أوهام الخطاب الفكري والسياسي في العقل السوداني !!
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
يقول جهابذة علوم الاجتماع والرؤى السوسيولوجية أن هنالك أربع أسباب هي الحاجبة للتفكير السليم وتكون العائق في أستجلاء الحقيقة ولا سيما الحقيقة الموضوعية, لذلك وحددها بأوهام المكان وتمت تسمية هذا بأوهام الكهف وجاءت عنجهية الهوية وهي أوهام الجنس بمعنها الأشمل وهنالك أيضا أوهام الاقتصاد ويقال أنها أوهام السوق وهنالك أوهام المسرح, ويرجح العلماء في عالم الاجتماع أنها وراء غموض الفكر وهشاشات المنهج والسقوط في دوامة الجدل الهوائي, ولقد ظل العقل السوداني سجين أطر معينة ومحددة إذن وكما قال النور حمد أنه العقل الرعوي بامتياز وغير قادر علي أستجلاء حقيقة الأمر من حولنا, أن التفكير في وضعنا السياسي والاجتماعي وكيفية التعامل مع أليات أحداث التغيير هي من أهم مشكلات هذه العقلية وهنا تنتفي فاعليته وقدرته كعقل علي التغيير وإعادة صيغة الأوضاع في الدولة والمجتمع, وأن كان هذا هو هدف كل معرفة في الكون, وبالرغم من أني لا أو د مناقشة الموضوع من جوانبه الفلسفية ولكن دوما اجد نفسي محاصرًا بأسئلة الشباب وهم فعلًا الراصدين للنخب في المدّة الماضية , ودوما يسالوا عن الأحوال الفكرية ومعضلاتها وما نعاني منه وها أنا أحاول الرد علي تجمع طلاب من أجل وطن ديمقراطي وهم من حضني علي آلأعداد لمشروع كتابة في أمر تعاطي النخب مع الشأن العام طرحهم الفكري والمشاركة بالتحليل لكتابتهم
في البداية صادق أقول أن انعدام مشروع فكري متكامل لبناء دولة هو أساس المشكل, وكذلك كيف نحدد من أين نبدأ في تقييم أطروحات المثقفين السودانيين هل من جيل الآباء المؤسسين الذين تسلموا أدارة السودان من المستعمر, و لكن ما علي فعله الآن هو أخذ جزء أوفرع ممّا كتبه هذا العقل ونتاجه ومحاولة تبيان ذلك بمقارنته بالمعايير الفكرية السائدة بالرغم من فوضي المفاهيم أختلاط القيم نجد أنهم بالرغم من كل المحاولات لهم بصفة نخب ومثقفين بأن يصنعوا واقع محدد قريب من طماحاتهم وبعيد عن تطلعات العامة وما حولهم, تري أنهم من يعيش الفرد منهم ولنفسه بنفسه , دون أحساس بنا مع عدم الاستجابة لأصوات من الأجدار بالتحالف معهم ومنهم الشباب لكي يقدموا النموذج الأمثل للدولة, وبكل اجتهاد عزلوا القوي الحية عنهم, وابتعدوا عن قيم الأمة, أقول لهؤلاء أنتم في حالة توهان بسبب تقوقعكم في أيديولوجيات معينة أو عقيدة سياسية محددة وهنالك لهم الاتكاء الصوفي لحد ألتماهي مع شعائر وممارسة الانغلاق لذواتهم أملا في المقام والنجاح, لا نستطيع الخروج كل هذه العوائق وكل له تبريره ودفوعه و بنرجسية ولا قبل لنا بها, ليس بالإمكان الخروج من هذا الدوران حول الذات دون أحدث أي تقدم أو تفعيل لدور العقل في حياتنا العامة , وهؤلاء مثقفينا منصرفين إلي المتع والإمتاع بالحياة دون عنت التفكير الجاد لتأسيس رؤية فكرية عميقة
تعالوا معي لنري أوهام العقل السوداني في كتابات النور حمد والنور عثمان أبكر ومنصور خالد وشوقي البدري قد تقرا من خلال ما كتبوا أن العقل السوداني ظاهرة معقدة ومتنوعة تظهر حقائق السودان التاريخية والثقافية والسياسية والاجتماعية, لقد تشكل العقل السوداني بمؤثرات مختلفة، مثل الإرث الاستعماري، والتراث الإسلامي، والهوية الأفريقية، والحروب الأهلية، والصراعات الإقليمية، والأزمات الاقتصادية، والتطلعات الديمقراطية، والأنظمة الاستبدادية.
لكن العقل السوداني لا يخلو من المشاكل والتحديات. وقد اتُهم بعض المثقفين السودانيين بوجود أوهام أو مفاهيم خاطئة حول طبيعة السودان ومستقبله. وغالباً ما تكون هذه الأوهام مبنية على انحيازات أيديولوجية أو طائفية أو عرقية أو شخصية تمنعهم من رؤية واقع السودان كما هو، ومن اقتراح حلول واقعية وبناءة لمشاكله
ومن أبرز منتقدي أوهام العقل السوداني النور حمد، الكاتب والمفكر والباحث السياسي وناشط المجتمع المدني. وهو من أبرز رموز الفكر الجمهوري الداعي إلى سودان علماني ديمقراطي تعددي وقد كشف وتحدى في كتبه ومقالاته ومقابلاته بعض أوهام العقل السوداني، - وهم الهوية العربية الإسلامية للسودان، الذي يتجاهل تنوع وثراء الثقافات واللغات والأديان والأعراق السودانية، ويفرض رؤية متجانسة ومهيمنة للسودان تعمل على إقصاء وتهميش غير العرب وغير العرب سوداني مسلم
وهم العقلية الريفية القبلية للسودانيين، التي تتسم بالمحافظة والجبرية والخضوع والولاء والطاعة والامتثال، والتي تعيق تنمية العقل السوداني الحديث العقلاني الناقد المبدع القادر على مسايرة الواقع. تحديات العالم المعاصر.
وهم العنف الثوري للسودانيين والذي يتجلى في التمردات المسلحة والانقلابات العسكرية والحروب الأهلية والاغتيالات السياسية والانتفاضات الشعبية، والذي ينتج عنه المزيد من إراقة الدماء والدمار وعدم الاستقرار وتفتيت السودان، بدلاً من تحقيق السلام والعدالة والديمقراطية والتنمية
ومن الناقدين الآخرين لأوهام العقل السوداني النور عثمان أبكر، الشاعر والكاتب والناقد والصحفي. وهو أحد مؤسسي مدرسة الغابة والصحراء وهي حركة أدبية ظهرت في بداية الستينيات مع شعراء آخرين مثل الراحل الدكتور حمد عبد الحي، محمد المكي إبراهيم، يوسف. العيدابي وعبد الله شابو. هدفت مدرسة الغابة والصحراء إلى خلق لغة وأسلوب شعري جديد يعكس الواقع والهوية السودانية، ويبتعد عن الشعر العربي التقليدي والفصحى, وقد انتقد في قصائده وقصصه ومقالاته ومراجعاته بعض أوهام العقل السوداني، وهم الحنين إلى ماضي السودان الذي يمجد ويمجد الحضارات القديمة والممالك التاريخية والطوائف الدينية وأجداد القبائل والمقاومة الاستعمارية، والذي يهمل حاضر السودان ومستقبله، وضرورة من أجل التغيير والإصلاح.
وهم تقليد نماذج السودان الأجنبية التي تقلد وتتبع اتجاهات وإيديولوجيات وثقافات وآداب الغرب والشرق والعالم العربي والقارة الإفريقية وتفقد الأصالة والأصالة. أصالة العقل السوداني، وقدرته على الإبداع والابتكار وهم عزلة العقل السوداني الذي ينعزل عن بقية العالم، وعن السودانيين الآخرين، ويخلق شعوراً بالتفوق أو الدونية أو الغربة أو اللامبالاة، ويمنع الحوار والتفاعل، وهل تعاون أوتكامل العقل السوداني مع المجتمع العالمي والوطني
الناقد الثالث لأوهام العقل السوداني هو منصور خالد، سياسي ودبلوماسي وأكاديمي وكاتب. وهو أحد القادة البارزين في الحركة الديمقراطية السودانية، وشغل مناصب مختلفة في الحكومة السودانية والمنظمات الدولية، مثل وزير الخارجية، ووزير التعليم، ونائب رئيس الوزراء، والمبعوث الخاص للحكومة السودانية, الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مبادرة حوض النيل وقد قام في كتبه ومذكراته وخطبه بتحليل ونقد بعض أوهام العقل السوداني، وهم وحدة السودان الذي يفترض أن السودان كيان واحد لا يتجزأ، وأن أي محاولة لتقسيمه أو الانفصال عنه هي خيانة وجريمة، وما أكثر الجرائم التي ترتكب باسم الوطنية والإصلاح والتنمية في السودان
وأقول أن وهم انسجام المجتمع السوداني الذي يعتقد أن المجتمع السوداني كل متناغم ومتماسك، وأن المصالح والأهداف والأعراف والأدوار مشتركة ومتفق عليها بين جميع السودانيين، وهو ما ينفي وجود وأهمية الطبقات الاجتماعية وعلاقات القوة والحركات الاجتماعية والتغير الاجتماعي في المجتمع السوداني
هذه بعض أوهام العقل السوداني التي كشفها وتحداها بعض المثقفين السودانيين. لكن هذه الأوهام ليست الوحيدة، وليست الأخيرة. العقل السوداني يتطور ويتغير دائمَا، وكذلك أوهامه.
إن العقل السوداني يحتاج إلى أن يكون على وعي ونقد دائم لأوهامه، وأن يسعى للتغلب عليها من خلال الانخراط في عملية تأمل وتصحيح ذاتي يمكن أن تؤدي إلى رؤية أكثر واقعية وبناء سودان المستقبل.
zuhairosman9@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: المجتمع السودانی
إقرأ أيضاً:
٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
كانت الفوضی تضرب بأطنابها علی كل أرجاء بلادنا، تقودها حكومة هَشَّة، تتشاكس أحزابها علی مقاعد الوزارات ويحل رٸيس وزراٸها كل الحكومة ويحتفظ بمقعده وحده من أجل أن يزيح وزيراً واحداً من وزراء الحزب المٶتلف معه، ويدير البلاد بلا حكومة لمدة قد تطول وتقصر، وتتبدل إنتماءات بعض النواب من حزبٍ لحزب، ويتمدد التمرد شيٸاً فشيٸاً كل يوم وينسحب الجيش من محطة إلی محطة، بسبب الإهمال المتعمد له حتی أُضطر قادته إلی رفع مذكرتهم الشهيرة شديدة اللهجة، التی قابلها رٸيس الوزراء بإتهام الجيش بعدم الإنضباط!!
وكانت الضاٸقة المعيشية قد بلغت من السوء مبلغاً لا يُحتمل، وزادت الجريمة عن الحد، وتطلَّع الناس إلیٰ الجيش لينقذهم من هذا الوضع الذی تَرَدت فيه البلاد وقال ناٸب رٸيس الوزراء من تحت قبة البرلمان: يعنی في فساد نقول مافي!! يعني في محسوبية نقول مافي!! يعني فی غلاء نقول مافی!! والله ديمقراطيتكم دی لو شالها كَلِب مافی زول بيقول ليهو جَرْ !!!
– كان العميد الركن عمر حسن احمد البشير فی منطقة غرب النوير هو القاٸد الوحيد الذی حقق إنتصاراً علی المتمردين فی محطة ميوم بعد إستبسال كبير،حيث كانت قوته تفتقر لأبسط التعيينات والمهمات، فقد كانت التعيينات وقتها تُباع فی القيادة العامة!!
حتی إنه أُضطر إلی شراء أحذية (شِقييانة)وقماش دمورية من سوق كادقلی لكسوة جنوده، واستخدم التراكتورات الزراعية، بدلاً عن العربات القتالية فی متحرك ميوم وكان التمرد يحيط بكادقلی عاصمة جنوب كردفان ويتوقع إسقاطها بين لحظة وأخریٰ،وظهر بطل ميوم فی برنامج جيشنا التلفزيونی، بعدما قام الناٸب عمليات بزيارة الموقع المحرر وفضح فی ذلك اللقاء الإهمال الذی يلقاه الجيش من الحكومة الحزبية الخاٸرة،التی تَلقَّیٰ رٸيس وزراٸها المنتخب ديمقراطياً،إهانةً بالغةً من قاٸد التمرد الذی لم يقبل الإجتماع به إلَّا بصفته الحزبية فقط !!
– وفی فجر الجمعة الثلاثين من يونيو 1989م، تحركت ثلةٌ مٶمنة من أبناء الوطن الخُلَص لإنقاذ الوطن من براثن الفوضیٰ،وكان شعارهم أو سر الليل هوالوطن الغالی واستيقظ المواطن علی إيقاع الموسيقی العسكرية التی كانوا ينتظرونها بفارغ الصبر،وعمت الفرحة ربوع البلاد،بعدما أذاع راديو أم درمان (البيان رقم واحد) بصوت العميد الركن عمر حسن أحمد البشير
و تشكَّل مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطنی من ضُبَّاط فيهم من قباٸل السودان البديرية والنوبة، والدناقلة والشلك، والزغاوة والجعليين، والدينكا والشايقية، والإستواٸيين والرباطاب،والعبدلاب،،ألخ ومن الوحدات،المظلات والمدرعات والمشاة والطيران والبحرية،،ألخ فی لوحة تمثل الوحدة فی التنوع وهذا ما يُميِّز القوات المسلحة دون غيرها من المٶسسات السودانية،ومن هنا بدأت بلادنا صفحة جديدة،من مسيرة الهيبة والعزة،التی إمتدت بعد ذلك من فيض دماء المجاهدين من أبناء السودان الذين كسروا شوكة التمرد،وبَرَع المجتمع السودانی فی رفد جيشه بأبناٸه مجاهدين وبزاد المجاهد، وشاركت الأمهات بزف فلذات أكبادهن إلیٰ سوح الفداء، وبحلييهِن حتی دعون إلیٰ جبل الذهب،وتمددت طرق الأسفلت فی كل إتجاه وشُيِّدَت الجسور،ووصل الإرسال الإذاعی والتلفزيونی للفضاء اللامتناهِ بعدما كان لا يتجاوز حدود عاصمة البلاد،وقامت ثورة التعليم العالی،حتی تضاعف عدد الجامعات عشر مرات، وانفجرت ثورة الإتصالات،واستُخرِج البترول، وعمَّ الإمداد الكهرباٸی كل أرجاء البلاد،وعاش الناس الوفرة والرخاء وسط الحصار الغربی المطبق،وانحصر التمرد فی ركنٍ قصِی، وانحسر الفقر.
وتبوأ السودان مقعده اللاٸق بين الأمم وأصبح رٸيس السودان محطَّ الأنظار حيثما حلَّ وأينما ذهب، وإزداد بذلك حنق دول الإستكبار العالمی وزاد نشاط عملاء أجهزة المخابرات العالمية بالخارج والداخل،وبلغ الكيد للسودان لدرجة أن يُعلَن البشير مطلوباً لدی المحكمة الجناٸية الدولية، لكن الشعب رفض ذلك القرار فی إباءٍ وشمم.
وبالمقابل إبتلع بعض المواطنين الطُعم.
– واليوم فی الذكریٰ 36 لقيام ثورة الإنقاذ الوطنی لن نبكی علی اللبن المسكوب،ولنترك الصورة الماثلة تتحدث بين عهدٍ وعهد،ولن نقول (ياحليلك يا البشير !!) فقد أوفیٰ الرجل بما عاهد عليه الشعب ،منذ الليلة التی قَبَضَ فيها وإخوانه علی (جمر القضية)،ولم يُفلتها فی أشدَّ الظروف صعوبةً وحتَّیٰ الآن، وهو فی محبسه كالأسد لا يشكو ولا يتبرم،إلیٰ أن يَقْضِیَ اللهُ أمراً كان مفعولاً .
– ولا يزال أُصبع إخوان عمر وأبناٸه علی الزناد ذوداً عن حياض الوطن والعقيدة أن تُهدم، وعن عزة الشعب السودانی أن تُمَرَغ فی وحل العمالة والإرتزاق،وسيشهد التاريخُ الذی لا يُحابی أحداً،بأنَّ البشير قام بإكرام قادته السابقين ولم يُبقی عليهم فی المعتقل إلَّا بقدر ما تحتاجه عملية تأمين الثورة الوليدة ولأيامٍ معدودات، وسيُحسب للبشير بأنَّه منع الإعلام من بث الصورة المزرية لرٸيس الوزراء لحظة إعتقاله،وقال أكرِموا عزيز قومٍ ذُلَّ.
-فهلَّا أكرمنا الرجل الذی قاد جيشنا علی مدیٰ ثلاثة عقود، ناهيك عن إنه أكثر زول لبس الكاكی فی السودان.
-النصر لجيشنا الباسل.
-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.
-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء.
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتساب