قرارٌ جاء في وقته
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com
جاء قرار شرطة عمان السلطانية بإيقاف تحويل التأشيرات السياحية وتأشيرات الزيارة بجميع أنواعها إلى تأشيرة عمل لكافة الجنسيات القادمة إلى سلطنة عُمان، وإيقاف إصدار كافة أنواع التأشيرات الجديدة لرعايا الجنسية البنغلاديشية، في محله ووقته تمامًا، لا سيما بعد المُطالبات الكثيرة من جمع كبير من المواطنين، وخاصة رواد الأعمال من العمانيين وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بعدما ضاق عليهم الخناق من المنافسة غير المشروعة ولا القانونية من العاملة الوافدة، وخصوصًا من الجنسية البنغلاديشية، وما أفرزه فتح باب الحصول على التأشيرة السياحية من مشاكل جمَّة لا حصر لها.
من مظاهر هذا الاستغلال عند إصدار التأشيرة السياحية؛ سواء للجنسية المذكورة أو غيرها من الجنسيات، هو تقدمهم للحصول على تأشيرة مُستثمر؛ كون أنَّ باب الاستثمار قد فُتح للأجنبي بشروط ميسرة، وبعد حصوله على تأشيرة مستثمر يتقدم مباشرة للحصول على تأشيرات لعمالة من بني جلدتهم أو حتى من عمالة أخرى؛ كون أن القانون يسمح بذلك، وهو في الأساس لا يملك من الاستثمار سوى اسمه هذا، هذا إلى جانب بعض المشاكل المصاحبة مثل: تسريح العاملة في السوق ومنافستهم للمواطن، وإبرام عقود عمل واتفاقيات مع شركات وأفراد بصورة وهمية، تحت ذريعة أنه مستثمر! وبعد أن يحصل على مُبتغاه، ويجمع من المال ما يريد، يلوذ بالفرار بغير رجعة!
من الأهمية أيضًا مراجعة شروط الحصول على تأشيرة مُستثمر؛ إذ دخل فيها الغث والسمين، بمعنى حصل عليها من يستحق، ومن لا يستحق؛ مما أدى إلى عدم تحقيق الأهداف المرجوة منها على أكمل وجه.
هذا غير ما اُسْتُغِلّ من قبل بعض مكاتب استقدام العمالة الوافدة حينما يستقطبون عمالة نسائية وافدة بتأشيرات سياحية، وبعد أن يتم الترويج والإعلان في الصحف ومواقع التواصل بتوفير عمالة منزلية محترفة وهن في الأساس غير مدربات ولا مرخص لهن، وبعد وقوع الكفيل في شباك المكاتب- وما أكثرهم- تُغَيَّر التأشيرة إلى عمل، عندها تظهر حقيقة العاملة، وتصبح الأسرة في ورطة، وتبدأ بعدها المشاكل من عدم كفاءة العاملة المنزلية أو مرضها أو رفضها العمل، هذا فضلًا عن اختيار بعض العاملات للهرب لتعمل في أي عمل كان، وعلى حسابها الخاص، وهي تعلم أنَّه حين القبض عليها سوف تغادر على حساب الكفيل المسكين الذي لم يستفد منها إطلاقًا؛ بل خسر أموالًا طائلة.
والسؤال هنا ماذا عن المواطنين الذين تضرروا من التطبيق المفاجئ لصدور قرار إيقاف تحويل التأشيرات السياحية وتأشيرات الزيارة إلى تأشيرة عمل؛ فهناك من دفع دم قلبه من مبالغ، وعند مراجعتهم شرطة عمان السلطانية لتغيير التأشيرة أُفِيدُوا بأنَّ القرار يسري من تاريخه، في المقابل مكاتب استقدام القوى العاملة ترفض إرجاع المبالغ لهم، والسبب ذاته هو قرار الإيقاف المفاجئ الذي هو خارج عن إرادتهم ولا دخل لهم فيه، على حسب قولهم، بينما المواطن تائه وفي حيرة يدور بين رحى المكاتب وقرار إيقاف التأشيرات.
وعبر هذا المنبر نناشد المسؤولين النظر في أوضاع المتضررين من المواطنين بشكل أو آخر، وإيجاد حلول لهم، ويا حبذا لو أُعْطِيَت مهلة لتسوية الأوضاع قبل صدور القرار.
الأدهى والأمر، حين يستغل البعض من العمالة الوافدة التأشيرة السياحية والقدوم للبلد للعمل في أعمال غير مشروعة منها ما هو منافٍ للعادات والتقاليد والأخلاق؛ مما يتسبب في انتشار الأمراض، ويمثل ضررًا سلبيًا مُؤرقًا يتضرر بسببه الجميع. ومنها ما هو احتيالي من خلال مشاريع وهمية يقع ضحاياها الكثير؛ بل بعضهم يمتهن أعمالًا تمثل منافسة غير شريفة لأبناء البلد.
من هنا.. ينبغي النظر في مراجعة سياسة ضوابط واشتراطات الحصول على بعض التأشيرات، ومنها السياحية من حيث فوائدها ومضارها وتقنينها بأعمار وجنسيات معينة؛ فالكثير ممن يرغبون في الحصول على التأشيرة السياحية ليس هدفهم السياحة البحتة والتجول في السلطنة فقط؛ بل لممارسة أعمال تُهدد بالإساءة إلى اسم عُمان أكثر مما تفيده.
ولنا أن نعلم أن بعض السفارات، خصوصًا سفارات دول شرق آسيا، تفرضُ اشتراطات صعبة على العُمانيين الراغبين في استقطاب عاملة وافدة منها، وهذا جيد كونه يمثل حماية لرعاياها، لكن من يحمي المواطن العماني حينما يَستغل العامل الوافد هذه الامتيازات؟! ويقوم بأعمال شتى منها المشروع وغير المشروع، وبعد أن يكل ويمل يلجأ إلى سفارة بلاده.
نحن هنا لسنا ضد استقطاب العمالة الوافدة المدربة من أصحاب الخبرات، لكن لا وألف لا لإغراق البلد بحُجة تشجيع السياحة أو تحريك عجلة الاستثمار بالعمالة الوافدة غير المنتجة التي تضر الاقتصاد أكثر مما يُستفاد منها؛ فالبلد ليست جرة من ذهب يأخذ منها الوافد كيفما يشاء ويرغب على حساب المواطنين أنفسهم، وهذا القرار يجب أن تتبعه قرارات أخرى صارمة تحمي المواطن من جشع من يرغب في أن يستفيد من كرم هذا البلد المضياف وما يقدمه من امتيازات.
حفظ الله عُمان وشعبها من كل مكروه.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
السفارات الأمريكية تبدأ تدقيق حسابات التواصل الاجتماعي لطالبي التأشيرة
طلبت السفارات الأمريكية، في عدد من البلدان، المتقدمين لتأشيرات "غير المهاجرين" بضبط إعدادات الخصوصية في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وجعلها "عامة"، لتسهيل عمليات التدقيق الأمني من قبل موظفي القنصلية.
وجاء في منشور رسمي عبر حساب بعض السفارات على إنستغرام، أن الهدف من هذا الإجراء هو "التحقق من هوية المتقدمين وتقييم أهليتهم"، مؤكدة أن هذه الخطوة تندرج ضمن الإجراءات الاعتيادية التي تتبعها وزارة الخارجية الأمريكية في مختلف سفاراتها حول العالم.
وتأتي في سياق سياسي وأمني أوسع، إذ أعلنت الحكومة الأمريكية في نيسان / أبريل الماضي بدء تنفيذ خطة جديدة لفحص الحسابات الاجتماعية الخاصة بالمهاجرين وطالبي التأشيرات، بهدف رصد ما وصفته بـ"النشاط المعادي للسامية"، وهو مصطلح تقول منظمات حقوقية إنه بدأ يستخدم كغطاء لتجريم أي شكل من أشكال دعم القضية الفلسطينية، خصوصاً في ظل الحرب على غزة.
View this post on Instagram A post shared by U.S. Embassy Jordan (@usembassyjordan)
ووفقاً لما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية فإن إدارة الرئيس دونالد ترامب كثفت من ضغوطها على الجامعات الأمريكية، متهمة إياها بالفشل في التصدي لما تعتبره "خطاب كراهية" موجهاً ضد اليهود، بينما يرى محللون أن المستهدف الحقيقي هو الخطاب التضامني مع الفلسطينيين ورفض سياسات الاحتلال الإسرائيلي.
في أيار / مايو الماضي، أصدر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تعليمات لجميع السفارات بتعليق جدولة المقابلات الخاصة ببعض أنواع التأشيرات، شملت تأشيرات الطلاب الدوليين، والمعلمين، والمتدربين، والعاملين ضمن برامج التبادل الثقافي مثل برنامج (Au Pair)، ما أدى إلى تعطيل خطط دراسية ومهنية لآلاف الشباب من دول الشرق الأوسط، وبينهم أردنيون.
وجاء القرار كامتداد لحملة أوسع تستهدف مؤسسات التعليم العالي الأمريكية ذات الطابع الليبرالي، وخاصة جامعات مثل "هارفارد" و"كولومبيا"، التي شهدت احتجاجات طلابية واسعة رفضاً للعدوان على غزة.
وحذرت منظمات حقوقية ومراكز أبحاث، مثل ACLU وMiddle East Institute، من تزايد استخدام المعايير الأمنية والرقابية في تقييم طلبات التأشيرات، خاصة إذا باتت تستهدف الآراء الشخصية والمواقف السياسية للمتقدمين، وهو ما يُعد انتهاكاً لحرية التعبير.