صدى البلد:
2025-11-22@00:50:46 GMT

هل يشترط لسجود التلاوة أن يكون الساجد متوضئًا؟

تاريخ النشر: 21st, October 2023 GMT

سجود التلاوة عند مواضعه من القرآن الكريم سنة مؤكدة في حق القارئ والسامع؛ فيثاب فاعله ولا يؤاخذ تاركه، هكذا أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها مضمونة:" حكم سجود التلاوة بغير وضوء؟". 

وأشارت إلى أنه يشترط له أن يكون الساجد على وضوء، وهناك توسعة في الذكر باللسان لمن لم يتمكن من السجود؛ بأن يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.

الحكمة من مشروعية سجود التلاوة

شرع الله عزَّ وجلَّ سجود التلاوة إظهارًا لتمام العبودية له سبحانه؛ وذلك حال تلاوة المسلم أو استماعه لآية من الآيات الداعية في معناها إلى السجود لله تعالى، وهو في حق التالي للقرآن الكريم آكد منه في حق المستمع له.

هيئة سجود التلاوة

وهيئته: أن يُكَبِّرَ التالي أو المستمع ويسجد عن قيام أو قعود من غير ركوع، ثم يُكَبِّر ويرفع بلا تَشَهُّد ولا تسليم.

دليل مشروعية سجود التلاوة
والأصلُ في مشروعيته قوله تعالى: ﴿ فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ۞ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ﴾ [الانشقاق: 20-21]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا﴾ [الإسراء: 107]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ -وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: يَا وَيْلِي-؛ أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ، وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ» أخرجه مسلم في "صحيحه".

آيات سجود التلاوة
وآيات السجود في القرآن الكريم توقيفيةٌ؛ عُلِمَتْ مواضعها: إما بنص النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها، أو بفعله صلى الله عليه وآله وسلم بالسجود عند قراءتها، واتبعه الصحابة رضوان الله عليهم على ذلك، ومنَّ الله على الأمة بأن مُيِّزَت مواضعها في المصحف الشريف بإضافة خطٍّ وعلامةٍ يَدُلَّان عليها.

طرق معرفة مواضع سجود التلاوة
- فأما معرفة مواضعها بنصّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليها: فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "أَقْرَأَهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَجْدَةً فِي الْقُرْآنِ؛ مِنْهَا ثَلَاثٌ فِي الْمُفَصَّلِ، وَفِي الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ" أخرجه أبو داود وابن ماجه والدارقطني في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وقال: "هذا حديث رُوَاتُهُ مِصْرِيُّونَ قد احتج الشيخان بأكثرهم، وليس في عدد سجود القرآن أتم منه ولم يخرجاه".

- وأما معرفة مواضعها بفعله صلى الله عليه وآله وسلم: فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ فِيهَا السَّجْدَةُ؛ فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ" أخرجه البخاري في "صحيحه".

وإضافة السجود إلى التلاوة هي من قبيل إضافة المُسَبَّب (السجود) إلى السبب (التلاوة أو السماع)، واختُصَّ بالتلاوة دون السماع: للاتفاقِ على كون التلاوة سببًا لها، والاختلافِ في سببية السماع، ولأن التلاوة أصلٌ فيها، أما السماع فمترتب عليها.

قال العلامة بدر الدين العيني في "البناية" (2/ 654، ط. دار الكتب العلمية): [(باب سجود التلاوة).. والإضافة فيه من قبيل إضافة المسبب إلى السبب.. وأقوى وجوه الاختصاص: اختصاص المسبب بالسبب، فإن قلت: التلاوة سببٌ في حق التالي، والسماعُ سببٌ في حقِ السامعَ؛ فكان ينبغي أن يقول: (باب في سجود التلاوة والسماع)؟ قلت: لا خلاف في كون التلاوة سببًا، واختلفوا في سببية السماع.. أو يقول: إن التلاوة أصلٌ في الباب؛ لأنها إذا لم توجد لم يوجد السماع، فكان ذكرُها مشتمِلًا على السماع من وجه، فاكتُفِي به] اهـ.

حكم سجود التلاوة
وذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّ سجود التلاوة سنة مؤكدة في الصلاة وفي غيرها، وهو المروي عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمر، وعثمان بن عفان، وسلمان الفارسي، وزيد بن ثابت، وعمران بن حصين رضي الله عنهم، وأبي ثور، والأوزاعي، والليث رحمهم الله.

الأدلة على حكم سجود التلاوة
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه قَرَأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ عَلَى المِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ، فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الجُمُعَةُ القَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ، قَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ؛ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ" ولم يسجد عمر رضي الله عنه. وزاد نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: "إِنَّ اللهَ لَمْ يَفْرِضِ السُّجُودَ إِلَّا أَنْ نَشَاءَ" أخرجه البخاري في "صحيحه".

وروى البخاري في "صحيحه": أنه قيل لِعِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ رضي الله عنه: الرَّجُلُ يَسْمَعُ السَّجْدَةَ وَلَمْ يَجْلِسْ لَهَا؟ قَالَ: "أَرَأَيْتَ لَوْ قَعَدَ لَهَا"؛ كَأَنَّهُ لَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ سَلْمَانُ رضي الله عنه: "مَا لِهَذَا غَدَوْنَا". وَقَالَ عُثْمَانُ رضِي اللهُ عنه: "إِنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَهَا". وقال الزُّهْرِيُّ: "لَا يَسْجُدُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا.." -أي لو لم يكن طاهرًا فلا بأس بتركه السجود-، وَكَانَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ "لَا يَسْجُدُ لِسُجُودِ القَاصِّ"، والمراد بالقاصِ هنا: "الْقَارِئُ".

وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: "قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ﴿وَالنَّجْمِ﴾، فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا" أخرجه البخاري -واللفظ له- ومسلم في "صحيحهما".

قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (5/ 74، ط. دار إحياء التراث): [قوله: "إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَقْرَأُ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ، فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ، حَتَّى مَا يَجِدُ بَعْضُنَا مَوْضِعًا لِمَكَانِ جَبْهَتِهِ".. فيه إثباتُ سجودِ التِّلَاوَةِ، وقد أجمعَ العلماءُ عليهِ، وهو عندنا وعند الجمهورِ: سنةٌ ليس بواجبٍ، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه: واجبٌ ليس بفرضٍ؛ على اصطلاحه في الفرقِ بَيْنَ الواجبِ والفرضِ، وهو سُنَّةٌ للقارِئِ والمستمعِ لَهُ] اهـ.

وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (1/ 446، ط. مكتبة القاهرة): [(ومن سجد فحسن، ومن ترك فلا شيء عليه) وجملة ذلك: أنَّ سجود التلاوة سنةٌ مؤكدة، وليس بواجب عند إمامنا، ومالك، والأوزاعي، والليث، والشافعي، وهو مذهب عمر، وابنه عبد الله.. ويُسَنُّ السجود للتالي والمستمع، لا نعلم في هذا خلافًا، وقد دلت عليه الأحاديث التي رويناها] اهـ.

وهيئة السجود هي أقرب ما يكون العبد فيها إلى ربه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى اللهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه"؛ فكان القول باشتراط الطهارة فيه أَوْلَى وأَلْيَقَ بتعظيم الله تعالى وتقديسه، بألَّا يُقْبِل عليه عبده إلا وهو طاهرٌ من كل حدث، خاصة أن سجود التلاوة ليس فرضًا؛ فجاز تركه بلا إثم إن لم يكن على طهارة، مراعاةً للتأدب في حضرة الله المولى تعالى.

ما يفعله من لم يستطع السجود
وفي الذكر سعةٌ لمن لم يسجد لعذرٍ ولو كان متطهرًا؛ كأن يقول: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.

قال العلامة القليوبي في "حاشيته شرح المحلي على المنهاج" (1/ 235، ط. دار الفكر): [يقوم مقام السجود للتلاوة أو الشكر ما يقوم مقام التحية لمن لم يُرد فعلها ولو متطهرًا؛ وهو: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر] اهـ.

وقال العلامة سليمان الجمل في "حاشيته على شرح المنهج" (1/ 467، ط. دار الفكر): [فإن لم يتمكن من التطهير أو من فعلها لِشُغْلٍ قال أربع مرات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم قياسًا على ما قاله بعضهم من سن ذلك لمن لم يتمكن من تحية المسجد لحدث أو شغل وينبغي أن يقال مثل ذلك في سجدة الشكر أيضًا] اهـ

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حكم سجود التلاوة سجود التلاوة رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم ولا إله إلا الله سجود التلاوة رضی الله عنه والحمد لله سبحان الله ی الله عنه لمن لم ی ى الله ع ن الله

إقرأ أيضاً:

متى يكون النوم ناقضًا للوضوء؟.. رأي المذاهب الفقهية

قدمت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بيانًا مفصلًا ردًا على سؤال ورد إليها حول حكم النوم وتأثيره على الوضوء، حيث عرضت اللجنة آراء المذاهب الأربعة مع توضيح الفروق بين حالات النوم المختلفة، وذلك على النحو الآتي: 

فقسمت النوم إلى ثلاثة أنواع؛ أولها نوم المضطجع، وقد اتفق الأئمة الأربعة على أنه ناقض للوضوء قليلُه وكثيرُه، وهو المعتمد. 

أما النوع الثاني فهو نوم الجالس، وهذا لا ينقض الوضوء إذا كان يسيرًا، وهو رأي أبي حنيفة ومالك وأحمد، وهو الراجح، بينما يرى الشافعي أن النوم لا ينقض عنده وضوء الجالس حتى وإن كثر، ما دام مُمكِّنًا لموضع الحدث من الأرض. 

وجاء النوع الثالث في نوم القائم والساجد والراكع، وهو ناقض للوضوء عند الشافعي ورواية عن أحمد، في حين قال أبو حنيفة بعدم نقض الوضوء في هذه الحالات لمن كان على هيئة من هيئات المصلّي سواء داخل الصلاة أو خارجها.

هل يجب إعادة الوضوء بعد تناول لحوم الإبل؟.. اعرف حكم الشرعهل تجب الطهارة أو الوضوء قبل ترديد الأذكار؟ عويضة عثمان يجيبهل يكفي جريان المياه على القدم عند الوضوء دون تدليك؟.. علي جمعة يجيبهل تجب المضمضة من الطعام حال تناوله بعد الوضوء؟ أمين الفتوى يجيب

وفي سياق متصل، أوضح الدكتور محمد عبد السميع أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء أن النوم لا ينقض الوضوء إذا كان يسيرًا وكان الإنسان جالسًا على هيئة المتمكن؛ أي إذا أحسّ بخروج شيء لأمكنه الشعور به. 

وأضاف أن النوم أثناء خطبة الجمعة ينافي مقصود الاستماع والإنصات ولا يبطل الصلاة، لكنه ينقص من الثواب، مشيرًا إلى أن على المتوضئ تجنب الجلسات التي تقرّبه من الغفلة. 

وأكد أن من نام على جلسة المتمكن فوضوؤه باقٍ صحيحًا، وله أن يصلي دون إعادة الوضوء.

رأي المذاهب الفقهية الأربعة 

كما عرضت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي  اختلاف العلماء حول ما إذا كان النوم ناقضًا للوضوء أم لا، وجاءت الأقوال خمسة: 

الأول أن النوم ينقض الوضوء مطلقًا قليلُه وكثيرُه بأي هيئة، وهو قول إسحاق والمزني والحسن البصري وابن المنذر، مستدلين بحديث صفوان بن عسال الذي عدَّ النوم من النواقض دون تقييد. 

أما القول الثاني فيرى أن النوم ليس ناقضًا مطلقًا، مستندين لحديث أنس بن مالك: أن الصحابة كانوا ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون. 

وجاء القول الثالث بأن من نام مُمكِّنًا مقعدته من الأرض لم ينتقض وضوؤه، وإن لم يكن كذلك انتقض على أي هيئة، وهو مذهب الحنفية والشافعية. 

أما القول الرابع فهو أن النوم ناقض للوضوء إلا النوم اليسير من القاعد والقائم؛ إذ يكون موضع الحدث مضمومًا فيغلب على الظن عدم خروج شيء. 

وجاء القول الخامس بأن كثير النوم ينقض الوضوء في كل حال دون قليله، وهو قول مالك ورواية عن أحمد، موضحين أن الكثير هو النوم المستغرق الذي لا يشعر فيه النائم بخروج الحدث، بينما القليل هو الذي يشعر فيه لو حدث شيء، مستدلين بقول النبي ﷺ: «العين وِكَاء السَّهِ، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء»، أي أن اليقظة بمنزلة الرباط الحافظ لما قد يخرج.

طباعة شارك نقض الوضوء الوضوء أحكام الطهارة المذاهب الأربعة لجنة الفتوى

مقالات مشابهة

  • أحمديات: برنامج دولة التلاوة رحلة روحانية مع كلمات الله
  • حسام موافي: المسلم الذي يشبع بكثرة يغضب الله عليه .. فيديو
  • نتنياهو يشترط للانتقال إلى المرحلة الثانية ويتحدث عن القوة الدولية بغزة
  • هل يشترط الذهاب للمدينة المنورة في العمرة؟ أمين الفتوى يُجيب
  • نتنياهو يشترط استكمال استعادة جثث المحتجزين لفتح معبر رفح
  • زعيم حزب إسرائيلي يشترط لدعم نتنياهو إعفاء الحريديم من التجنيد
  • فتاوى وأحكام| متى يكون النوم ناقضا للوضوء؟.. حكم الشك في عدد أشواط الطواف.. هل ثمن المحل التجاري عليه زكاة وكيف يمكن احتسابها
  • تقرير أميركي: هل ستسمح الولايات المتّحدة بأنّ يكون مصير لبنان كما سوريا؟
  • متى يكون النوم ناقضًا للوضوء؟.. رأي المذاهب الفقهية
  • جهود مصر في إحياء "دولة التلاوة"