جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-08@09:25:00 GMT

"الأرض قفرا.. والمزار بعيد"!

تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT

'الأرض قفرا.. والمزار بعيد'!

 

يوسف عوض العازمي

alzmi1969

 

"الأمثال الشعبية تعد جزءًا من ذاكرة الأمم، فهي ترصد حياتهم اليومية بعبارات تؤرخ لنا الحوادث والألفاظ على مر الزمن" طلال الرميضي.

********

صدر مؤخرا عن معهد الشارقة للتراث الطبعة الأولى كتابًا مهمًا بعنوان: "النباتات في الأمثال الكويتية القديمة"، للمؤلف طلال سعد الرميضي من دولة الكويت، ويختص الكتاب بالأمثال الشعبية الكويتية التي ورد بها ذكر النباتات.

الكتاب يتكون من مائة وستين صفحة، ويبدأ بكلمة للدكتور عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، تعقبها مقدمة للمؤلف. والكتاب يعتمد في عرضه للأمثال المستقصدة على طريقة الأحرف الأبجدية، وعددها أربعة وعشرون حرفا؛ حيث فرز الأمثال بحسب الأحرف، وفي ذلك ولا شك تسهيل للقارئ أو الباحث الذي ينوي الاستفادة من الكتاب.

وذكر المؤلف عن سبب اختياره للنباتات كموضوع للكتاب؛ إذ قال: "نجد أن النبات على الرغم من شحته في الصحراء؛ فإنه يشكل عند أهل البادية ماهو يُستفاد منه في حياتهم، حيث يعد عاملا مهما في حياتهم اليومية، ويعملون بشكل دوري على جمع الشجيرات الصغيرة التي تُستخدم أخشابها في إشعال النار للطبخ والتدفئة".

ومن خلال الاطلاع على الكتاب، لاحظت اهتمام المؤلف بمحاولة توثيق عدد من الأمثال المنسية تقريباً والتي أصبح تداولها نادرا رغم جمالها، ومنها المثل القائل: "الأرض قفرا.. والمزار بعيد"؛ حيث كتب المؤلف بشأن هذا المثل ما يلي: سجله الأديب أحمد البشر في موسوعة  الأمثال الكويتية المقارنة في الجزء الثالث، صفحة 171، ومعنى الأرض قفرا أي "الأرض الخالية من الماء والناس والعشب، والمزار هو الجهة التي يقصد الراكب زيارتها". ويقال هذا المثل في الظروف الصعبة التي تحيط بالشخص من الأمور كافة، ويضرب المثل الشعبي في الصعوبة.

ومما لفت انتباهي في الكتاب، الحديث عن الأمثال المتعلقة بالنخيل؛ حيث كتب المؤلف: "النخل ومنتجاته"؛ حيث تكرر ذكره في الكثير من الامثال القديمة؛ ليبرز لنا أهميته في حياة الأجداد، منها قولهم: "أكل التمر خص وشرب الماي مص"، و"إن كأنك تاكل التمر غيرك يعد الطعام"، و"بشر النخل بكداد جديد"، و"تراولك من طول النخلة"، و"التمر مسامير الركب"، و"تمرة ما يضرها الألحوس"، و"اللي صار عشاك تمره إل تنطر القمره"، و"إللي طلع سهيل تلمس التمر بالليل"، و"لو التمر عند البدو ما باعوه"، و"الطول طول انخله والعقل عقل اسخله".

في رأيي أن الأمثال الشعبية هي تفاعل فطري وعفوي للناس البسطاء مع الحياة وظروفها، فتجد أحيانا المثل يخرج تلقائيا بشكل غير مرتب له، هنا قد تكون قوة المثل كونه نتج عن موقف ما، وممكن جدا أن تكون بعض الأمثال هي توثيق لحدث ما، واختصارا معبرا ووافيا عنه، ومن يقرأ التاريخ سيجد ما أعنيه، ولكل بلد تقريبا أمثال تخصه، فالبلد أساسا مجتمع بشري والمجتمع البشري هو أس الحياة ومرتبطاتها وسطورها العميقة على صفحات كتاب الزمان.

الكتاب- حسب رأيي المتواضع- يستحق الاقتناء؛ كونه يخدم الباحثين وطلبة التاريخ وحتى طلبة التخصصات الأدبية ممن يهتمون بأثر الأمثال الشعبية في الحياة المجتمعية، وقد استند الكتاب على 9 مراجع و3 مقالات، ويُعد إضافة ثرية للمكتبة العربية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

في مرايا الشعر.. جديد هيئة الكتاب للشاعر جمال القصاص

أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب إصدارًا جديدًا يحمل عنوان «في مرايا الشعر» للشاعر والناقد جمال القصاص، وهو عمل يقدّم رؤية متفردة لعلاقة الشاعر بالكتابة، وللجدل الداخلي الذي يصاحب فعل الإبداع منذ لحظة تشكّل الفكرة حتى اكتمال النص، يأتي الكتاب بمثابة شهادة شخصية وفكرية تعكس تجربة القصاص الممتدة مع الشعر، وقراءاته النقدية التي راكمها عبر سنوات طويلة من التأمل والمتابعة.

في مقدمة الكتاب، يكشف القصاص عن حالة الانفعال التي تلازمه أثناء الكتابة، تلك التي تجمع بين الفرح والغضب والحيرة، وتضعه أحيانًا في «ورطة» شعرية تكاد تبتلعه، يصف اللحظة الإبداعية وكأنها فخ يتربص بالشاعر، يجعله بين دورين متناقضين: الذئب الذي يقتنص فريسته، والفريسة التي تهرب من مصيرها، هذا التوتر الخلّاق بين اللذة والمأزق يشكّل أساس رؤية القصاص للكتابة، فهو يرى أن النجاة من مأزق نص لا تكون إلا بمأزق جديد يخلقه الشاعر بإرادته ودهشته، تمامًا كطفل يراقب ولادة لحظته الشعرية على الصفحة.

ويؤكد القصاص رفضه للوصفات الجاهزة ونماذج الكتابة المكررة، مفضّلًا أن يترك نافذة النص مفتوحة دائمًا، لاستقبال ومضة أو خاطر أو إشارة لم يبح بها بعد، فالكتابة، في نظره، فعلُ اكتشاف دائم لا يتوقف عند حدّ، وبحث مستمر عن ما لم يُقل، وعن الدهشة التي تختبئ في مفارقة ساخرة أو طرقة درامية أو سؤال مشحون بالوجود وأزماته.

ويذهب القصاص في صفحات كتابه إلى جوهر العلاقة بين الوعي والفكرة الشعرية، معتبرًا أن الوعي وحده لا يصنع شعرًا، وأن الإلهام الحقيقي يحتاج إلى قدرة على نسيان الفكرة بقدر القدرة على التقاطها، فهو يعيش الشعر كطقس داخلي، وكتمرين يومي على الحرية، يكتب من أجل أن يحب نفسه أكثر، ويلتصق بجوهره الإنساني عبر لحظات تضج بالنشوة، حتى لو كانت من مشهد رتيب أو حكاية معادة.

يمتد الكتاب ليضم مجموعة من قراءات القصاص النقدية لتجارب شعرية عربية، وهي نصوص كتبها عبر سنوات بدافع الفرح بالشعر ذاته، وبما يقدمه الشعراء والشاعرات من مغامرات جمالية، يقول إن خبرته كشاعر كانت البوصلة الأولى التي توجه نظرته النقدية، إذ تجمع بين عين القارئ الشغوف وحساسية المبدع الممسوس بالتجربة.

ويرصد الكتاب تحولات الشعر العربي منذ الستينيات، وهي المرحلة التي شهدت ـ بحسب القصاص ـ بدايات التمرد على الأشكال القديمة، ومحاولات التجديد في الإيقاع والرؤية واللغة، وعلى الرغم من هذا الحراك، يرى أن الشعر العربي ظل مرتبطًا لفترة طويلة بإطار البلاغة التقليدية، وبموضوعات سياسية واجتماعية تشكّل مركز النص وتطغى على الشكل الجمالي.

كما يتوقف القصاص عند المأزق النقدي الذي يواجه الشعر العربي المعاصر، والمتمثل في اعتماد كثير من تجارب الحداثة على المنجز الغربي في النظر والتطبيق. وبرغم أهمية هذا المنجز في التاريخ الإنساني، يرى القصاص أنه لم يستطع تجاوز رؤيته العقلانية للشعر، في حين أن الشعر ـ في جوهره ـ ليس نتاجًا عقليًا صرفًا، بل هو ابنة الروح وومضتها المفاجِئة، تلك التي تفلت من قبضة المنطق والأطر الجاهزة.

ويخلص القصاص إلى أن الحداثة الشعرية ليست قالبًا خارجيًا، بل هي قيمة داخلية في الإنسان، تحتاج فقط إلى من يوقظها من أسر العادة وما تراكم حولها من قيود، فالشعر، كما يراه، يمنحنا إحساسًا بالحرية، ويعيد تشكيل علاقتنا بالعالم من جديد، عبر حساسية لا تستسلم للسائد ولا للمألوف.

وفي ختام الكتاب، يقدم القصاص اعترافًا إنسانيًا مؤثرًا، إذ يقول إنه لا يدّعي الصواب في ما يكتب، بل ما زال يبحث عنه في رحلته الطويلة مع الشعر، مؤمنًا بأن الخطأ ليس سوى صواب مؤجل لم يحن أوانه، ويوجه تحية لكل الشعراء الذين أسهموا ـ عبر تجاربهم وأعمالهم ـ في توسيع مساحة الضوء والمحبة في حياته الشعرية.

بهذا الإصدار، تضيف الهيئة العامة للكتاب عملًا مهمًا إلى المكتبة النقدية العربية، يجمع بين حرارة التجربة وعمق التأمل، ويقدّم رؤية شاعر خبر دروب القصيدة ووقف طويلًا أمام مراياها المتعددة.

طباعة شارك الهيئة المصرية العامة للكتاب في مرايا الشعر الناقد جمال القصاص علاقة الشاعر بالكتابة اللذة والمأزق

مقالات مشابهة

  • انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي الأول لنخيل التمر بجامعة الوادي الجديد
  • انتخاب الجزائر نائباً لرئيس اللجنة الدائمة لحقوق المؤلف بالمنظمة العالمية للملكية الفكرية
  • «في مرايا الشعر» جديد هيئة الكتاب للشاعر جمال القصاص
  • مثل شعبي وواقع معاصِر
  • في مرايا الشعر.. جديد هيئة الكتاب للشاعر جمال القصاص
  • المطيعي بمعرض الكتاب .."حُجّة الله على خليقته" بيان كلام الله من البشر
  • مصر تشارك في أعمال الدورة الـ 47 للجنة حق المؤلف والحقوق المجاورة بمنظمة الملكية الفكرية
  • ماذا يحدث للجسم عند تناول 2 إلى 3 تمرات على الريق؟.. فوائد مذهلة لن تتوقعها
  • وفاة الفنان سعيد مختار
  • للقلب والعظام .. تعرف على فوائد تناول التمر بشكل يومي