منها إيجاد حلول تقنية وابتكارية وبناء القدرات، إليك أبرز مشروعات “أكاديمية الابتكار الصناعي”
تاريخ النشر: 18th, November 2023 GMT
العُمانية – أثير
تواصل المؤسسة العامة للمناطق الصناعية “مدائن” العمل على تهيئة البنية الأساسية المتكاملة وتوفير البيئة الجاذبة للاستثمار في سلطنة عُمان والدفع بعجلة التنمية في مختلف المحافظات.
وتقوم المؤسسة حاليًّا بالإشراف أو التنفيذ المباشر على ما يزيد عن 30 مشروعًا في جميع المدن الصناعية التابعة لها، والبالغ عددها 12 مدينة صناعية، إضافة إلى ذراعها التقنية “واحة المعرفة مسقط” والمنطقة الحرة بالمزيونة، وذلك بتكلفة إجمالية تقدر بـ 70 مليونًا و956 ألف ريال عُماني تتوزع ما بين مشروعات خدمات استشارية، وتنفيذ البنية الأساسية والمرافق من طرق وشبكات المياه والصرف الصحي والري وقنوات تصريف مياه الأمطار وإنارة الطرق ومحطات الصرف الصحي وكاميرات المراقبة والسياج الأمني.
وتعمل مدائن” من خلال ذراعها التطويرية “أكاديمية الابتكار الصناعي” على تعزيز الابتكار الصناعي والبحوث التطبيقية، وبناء القدرات الوطنية بالقطاع الصناعي عن طريق الاهتمام بالصناعات المنبثقة عن مختلف القطاعات الاقتصادية في الشق السفلي، وتحديد الفرص الاستثمارية الصناعية، وتطويرها واحتضانها كابتكارات أو بحوث تطبيقية، لتصبح ذات قيمة مضافة تمكن القدرات الوطنية، والخدمات، والمنتجات، والأصول بالقطاع الصناعي، وتبني تقنيات الأتمتة والثورة الصناعية الرابعة، تماشيًا مع “رؤية عُمان 2040” التي تضع الابتكار والبحث العلمي والاستخدام الأمثل للتقنية ضمن العوامل الرئيسة المشتركة لجميع أهدافها الاستراتيجية.
كما تعمل الأكاديمية من خلال عدة مسارات أبرزها البحث والتطوير والابتكار الصناعي والذي يُعنى بمساعدة وتمكين الشركات العاملة في القطاع الصناعي من تحويل الأفكار التي تم تطويرها في مرحلة البحث والتطوير إلى منتجات وخدمات يمكن إنتاجها وتسويقها، ومن بين المشروعات التي تعمل عليها الأكاديمية في هذا المسار مشروع “الابتكار في الصاروج العُماني”.
وبالإضافة إلى ذلك، تعمل الأكاديمية أيضًا على بناء القدرات من خلال تكثيف برامجها التي تستهدف رأس المال البشري واقتصاد المعرفة القائم على الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، ومن أهم المشروعات في هذا المسار برنامج “مواءمة مخرجات الكليات المهنية مع احتياجات سوق العمل في مدائن” وبرنامج “تعمين الوظائف المتوسطة والعليا في الشركات والمصانع القائمة في مدائن”، وأيضًا مسار تمكين المصانع والشركات العاملة بالمدن الصناعية والمساهمة في تحسين عملياتها أو تطوير منتجات وخدمات جديدة، إضافة إلى تقديم برامج تدريب جديدة تساعد المصانع في تطوير مهارات موظفيها وتحسين الإنتاجية.
ومن أبرز المشروعات برنامج “استدامة” الذي يستهدف المصانع المتعثرة وإيجاد حلول تقنية وابتكارية لها، بالإضافة إلى التعاون مع منصة “إيجاد” التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في طرح تحديات المصانع لإيجاد حلول لها من خلال الهيئات الأكاديمية، مشيرًا إلى أن هناك أذرعًا تطويرية ومشروعات استراتيجية للأكاديمية كالإشراف على المشروعات الاستراتيجية التي تهدف إلى تحقيق مشروعات مسارات الأكاديمية، وتنفيذ برامج ومشروعات ذات أثر استراتيجي للقطاع الصناعي تستهدف تحسين جودة الخدمات وزيادة الكفاءة وتعزز التنافسية وتحقيق التطور والاستدامة في القطاع الصناعي، ومن بين المشروعات التي تعمل عليها الأكاديمية في هذا المجال، الإشراف على “مركز صنّاع عُمان” المتخصص في تصنيع النماذج الأولية للابتكارات بالإضافة إلى الإشراف على مشروع إنتاج صحار المتخصص في الصناعات المتقدمة وتصنيع القوالب.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: الابتکار الصناعی من خلال
إقرأ أيضاً:
من نشوة القصف إلى فخ الاستنزاف.. كيف وقعت “إسرائيل” في فخ الحرب التي أرادتها؟
في كتاباته المتعددة، كثيرًا ما حذر نعوم تشومسكي من غواية “القوة” حين تُمارَس بمعزل عن العقلانية السياسية، ومن السرديات الإمبريالية التي تُخفي الحقائق خلف لغة “الردع” و”الدفاع عن الذات”، “إسرائيل”، التي أفاقت على نشوة ضربة خاطفة ضد إيران، سرعان ما بدأت تدفع ثمن إيمانها بأن بإمكانها فرض توازنات الشرق الأوسط عبر هجوم مباغت على دولة إقليمية بحجم إيران، لكن الواقع، كما هو الحال دائمًا في منطق القوة، معقد ومفتوح على انهيارات غير محسوبة.
الهروب من غزة نحو سماء طهران
في بداية الأمر، بدا الهجوم “الإسرائيلي” على المنشآت الإيرانية وكأنه ضربة ناجحة: اغتيالات نوعية، ضربات على البنية التحتية النووية والعسكرية، وتحقيق ما وصفته وسائل الإعلام العبرية بـ”إنجازات لا تُضاهى”، لكن خلف هذا الإطار الإعلامي، تكمن أزمة أعمق: “إسرائيل” تهرب من مأزق غزة إلى معركة أخطر وأعقد مع طهران. والضربات لم تكن فقط ضد المنشآت، بل كانت في جوهرها محاولة لإعادة ضبط معادلة الردع بعد سلسلة من الهزائم الرمزية والاستراتيجية، بدءًا من 7 أكتوبر، مرورًا بالحرب الطويلة والمفتوحة في غزة، وصولًا إلى الخوف من تصاعد جبهة الشمال مع حزب الله.
النشوة كقناع للإنكار
في التحليل النفسي للسلطة، تمثّل النشوة الجماعية لحظة إنكار جماعية. الإعلام العبري، وحتى بعض المعارضين، انخرطوا في التهليل للضربة، وكأنها تعويض جماعي عن الإهانة الوطنية في 7 أكتوبر. لكن فإن “الاحتفال بالقوة لا يُلغي الحاجة إلى مساءلتها”. ما جرى لم يكن انتصارًا بل انزلاق محسوب إلى منطقة الخطر. والفرق بين الحكمة والجنون، أن الأولى تفكر في اليوم التالي، بينما الثانية تتلذذ بلحظة التأثير الفوري.
الفشل في فهم إيران
منذ عقود، تسوّق “إسرائيل” أن إيران “نظام شيطاني” يمكن تفكيكه عبر ضربة ذكية واحدة. وهذا بالضبط ما يُحذّر منه تشومسكي عند الحديث عن “التسطيح الاستشراقي” للعقل الغربي تجاه خصومه، إيران ليست دولة عشوائية، إنها منظومة معقدة ببنية عسكرية وعقائدية واقتصادية متداخلة، وتملك أدوات الرد في الإقليم، وأهم من كل ذلك: ذاكرة حرب طويلة. التجربة الإيرانية مع العراق (1980–1988) لا تزال تلهم العقيدة العسكرية الإيرانية. والشيعة، كما كتب يوسي ميلمان، “يتقنون فن المعاناة”.
الرد الإيراني لم يتأخر فقط لأن القيادة مشوشة، بل لأنه كان يحتاج إلى تأنٍّ استراتيجي، وإلى قرار محسوب بعدم جعل الرد مجرد فعل عاطفي. وعندما أتى الرد، كان بمستوى يجعل النشوة “الإسرائيلية” تبدو استهزاء بالتاريخ والجغرافيا معًا.
أمريكا ليست هنا
من أخطر ما اكتشفته “إسرائيل” هذه المرة، أن الولايات المتحدة –ولو بقيادة ترامب الحليف المعلن– ليست بالضرورة على استعداد لخوض معركة واسعة لأجل “إسرائيل”. وزير الخارجية ماركو روبيو كان واضحًا في نأي واشنطن بنفسها عن الهجوم، وهو موقف يعكس تحولًا عميقًا في المزاج الأمريكي الذي بدأ يتبرم من كلفة التحالف مع “إسرائيل”، لا سيما مع اتساع المعارضة للحرب في غزة، والصدام مع القوى الدولية الأخرى (كالصين وروسيا) حول سياسات الهيمنة.
ترامب قد يهلل للهجوم، لكنه لا يريد أن يُجر إلى مستنقع حرب طويلة في لحظة انتخابية حرجة. وهذا ما يعرفه الإيرانيون جيدًا، لذا يُصعّدون بثقة محسوبة. أما “إسرائيل”، فقد فوجئت بأن “الغطاء الأمريكي” الذي طالما اعتُبر ضمانة للجنون الاستراتيجي، بات مثقوبًا هذه المرة.
الحرب على النظام أم على البرنامج النووي؟
بين خطاب نتنياهو الذي توعّد برؤية طائرات “إسرائيلية” فوق طهران، وتصريحات مسؤولي الجيش بأن الهدف هو تدمير البرنامج النووي، ثمة فجوة سردية خطيرة. إذا كانت “إسرائيل” تريد تغيير النظام، فإنها تكرر خطيئة الأمريكيين في العراق: وهم استبدال النظام دون رؤية للبديل. أما إذا كان الهدف فقط وقف التخصيب، فإن الهجوم لم ينجح في تدمير منشأة فوردو، ولم يوقف البرنامج، بل ربما سرّعه.
ومن هنا يأتي خطر الحرب الاستنزافية. فإيران، التي تعي أنها لن تُهزم في ضربة واحدة، قد تُطيل أمد المواجهة، وتجعل منها حربًا متعددة الجبهات والأدوات: صواريخ على تل أبيب، هجمات سيبرانية، اشتباكات في مضيق هرمز، وتصعيد عبر حزب الله والحوثيين والحشد الشعبي.
إسرائيل تواجه نفسها
بعد الهجوم، انهالت الانتقادات من الداخل، فجأة صار نتنياهو في مواجهة مجتمع يكتشف هشاشته: الدفاعات الجوية فشلت، والحكومة لم تهيّئ الناس، وبدأ القادة العسكريون يحذرون من حرب طويلة، فيما المعلقون يتحدثون عن “فخ نصبته إسرائيل لنفسها”. وكأن الحرب، التي أرادها نتنياهو لتكون مخرجًا من ورطة غزة، تحوّلت إلى ورطة أشد وأخطر.
في كل هذا، يبدو أن “إسرائيل” لم تُجرِ الحساب الأساسي الذي تحدث عنه تشومسكي مرارًا: حين تبني قراراتك على وهم التفوق التكنولوجي وتغفل عن التعقيد التاريخي والسياسي والثقافي لخصمك، فأنت تصنع كارثتك بنفسك.
من غزة إلى طهران: لا خطوط رجعة
إن الفكرة القائلة بأن “إسرائيل” يمكنها أن “تُعيد ضبط النظام الإقليمي” عبر القوة، هي في جوهرها استمرار لسردية استعمارية قديمة، وهي أن “الشرق لا يفهم إلا لغة القوة”. هذه السردية لا تزال تحكم العقل “الإسرائيلي”، الذي لم يتعلّم من تجاربه في لبنان ولا في غزة، وها هو الآن يكررها على نطاق أوسع وأخطر.
لكن الفارق أن طهران ليست غزة. والمقاومة هنا ليست فقط صواريخ، بل منظومة ممتدة جغرافيًا وعقائديًا. “إسرائيل” لا تواجه إيران وحدها، بل منظومة ممتدة من العراق إلى اليمن، ومن لبنان إلى سوريا. وهذا ما يجعل هذه المواجهة قابلة لأن تنفلت من السيطرة في أي لحظة.
في الحروب، لا تنتصر النشوة
كما قال ناحوم بارنيع: “الحروب تبدأ بالنشوة… ثم تستمر”. “إسرائيل” في هذه اللحظة ليست في موقع المُسيطر، بل المُرتبك. فالهجوم الذي أريد له أن يُعيد الهيبة، كشف العجز. والضربة التي أريد لها أن توقف المشروع النووي، قد تُسرّعه.
إن لم تُدرك “إسرائيل” هذا الواقع بسرعة، وتقبل بخيار سياسي عاقل، فإنها تقود نفسها إلى مواجهة قد تكون الأعنف في تاريخها. وحينها، سيكون الثمن ليس فقط إخفاقًا استراتيجيًا، بل تصدعً داخلي طويل الأمد، وسقوطًا نهائيًا لوهم “الجيش الذي لا يُقهر”.
“الحروب لا تُخاض لإرضاء الغرور، بل لحماية الناس… وإذا كانت النشوة هي المعيار، فالنتيجة دائمًا كارثة.”
كاتب صحفي فلسطيني