"ذاكرة الرياض" مشروع لحصر وتوثيق مباني النصف الثاني من القرن العشرين
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
أطلقت أمانة منطقة الرياض مشروع حصر وتوثيق مباني النصف الثاني من القرن العشرين في العاصمة تحت شعار "ذاكرة الرياض"، لرصد مراحل التطور المعماري والعمراني في المدينة وتوثيقها، وإبراز ما شهدته الرياض من نهضة تنموية متميزة خلال 50 عامًا، تماشيًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وأوضحت الأمانة أن المشروع يسلط الضوء على دور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في نهضة وتنمية الرياض إبان إمارته للمنطقة، من خلال حصر أهم المعالم العمرانية ذات القيمة التاريخية، المعمارية، والاجتماعية، وصولاً إلى إيجاد آلية للحفاظ على هذه المعالم واستثمارها، إيمانًا منها بالأبعاد الاجتماعية والثقافية للبيئة العمرانية.
حقبة عمرانية لها وجدان..
أنجزنا في #أمانة_منطقة_الرياض المرحلة الأولى من مشروع #ذاكرة_الرياض؛ لحصر وتوثيق مباني النصف الثاني من القرن العشرين، منذ عام 1950م إلى عام 2000م. pic.twitter.com/VoLx9xMKCL— أمانة منطقة الرياض (@Amanatalriyadh) November 1, 2023أهداف المشروع
ويهدف المشروع الذي تنفذه الأمانة بالتعاون مع جامعة الملك سعود إلى التعريف بالتجارب والفكر المعماري والعمراني للأجيال وأهمية كفاحهم للارتقاء بحياة السكان، وإظهار الشواهد ودورها في حفظ القيمة التاريخية وجهود التطوير المتعاقبة، إلى جانب إبراز أهمية مشروع ذاكرة الرياض، ودور الأمانة في صون الإرث المعماري.
وأكدت الأمانة أن المشروع رصد معالم ومباني بارزة ومؤثرة تاريخيًا شملت أحياء قديمة، وقصوراً ملكية وغيرها، ويهدف إلى توثيق الحقبة الممتدة من 1950 حتى 2000 من خلال إبراز الدور التنموي للمباني والمعالم، وتسليط الضوء على أهميتها وقيمتها التاريخية، والتعريف بالفكر العمراني الذي أسهم في خلق هوية معمارية للعاصمة، مع مراعاة تطورها والمحافظة عليها.
يذكر أن مشروع ذاكرة الرياض يهدف إلى الحفاظ على المعالم العمرانية بما تحتويه من قيم ثقافية، تاريخية، تأصل الأنماط المعمارية للمباني في النصف الثاني من القرن العشرين، من خلال تسهيل عملية تأهيلها وترميمها وإعادة تفعيلها واستثمارها، إلى جانب توفير قاعدة بيانات تحفظ وتوثق تلك الحقبة وما بعدها.
المصدر: صحيفة اليوم
كلمات دلالية: واس الرياض أمانة الرياض مشروع حصر وتقييم الأصول
إقرأ أيضاً:
خلاص سوريا… ذاكرة وطن يستعيد ذاته
خلاص #سوريا… #ذاكرة_وطن يستعيد ذاته
بقلم: المهندس محمود “محمد خير” عبيد
تطلّ مناسبة انعتاق سوريا من النظام البائد و الذي اراد البعض تسميته بـ “ذكرى تحرير سوريا”، وسط نقاش حول دقة المصطلح ومعانيه. فالوطن الذي تمتد جذوره الحضارية لآلاف السنين لا يُختزل في عهد ولا في سلطة، ولا يمكن توصيفه يوماً بأنه كان “غير حرّ” بمعناه الحقيقي. فسوريا، بتاريخها وأرضها وناسها، بقيت دائماً فضاءً للحرية والانتماء، حتى وإن عاش شعبها في ظل منظومات سياسية ضيّقت حقوقه الطبيعية، وسعت إلى احتكار الدولة وتقييد المجال العام.
من هنا، فإن الاسم الأقرب لروح المناسبة هو نهضة سوريا أو انعتاق سوريا؛ انعتاق من مرحلة طويلة من الاستبداد والفساد، ومن زمن جرى فيه اختزال الدولة في أشخاص أو أجهزة أو أحزاب. هذه النهضة هي عودة الوطن إلى أبنائه، وفتح باب نحو مستقبل يكتبه السوريون بإرادتهم الحرّة، بعيداً عن القيود التي كبّلتهم لعقود.
ستة عقود مضت بين ألمٍ مُتراكم ورغبة لا تُقهر في الحيا, فمنذ ستينيات القرن الماضي، شهدت سوريا تحولات سياسية عميقة تراكم فيها الانغلاق، واشتدت المركزية، حتى أصبحت الحياة اليومية محكومة بالخوف والرقابة. تراجعت المشاركة العامة، وتآكلت المؤسسات، واستفحل الفساد، وضاق المجال العام إلى حدّ تحوّل الوطن إلى ساحة صراع بين مجتمعٍ حيّ يطلب الكرامة، وبين منظومة ترفض الإصلاح.
ومع ذلك، لم يخفت الأمل. فالسوريون، بمختلف انتماءاتهم، حافظوا على إيمان راسخ بأن وطنهم يستحق أفضل، وأن التغيير حقّ طبيعي. وحين ارتفعت الأصوات مطالِبة بالكرامة والعدالة، لم تكن تلك الصرخة وليدة اللحظة، بل حصيلة عقود من الإحباط ومن توقٍ عميق لحياة تحترم الإنسان وتمنحه أفق المشاركة.
الانعتاق ليس حدثاً سياسياً فحسب، بل تجدّد في الوعي وتحول اجتماعي ونفسي. الانعتاق هو أن يستعيد الشعب ثقته بذاته وبقدراته، وأن يشعر بأن الوطن ملك لجميع أبنائه لا حكراً على أحد او لفئة على حساب فئة أخرى, وأن تعود السياسة إلى المجتمع، وأن تخدم مؤسسات الدولة الناس لا أن تخدم نفسها.
الانعتاق هو انتقال من الألم إلى التعافي، ومن الانقسام إلى المصالحة، ومن الخوف إلى دولة قانون ومواطنة. إنه تحرّرٌ من التصلّب والكراهية بقدر ما هو تحرّرٌ من الاستبداد.
سوريا، كانت وما زالت وستبقى أيقونة المشرق وسوريا الكبرى وملاذ أبنائها، فها هي سوريا اليوم، تعود شيئاً فشيئاً إلى أبنائها. فسوريّو اليوم يتطلعون إلى وطن يُعيد جمع أهله، ويُعيد لنفسه مكانته في محيطه وعلى خريطة العالم، وطن يقوم على العدالة والتنوع والمواطنة. فـ انبعاث سوريا ليس حدثاً عابراً، بل مسار طويل يتشارك فيه كل فرد داخل البلاد وخارجها، عبر التمسّك بالهوية الوطنية والعمل على ترميم مجتمع أنهكته سنوات القلق والعنف.
إن عودة سوريا إلى أبنائها لا تعني انتصار طرف على آخر، بل انتصار فكرة الوطن على كل محاولة لاحتكاره أو اختزاله في شخص او نظام او جزب. وتعني أن مستقبل الدولة يجب أن يُبنى بإرادة السوريين جميعاً، وفق عقد اجتماعي جديد يضمن الحقوق والحريات، ويطوي صفحة الدورات المتكررة من الاستبداد او التفرد بالقرار.
مقالات ذات صلةسوريا الحرّة، لا تنطفئ، فسوريا رغم ما مرت به من تداعيات على مدى عقود من الاستبداد و التفرد بالسلطة لم تفقد سوريا روحها يوماً، مهما اشتدت الأزمات. كانت حريتها كامنة في ثقافة شعبها، وفي إصرار أجيالها، وفي قدرتها الدائمة على النهوض. واليوم، حين نطلق على مناسبة سقوط النظام البائد بـ “ذكرى انعتاق سوريا” أو “نهضتها”، فنجن نؤكد ان الوطن أبقى من أي سلطة، وأعمق من أي نظام، وأقوى من كل محاولة لكسر إرادة الناس.
إنها لحظة للتأمل والرجاء، لتعميق الإيمان بأن سوريا—بلد الحضارات والأديان والثقافات—قادرة على إعادة إنتاج ذاتها، وقادرة على الخروج من كل ظلام نحو نور السلام والحرية.
غالبية الشعوب لم تكن في يوم مع أي نظام سياسي، بل كانت وما زالت مع إرادة الوطن و مصلحته. واليوم لا يمكن النظر إلى أي سلطة بمعزل عن التوازنات الدولية التي تتحكم بمسارات السياسة في منطقتنا. فمعظم الأنظمة في الشرق واقعة تحت ضغوط وإملاءات خارجية تحدّ من سيادتها وتوجّه قراراتها.
لذا علينا اليوم عدم الدخول في سجالات مع الأنظمة، بل بناء سوريا التي تتسع للجميع؛ سوريا مدنية تستمد قوتها من تاريخها العريق وروحها الإنسانية، لا من الانقسامات الطائفية أو العرقية.
الشعوب المتحضرة و التي تسعى الى دولة القانون تتطلع الى دولة مدنية, فضاء يحمي الجميع, فنحن هنا ابضا” نتطلع إلى سوريا بدستور ونظام مدني؛ مدنيّة لا تعني الإقصاء ولا العداء للدين، بل احترام الإنسان بتنوّعه واختلافه. فالمدنية ليست إلحاداً ولا خروجاً عن الإيمان كما يحاول البعض تصويرها، بل منظومة قيم تُعيد الاعتبار للمواطنة وتضمن لكل فرد حقه في أن يؤمن، وأن يختار، وأن يعيش بسلام مع غيره.
فالمدنية تعني أن يُعامل الناس وفق القانون لا وفق الانتماء، وأن يتساوى المواطنون مهما اختلفت معتقداتهم، وأن يكون الفضاء العام ملكاً للجميع لا حكراً على جهة واحدة. إنها إطار يحمي حرية المتدين كما يحمي حرية غير المتدين، لأن جوهرها العيش المشترك وصون الكرامة الإنسانية.
بهذه الروح، تصبح المدنية الطريق الطبيعي نحو وطن يحتضن أبناءه جميعاً، ويعيد لسوريا مكانتها التاريخية كجسر حضاري لا يُقصي أحداً ولا يخاف من تنوّع أبنائه.
فنحن لسنا بحاجة للتحرر من نظام طائفي استبدادي لنقع في مستنقع جديد من الكراهية؛ فسوريا الكبرى وسوريا لم تكن يوماً طائفية أو عنصرية. سكنها المسيحيون أولاً، ثم المسلمون، وتشكلت عبر التاريخ فسيفساء من الأعراق والمعتقدات. وستظل قبلةً للتنوع لأن أبناءها يؤمنون بإنسانيتهم قبل أي انتماء آخر.
فليكن التحرر ليس فقط من الاستبداد السياسي، بل من التعصب والانغلاق والكراهية وليكن إحياء سوريا مشروعاً أخلاقياً بقدر ما هو مشروع سياسي.