تتواصل الاتهامات لحكومة رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، بالخضوع للقرار الإسرائيلي بمنع آلاف الجرحى الفلسطينيين من الخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح، وكذلك مغادرة مصر للعلاج بدول أخرى عرضت المساعدة.

شخصيات فلسطينية ومصرية انتقدت سماح سلطات القاهرة الأمنية والطبية والعسكرية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي بتدقيق كشوف الجرحى الفلسطينيين الذي يسقطون يوميا بالمئات نتيجة حرب الإبادة الدموية التي تشنها الآلة العسكرية الإسرائيلية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.



تلك الشخصيات أكدت أن لـ "تل أبيب" القرار الأخير بالسماح أو المنع من العبور لأي جريح فلسطيني إلى مصر عبر معبر رفح، مع أن المعبر عربي خالص (مصري- فلسطيني) ولا سلطة للاحتلال عليه قانونيا، منتقدين الخضوع المصري للقرار الإسرائيلي، في الوقت الذي تعرضت فيه جميع مشافي قطاع غزة للقصف والتدمير والخروج من الخدمة.

وبرغم إعلان القاهرة عن استعدادات ضخمة لاستقبال آلاف الجرحى الفلسطينيين عبر مشافي البلاد، إلا أن هناك العديد من الدول التي عرضت المساعدة في العلاج، وعدم تحميل مصر وحدها تكلفة العلاج، مثل تركيا، وقطر، وتونس، والإمارات، والأردن، لكن كل ذلك منوط بقرار خروج الجرحى من غزة إلى مصر، ومن مصر إلى تلك الدول.

"400 مصاب فقط"
ذلك الوضع المؤسف والمثير لغضب عربي كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كشف عنه المدير العام لوزارة الصحة بغزة الدكتور منير البرش، الذي أعلن عن رقم هزيل من الجرحى تم السماح بخروجه من القطاع إلى مصر للعلاج، مؤكدا أمس الاثنين، أن 400 مصاب فقط خرجوا من غزة للعلاج من 40 ألف مصاب.

البرش، وفي حديث له مع قناة "الجزيرة"، أكد أن "الكشوف التي نرسلها للإخوة المصريين يموت أغلبهم قبل أن تصل الموافقة على قبول مرورها من معبر رفح البري"، وهو المنفذ الوحيد لقطاع غزة إلى العالم الخارجي.

كما أوضح البرش، أنه على الجانب الآخر فإن "المساعدات والمستشفيات الميدانية لم تصل إلى غزة"، قائلا: "نحن بالمستشفيات أصبحنا في عداد الموتى".

???? فيديو | مكالمة د. منير البرش وكيل وزارة الصحة في قطاع غزة المكالمة مؤلمة :-
- عدد الشهداء 360 شهيد وصلوا المستشفيات وضعف هذه الاعداد تحت الانقاض وابن اختي شهيداً واجلس بين 30 جثمان للشهداء

- 400 مصاب وجريح خرجوا من معبر رفح و 13 مصاب خرجوا اليوم من عدد الاصابات أكثر من 40… pic.twitter.com/FZ8nURrc3l — احمد فوزي - Ahmed Faozi (@AFYemeni) December 3, 2023
من جانبه، وصف الصحفي أدهم أبوسليمة، كلام البرش، بأنه موجع وموجه لمصر، وطرح التساؤل: "لماذا تمنعون الجرحى من الخروج عبر معبر رفح؟، هل اتفقتم على إبادتنا وقتلنا جميعا؟".

كلام موجع للدكتور منير البرش موجه ل #مصر:
لماذا تمنعون الجرحى من الخروج عبر #معبر_رفح؟! هل اتفقتم على إبادتنا وقتلنا جميعاً؟!
لماذا يمنع الجرحى من الخروج للعلاج.. — أدهم أبو سلمية ???????? Adham Abu Selmiya (@adham922) December 4, 2023
"الجرحى ينزفون"
ويقابل الخضوع المصري للتعنت الإسرائيلي بمواجهة مرور الجرحى الفلسطينيين من معبر رفح إلى مصر، وضع مذري للقطاع الصحي في غزة.

وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، قالت الأحد، إن "الجرحى ينزفون حتى الموت، لعدم توفر الخدمة الصحية"، مؤكدة ارتفاع حصيلة جرحى العدوان الإسرائيلي، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، إلى 41.316 فلسطينيا.

وكشفت عن صعوبة وضع الخدمة الصحية بالقطاع معلنة "استشهاد 281 كادر صحي، وإصابة المئات، وتدمير 56 سيارة إسعاف، و56 مؤسسة صحية، وخروج 20 مستشفى و46 مركزا عن الخدمة".

وأكدت أن "عدد الذين غادروا القطاع للعلاج بالخارج عبر معبر رفح بلغ 403 جرحى منذ بداية العدوان، مطالبة بــ"توفير ممر إنساني يضمن تدفق الإمدادات الطبية والوقود والمستشفيات الميدانية والطواقم الطبية وخروج مئات الجرحى".


ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، تتواصل المطالبات الفلسطينية والعربية والدولية ومن منظمات حقوقية لنظام القاهرة بفتح دائم لمعبر رفح لتمكين المرضى والجرحى من الخروج نحو مصر لتلقي العلاج، خاصة مع الإغلاق الإسرائيلي الكلي لمعبري "كرم أبو سالم" و"إيرز".

"منع يطال مصريين"
بل إن البرلماني والباحث المصري سمير غطاس، كشف خلال لقاء بفضائية "إم بي سي مصر"، عن منع طال المصريين المقيمين بغزة من دخول مصر ضمن حق العودة لهم أو للعلاج.

غطاس، أكد أن السفارة المصرية ترسل باسبورات المصريين في غزة لـ "إسرائيل"، من أجل مراجعة الأسماء ومعرفة مدى وجود علاقة لهم بحركة المقاومة الإسلامية حماس، موضحا أن من يثبت عليه ذلك لا يدخل مصر ولا يخرج من القطاع.

الإعلامي المصري حافظ المرازي، تناول هذا الملف أيضا، عبر موقع "إكس"، وأكد أن ما كشفه غطاس أكده منذ شهر، صحفي فلسطيني عن سيدة مصرية لم يسمحوا لها بعبور معبر رفح والخروج من غزة.

وعلق المرازي، قائلا: "ما يكشفه غطاس، القريب من الأجهزة الأمنية بالقاهرة ورام الله، يؤكد بصراحة مريرة أن مصر تستأذن من إسرائيل عما إذا كان مسموحا لهذا المصري أو المصرية وأطفالهم بالدخول من رفح لبلده مصر أم يبقى في غزة لو شكّت إسرائيل في ارتباطه بحماس".

ما كشف عنه صراحة النائب والباحث المصري سمير غطاس عن القيود على السماح لخروج المصريين من غزة إلى مصر عبر رفح، اكده لي منذ شهر، صحفي فلسطيني مزدوج الجنسية عن سيدة مصرية لم يسمحوا لها بعبور معبر رفح للخروج من غزة، وقالوا لها أمامه وهي تلوح لهم بجواز سفرها المصري بينما كل الاتصالات… https://t.co/GosNSYdE2z — حافظ المرازي (@HafezMirazi) December 4, 2023
وقالت الناشطة شيرين عرفة: "الجنسيات المختلفة داخل فلسطين، تستطيع حكومات بلادها والمنظمات الأممية، إخراجهم من داخل قطاع غزة، إلا جنسيتين فقط هما: الفلسطينيين والمصريين".

وأكدت أن "إسرائيل وحدها من لها الحق في أن تسمح لهم بالخروج، أو أن يتحولون إلى هدف من أهداف حرب الإبادة، وضحية لقصفها الوحشي المتواصل منذ شهرين".

وقالت إن هذا "يعني أن مصر لا تختلف مطلقا عن فلسطين في وقوعها تحت الاحتلال الإسرائيلي، متسائلة عن موقف الجيش المصري وقياداته من هذا الاعتراف؟"، في إشارة إلى اعتراف غطاس.

تخيل أن كل الجنسيات المختلفة داخل فلسطين، تستطيع حكومات بلادها والمنظمات الأممية، إخراجهم من داخل قطاع غزة، إلا جنسيتين فقط هما: الفلسطينيين والمصريين، إسرائيل وحدها من من لها الحق في أن تسمح لهم بالخروج، أو أن يتحولون إلى هدف من أهداف حرب الإبادة، وضحية لقصفها الوحشي المتواصل… — شيرين عرفة (@shirinarafah) December 4, 2023
"ماذا يقول القانون الدولي الإنساني؟"
وفي إجابته على سؤال "عربي21"، حول دوافع حكومة السيسي بالخضوع للقرار الاسرائيلي بمنع حرجى غزة من دخول مصر للعلاج، قال الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية الدكتور السيد أبوالخير: "طبقا للقانون الإنساني الدولي الذي يحكم وينظم الأقاليم التي تحت الاحتلال فإن المعابر تكون للقوة التي تسيطر على الأرض".

الأكاديمي المصري، أكد لـ"عربي21"، أنه "في قطاع غزة؛ القوة المسيطرة والمتحكمة، هي حماس، وهي حركة تحرر وطني بالقانون الدولي، لذلك فمعبر رفح يجب أن يكون تحت تصرف حماس، طبقا للقانون الدولي وخاصة الإنساني".

وأضاف: "أما عن سبب خضوع نظام الانقلاب للقرار الصهيوني، فهي العمالة والخيانة، وكان من ضمن أهم أسباب انقلاب عام 2013، موقف نظام الرئيس الراحل محمد مرسي، من غزة وأرضها في الحرب التي شنتها إسرائيل في ذلك العام".

وأوضح أن "الذي خضع للقرار الصهيوني هو نظام الانقلاب، وليست مصر التي لم ولن تخضع"، متسائلا: "ماذا تنتظر من نظام فرط في موارد مصر الأساسية من مياه وبترول وغاز، حتى الأرض تنازل عنها مثل تيران وصنافير، وحلايب وشلاتين، ولذا "لا أجد أقل ولا أكثر من كلمتين هما العمالة والخيانة، كإجابة لهذا السؤال".

وقال أبوالخير: "ترتيبا على ذلك فإن نظام الانقلاب يكون فاعل أصلي في الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيونية، والواردة في المادة (5) من نظام روما الأساسي"، مؤكدا أن "هذا النظام جاء لإنهاء مصر كدولة واحدة وموحدة وبالتالي لا يهمه الدور العربي والمكانة الدولية".




"هذا ما يرعبهم"
ويرى أن السلطات المصرية تنفذ أجندة إسرائيل ولا تكترث لما تتعرض له من انتقادات وخسارة للود العربي، لأن "المصلحة واحدة، والعدو واحد، ومشترك، وهي المقاومة الإسلامية، وخاصة حماس، لأنها فرع من أفرع الإخوان المسلمين، وهذا ما يرعب النظام الذي يرتعد خوفا من عودة الإخوان لحكم مصر، خاصة وأن انتصار حماس بات وشيكا".

وأضاف: "ثانيا فإن انتصار قلة بإمكانيات قليلة تهز صورة النظام بأن لديه جيش لا يقهر، وخاصة إذا كانت حركة إسلامية تابعة للإخوان المسلمين فتظهر بوضوح فشل المؤسسة العسكرية بمصر، حتى بوظيفتها الوحيدة وهي حماية الوطن".

وأوضح أنه "لذلك فهذا المشهد يُظهر العسكر بأنهم فشلة عسكريا وسياسيا واقتصاديا، وقد تأكد من ذلك الشعب المصري، لذلك فانتصار حماس معناه إعلان وفاة الكيان الصهيوني وتوابعه الحكم العسكري بمصر والدول الأخرى".

وختم الخبير المصري، بالقول: "لذلك فمعظم حكام دول الطوق يتحسسون كراسيهم خوفا ورعبا من انتصار حماس، وتهديد بقاء الكيان، مما يجعل ويشجع الشعوب على إلقاء هؤلاء الحكام في مزبلة التاريخ".

"ينفذ إملاءات إسرائيل"
وفي تعليقه على الموقف المصري بمنع جرحى غزة والخضوع لقرارات أمنية إسرائيلية خالية من الإنسانية، قال الباحث الفلسطيني في الشؤون الإسرائيلية صلاح الدين العواودة: "موقف النظام المصري الحالي أكثر موقف مصري انسجاما مع الاحتلال تاريخيا وهذا بشهادة الاحتلال نفسه".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف أن "أحد المراسلين الصحفيين الإسرائيليين قام بجولة على حدود سيناء فكان تعليقه اختصارا للواقع، وقال: رأيت حرس الحدود المصريين يقفون بمواقعهم على الحدود بنقاط المراقبة سلاحهم بأيديهم ووجوههم لسيناء، أي يحمون الحدود الإسرائيلية".

الباحث بمركز "رؤية للتنمية السياسية"، بإسطنبول، أكد أنه "منذ انقلاب 2013، والنظام المصري لا يفعل شيئا لغزة إلا وفقا للطلب الإسرائيلي"، موضحا أنهم طلبوا منه هدم الأنفاق ومنع التهريب فهدمها، وإغراق المنطقة الحدودية بالماء فأغرقها، وإخلاء رفح المصرية فأخلاها، والتضييق على الفلسطينيين فضيق".

ولفت إلى أنه "وفي المقابل انفجر الفلسطيني تجاه الاحتلال بمسيرات العودة، فطلبت إسرائيل من النظام المصري بالتنفيس عن أهل غزة ففعل"، مضيفا: "واليوم أيضا يقوم بما يمليه عليه الجانب الصهيوني".


وخلص العواودة للقول: "لو اجتمعت الأمة الإسلامية على معبر رفح فلن تفعل إلا ما توافق عليه إسرائيل لأن الالتزام المصري حديدي، فضلا عن عداء النظام المصري للمقاومة الإسلامية أكثر من غيرها".

وأكد أنه "في النهاية كانت إسرائيل مصدرا لشرعية انقلاب 2013، ومصدر شرعية النظام، بالتالي، لذلك نظام لا يستمد شرعيته من الشعب المصري أو العربي أو الإسلامي فلن يهمه رأيهم جميعا".

"تناقض مصري"
المثير أن الموقف المصري بالخضوع لقرارات إسرائيل حول هويات العابرين لمعبر رفح يتعارض مع إعلان القاهرة أنها جهزت 11 ألف سرير، و1700 وحدة عناية مركزة، و150 سيارة إسعاف، ونشر 38 ألف طبيب و25 ألف ممرضة، وأنها  تستقبل من غزة يوميا، 40 إلى 50 حالة.

وجاءت توجيهات رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، المعلنة، باستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين وعلاجهم بالمستشفيات المصرية، مهما بلغت التكاليف، إلا أن جرحى فلسطين وذويهم، يشتكون من تعنت السلطات المصرية معهم.

وذلك بسبب تأخير مرورهم من المعبر لحين التأكد من هوياتهم وهوية المرافقين لهم وانتظارهم حتى يجري السماح لهم بالعبور رغم ما يمرون به من أزمات صحية وإنسانية صعبة، فيما تزداد الأمور صعوبة مع منع السلطات المصرية مرورهم حيث لم يبق لهم إلا الموت من الألم.

وفي المقابل يجري تسهيل عبور الأجانب ومزدوجي الجنسية من غزة لمصر يوميا، حيث عبر الأحد الماضي 280 أجنبي، كما تم عبور 750 روسيا منذ بداية الحرب، بحسب وكالة "تاس".

وتواصل العديد من دول العالم إرسال المساعدات الطبية الدولية إلى ميناء وطار العريش المصري بشمال سيناء، والتي كان منها وصول سفينة طبية إيطالية بطاقة 16 سريرا و15 طبيبا، لميناء العريش البحري، الأحد الماضي، والتي سبقتها سفينة طبية فرنسية بطاقة 40 سريرا وفريق طبي من 20 طبيب فرنسي.

والأحد، وصلت طائرة عسكرية تونسية على متنها 20 جرحى العدوان على قطاع غزة، إضافة إلى 21 مرافقا لتلقي العلاج في المصحات والمستشفيات التونسية، وذلك مع انتظار وصول طائرة ثانية على متنها 150 جريحا فلسطينيا قادمة إلى تونس، الثلاثاء.

"ورقة تزكية"
من جانه، أكد الباحث المصري في الشؤون الأمنية أحمد مولانا، في حديثه لـ"عربي21"، أن "مشاركة نظام القاهرة بحصار غزة وإقراره بسيادة إسرائيل على معبر رفح رغم عدم وجودها على أي من الجانبين، يتعبرها ورقة اعتماد وتزكية له للبقاء بحكم مصر".

مولانا، أضاف أنه "في لحظة الحقيقة ينحاز إلى الجانب الإسرائيلي، رغم عدم وجود نص ملزم في اتفاقية (كامب ديفيد)، حول المرور بمعبر رفح"، مشيرا إلى "اتفاقية عام 2005، بعد خروج إسرائيل من القطاع والتي كان بها السلطة الفلسطينية والتي سحب الاتحاد الأوروبي بعثته من المعبر على إثرها"، وموضحا أن "السلطة نفسها لم تعد موجودة من 2007، ولم يعد لإسرائيل التحكم فيما يمر عبر المعبر".

ويعتقد الباحث المصري، أن "ما قام به النظام المصري بعد طوفان الأقصى يمثل انحيازا واضحا للجانب الإسرائيلي"، لافتا إلى أنه موقف يتناغم مع الموقف الرسمي والنظامي لأغلب الدول العربية باستثناء قطر.


وأوضح أن تلك الدول "داعمة لفكرة التخلص من حماس"، ملمحا إلى "تأكيد المبعوث الأمريكي السابق للشرق الأوسط دينيس روس، والسفير الأمريكي السابق بإسرائيل مارتين إنديك، على هذا".

وقال الباحث المصري، إن "هناك حالة إجماع عربي على دعم إسرائيل في عدوانها، وعدم اتخاذ موقف حقيقي وجاد مع العدوان، وبالتالي فإن مصر متناغمة مع تلك الدول التي تطلق إدانات كلامية إنما على أرض الواقع هناك علاقات اقتصادية وتعاون عسكري وتواصل سياسي وتنسيق قائم وجاري".

وختم بالتأكيد على أن "النظام المصري بمواقفه يعزز من دوره أمام الإدارة الأمريكية، ويقلل من مساحات الانتقاد لبعض الأوضاع الحقوقية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية المصري السيسي غزة معبر رفح الاحتلال الإسرائيلي مصر السيسي غزة الاحتلال الإسرائيلي معبر رفح سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجرحى الفلسطینیین النظام المصری الباحث المصری عبر معبر رفح فی قطاع غزة عبر رفح إلى مصر من غزة أکد أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا الصمت العربي في حين تغيرت مواقف الغرب تجاه إسرائيل؟

توالت مواقف الدول الغربية التي تنتقد استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، في حين ظل الموقف العربي غائبا، في مفارقة تطرح تساؤلات عن التحول المتزايد في سياسات أوروبا مقابل صمت عربي.

ويأتي ذلك في حين تتجه عواصم غربية إلى تصعيد لهجتها ضد إسرائيل، ومراجعة علاقاتها السياسية واتفاقاتها العسكرية معها، بينما لم يصدر عن كثير من العواصم العربية سوى بيانات متفرقة لم تتجاوز حدود القلق، في الوقت الذي يتعرض فيه نحو 2.3 مليون فلسطيني لمجازر مستمرة وحصار خانق.

المواقف الأوروبية غير المسبوقة تطالب بعقوبات على المستوطنين، وبتعليق اتفاقيات التعاون الأمني مع إسرائيل وتدعو إلى فتح المعابر لإدخال المساعدات.

وفي ظل هذا التحرك الأوروبي المتسارع، يتعاظم التساؤل: أين الموقف العربي؟ ولماذا يلتزم العرب الصمت بينما ترتكب إسرائيل انتهاكات غير مسبوقة في غزة؟

موقع الجزيرة نت استطلع آراء عدد من المحللين والخبراء بشأن هذا التساؤل، إذ أجمعوا على أن الصمت العربي ليس حالة عابرة، بل نتيجة تراكمات سياسية وأمنية واقتصادية جعلت من الموقف تجاه غزة رهينة الحسابات لا المبادئ.

من اليمين: محمد غازي الجمل وإياد القرا ورغد التكريتي وإبراهيم المدهون (مواقع التواصل) التحول الغربي

وقالت رئيسة مجلس شورى الرابطة الإسلامية في بريطانيا رغد التكريتي إن التحول في مواقف بعض الدول الغربية مثل فرنسا وكندا وبريطانيا تجاه العدوان على غزة يعد تطورا إيجابيا، مؤكدة أنه نقطة تحول مهمة كان يفترض أن تحدث منذ وقت مبكر.

إعلان

وأضافت -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن هذا التحول لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة ضغط مستمر من الشارع والبرلمانيين، وتغير في مواقف بعض القيادات السياسية بعد نحو 20 شهرا من القصف والدمار المتواصلين من قبل إسرائيل على غزة، وفي ظل صمت دولي مقلق.

ونوهت إلى أن الغرب، ومنه بريطانيا، يلعب دورا مباشرا في دعم إسرائيل وتسليحها، ولذلك فإن التغيير في مواقفه ينعكس على السياسات العربية التي تتأثر غالبا بالإستراتيجيات الغربية.

وشددت التكريتي على أهمية استمرار الضغط الشعبي، مشيرة إلى أن الرابطة الإسلامية في بريطانيا تواصل تنظيم المظاهرات والتحركات لتثبيت هذه التغييرات، وقالت "نحن لا يهمنا الكلام، بل تهمنا المواقف والأفعال".

وأكدت التكريتي أن الشعوب قادرة على كسر السقوف المفروضة عليها ولو تطلّب ذلك بعض التضحيات.

صمت عربي

ويرى الباحث الفلسطيني محمد غازي الجمل -في تصريحات للجزيرة نت- أن الصمت العربي الرسمي ليس مجرد غياب عن المشهد، بل انعكاس لتحولات عميقة في العقيدة السياسية لبعض الأنظمة.

ويعدد الجمل في حديثه للجزيرة نت جملة من الأسباب التي تفسر هذا الصمت:

أصبحت المقاومة الفلسطينية خصما مقابل التحالف السياسي والأمني والاقتصادي مع دولة الاحتلال، بناء على اتفاقات السلام والتطبيع، مما يجعلها أداة ضغط وقمع لأي حراك شعبي رافض لعدوان الاحتلال. الحياة السياسية جُرّفت في المجتمعات العربية، وتم تأميم أدوات العمل الجماعي، كالأحزاب والنقابات والبرلمانات، التي أصبحت هياكل خاوية من مضمونها الحقيقي. جُرّم التضامن مع الفلسطينيين ودعم مقاومتهم بفعل القوانين والأنظمة والخطاب الإعلامي في العديد من الدول العربية. هناك ضعف في قناعة الشعوب بأثر الاحتجاجات، وضعف في قدرة القوى الشعبية على ابتكار أشكال تضامن تتجاوز قيود الأنظمة. الولايات المتحدة والدول الغربية تربط مساعداتها بعلاقات الدول العربية بإسرائيل، وتدرج أشكال الدعم للفلسطينيين ضمن ما تسميه دعم الإرهاب، وتلاحق الخطاب والتبرعات ذات الصلة. أصل المشكلة -حسب الجمل- يرتبط بشرعية الأنظمة، فمن يعتمد على دعم الخارج يبقى مرتهنا لمعادلاته، أما من يستند إلى رضا شعبي ينسجم مع مشاعر أمته فموقفه مختلف. إسرائيل أطلقت اليوم الأربعاء نيرانا بالقرب من تجمع لدبلوماسيين عرب في جنين (الجزيرة) جهود محدودة

وفي قراءة مشابهة، يرى المحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون أن الجهود العربية إن وجدت فهي محدودة جدا ومحكومة بحسابات دقيقة ومعقدة.

إعلان

ويشير المدهون -في مقابلة مع الجزيرة نت- إلى أن من أسباب الغياب العربي ضعف النظام الرسمي وتراجع دور جامعة الدول العربية، فضلا عن الانقسام الداخلي بين الدول سواء على مستوى السياسات أو التوجهات الفكرية.

ويضيف أن كلفة دعم غزة اليوم أصبحت مرتفعة سياسيا واقتصاديا، ويخشى بعض الحكام من تداعياتها الداخلية، لا سيما في ظل هشاشة شرعياتهم.

ورغم ذلك، يرى المدهون أن التحرك الأوروبي رغم تأخره وبطئه يعكس تغيرا نسبيا في المزاج السياسي في الغرب، ربما بفعل ضغط الشارع، أو تنامي السخط الأخلاقي، أو حتى بسبب الارتباك في العلاقة مع واشنطن على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية.

لكنه يحذر من الإفراط في التفاؤل، موضحا أن أغلب هذه الدول كانت شريكة للاحتلال وداعمة لسياساته وصامتة عن جرائمه، والتحرك الحالي لا يبدو مدفوعا فقط بدوافع إنسانية، بل تحكمه توازنات دقيقة وسعي لإعادة التموضع إقليميا ودوليا.

تجويع وتهجير

ويرى المحلل السياسي إياد القرا أن الردود العربية لم ترق إلى مستوى الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، خاصة منذ استئناف القتال في مارس/آذار الماضي، وما تبعه من مجازر دامية وحصار خانق استمر شهرين، في واحدة من أقسى مراحل العدوان.

ويضيف القرا -في تصريحات للجزيرة نت- أن المواقف الرسمية العربية لم تتجاوز بيانات الشجب، من دون تقديم أي دعم حقيقي للفلسطينيين، لا على المستوى الدبلوماسي ولا الإنساني، في وقت تمضي فيه إسرائيل في سياسة تجويع وتهجير منظمة.

وبيّن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنشأ "دائرة الهجرة" ضمن مكتب المنسق، لتنفيذ التهجير القسري نحو دول مثل الأردن ومصر والسعودية تحت غطاء "الطوعية"، في حين يمارس القتل والضغط لإجبار الفلسطينيين على مغادرة غزة.

ويؤكد أنه حتى القمم العربية فقدت قيمتها، ولم تعد تحظى بثقة الشعوب بقدرتها على إحداث أي تغيير، مشيرا إلى أن القرار العربي بات مرتهنًا للإدارة الأميركية.

إعلان

ويلفت القرا إلى أن بعض الدول العربية باتت تحمّل حرمة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤولية ما يحدث، بدلًا من تحميل الاحتلال تبعات عدوانه.

وفي ظل هذا التحرك الأوروبي المتسارع والمواقف الغربية غير المسبوقة، أكد المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج أن ما تحقق حتى الآن من مواقف أوروبية يشكل خطوات أولى ضرورية، لكنه لا يرقى إلى مستوى الكارثة الإنسانية والجرائم اليومية المرتكبة.

ودعا المؤتمر -في بيان وصلت للجزيرة نت نسخة عنه- الحكومات الأوروبية إلى وقف شامل ونهائي لتصدير الأسلحة والتقنيات العسكرية للاحتلال.

كذلك جدد البيان رفضه أي محاولات لتجزئة الحقوق الفلسطينية أو فرض حلول منقوصة، مشددا على أن الحرية والعودة وتقرير المصير هي حقوق أصيلة غير قابلة للتفاوض، داعيًا الجاليات الفلسطينية والعربية وأحرار العالم إلى مواصلة الضغط الشعبي والإعلامي والقانوني حتى تتحقق العدالة والحرية للشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • اشتباكات مسلحة بين ميليشيات الاحتلال تخلف جرحى في مدينة تعز وأبين
  • لماذا الصمت العربي في حين تغيرت مواقف الغرب تجاه إسرائيل؟
  • مجلس الوزراء يناقش الاتجاهات العالمية لملامح الاقتصاد الدولي وانعكاساته على المصري
  • لماذا تخشى إسرائيل أطفال غزة؟.. قراءة من صفحات التاريخ
  • مصطفى: القيادة الفلسطينية تعمل على الخروج من هذه الأزمة الكبيرة
  • عشرات الجرحى من الأطفال.. استشهاد 8 فلسطينيين إثر قصف الاحتلال لمدينة غزة
  • لميس الحديدي: إسرائيل تحول المساعدات لغزة إلى أداة إذلال
  • 19 شهراً على العدوان - القيادة الفلسطينية تعمل على الخروج من الأزمة الكبيرة
  • غزة بين الحرب والنزوح الجماعي: إسرائيل تُخفف قيود الخروج وسط تحذيرات من "نكبة جديدة"
  • ضغط أم عقاب.. لماذا ألغى نائب ترامب زيارة إسرائيل؟