ويلكس بوث في مسرح فورد في واشنطن، بعد أيام من انتصار “الاتحاد” في الحرب الأهلية.

المصدر: “نيويورك بوست” + RT

مقالات مشابهة

  • ما الذي يفعله فينا عجزنا تجاه أطفال غزة؟
  • الأميرة للا مريم تترأس بالرباط مراسم الاحتفال بالذكرى الثلاثين لإحداث المرصد الوطني لحقوق الطفل
  • قفازات لطخت بالدم ليلة اغتيال الرئيس الأمريكي السادس عشر تباع في مزاد (صور)
  • الاتهام الأمريكي يُمثّل امتدادًا لإرث مولي فيي، والتي اتسم سجلها بانحياز سافر ومُشكِل ضد السودان
  • اغتيال في البصرة وغفوة تقلب شاحنة بكركوك
  • «كيلار ستيا» من سوهاج تفوز بالمركز الثاني بمسابقة "الطفل المبدع" باختراع يخدم الإنسانية
  • الليل الذي لا ينام في غزة.. رعب وخوف وندوب نفسية لا تنمحي
  • شاهد.. وجع الطفولة في عيون طفل: يحدّق في جثمان رضيع شهيد لا يعرفه لكن يشبهه
  • الكاتب الأردني محمد النابلسي: الأطفال العمانيون الباحثون عن المعرفة لديهم استعداد للدخول في حوار عميق حول أفكار فلسفية
  • محاولة اغتيال إعلامي تكشف عن أدوات الحوثي الخفية في الضالع