في الشهر الماضي استخدمت أذربيجان القوة للاستيلاء على إقليم ناغورني قرة باخ، ذي الأغلبية الأرمينية والمتنازع عليه منذ سنوات طويلة مع أرمينيا، مما أدى إلى نزوح أغلب سكان الإقليم الأرمن.

وقد يبدو أن خروج السكان يمهد الطريق أمام سلام شامل بين الجارتين أذربيجان وأرمينيا. وعموماً فإنه إذا لم يعد الوجود الأرميني في الإقليم  عنصراً سياسياً، فما الذي يمكن الجدال بشأنه؟ ومع ذلك فإن قرة باخ لم يكن المصدر الوحيد للصراع بين البلدين.

فهناك نزاعات حدودية أخرى تلوح في الأفق.

Can There Be Lasting Peace Between Armenia and Azerbaijan? - Carnegie Endowment for International Peace https://t.co/IWcRGBwqGm

— ForensicPsyMD (@ForensicPsyMD) October 27, 2023

وقبل الحرب التي شنتها أذربيجان ليوم واحد في 19 سبتمبر (أيلول) الماضي واستولت فيها على ناغورني قرة باخ، كان الجدل يدور حول ما إذا كان أي اتفاق مع أرمينيا سيكون وقفاً للشروط الروسية أو الشروط الغربية. ولكن الآن أصبح واضحاً أن أذربيجان هي التي ستحدد شروطها وتختار مكان توقيع  الاتفاق، بحسب تحليل الكاتب الروسي كيريل كريفوشيف الذي نشره موقع مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

ويقول كريفوشيف إن "رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، بددا فرصتين للتفاوض بشأن اتفاق سلام. الفرصة الأولى كانت أثناء قمة القادة الأوروبيين في إسبانيا قي 5 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، حيث كان من المتوقع لقاء الزعيمين لأول مرة منذ حرب 19 سبتمبر (أيلول) الماضي. ولم  يمنع غياب علييف رئيس وزراء أرمينيا من الذهاب إلى إسبانيا، وتوقيع إعلان يعترف  بوحدة أراضي أذربيجان. وكان قد وقع وثيقة مماثلة في حضور علييف في العاصمة التشيكية براغ في العام الماضي، ولكن تلك الوثيقة كانت تحدد مساحة أذربيجان على أنها 86.6 ألف كيلومتر، أي أنها لم تكن تتضمن مساحة قرة باخ، كما لم تتضمن جيوب أخرى كانت تابعة لأذربيجان في الحقبة السوفيتية".

وبعد أيام من قمة إسبانيا، كانت هناك قمة لكومنولث الدول المستقلة الذي يضم جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في مدينة بيكشك بقيرغيزستان، وفي هذه المرة تبدلت الأدوار فحضر علييف وغاب باشينيان. كما لم يحضر وزير خارجية أرمينيا الاجتماع الوزاري لدول الكومنولث وأرسل نائبه بدلاً منه. وكان هذا التصرف بمثابة إزدراء لروسيا التي كانت تخطط لعقد اجتماع بين الدبلوماسيين الأرمنيين والأذربيجانيين. وكان هذا الاجتماع لصالح روسيا أكثر منه لأذربيجان، لكن علييف مضى في الأمر حتى يمكنه مرة أخرى اتهام أرمينيا بتخريب أي اتفاق للسلام.

ويمكن لباشينيان وعلييف اختيار القمم التي يحضرها أي منهما، لأن جوهر أي اتفاق سلام مستقبلي تحدد  بالفعل بحرب 19 سبتمبر (أيلول) الماضي. فوضع إقليم قرة باخ الذي ظل نقطة خلاف بين الوسطاء الروس والغربيين، لم يعد محل نقاش. فبحسب التقديرات الأرمينية لم يعد يعيش في قرة باخ سوى 40 أرمينياً، في حين تقول باكو إن 98 أرمينياً في الإقليم قدموا طلبات للحصول على وثائق تتيح لهم الاندماج في أذربيجان.

Ilham Aliyev has raised the National Flag of the Republic of Azerbaijan at the Sarsang reservoir. pic.twitter.com/wx11qK05MF

— Ilham Aliyev (@presidentaz) October 15, 2023

ويواصل الغرب انتقاد أذربيجان بسبب استخدام القوة ويؤكد على حق الأرمن في العودة لمنازلهم. لكن باكو مازالت هي المسيطرة  وتستطيع اختيار الوسيط الذي تفضله. وبدلاً من مسودتي الاتفاق الروسية والغربية،  هناك الآن مسودة واحدة هي الأذربيجانية بغض النظر عن المكان الذي سيتم توقيعها فيه. وأحد الخيارات سيكون جورجيا المجاورة لتأكيد سيادة منطقة القوقاز والحد من نفوذ أي لاعبين خارجيين.

وفي الوقت نفسه، فإن معاهدة السلام المنتظر التي طال انتظارها، لن تكون بالتأكيد أكثر من إطار عمل، ولن تحل باقي النزاعات. والأكثر احتمالاً، هو أنها سوف تتضمن اعترافاً من الدولتين  بوحدة أراضي كل منهما وفقاً لخريطة محددة، إلى جانب التخلي عن استخدام القوة المسلحة، وبدء عملية ترسيم للحدود، واتخاذ أول خطوة لإقامة علاقات دبلوماسية والتعهد بحرية انتقال البضائع بين البلدين.

وتحتاج أرمينيا لتوقيع مثل هذه المعاهدة، على الأقل لتقليص احتمالات المواجهات الحدودية، ولكن إلى أي مدى يمكن أن تساعد في هذا الأمر. فالدولتان تعرفان أن الرصاصة الأخيرة في الصراعات الحدودية بينهما لم تنطلق بعد. وتصر أذربيجان على ضرورة ضم جيب ناخيشيفان  الواقع على الحدود مع أرمينيا وتركيا وإيران إلى أراضيها. لكن من غير المحتمل أن تتحرك باكو في الوقت الحالي لضمه بالقوة، ولكن المناوشات يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التصعيد وإجبار أرمينيا على تقديم تنازلات جديدة.

ولن تكون التنازلات المنتظرة  مرتبطة بالضرورة  بإقليم ناخيشيفان. ففي الحقبة السوفيتية كانت هناك8 جيوب أذربيجانية  في أرمينيا، وجيب وأرميني واحد في أذربيجان. لذلك فأي مبادلة بسيطة للجيوب بين البلدين ستكون مستحيلة. علاوة على ذلك فإن استيلاء أذربيجان على جيبي يوخاري أسكيبارا وبارخودارلي سيسمح لها بقطع الطريق السريع بين ياريفان عاصمة أرمينيا، وتفليس عاصمة جورجيا إذا أرادت ذلك.  كما توجد الكثير من التحديات أمام تحقيق سلام نهائي بين ياريفان وباكو، تتمثل ليس فقط في تحديد وتأمين هذه الجيوب وإنما أيضاً ضمان حق الوصول إليها.

ولم يتضح حتى الآن كيف ومن الذي سيتولى إدارة ممر باكو ناخيشيفان. وبحسب بيان مشترك وقعته روسيا وأرمينيا وأذربيجان بعد حرب أذربيجان وأرمينيا عام 2020، يتولى حرس الحدود الروس إدارة الممر. لكن مثل هذه النتيجة لم تعد مرجحة الآن، بعد أن انسحبت قوات حفظ السلام الروسية من قرة باخ، وتدهورت العلاقة بين ياريفان وموسكو، وأصبحت باكو صاحبة القرار الأكبر.

وأخيراً يرى كريفوشيف أن تسوية كل الخلافات بين أرمينيا وأذربيجان سيحتاج إلى سنوات، وسيعتمد على تغير آليات القوة في المنطقة. وفي الوقت الحالي فإن توقيع أي اتفاق سلام أولي يردع أذربيجان عن القيام بأي تصعيد جديد سيكون نتيجة جيدة بالنسبة لأوكرانيا. وتعرف باكو هذه الحقيقة لذلك فهي تحاول الحصول على أكبر قدر ممكن من التنازلات، ولذلك لا يمكن أن نتوقع الوصول إلى سلام دائم بين البلدين في المستقبل القريب.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أرمينيا أذربيجان قرة باخ بین البلدین أی اتفاق قرة باخ

إقرأ أيضاً:

“العالمية القابضة” توسع آفاق التعاون مع أذربيجان عبر قطاعات حيوية متعددة

 

 

 

اختتمت الشركة العالمية القابضة، المختصة في بناء شبكات قيمة ديناميكية وتعزيز النمو المستدام، زيارة إستراتيجية إلى جمهورية أذربيجان، برئاسة سمو الشيخ زايد بن حمدان بن زايد آل نهيان، وبمشاركة سيد بصر شعيب، الرئيس التنفيذي للشركة.

والتقى الوفد، خلال الزيارة، فخامة إلهام علييف، رئيس جمهورية أذربيجان، ومعالي ميكائيل جبّاروف، وزير الاقتصاد، لبحث توسيع آفاق التعاون في قطاعات النمو الواعدة، ودعم الشراكات الإستراتيجية طويلة الأمد.

وضمّ الوفد أيضاً الرؤساء التنفيذيين لعدد من الشركات التابعة لمجموعة الشركة العالمية القابضة، وهم: علي الراشدي، الرئيس التنفيذي لشركة “انترناشيونال ريسورسيس هولدينغ”، وأجاي باتيا، الرئيس التنفيذي لشركة “سيريوس إنترناشيونال هولدينغ”، وفؤاد درويش، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة “بالمز الرياضية”. وركزت النقاشات على تعزيز الروابط الاقتصادية، واستكشاف فرص الاستثمار المشتركة، وتوسيع مجالات التعاون عبر القطاعات ذات الأولوية.

وعقدت شركة “انترناشيونال ريسورسيس هولدينغ” اجتماعات مع عدد من الوزارات والجهات الحكومية في جمهورية أذربيجان، لبحث فرص تطوير مشروعات تعدين ضخمة، بما في ذلك الفرص المرتبطة بالمعادن الإستراتيجية الضرورية لتعزيز سلاسل الإمداد العالمية.

وتعمل “انترناشيونال ريسورسيس هولدينغ” على توظيف قدراتها المتقدمة في مجالات الاستكشاف وتطبيق أفضل ممارسات التطوير المستدام، بما يسهم في دعم النمو المتسارع لقطاع الموارد الطبيعية في أذربيجان.

كما رسخت شركة “سيريوس” شراكتها رفيعة المستوى مع الجهات الحكومية في أذربيجان من خلال مشروع شبكة الغاز الذكية بقيمة 480 مليون دولار أمريكي، والذي تنفّذه شركة “إيسيا سوفت” بالتعاون مع شركة النفط الحكومية “سوكار”.

ويشمل المشروع نشر أنظمة متقدمة لإدارة الشبكات مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتركيب عدادات ذكية، وتطوير بنية رقمية متقدمة.

كما بحثت “سيريوس” فرصاً إضافية للتعاون في مجالات التحول الرقمي لقطاعي الكهرباء والمياه، وتطوير البنية التحتية للشبكات الذكية، بما يدعم مسار التحول في قطاع الطاقة بأذربيجان.

وتواصل شركة “بالمز الرياضية”، الراعي الرسمي وحامل اسم نادي “نفتشي” لكرة القدم، تعزيز شراكتها مع جمهورية أذربيجان، في إطار توسعها الدولي المتنامي؛ إذ استطاعت خلال عام واحد فقط، ترسيخ حضورها القوي في السوق الأذربيجانية، ما يعكس نجاح نموذج عملها المتكامل في تطوير الرياضة.

وأكّدت الزيارة التزام “بالمز الرياضية” بتوسيع نطاق التعاون في مجالات كرة القدم، والرياضات القتالية، والبرامج المجتمعية، وتطوير المواهب الرياضية، بما يعزّز طموحها لأن تصبح مزوداً عالمياً رائداً لحلول التدريب الرياضي عالية الأداء.

وقال سمو الشيخ زايد بن حمدان بن زايد آل نهيان: “تُعد أذربيجان شريكاً إستراتيجياً مهماً لدولة الإمارات، وتعكس زيارتنا التزاماً مشتركاً ببناء علاقات تعاون طويلة الأمد، تشمل قطاعات حيوية وتُسهم في تشكيل مستقبل الأجيال القادمة، ونتطلّع إلى توسيع الشراكات التي تُحقق أثراً اقتصادياً واجتماعياً مستداماً.

من جانبه، قال سيد بصر شعيب، الرئيس التنفيذي للشركة العالمية القابضة: “أكدت مناقشاتنا في باكو ثقتنا في مسار النمو القوي لجمهورية أذربيجان، والفرص الواعدة المتاحة في مجالات التعدين، والتحول الرقمي في قطاع الطاقة، وتطوير الرياضة. وتلتزم الشركة العالمية القابضة وشركاتها التابعة بتوفير قدرات متقدمة، وتقنيات مبتكرة، وأطر استثمارية مستدامة تدعم تحقيق الرؤية الوطنية لأذربيجان”.

وتمهّد هذه الزيارة الطريق نحو توسيع آفاق التعاون بين دولة الإمارات وجمهورية أذربيجان في مجالات الموارد الطبيعية، والبنية التحتية الرقمية، والرياضة. وستواصل الشركة العالمية القابضة والشركات التابعة لها دراسة الفرص الاستثمارية والشراكات المحتملة التي تعزز القيمة الاقتصادية، وتدعم توطيد العلاقات الثنائية، وتواكب أولويات التنمية طويلة الأمد في البلدين.وام


مقالات مشابهة

  • “العالمية القابضة” توسع آفاق التعاون مع أذربيجان عبر قطاعات حيوية متعددة
  • الحكومة تطلق المعرض الدائم للمنتجات الزراعية والريفية في إربد لدعم الأسر المنتجة
  • وزير الثقافة يصل إلى أذربيجان للمشاركة في أسبوع باكو للإبداع
  • ميدو: منتخب مصر مازال يمتلك فرصة قوية للتأهل بكأس العرب.. بشرط
  • رئيس الوزراء يزور معرض إربد الدائم لدعم المزارعين والمشاريع الريفية
  • مركز حقوقي: بعد شهرين من وقف إطلاق النار مازال معظم سكان غزة نازحين
  • زايد بن حمدان بن زايد يلتقي وزير الاقتصاد في جمهورية أذربيجان
  • رئيس أذربيجان يستقبل زايد بن حمدان بن زايد
  • الدقهلية: أسعار مخفضة بالمعرض الدائم للسلع الغذائية بشارع قناة السويس
  • كانت بتشتغل فى الغربية.. عودة فتاة دار السلام المتغيبة