كهرباء ومياه دبي تتبنّى استراتيجية شاملة لتعزيز ريادة دبي في مجالات الاستدامة والحفاظ البيئي وصناعة المستقبل
تاريخ النشر: 29th, October 2023 GMT
- سعيد الطاير:
- "تحقيق أهداف استراتيجية دبي للطاقة النظيفة واستراتيجية الحياد الكربوني لتوفير 100 في المائة من الطاقة من مصادر نظيفة بحلول 2050 من أهم أولوياتنا".
- "جهود الهيئة أسهمت في خفض صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في دبي بنسبة 19 في المائة في عام 2022 مقارنة بعام 2010، ضمن استراتيجية خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 30 في المائة بحلول عام 2030".
- "حريصون على تفعيل نموذج يحتذى للاقتصاد الدائري وتطبيقاته في مختلف القطاعات وتشجيع المشاركة المجتمعية لتحقيق استدامة التنمية".
- "ويتيكس" ودبي للطاقة الشمسية 2023 حدث رئيسي على أجندة فعاليات الاستدامة العالمية تنظم الهيئة دورته الـ25 في الفترة 15 إلى 17 نوفمبر.
دبي في 29 أكتوبر/ وام/ ضمن منظومة شاملة لدعم استراتيجية التنمية الاقتصادية المستدامة في مختلف القطاعات، أحرزت دبي إنجازات لافتة على صعيد تحقيق مستهدفات الاستدامة البيئية والحفاظ البيئي، وتعزيز الريادة في مجالات الاستدامة والابتكار وصناعة المستقبل، عبر وسائل عدة منها إعادة استخدام الموارد، وزيادة كفاءة استخدام الطاقة، وتقليل الهدر والحد من الانبعاثات للمساهمة في مكافحة التغير المناخي، التزاماً بتوجيهات ورؤية القيادة الرشيدة باعتماد أفضل الممارسات العالمية في مجال الاقتصاد الدائري لتحقيق النمو الاقتصادي بموازاة حماية البيئة، ولترسيخ مكانة دبي المدينة الأفضل في العالم للعيش والعمل.
- استراتيجية شاملة .
وفي هذا الإطار، تبنّت هيئة كهرباء ومياه دبي استراتيجية شاملة لتشجيع الابتكار في إدارة النفايات، وتقديم حلول عملية للتحديات البيئية، وتبني سلوكيات مستدامة في كافة قطاعاتها وتعزيز الوعي بين موظفيها والمتعاملين بضرورة الاهتمام بالبيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية.
وقال معالي سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي: "عملاً بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" ، لتحقيق أعلى معدلات الحفاظ على البيئة جنباً إلى جنب مع تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية قوية، فإن الهيئة تضع أولوية قصوى لدعم استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 واستراتيجية الحياد الكربوني 2050 لإمارة دبي لتوفير 100 في المائة من القدرة الإنتاجية للطاقة من مصادر الطاقة النظيفة بحلول العام 2050. إننا نعتز بإسهام الهيئة في خفض صافي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في إمارة دبي بنسبة 19 في المائة في عام 2022 مقارنة بعام 2010، بما يدعم تحقيق أهداف استراتيجية خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 30 في المائة بحلول عام 2030."
وأضاف معاليه : "تشكّل استراتيجية هيئة كهرباء ومياه دبي للاقتصاد الدائري إطاراً شاملاً لتحديد توجهات الهيئة نحو توسيع نطاق التطبيقات الحالية واعتماد أفضل الممارسات العالمية في دعم الاقتصاد الدائري بما يسهم في تحقيق النمو الاقتصادي بموازاة حماية البيئة وضمان استدامة الموارد الطبيعية، وتأكيد مقومات التعامل الرشيد مع الموارد الطبيعية للوصول إلى أفضل استفادة ممكنة لها"، مؤكداً أنه مع الاستعدادات الجارية لاستضافة الدولة للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “28COP” في مدينة إكسبو دبي، تكثف الهيئة مبادراتها وفعالياتها لتعزيز تبنّي نموذج الاقتصاد الدائري وتطبيقاته في مختلف قطاعات الهيئة، وتشجيع المشاركة المجتمعية في تحقيق استدامة التنمية والتي تمثل مقوماً مهماً من مقومات نجاح الجهود المبذولة في هذا الاتجاه".
- مبادرات ومشروعات نوعية .
تعمل هيئة كهرباء ومياه دبي على تحقيق أهداف خطة دبي الحضرية 2040، من خلال مجموعة كبيرة من المشاريع والبرامج التي تسهم في تسريع التحوّل نحو المباني صفرية الطاقة، وتأسيس نموذج مستدام لتوفير الطاقة يدعم النمو الاقتصادي دون الإضرار بالبيئة ومواردها.. وتتعاون الهيئة مع مجلس الإمارات للأبنية الخضراء ومختلف الجهات الحكومية والخاصة، لدعم دورها الجوهري في نجاح دبي بتحقيق خفض كبير في الانبعاثات الكربونية.
وفي إطار جهودها لتعزيز الكفاءة والفعالية في إدارة استخدام الطاقة في مبانيها، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة بشكل مستمر، قامت الهيئة بتنفيذ العديد من مشروعات ومبادرات كفاءة الطاقة لإعادة تأهيل مبانيها الإدارية، ومحطات تحويل الطاقة، ومحطات الإنتاج، ومحطات ضخ وتخزين المياه. وقد حققت هيئة كهرباء ومياه دبي إنجازاً كبيراً في تحسين كفاءة إنتاج الطاقة والمياه بنسبة 37.78 في المائة في عام 2022 مقارنة بعام 2006، ما يعادل انخفاضاً إجمالياً في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 82 مليون طن.
واشتملت إعادة التأهيل على استبدال نُظُم تبريد وتكييف الهواء القديمة بنُظُمٍ أخرى عالية الكفاءة، واستبدال وحدات الإضاءة منخفضة الكفاءة بوحدات ليد (LED) عالية الكفاءة (أكثر من 81,000 وحدة إضاءة)، وتركيب حساسات للتحكم في الإضاءة، وتركيب موفرات المياه، وتوصيل المياه المعالجة لري المساحات الخضراء، بالإضافة إلى الألواح الشمسية الكهروضوئية التي تم تركيبها فوق أسطح مباني الهيئة المختلفة ومواقف السيارات الخاصة بها.
- نتائج مثمرة .
وحققت تلك المشروعات وفورات إجمالية للهيئة خلال عام 2022 تقدر بنحو 52 جيجاوات ساعة من الكهرباء و2.5 مليون جالون من المياه، وهذا يعادل توفير 22.76 مليون درهم وتخفيض 20,899 طناً من ثاني أكسيد الكربون، إلى جانب ذلك وابتداءً من مارس 2020، حوّلت الهيئة مراكز إسعاد المتعاملين إلى مراكز خدمة ذاتية بنسبة 100 في المائة، لتصبح أول مؤسسة حكومية تتيح لمتعامليها إجراء جميع معاملاتهم بأنفسهم باستخدام الأجهزة الذكية في مراكز إسعاد المتعاملين مع إمكانية التواصل مع الموظفين من مختلف القطاعات عبر تقنية الاتصال المرئي. وفي مارس 2021، تسلّمت الهيئة ختم (100 في المائة لا ورقية) من مؤسسة دبي الذكية، تقديراً لنجاح الهيئة في الانتهاء من التحول الرقمي لجميع عملياتها وخدماتها بنسبة 100في المائة.
- آلات ذكية .
وفي إطار رؤيتها كمؤسسة رائدة عالمياً مستدامة ومبتكِرة مُلتزمة بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وفّرت هيئة كهرباء ومياه دبي آلات ذكية في عدد من مبانيها لإعادة تدوير العبوات البلاستيكية وعلب الألمنيوم. ولدى الهيئة حالياً وحدتان ذكيتان لإعادة التدوير في مركزها الرئيسي ومبنى ورسان.
وتدعم المبادرة نموذج الاقتصاد الدائري وتطبيقاته في مختلف القطاعات، بما يسهم في تحقيق النمو الاقتصادي بموازاة حماية البيئة وتشجيع الممارسات المستدامة عبر إعادة استخدام الموارد وتقليل الهدر والحد من الانبعاثات للمساهمة في مكافحة التغير المناخي، كما تدعم استراتيجية دبي المتكاملة لإدارة النفايات 2021 – 2041 التي تهدف إلى تشجيع الابتكار في إدارة وتدوير وتحويل النفايات إلى طاقة، وتسعى إلى تقديم حلول عملية للتحديات البيئية.
وتنسجم هذه المبادرة كذلك مع استراتيجية الهيئة للاقتصاد الدائري الهادفة إلى الاستخدام الأمثل للموارد، وإثراء القيمة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، ودفع عجلة الاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة دبي.. وتتبنى الاستراتيجية خمسة مبادئ هي: التصميم الدائري واستخدام المواد القابلة للتدوير؛ وتحسين إدارة الأصول؛ والحفاظ على القيمة والمعالجة في نهاية دورة المنتج؛ والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والمياه؛ والشراكات الدائرية. وتسلط الاستراتيجية الضوء على سلسلة القيمة لدى الهيئة التي تركز على المستخدم الذكي، والمشتريات الدائرية، وإشراك الموردين.
- العبوات المُعاد تدويرها .
منذ تركيب الآلات الذكية في أكتوبر 2022 وحتى نهاية النصف الأول من عام 2023، قام موظفو الهيئة بإعادة تدوير 299,992 عبوة بلاستيكية وعلبة ألمنيوم، تم استخدامها لإنتاج قمصان (تي شيرت) ومنتجات أخرى عبر إحدى الشركات المحلية باستخدام حلول التصنيع المستدام. ويتم تشغيل الآلات الذكية عبر تطبيق المكتب الذكي الخاص بالموظفين حيث تقرأ الآلة رمز الاستجابة السريعة على التطبيق الذكي.
- مبانٍ خضراء .
حققت هيئة كهرباء ومياه دبي في عام 2019 سبقاً عالمياً تمثّل بحصول دبي على التصنيف البلاتيني العالمي الخاص بالمدن - الريادة في الطاقة والتصميم البيئي، بحسب تصنيف المدن العالمية من المجلس الأمريكي للأبنية الخضراء، لتكون بذلك أول مدينة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحصل على هذه الشهادة المرموقة.. لدى الهيئة حالياً عدة مبانٍ خضراء حاصلة على تصنيف الريادة في الطاقة والتصميم البيئي (LEED) تشمل: المبنى المستدام في القوز، أول مبنى حكومي مستدام في دولة الإمارات، وأكبر مبنى حكومي في العالم يحصل على التصنيف البلاتيني الخاص بالمباني الخضراء وفق مقياس المجلس الأمريكي للأبنية الخضراء، و"مركز الابتكار" و"مركز البحوث والتطوير" في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، ومحطة الشبكة الذكية، ومركز البيانات للحلول المتكاملة (مورو)، ومجمّع قطاع توزيع الطاقة في منطقة الروية، وجامع الريان في حتا، ومركز البيانات الأخضر التابع لشركة "مورو"، والذي يعّد أضخم مركز بيانات يعمل بالطاقة الشمسية في العالم، وفق تصنيف موسوعة "غينيس" للأرقام القياسية، وذلك في مجمّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية.
وتنظّم هيئة كهرباء ومياه دبي معرض "ويتيكس" ودبي للطاقة الشمسية 2023 ضمن دورته الـ25 في الفترة 15 إلى 17 نوفمبر 2023 في مركز دبي التجاري العالمي، وهو حدث رئيسي على أجندة فعاليات الاستدامة العالمية، كونه الأكبر في المنطقة في قطاعات الطاقة والمياه والتنمية الخضراء والاستدامة والقطاعات ذات الصلة، وأحد أكبر المعارض المتخصصة على مستوى العالم.
إضافة إلى ذلك، وتزامناً مع يوم البيئة العالمي 2023، نظمت هيئة كهرباء ومياه دبي بالتعاون مع مجموعة الإمارات للبيئة البحرية حملة لتنظيف شواطئ محمية جبل علي البحرية، بمشاركة عدد كبير من موظفي الهيئة والشركات التابعة للهيئة وعائلاتهم. كما عقدت الهيئة ندوتين توعويتين وأنشطة ترفيهية وتوعوية متنوعة حول تحويل النفايات البلاستيكية إلى أقمشة، وسبل تبني سلوكيات يومية مستدامة وطرق خفض استهلاك المواد البلاستيكية وإعادة استخدام وتدوير البلاستيك.
وبمناسبة اليوم العالمي للطاقة، الذي يوافق 22 أكتوبر من كل عام، أطلقت الهيئة حملة تحت شعار "اليوم العالمي للطاقة: مسارك إلى مؤتمر الأطراف 28". وتضمّنت الحملة سلسلة من المحاضرات الافتراضية باللغتين العربية والإنجليزية لعدد كبير من المنشآت التعليمية الحكومية والخاصة، حضرها 11,238 طالباً وطالبة، للتعريف بمشاريع الهيئة المستدامة.
وقد حصلت الهيئة على العديد من الجوائز المحلية والعالمية تقديرا لجهودها الحثيثة في مجال حماية البيئة والموارد الطبيعية، كما تُوجت هيئة كهرباء ومياه دبي بجائزة الإنجاز الكبرى 2022 من مجلس السلامة البريطاني، والتي تعد أبرز جائزة عالمية في مجال الصحة والسلامة والبيئة، تقديراً لفوز الهيئة بجائزة الشرف العالمية في مجال البيئة وجائزة سيف الشرف في مجال الصحة والسلامة لأحد عشر عاماً، حيث حصدت الهيئة، خلال عام 2022، جائزة الشرف العالمية للمرة الحادية عشرة، وجائزة سيف الشرف للمرة الخامسة عشرة.
عوض مختار/ اسلامه الحسين
المصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: هیئة کهرباء ومیاه دبی ثانی أکسید الکربون الاقتصاد الدائری الموارد الطبیعیة النمو الاقتصادی مختلف القطاعات للطاقة الشمسیة حمایة البیئة دبی للطاقة فی المائة فی مختلف فی مجال عام 2022 فی عام
إقرأ أيضاً:
الاقتصادات العربية من التكيّف إلى صناعة المستقبل
يمرّ الاقتصاد العربي في طور دقيق من التغير تتداخل فيها الأزمات العالمية مع التحديات الإقليمية. أسواق الطاقة غير المستقرة، وحركة التجارة العالمية التي تعاني من توترات متواصلة، والمراكز الصناعية الجديدة في آسيا التي تزداد تأثيراً في الأسواق العالمية، كلها مجتمعة أصبحت تغيّر موازين الاقتصاد الدولي. في هذا المشهد المتقلب، تحتاج المنطقة العربية إلى نموذج اقتصادي قادر على الصمود والتطور، يقوم على مبادئ التنويع والإنتاج والمعرفة.
المشهد الدولي المتغيّر
من الواضح بأن الاقتصاد العالمي يشهد انتقالاً تدريجياً في مراكز النفوذ الاقتصادي. فالصين والهند أصبحتا من أبرز القوى المحركة للإنتاج والتكنولوجيا والاستثمار، بينما توسّع تكتلات مثل "بريكس" ومنظمة "شنغهاي" مجالات التعاون بين الاقتصادات الصاعدة. هذا التحول يُغيّر خريطة النمو العالمي، ويمنح الدول خيارات أوسع لبناء شراكات جديدة خارج النفوذ الغربي التقليدي.
وتقع الاقتصادات العربية في دائرة التأثر المباشر بهذه التحولات. اعتماد العديد من دول المنطقة على صادرات النفط والغاز يجعل موازناتها مرتبطة بأسعار الطاقة العالمية. أكثر من ثلثي الإيرادات الحكومية في بعض الدول الخليجية ما زالت تأتي من قطاع الطاقة، مما يجعل أي تراجع في الطلب أو تشدد في سياسات خفض الانبعاثات عاملاً مؤثرًا في الاستقرار المالي.
وتزيد الاضطرابات الجيوسياسية في مناطق العبور البحري - مثل البحر الأسود وبحر الصين الجنوبي - من كلفة النقل والتأمين، وهو ما ينعكس على حركة التجارة العالمية، خصوصًا في الدول التي تعتمد على استيراد المواد الأساسية وتصدير الطاقة عبر هذه الممرات.
ورغم هذه التحديات، يحمل التحول العالمي في مجالات عدة فرص مهمة أمام المنطقة العربية. فالتوسع على سبيل المثال في الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر يمكن أن يشكّل أساسًا لمرحلة جديدة من النمو، ويمنح الاقتصادات العربية موقع متقدم في منظومة الطاقة المستقبلية، خاصة إذا ارتبط هذا التوجه بسياسات واضحة للبحث العلمي والتصنيع المحلي.
الأوضاع الإقليمية وضعف التكامل
البيئة الاقتصادية العربية ما زالت تواجه أزمات سياسية وأمنية في عدد من الدول، مثل اليمن وسوريا وليبيا والسودان، وهي نزاعات تستنزف الموارد وتضعف ثقة المستثمرين. كما أن محدودية التعاون بين الدول العربية تقلل من فرص بناء سوق إقليمية متكاملة. فالتجارة البينية لا تشكّل سوى نحو 10% من إجمالي التجارة العربية، وهي نسبة منخفضة جداً مقارنة بالمستويات التي حققها الاتحاد الأوروبي، حيث تتجاوز التبادلات الداخلية بين دوله 60% من حجم تجارته. هذا التفاوت يوضح حجم الفجوة في التكامل الاقتصادي، ومدى ما يمكن أن يحققه التعاون العربي إذا توفرت الإرادة السياسية والإطار المؤسسي الفاعل.
في الوقت نفسه، يزداد الضغط على الأمن الغذائي والمائي. ندرة المياه، والجفاف، وتراجع المساحات الزراعية، تفرض تحديات وجودية على بعض الدول. الاعتماد الكبير على استيراد الغذاء يجعل المنطقة عرضة لتقلبات الأسعار العالمية. لذلك، فإن التعاون في مجالات الزراعة الحديثة وإدارة المياه يصبح شرطًا أساسيًا لاستمرار التنمية واستقرارها.
عناصر القوة وفرص المنافسة
رغم هذه التحديات، تمتلك المنطقة العربية مقومات قوية يمكن أن تشكل أساساً للنهوض الاقتصادي. فهي تملك أكبر احتياطي من النفط في العالم ونسبة عالية من الغاز الطبيعي، إضافة إلى موقع جغرافي يربط آسيا بأوروبا وإفريقيا ويمر عبره جزء كبير من تجارة الطاقة العالمية.
العنصر البشري يمثل ثروة أخرى مهمة، فمعظم سكان المنطقة من فئة الشباب. هذه الطاقة البشرية قادرة على دفع التنمية إذا تم الاستثمار فيها من خلال التعليم الموجه نحو المهارات والتقنيات وريادة الأعمال. بعض الدول العربية بدأت بالفعل في هذا الاتجاه، مثل الإمارات والسعودية والمغرب، التي توسعت في مجالات التكنولوجيا والطاقة النظيفة والسياحة والصناعة الحديثة، بينما لا زالت بقية الدول العربية في طور ترجمة الخطط التنموية إلى برامج إنتاج حقيقية قابلة للتنفيذ.
التحديات العميقة
معدلات البطالة في المنطقة العربية ما زالت مرتفعة، وتتجاوز في بعض الدول 30%. الفقر ينتشر في عدد من الدول، والإنفاق على البحث العلمي لا يصل إلى واحد في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. هذه الأرقام تعكس ضعف القدرة على بناء اقتصاد معرفي متنوع.
كما أن الطابع الريعي للاقتصادات العربية ما زال يقيّد النمو المستدام. الاعتماد على الموارد الطبيعية دون تطوير الصناعة والخدمات ذات القيمة المضافة يجعل الاقتصادات أكثر عرضة لتقلبات الأسعار العالمية. كما أن البيروقراطية وكثرة الإجراءات الحكومية وضعف الشفافية تعيق الاستثمار المحلي والأجنبي، وتحدّ من قدرة القطاع الخاص على التوسع والابتكار.
خطوات التحول الاقتصادي
التغيير المطلوب لا يمكن أن يتحقق بالمعالجات السطحية، بل بخطط شاملة تعيد تنظيم العلاقة بين التعليم والإنتاج، وتفتح المجال أمام الابتكار والتكامل الإقليمي. البدء بتقليل الاعتماد على النفط ضرورة أساسية من خلال تطوير الصناعات التحويلية والزراعة الحديثة والسياحة المستدامة. إدماج التكنولوجيا في إدارة المؤسسات العامة والخاصة يسهم في تقليل التكاليف وتحسين الأداء. كما أن التعاون العربي في مجالات الطاقة والغذاء والمياه والبيانات يمكن أن يخلق شبكة اقتصادية واسعة قادرة على مواجهة الأزمات الخارجية.
تنويع الشراكات مع آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية يمكن أن يمنح الاقتصادات العربية مرونة أكبر، ويتيح فرصاً جديدة في مجالات البنية التحتية والتقنيات الخضراء. أما الاستثمار في التنمية البشرية، فيبقى الأساس لأي تحول حقيقي. الخطوة الأولى تبدأ من منظومة التعليم التي ينبغي أن تتحول إلى أداة لبناء المهارات والإبداع، عبر برامج تطبيقية ترتبط مباشرة بسوق العمل ومشاريع ريادة الأعمال.
الرؤية المستقبلية
الاقتصاد العربي يواجه تحديات صعبة، لكنه يمتلك في الوقت نفسه فرصة نادرة لإعادة بناء نفسه على أسس جديدة. المرحلة المقبلة تتطلب سياسات أكثر وضوحاً واستقراراً، ومؤسسات تملك صلاحيات حقيقية لإدارة التنمية ومراقبة تنفيذها. الشفافية في إدارة الموارد والالتزام بالحوكمة هما الطريق إلى استعادة الثقة وبناء قاعدة اقتصادية قوية.
المنطقة العربية تمتلك كل ما تحتاجه لتكون شريكاً فاعلاً في الاقتصاد العالمي إذا استطاعت تحويل مواردها الطبيعية والبشرية إلى طاقة إنتاجية حقيقية. لكن ما يجب إدراكه هو أن الاقتصادات الوطنية العربية لن تتقدم بمواردها فقط، وإنما بقدرة مجتمعاتها على توجيهها بوعي وكفاءة. العالم يعيش تغيرًا سريع الإيقاع، ومن يتباطأ أو لا يواكب هذا التغيير بوعي يفقد موقعه في حركة التاريخ.
أمام الدول العربية فرصة للانتقال من مرحلة التكيّف مع الأزمات إلى مرحلة صنع السياسات التي تحدد مستقبلها. المرحلة القادمة تحتاج إلى مشروع تنموي يجعل من المعرفة والإنتاج أساس القوة الاقتصادية الجديدة في المنطقة.