محللون: القمة العربية الإسلامية فشلت في استثمار الضغوط المتزايدة على إسرائيل
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
يرى خبراء ومحللون أن القمة العربية الإسلامية المشتركة، فشلت باستثمار الضغوط المتزايدة ضد الاحتلال الإسرائيلي والدول الداعمة له، في مواجهة ما يتعرض له قطاع غزة من عدوان غير مسبوق لا يزال مستمرا رغم الأوضاع المتدهورة على مختلف الأصعدة في القطاع.
وأوحت صياغة القرارات الصادرة عن القمة التي انعقدت السبت في العاصمة السعودية الرياض، بأن انفراجة باتت قريبة لتلك الأوضاع، حيث دعت لكسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية إلى القطاع.
لكن عدم ترجمة تلك القرارات إلى إجراءات على الأرض دفع وكيل وزارة الصحة في غزة يوسف أبو الريش الذي تحدث للجزيرة من مستشفى الشفاء المحاصر في مدينة غزة ضمن الوقفة التحليلية "غزة.. ماذا بعد؟" لنقل "خيبة الأمل الكبيرة" التي سيطرت على المرضى والأطباء والنازحين في المستشفى جراء ذلك.
وأوضح أنه لم يكن من المتوقع لديهم أن يصل العجز والصمت بالمشاركين في القمة أو حتى من العالم إلى هذه الحال، حيث الصمت التام والتخلي الكامل عن قيم العدالة بعد كل هذه المجازر التي يتم نقلها بشكل يومي أمام مرأى الجميع على الشاشات، مضيفا أن أي آمال تحولت لكومة خيبة أمل بعد انقضاء القمة دون أثر.
وشدد على ضرورة الوقف الفوري لما يحدث من اعتداءات الاحتلال ومجازره المرتكبة ليل نهار، وإيصال المساعدات مباشرة وعلى رأسها الوقود والإمدادات الطبية الضرورية، وفتح ممر إنساني لنقل الجرحى الذين لم يعد المستشفى قادرا على رعايتهم حتى في حال عادت الكهرباء.
فشل واضحبدوره، رأى الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، أن القمة العربية الإسلامية المشتركة فشلت بشكل واضح، لأن ما خلصت إليه من قرارات لم يتجاوز الحديث الإنشائي، وأنه كان من الأجدى بهم الاتفاق على إرسال قافلة ممثلة لجميع الدول المشاركة وتحدي إسرائيل عبر إدخالها من معبر رفح.
واعتبر الحديث عن إيصال مساعدات عبر البحر والجو، "كلاما فارغا"، مضيفا أنه ليس من المتوقع أن تسمح إسرائيل بذلك، فمن رفض إدخال المساعدات بريا لن يسمح بها بأي صورة، في ظل الاستسلام لرفضها إدخال المساعدات عبر معبر رفح.
ويرى البرغوثي رسالة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي وجهها بعد القمة للزعماء العرب بـ"أن يصمتوا إذا كانوا يريدون حماية مصالحهم"، هي وقاحة تظهر عجزا أمام من فشل في قهر الشعب الفلسطيني.
ولفت إلى أن تغيير مواقف الدول الداعمة لإسرائيل وارد في حال استمرت الشعوب في حراكها الضاغط على حكوماتها، مشيرا في هذا السياق إلى ما اعتبره إجبارا من الشعب الفرنسي لرئيسهم إيمانويل ماكرون، على تغيير موقفه بشأن الوضع في غزة، واضطرار رئيس الوزراء البريطاني لـ"طرد" وزيرة الداخلية التي انتقدت سماح الشرطة للمظاهرات الداعمة لفلسطين.
دولة منبوذةومتفقا، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، الدكتور عبد الله الشايجي، أن إسرائيل صارت دولة منبوذة ومكروهة في ظل خروج الملايين بمظاهرات يومية ضدها، مشيرا في هذا السياق لتصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين عن تزايد الضغط الدولي لإنهاء الحرب في قطاع غزة بسبب الوضع الإنساني هناك.
ومن ثم، يبدي استغرابه للتخاذل الحاصل أمام ما يجري من "إبادة عرقية" لأهالي قطاع غزة والصمت المطبق على عدوان الاحتلال، لافتا إلى أنه اقترح قبل انعقاد القمة لإثبات جدية المواقف أن تعقد في رفح ويتبعها تسيير قوافل لفك الحصار حيث لن تجرؤ إسرائيل على قصف ما يمثل 57 دولة عربية ومسلمة.
وأشار كذلك إلى أنه كان من المفترض اتخاذ إجراءات مختلفة من ضمنها سحب جميع سفراء دول القمة لإشعار إسرائيل بأنها تدفع ثمنا لعدوانها وأن فاتورته باهظة، لافتا إلى وجود تقارير صادرة عن سفارات أميركية في دول عربية حذرت من أن موقف إدارة جو بايدن المنحاز لإسرائيل سيخسر أميركا الرأي العام العربي على مدى جيل كامل.
ومن ثم، كان من الممكن -حسب رأيه- استثمار هذا الضغط الذي يتعرض له بايدن في ظل وضعه الحرج كمرشح في انتخابات 2024 في ظل انقسام متزايد داخل حزبه، وخسارة ملحوظة لشعبيته في شارع الناخب العربي والمسلم في أميركا.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
محللون: قدرات إيران الهجومية ستؤثر على سيناريو المواجهة مع اسرائيل
توقع خبراء، أن تلعب الهجمات الإيرانية على إسرائيل دورا في إعادة تشكيل المواجهة التي تحاول تل أبيب بها إنهاء البرنامج النووي الإيراني، بينما تحاول طهران الإبقاء على نفسها دولة قوية.
فعلى الرغم من الضربة الإسرائيلية القوية على إيران، إلا أن الأخيرة لم تنتظر سوى ساعات حتى نفذت ردا سريعا وقويا وغير مسبوق، وتمكنت من إيقاع خسائر في قلب إسرائيل هذه المرة، وعادت مساء السبت، لتنفذ ما تعهدت به من هجمات صاروخية غير مسبوقة طالت مواقع عدة في إسرائيل، أبرزها مدينة حيفا التي اشتعلت النيران في إحدى منشآتها الإستراتيجية.
ووفقا للباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي، فقد كانت الولايات المتحدة تريد من هذه الحرب جلب طهران إلى طاولة المفاوضات قوةً، التي يستخدمها الرئيس دونالد ترامب أداة في سياسته.
لكن الإيرانيين رفضوا المضي قدما في المفاوضات، بينما إسرائيل تواصل هجماتها على العديد من المنشآت الإيرانية، مما يعني أن الحرب لن تتوقف بمجرد الدعوة إلى وقفها، كما قال مكي في تحليل للجزيرة.
ويعتقد مكي، أن الرئيس دونالد ترامب "يحاول استغلال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية– للضغط على إيران، بينما الأخير هو من يستخدم ترامب للقيام بهذا الأمر".
إعلانوتوقع مكي، أن تشهد الساعات المقبلة تصعيدا إيرانيا واستهداف مراكز إستراتيجية وحكومية وعسكرية إسرائيلية مع تجنب استهداف مناطق المدنيين.
تصعيد إيراني متوقع
ومع إعلان طهران نيتها شن مزيد من الهجمات على إسرائيل، توقعت الباحثة في الشأن الإيراني الدكتورة فاطمة الصمادي، أن يستخدم الإيرانيون صواريخ لم تستخدم من قبل "خلال هذه الليلة".
ورغم فوارق التكنولوجيا والدعم الأميركي الكبير، فإن الصمادي ترى، أن عوامل التاريخ والجغرافيا تخدم إيران التي وصفتها بالدولة العميقة في المنطقة على عكس إسرائيل التي هي "دولة احتلال مأزومة".
وإن كل الإيرانيين المؤيدين للنظام أو المعارضين، لن يتخلوا عن حقهم في أن يكونوا بلدا قويا بالمنطقة، وفق الصمادي التي قالت، إن هذا الموقف "لن يتغير حتى لو سقط نظام الجمهورية الإسلامية الحاكم حاليا".
كما أن البرنامج النووي "يحظى بإجماع كافة التيارات السياسية الإيرانية، لأن الجميع يرى أن هذا البرنامج منجز وطني، وأن امتلاك هذه التقنية حق الأجيال الجديدة، وهي نقطة قوة داخلية في مواجهة العدوان الحالي" كما تقول الصمادي.
وحتى الخسائر التي طالت القادة العسكريين الإيرانيين الكبار في هذه الحرب، ستدفع بجيل جديد إلى القيادة، وهو جيل أكثر إيمانا بأهمية التكنولوجيا في بناء مستقبل إيران، على حد قول الصمادي، التي خلصت إلى أن المسألة حاليا "تجاوزت مستقبل النظام السياسي إلى مستقبل البلد كله"، وقالت إن "المجتمع والنظام في إيران يتغيران، وقد دخلا معا أتون هذه المواجهة".
محاولة إسقاط النظام الإيراني
وتحاول إسرائيل تخريب البرنامج النووي الإيراني أو تعطيله لأنها عاجزة عن تدميره كاملا، كما أنها تسعى إلى إسقاط النظام في طهران بتحريك الشارع ضده، لأن هذا سيؤدي بالضرورة إلى توقف هذا البرنامج، كما يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى.
إعلانوهذا ما يفسر استهداف إسرائيل المنشآت المدنية أكثر من النووية لأنها تحاول -وفق مصطفى- خلق نظام إيراني ضعيف سياسيا وعسكريا ومعزول إقليميا، فضلا عن سعيها إلى تدمير البرنامج الصاروخي الذي يمثل تهديدا حقيقيا لتل أبيب.
ولو نجحت إسرائيل في القضاء على البرنامج الصاروخي الإيراني، فستكون سيدة الأجواء في الشرق الأوسط، على حد وصف مصطفى، الذي أشار إلى أن هذه الحرب لا تزال محل إجماع إسرائيلي لأنها في بدايتها.
ومع ذلك، أشار المتحدث إلى أن هذا الإجماع على مواصلة الحرب لن يدوم طويلا، خصوصا وأنها المرة الأولى التي يصبح فيها الداخل الإسرائيلي جزءا من المواجهة.
ومن ثم، فإن المواقف سوف تتغير عند حد معين من الخسائر، حتى لو لم يتغير الإجماع على أهداف هذه الحرب، ولو استمر الهجوم الإيراني بنفس الوتيرة ولفترة أطول، فإن الموقف الداخلي الإسرائيلي سيتصدع يقينا، كما يقول مصطفى.
وكان مسؤول أميركي قد أقر في وقت سابق، إنه من الصعب القضاء على البرنامج النووي الإيراني بواسطة العمل العسكري، وأن هذا الأمر لن يتحقق إلا بالتسوية السياسية.
وشنت إيران مساء السبت، هجوما صاروخيا جديدا بعد هجوم آخر شنته مساء الجمعة، على مناطق مختلفة في إسرائيل وأوقعت أضرارا غير مسبوقة في تل أبيب الكبرى، وذلك ردا على هجوم واسع شنته إسرائيل على الأراضي الإيرانية صباح اليوم نفسه.