جهود مصر في إحياء "دولة التلاوة"
تاريخ النشر: 19th, November 2025 GMT
يظل القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع والهداية الربانية للبشرية كلها، وهو النور الذي يضيء دروب الحياة، لذا فإن حفظه وتعلمه والعمل به من أجل القربات وأعظم الفضائل التي يتقرب بها العبد إلى خالقه.
لقد خصّ الله تعالى أهل القرآن بمكانة عظيمة، واهتمت الأمة الإسلامية على مر العصور اهتماما بالغًا بكتاب الله، وتأتي جمهورية مصر العربية في طليعة الدول التي تحمل لواء العناية بكتاب الله وأهل القرآن الكريم.
وقد وردت النصوص الشرعية الكثيرة التى تؤكد عظيم فضل حفظ آيات الله وتلاوتها تريلا وتجويدا، أذكر منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه"، وقوله: "خيركم من تعلم القرآن وعلَّمه"، ويُقال لقارئ القرآن يوم القيامة: «اقرأ وارتقِ، ورتِّل كما كنت ترتّل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها"، والمُتقن لحفظه وتلاوته يكون مع السفرة الكرام البررة، ومن يقرأه ويتعتع فيه فله أجران.
وحفظ القرآن الكريم ليس مجرد حفظ نصوص، بل هو حفظ للقلب والذاكرة، وربط المسلم بمصدر عزته وسعادته، مما ينير بصيرته ويهدي سلوكه. وتحتل مصر مكانة رائدة وتاريخية في خدمة كتاب الله وتلاوته، فهي بحق "دولة التلاوة" التي خرج منها عمالقة القراء الذين أثروا العالم الإسلامي بأصواتهم وتجويدهم المتقن. وفي العصر الحديث، أظهرت الدولة المصرية اهتماما متزايدا بهذه الريادة من خلال مؤسساتها.
وتحول هذا الاهتمام إلى دعم مباشر من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، الذي يُولي عناية خاصة ببناء الإنسان المصري والحفاظ على هويته الدينية والثقافية الأصيلة، حيث يعتبر العناية بالقرآن جزءا أصيلا من بناء الوعي الرشيد.
وتعد وزارة الأوقاف المصرية هي الذراع التنفيذي الأبرز لهذا الاهتمام، حيث تضطلع بجهود مكثفة فى هذا الأمر، أذكرمنها:
* تنظيم المسابقات المحلية والدولية لحفظة القرآن والقراء.
* افتتاح المئات من مكاتب تحفيظ القرآن الكريم والكتاتيب العصرية.
* إطلاق البرامج والمبادرات لنشر الوعي الديني السليم ونشر المنهج الوسطي المعتدل.
* وأحدث مظاهر هذا الاهتمام هو إطلاق مسابقة وبرنامج "دولة التلاوة"، الذي بدأت أولى حلقاته مساء يوم الجمعة الماضي، وهى أضخم مسابقة قرآنية تليفزيونية في تاريخ مصر، وتستهدف اكتشاف جيل جديد من القراء الموهوبين ممن يسيرون على نهج المدرسة المصرية الأصيلة في التلاوة.
والبرنامج يهدف إلى إعادة إحياء المدرسة المصرية التي اشتهرت عالميا بجمال الصوت، وإتقان المقامات، والدقة في أحكام التجويد والترتيل.
وتعتبر الوزارة هذا البرنامج أحد أهم مشاريعها ضمن محور "بناء الإنسان" في استراتيجيتها، إيماناً بأن العناية بكتاب الله هي أساس استقامة الفرد والمجتمع.
إن انطلاق برنامج "دولة التلاوة" ليس مجرد مسابقة تليفزيونية، بل هو رسالة واضحة من مصر للعالم بأنها ماضية في طريق الحفاظ على أصالتها الدينية والقرآنية، ورعاية أبنائها ليكونوا امتدادا لعمالقة الماضي، وحملة لمشعل النور إلى المستقبل.
[email protected]
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: القرآن الکریم دولة التلاوة
إقرأ أيضاً:
بعد تقبيل مصطفى حسني يده في برنامج «دولة التلاوة».. من هو الطالب محمد أحمد حسن؟
قدَّم الداعية الإسلامي مصطفى حسني نموذجًا راقيًا في حسن الخلق والتواضع، خلال لقائه بأحد قرّاء القرآن الكريم من ذوي البصيرة خلال برنامج دولة التلاوة، حيث ظهرت لقطات له وهو يخاطبه قائلاً: «ما تحرمنيش الشرف دا يا سيدنا»، في مشهد لقي تفاعلًا واسعًا وإشادة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
من هو الطالب محمد أحمد حسن؟اصطفَّ آلاف المصلين في رحاب الجامع الأزهر، في الليلة التاسعة من شهر رمضان المبارك لعام 1446 هـ، يؤدّون صلاتي العشاء والتراويح، يرجون رحمة الله ويبتغون فضله ورضوانه، وقد توافدوا من مختلف المحافظات، إضافة إلى الطلاب الوافدين من دول عدة، ليلتقوا في بيت من بيوت الله، تحفّهم الملائكة، وتغمرهم نفحات الشهر الكريم.
وأمّ المصلين برواية قُنبل عن ابن كثير المكي الشيخ محمد أحمد حسن، الطالب بمعهد أبوقير الثانوي الأزهري، الذي فقد بصره فامتلك البصيرة التي أهلته إلى أن يؤمَّ المصلين بصلاة التراويح بالجامع الأزهر في تاسع ليالي شهر رمضان الفضيل
وتقدَّم المصلين الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور مجدي عبد الغفار، رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية السابق بكلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة العلمية بالجامع الأزهر، والشيخ حسن عبد النبي، وكيل لجنة مراجعة المصحف، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، ونخبة من علماء وقيادات الأزهر.
وتقام صلاة التراويح بسورة الأعراف، ويؤم المصلين فيها الشيخ محمد سالم عامر، القارئ والإمام بالجامع الأزهر، قارئًا برواية الإمام الدوري عن الإمام أبي عمرو البصري، والشيخ رضا رمضان عبد الموجود، قارئًا برواية الإمام قنبل عن الإمام ابن كثير المكي، والشيخ محمد فوزي البربري، قارئًا برواية الإمام إدريس عن الإمام خلف العاشر.
أما صلاة الشفع والوتر، فيتقدم لإمامة المصلين الدكتور محمد إسماعيل عطية، المدرس بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالشرقية. ويؤم المصلين في صلاة الفجر الشيخ محمد سالم عامر.
وفي عام 2023م، تُوجت جهوده بالفوز بالمركز الأول في مسابقة شيخ الأزهر لحفظ القرآن الكريم، وهي إحدى أهم وأقدم المسابقات التي ينظمها الأزهر الشريف سنويًا للتنافس بين طلاب الأزهر المتميزين من حفظة كتاب الله، فكانت تلك اللحظة كانت بمثابة شهادة على مثابرته، وتأكيدًا على اجتهاده وتميزه في الحفظ والتلاوة، رغم التحديات، ليصبح نموذجًا للإرادة والاجتهاد في طلب العلم.
ولم يكن فوز محمد أحمد حسن بالمركز الأول في مسابقة شيخ الأزهر لحفظ القرآن الكريم لعام 2023 سوى بداية لمسيرة حافلة بالإنجازات، إذ واصل تألقه في العام التالي ليحقق إنجازًا جديدًا بحصوله على المركز الأول في فئة أصحاب الهمم بمسابقة «تحدي القراءة العربي» لعام 2024م، متفوقًا على أكثر من 39 ألف مشارك من مختلف الدول العربية، بما يعكس إصراره على التفوق، ليس فقط في حفظ القرآن الكريم وإتقانه، بل أيضًا في ميدان المعرفة والقراءة، ليصبح نموذجًا مشرفًا للإرادة والعزيمة.
نجاحه في الثانوية الأزهريةحقق الطالب محمد أحمد حسن، ابن معهد أبو قير الثانوي الأزهري، وأحد أصحاب البصيرة، إنجازًا جديدًا بعد ظهوره في مشهد مهيب خلال شهر رمضان الماضي وهو يؤم المصلين في صلاة التراويح بالجامع الأزهر الشريف، حيث أثبت أنه نموذج مضيء للتفوق والإرادة بعد أن حقق نسبة نجاح بلغت 86% في نتيجة الثانوية الأزهرية لهذا العام 2025.
محمد، الذي حفظ القرآن الكريم كاملًا برواية قنبل عن ابن كثير المكي، وتوج بفوزه بمسابقة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر لحفظ القرآن الكريم لعام 2023، عبّر عن امتنانه قائلًا: "الحمد لله، هذه المرحلة فاصلة في حياتي، وأتمنى الالتحاق بكلية أصول الدين، فهي حلمي العلمي والدعوي".
وكان الأزهر الشريف قد قدم محمد خلال ليلة التاسع من رمضان 1446هـ كأول طالب كفيف يؤم المصلين بالجامع الأزهر، حيث نشر الجامع الأزهر عبر صفحاته الرسمية مقاطع مؤثرة لتلاوته، والتي نالت إعجاب الآلاف من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، وحققت ملايين المشاهدات، وسط إشادات كبيرة بالأزهر وطلابه.
الأول على الثانوية الأزهرية
وأعرب الطالب علي محمد علي شلتوت، ابن محافظة البحيرة، عن سعادته العارمة بعد تصدره قائمة أوائل الجمهورية في الثانوية الأزهرية - القسم العلمي للعام الدراسي 2024-2025، محققًا مجموعًا قدره 99.85%.
وأوضح في تصريح لـ“صدى البلد” أن سر تفوقه كان الثقة المطلقة في الله، قائلاً: "كنت واثقا من أول السنة أني من الأوائل.. وكان عندي يقين كبير في ربنا، ولما ظهرت النتيجة فرحت جدًا".
وأشار إلى أنه لم يختلف عن باقي الطلاب في طريقة مذاكرته، لكنه كان حريصًا على تنظيم وقته جيدًا، مضيفًا: "السنة مش صعبة، لكنها طويلة وعايزة التزام".
ورغم اعتماده على الدروس الخصوصية طوال العام، قرر في الشهر الأخير التوقف عنها تمامًا، ليمنح كل تركيزه للمذاكرة الذاتية والمراجعة الدقيقة.
واختتم بتوجيه نصيحة لزملائه: "ابعدوا عن التوتر ومتضغطوش على نفسكم.. ودايمًا خليك واثق في ربنا"، موجهًا شكره الكبير لوالديه اللذين كانا سندًا وعونًا له في كل مراحل العام الدراسي.