ألقى السفير سامح شكري، وزير الخارجية، كلمة مصر في مؤتمر باريس حول الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.

وزير الخارجية يترأس وفد مصر في مؤتمر باريس حول الأوضاع الإنسانية في غزة

وجاء نص الكلمة كالتالي 

فخامة الرئيس ماكرون،

السادة رؤساء الوفود،

السيدات والسادة،

اسمحوا لي في البداية أن أتوجه بالشُكر لدولة فرنسا على استضافة هذا المؤتمر في توقيت دقيق للغاية تمرُ فيه القضية الفلسطينية ومنطقة الشرق الأوسط، بل والعالم بمخاطر غير مسبوقة.

..

لقد تبنّت مصر منذ بداية الأزمة في السابع من أكتوبر موقفاً واضحاً يُدين كافة أشكال استهداف المدنيين، إلا أن ما آل اليه الصراع العسكري في غزة منذ ذلك الحين من قصف واستهداف عشوائي من قبل إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين قد أودى بحياة ما يزيد عن عشرة آلاف مدني نصفهم من الأطفال، وحصار وترويع وتشريد وتهجير مليوني مدني فلسطيني من أرضهم ومساكنهم. وأقول إن فتح ممر آمن لانتقال المدنيين إلى الجنوب ليس بتطور إيجابي بل استمرار للتهجير بالمخالفة للقانون الدولي الإنساني. إن ما تقوم به إسرائيل يتعدى أي مفهوم لحق الدفاع الشرعي عن النفس، وأن استمرار الصمت الدولي على ما تقوم به من مخالفات جسيمة وانتهاكات للقانون الدولي الإنساني يشير إلى وجود خلل في معايير المنطق والضمير الإنساني... لقد أعلن المفوض السامي لحقوق الانسان أن كلاً من حماس ودولة إسرائيل قد ارتكبتا جرائم حرب.. ألم يحن للمجتمع الدولي أيضاً أن يسمى الأمور بمسمياتها وأن يحمل كل من اقترف هذه الممارسات المشينة مسئوليته.

لقد ولّد الصراع والقصف الإسرائيلي المتواصل لقطاع غزة وضعاً انسانياً كارثياً آمل أن تتصدى له الدول المشاركة في هذا الاجتماع، فمن هذا المنبر أدعو المجتمع الدولي أن يعمل على الوفاء باحتياجات 2.5 مليون فلسطيني يعيشون مأساة حقيقية بدون مأوى أو طعام أو ماء أو كهرباء أو وقود أو منشآت صحية تم استهدافها... هل يستمر هذا الوضع حتى يسقط المزيد من الضحايا الأبرياء؟ .. لذلك أدعو المجتمع الدولي إلى إنهاء تلك الكارثة، وأحثه، خاصة الدول المانحة، على تكثيف جهودها لدعم فلسطيني غزة وتوفير كافة السبل للحفاظ على حقهم في الحياة على أرضهم... وخاصة أنه من المستغرب، منذ اندلاع هذه الحرب، قد قدم الشعب المصري من خلال منظمات المجتمع المدني والحكومة المصرية مساعدات إنسانية تم إدخالها إلى القطاع بلغت حوالى 5400 طناً، وذلك رغم التحديات الاقتصادية التي تواجهُ، في حين لم تتعد المساعدات المقدمة من مجموع أعضاء المجتمع الدولي هذه الكمية.

إن ما تم إدخاله من مساعدات حتى الآن لا يفي على الاطلاق باحتياجات المدنيين في غزة، كما أن الإجراءات المعقدة والمتعمدة التي فرضتها إسرائيل لإدخال المساعدات الإنسانية انما تفاقم من الأوضاع المتدهورة في القطاع، وتثير الشكوك حول أهدافها.

لقد طالبت مصر بأهمية الوقف الفوري والمُستدام لإطلاق النار، ونُندّد بكافة الممارسات التي تهدف إلى فرض أمر واقع جديد لإجبار الفلسطينيين على النُزوح ونقلهم جبراً وترحيلهم من أرضهم، حيث بلغت أعداد النازحين في غزة ثُلثي عدد سُكانها... وهذا في حد ذاته مخالفة جسيمة أخرى للقانون الدولي الإنساني.

إن ما نشهدُه في قطاع غزة يؤكد يَقيننا بأن تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لن تتم إلا بُناءً على حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية... ولقد حذّرت مصر من مغبة وصول الصراع إلى هذا المنحى الخطير، وسعت في تواصلها المُكثّف مع مُختلف الأطراف من أجل وقف السياسات الأحادية التي أشعلت النزاع... فلا يفي مجرد التشدق بتأييد حل الدولتين دون اتخاذ المجتمع الدولي أي إجراءات فعالة لتحقيق هذا الهدف.

إن مصر ترفض بشكل قاطع ما تنتهجه بعض الدول من سياسات مُزدوجة المَعايير إزاء الحرب الجارية وتؤكد أن النفسَ البشرية واحدة في كل مكان، سواء كانت في إسرائيل أو في فلسطين... إن التلكُؤ في وقف نزيف الدماء الحالي يُعد مشاركة في تحمُل مسئولية ما يحدث من انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية...

أخيراً، إن اللحظة التي يعيشها النزاع الإسرائيلي الفلسطيني لم تأت من فراغ، فدوائر العنف المفرغة التي أصابت الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي دون تمييز، إنما هي نتاج سياسات الاحتلال ومُمارساته من ضم الأراضي وهدم المنازل والعمل على الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، وتجاهل الحقوق الفلسطينية لأكثر من سبعين عاماً، هو ما يحتم تضافر الجهود الدولية لإنهاء هذا الوضع المؤسف وتسوية الصراع على أساس حل الدولتين.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: وزير الخارجية السفير سامح شكرى باريس مؤتمر باريس غزة المجتمع الدولی فی غزة

إقرأ أيضاً:

حراك مصر وخطة بايدن.. إنهاء حرب إسرائيل ومنع توسع الصراع

عيد بعد عيد ولم يزل سكان قطاع غزة يعانون من الحرب والدمار والتجويع وانعدام شبه كامل للخدمات الصحية،

وكالعادة لم تحمل زيارة وزير الخارجية الأميركي للمنطقة الكثير من الأمل، فقد جاء الوزير وكل ما في جعبته هو تأكيده لضرورة الضغط على حماس لقبول الورقة التي قدمها الرئيس بايدن واعتبارها الطرف الوحيد الذي يعرقل الوصول إلى وقف لإطلاق النار ،ورغم أنه إسرائيل لم تصدر تصريحا واحدا يدل على قبولها لهذه الورقة فإن الإدارة الأمريكية تصر على أنهم قبلوها وتقول إن حماس هي من طلبت تعديلات عليها.. فهل تمارس مصر وقطر ضغوطا لدفع حماس لقبول الورقة الأمريكية دون تعديل كما صرحت مصادر إسرائيلية لوسائل إعلام غربية؟ و ما هي الضمانات التي تطلبها حماس قبل الاتفاق؟ ولماذا حددت إسرائيل أسبوعين لانتهاء العمليات في رفح؟ أسئلة أناقشها مع ضيفنا في الاستديو الدكتور حسن أبو طالب عضو الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.

Your browser does not support audio tag.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يرأس وفد المملكة بقمة "السّلام في أوكرانيا" التي اسضافتها سويسرا
  • أمين عام مجلس التعاون: اعتقال الحوثيين للموظفين الأممين يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية في اليمن
  • حراك مصر وخطة بايدن.. إنهاء حرب إسرائيل ومنع توسع الصراع
  • استمرار اغلاق المعابر يفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة
  • بايدن يوفد هوكشتاين الى إسرائيل وتصاعد التحذيرات الأميركية.. ميقاتي: عدوان تدميري على المجتمع الدولي وضع حد لتماديه
  • الأردن: المجتمع الدولي فشل في تحقيق الحل الوحيد الضامن لأمن فلسطين وإسرائيل والمنطقة
  • الملك يلقي كلمة في جلسة بقمة مجموعة السبع بإيطاليا
  • د. وجدي زين الدين: الشعوب عرت المجتمع الدولي وكشفت تخاذله
  • خبير سياسات دولية: كلمة الرئيس في مؤتمر غزة خاطبت الشعور الإنساني العالمي
  • السفير حسين هريدي: جوتيريش تحدث في مؤتمر الاستجابة الطارئة بشكل إنساني عن غزة