الحضارة اليمنية.. وجدان متجدد لصناعة المستقبل
تاريخ النشر: 30th, November 2023 GMT
جرت العادة البشرية بأن يفتخر الإنسان بماضيه وتراث أجداده. المصريون اليوم يمثلون نمطاً للتاريخ البشري المعاصر المتفاخر بتراثه وحضارة سبعة آلاف عام. وكذلك الصينيون والشرق آسيوي وغيرهم الكثير الكثير من مختلف الثقافات.
التراث القديم يعكس هوية الشعوب وتاريخها، ويساهم في بناء الهوية الثقافية والوطنية. يمكن أن يشعر الأفراد بالفخر بتراثهم: هوية جامعة للمجتمع وتأكيد دورهم ومساهمتهم في الحضارة والتطور البشري.
اليمن مخزون التراث والعلوم والثقافة في شبه الجزيرة العربية، ما يكفي شعبها والشعوب المجاورة للتفاخر والارتباط بهذه البقعة السعيدة والمليئة بالخيرات على مر العصور.
يجدر بنا كيمنيين الحفاظ على موروثاتنا وتعزيز الهوية والقومية اليمنية، حيث أن الارتباط بين التراث القديم والحاضر يساعد على فهم الهوية الثقافية والقيم التي تشكل أساس المجتمع. إن تاريخ وتراث الأمة يمكن أن يكون مصدر إلهام للتقدم والابتكار في كل المجالات. علاوة على ذلك، يمكن أن يلعب الحفاظ على التراث دورًا في تعزيز التنوع الثقافي والتفاهم بين الثقافات.
وعلى المدى الطويل، يمكن أن يكون للحفاظ على التراث تأثير إيجابي على المستقبل حيث يتم نقل القيم والمعرفة القديمة إلى الأجيال القادمة. وكمثالين “مصر والصين”، فإن هذا من الممكن أن يكون حافزاً للابتكار والتنمية في سياق التحوّل الإيجابي ثقافياً واقتصادية.
إن تاريخ الأمة يلهم أجيالها التقدم والابتكار من خلال الاعتماد على تجارب الماضي والتعلم من التحديات والإنجازات. على سبيل المثال، يمكن للطرق التقليدية أن تساعد في حل المشاكل الحديثة. في الطب الحديث واستنادا على الطب الصيني التقليدي، وذلك باستخدام معرفة الأعشاب الطبية التقليدي لتطوير الأدوية الحديثة وتجنب سيئات العادات القديمة.
بالمثل في الهندسة، تملك اليمن واحداً من أندر وأهم الفنون المعمارية، والتخطيط الحضري على مرّ العصور. يمكن للمهندسين أن يستلهموا من الهندسة التقليدية لتحسين التصاميم وتطوير تقنيات جديدة.
ولنا في مصر تجربة ملهمة، فتاريخها القديم وبناء الأهرامات جزءًا هامًا من هوية البلاد، ويؤثران بشكل كبير على وجدان المصريين حتى اليوم. تمثل الأهرامات تراثًا حضاريًا عظيمًا وتعكس التقدم العلمي والهندسي للمصريين القدماء. ويتجلى هذا التأثير بعدة طرق، نذكر بعضها على النحو التالي:
أولاً، “الفخر الوطني”. يعتبر المصريون الأهرامات وتاريخها القديم مصدرا للفخر الوطني، مما يعزز شعور المصريين بالانتماء والهوية الوطنية. ولا يمكن الاستهانة بهذا الجانب لأنه أساس بناء الشعب وتماسكه وقوته اجتماعيا وسياسيا وعسكريا واقتصاديا.
ثانياً “السياحة والاقتصاد”: إيماناً بأن التراث ثروة عظيمة، ونظراً للاهتمام به وترميمه والترويج له، أصبحت الأهرامات نقطة جذب سياحي ضخمة، مما ساعد على تقوية الاقتصاد المصري وتوفير فرص العمل.
ثالثا، “الإلهام والإبداع”. يمكن أن يكون تاريخ الأهرامات مصدر إلهام للمصريين في مجالات الهندسة والعلوم، وكما رأينا في مثال الصين، يسعى البعض إلى تحقيق إنجازات مستقبلية تعكس تراثهم العظيم.
رابعاً “التواصل الثقافي”. إن فهم تاريخ المصريين القدماء يمكن أن يعزز التواصل بين الأجيال المختلفة ويساهم في نقل القيم والمعرفة والخبرات والحلول.
باختصار، يعد تاريخ مصر القديمة والأهرامات مصدر إلهام يلهم المصريين في مختلف المجالات، ويعزز الفخر والتواصل الثقافي ويساهم في التنمية المستدامة. وهذا ما نتوق إليه في اليمن ونريد أن يحدث. وهذا لا ينفي أن هناك العديد من المحاولات والمبادرات والجهود الكبيرة في هذا المجال، لكنها لا تزال محاولات فردية ولا تحظى بالاهتمام الذي تستحقه والتشجيع من قبل الدولة. حيث يجب أن تظهر جهود للدولة في تبني هذه المجهودات والمجتهدين في هذا المجال والشد بيدهم وتعزيز العمل القومي حيث هذا يصب في أساس تكوين الدولة وأساس الهدف من وجود الحكومات.
لا يقاس نجاح الشعوب فقط بتراثها أو بتوظيف حضارتها القديمة إنما يتطلب الأمر توازنًا بين الاستفادة من تراث الأجداد والتكيف مع متطلبات الحاضر والمستقبل. تتطلب التغيرات الاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية استجابات ديناميكية ومرنة. لذلك، لذا، من المهم أن يكون هناك حاضر مشرف يعكس الحاجات والتحديات الحالية ويعمل على تطوير استراتيجيات مستدامة.
إن فهم التراث الثقافي واحترامه يعزز الهوية، في حين أن القدرة على التكيف مع التغيير السريع تساهم في النجاح في العالم الحديث. وكمثال حي ومشرف نجد الموسيقار والمايسترو اليمني محمد قحوم حيث يقوم بعمليه دمج ساحره للتراث الموسيقي اليمني مع اسلوب سمفونيات حديقة في صوره تكاد ان تكون لوحة فنيه ساحره ومكتملة.
ولا يمكننا الاستخفاف بهذه النقطة فالشعوب ترتبط بتراثها الموسيقي كجزء من هويتها الثقافية، وينعكس ذلك في تطوير الموسيقى الحديثة. أيضا الملابس التراثية والاهتمام بتحديثها لتصبح جزء من الموضة العصرية يعد امراً فائق الأهمية ويساعد على نقل واظهار اعتزاز الشعوب بحضارتهم وقوميتهم.
وفي الأخير يمكننا ان نفتخر ونساهم بإظهار حضارتنا للعالم كما ينبغى عن طريق ابسط الأمور فلنقل انك في مهرجات دولي أو ضيافة فعالية ثقافية في دولة ما، سيكون من الرائع والجميل ان يكون الزي اليمني حاضرا ومشعا بجماله المعتاد واحيانا كثيرا لا يقتصر الأمر بالشكل الظاهري فقط ولكن في طريقة تمثيلك لصورة اليمن بأخلاقك الحسنه وثقافة اليمن الكريم والسعيد سواء عن طريق كونك جار احدهم أو ضيف في دولة ما.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
شاهد أيضاً إغلاق كتابات خاصة
انا لله وانا اليه راجعون ربنا يتقبله ويرحمه...
ان عملية الاحتقان الشعبي و القبلي الذين ينتمون اغلبيتهم الى...
مع احترامي و لكن أي طفل في المرحلة الابتدائية سيعرف أن قانتا...
مشاء الله تبارك الله دائمآ مبدع الكاتب والمؤلف يوسف الضباعي...
الله لا فتح على الحرب ومن كان السبب ...... وا نشكر الكتب وا...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: عن البحر الأحمر فی الیمن أن یکون یمکن أن
إقرأ أيضاً:
اليافعي: الوحدة حاضرة في وجدان الشعب وأحرار الجنوب يترقبون السيد القائد لتحريرهم من قيد الاحتلال
يمانيون../
أكد وزير الثقافة والسياحة في حكومة التغيير، الدكتور علي قاسم اليافعي، أن الوحدة اليمنية ليست نتاجًا لاتفاق سياسي فحسب، بل هي حالة شعبية متجذرة في وجدان اليمنيين شمالاً وجنوبًا منذ عقود، مشيرًا إلى أن إعلان 22 مايو 1990 كان تتويجًا لتلك الروح الوحدوية العميقة.
وفي مقابلة مع قناة المسيرة بمناسبة الذكرى الـ35 للوحدة اليمنية، أوضح اليافعي أن الإشكالية التي واجهت أبناء المحافظات الجنوبية لم تكن مع الوحدة، بل مع سياسات الخيانة التي مارسها نظام علي عبدالله صالح وحزب “الإصلاح”، من خلال القمع والإقصاء وتصفية الكوادر الجنوبية الفاعلة، مؤكدًا أن النظام السابق تعمّد تقاسم السلطة مع مكونات جنوبية ضعيفة لضمان سيطرته وتكريس الهيمنة.
وقال اليافعي إن الخروج الشعبي ضد صالح لم يكن رفضًا للوحدة، بل ثورة على نظام زرع التفرقة والمناطقية والعنصرية. وأشار إلى أن أبناء الجنوب لا يزالون يحملون حلم الوحدة الوطنية، لولا القمع الذي تمارسه أدوات الاحتلال والمرتزِقة، مؤكّدًا أن زوال هذه الأدوات سيُعبّر الجنوبيون عن موقفهم الحقيقي المؤيد للمشروع الوطني التحرري بقيادة صنعاء.
الاحتلال والمرتزِقة.. مسؤولية المعاناة والانهيار
ولفت اليافعي إلى أن الواقع المأساوي في المحافظات المحتلة، وخصوصًا عدن، يعود إلى استمرار سياسات التصفية والإقصاء التي ينفذها المرتزِقة المرتبطون بالخائن طارق عفاش، على النهج نفسه الذي انتهجه نظام صالح، مؤكّدًا أن تبعية طارق للإمارات مكنته من السيطرة على بعض الفصائل التابعة لما يسمى بـ”الانتقالي”، ما ساهم في تعميق التشرذم والانقسام.
وأشار إلى أن الإمارات تتعامل مع أدواتها كأطراف متفرقة، وتتواصل مع كل فصيل على حدة، بما يهيئ الساحة لصراعات داخلية تضمن بقاءها ونفوذها بعد تنفيذ أجنداتها الاحتلالية.
كما حمّل اليافعي دول العدوان، وعلى رأسها السعوديّة والإمارات، مسؤولية التدهور المعيشي والخدمي، مؤكدًا أن هذه الدول حرمت المرتزِقة من أي إمكانيات لتحسين الأوضاع، بينما أهدت تريليونات الدولارات لترامب. وأوضح أن سياسة التجويع الممنهجة تهدف إلى إخضاع المواطنين لإرادة المحتل.
وأشار إلى أن النساء في عدن يخرجن في التظاهرات لأن بيوتهن خالية من أدنى مقومات الحياة، بينما في الحديدة -رغم العدوان والحصار- تتوفر الخدمات الأساسية، على عكس عدن وحضرموت حيث لا توجد دولة ولا مؤسسات، بل عصابات متناحرة على الجبايات والموارد.
خزينة فارغة ومجلس مرتزِقة عاجز
وأكد اليافعي أن ما يسمى بـ”مجلس القيادة الثمانية” لا يمثل شيئًا في المعادلة الوطنية، مشيرًا إلى أنهم يقبعون في فنادق الرياض ويهتمون بالكسب الشخصي وشراء الشقق والفلل في الخارج، ولا يعيرون معاناة المواطنين أي اهتمام. وأضاف: “في المناطق الحرة نعيش بإمكانيات متواضعة لكننا نملك دولة وخدمات، بينما في المناطق المحتلة لا يوجد حتى شكل للدولة”.
وشدد على أن المرتزِقة لا يتلقون أي دعم حقيقي من الخارج، لأن دول العدوان لا ترى في الشعب اليمني إلا وقودًا لصراعها، مؤكّدًا أن المشروع الوطني في صنعاء يشكّل بارقة أمل تنتظرها شعوب المحافظات المحتلة.
وحدة المناطق الحرة وفوضى المناطق المحتلة
وفي سياق حديثه عن المشروع التقسيمي، أوضح اليافعي أن دول العدوان لجأت إلى تمزيق المحافظات الجنوبية بعد فشل مخطط الأقاليم، فدعمت فصائل متعددة متصارعة في عدن وسقطرى وحضرموت والمهرة، ضمن سياسة “فرّق تسد”، مؤكدًا أن ثورة 21 سبتمبر أحبطت هذا المخطط وحافظت على وحدة النسيج الوطني في المناطق الحرة، حيث لا توجد صراعات سياسية أو قبلية أو طائفية.
وأشار إلى أن السعودية سعت لخلق فصائل موازية لتلك المدعومة من الإمارات، مثل “درع الوطن” المكون من التكفيريين السلفيين، في محاولة لتقويض نفوذ أبو ظبي. كما تسعى الإمارات بدورها لتأجيج الخلافات بين فصائلها نفسها وبين فصائل السعودية، في إطار صراع النفوذ داخل جغرافيا محتلة.
أحرار الجنوب مع فلسطين والقضية الوطنية
وعن موقف أبناء المحافظات الجنوبية من القضية الفلسطينية، قال الدكتور اليافعي إن غالبية الأحرار هناك يقفون بصلابة إلى جانب القوات المسلحة اليمنية في دعمهم لغزة ومواجهة العدوّ الصهيوني، إلا أن القمع الممنهج يمنعهم من التعبير عن موقفهم.
وأضاف: “الجنوبيون ينتظرون السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي ليقود معركة الخلاص من الهيمنة الأجنبية وأدواتها”، مؤكّدًا أن أبناء حضرموت على وجه الخصوص ملتفون حول موقف صنعاء، سواء في الداخل أو على مستوى مواجهة المشروع الأمريكي في المنطقة.
واختتم اليافعي حديثه بالدعوة إلى تصعيد الحراك الشعبي في المحافظات المحتلة، ومقارنة الواقع المرير الذي تعيشه هذه المناطق بما تحقق في صنعاء والمناطق الحرة، حيث الدولة تخدم المواطن رغم الحصار والعدوان، بفضل القيادة الثورية والسياسية التي تضع الشعب في صدارة أولوياتها.