مصر.. والديمقراطية الليبرالية
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
بإعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية غدا الاثنين من الهيئة الوطنية للانتخابات، تكون مصر قد سطرت ملحمة وطنية جديدة على المسار الديمقراطى الذى أتحدث عنه من أيام. وانتهيت أمس إلى أهمية دور الأحزاب السياسية خلال الفترة القادمة فى ضرورة السير مع الإرادة السياسية للدولة المصرية فى استغلال هذا المسار الديمقراطى الحقيقى الذى تنتهجه البلاد حالياً، ما يعنى أن مصر بدأت مرحلة جديدة بالغة الأهمية فى تاريخها، وقد انتهيت أيضاً إلى ضرورة أن تعيد كل الأحزاب السياسية حساباتها المقبلة لتدخل حلبة التفعيل السياسى السليم والصحيح الذى بدأته الدولة المصرية.
ولابد أيضاً من الاستفادة من تجارب الدول التى بدأت المسار الديمقراطى من قبل وعلى رأسها جنوب إفريقيا باعتبار مصر جزءًا من القارة الإفريقية. والمعروف أن هذه التجربة كانت محل اهتمام عالمى كبير منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضى، فقد كانت هذه التجربة الإفريقية تأخذ شكلاً من أشكال الديمقراطية الليبرالية، والتى تتمثل فى عدة أسس، أولها التعددية السياسية عن طريق الأحزاب والتداول السلمى للسلطة، وهذا ما تعبر عنه المادة الخامسة من الدستور المصرى.
وهذه التجربة فى جنوب إفريقيا هى ثمرة تفاعل بين كل القوى السياسية، وتعتمد على احترام مبدأ الأغلبية كأسلوب لاتخاذ القرار السياسى والفصل بين وجهات النظر المختلفة، إضافة إلى المساواة السياسية بين كل الفصائل السياسية.. والحقيقة أن عناصر الديمقراطية الليبرالية تعتمد على تحقيق مفهوم الدولة القانونية وأهم وسيلة لتحقيقها تعتمد على تفعيل الدستور.
وأعتقد أن الإرادة السياسية المصرية الحالية، والتى تمثلت من خلال المشهد الحضارى العظيم الذى شاهدناه فى الانتخابات الرئاسية مؤخراً يسير على هذا النهج المهم جداً فى تحقيق هذه الديمقراطية الليبرالية، أولاً من خلال تفعيل حقيقى للمواد الدستورية، وقد شهدنا ذلك من خلال وجود أربعة مرشحين فى السباق الرئاسى، وقد أتيحت لهم الفرص المتساوية فى الدعاية الانتخابية، ولم تسجل مخالفة واحدة خلال العملية الانتخابية، حتى إن الهيئة الوطنية للانتخابات لم تتلق طعناً واحداً على عمليات الفرز، ما يؤكد أن المسار الديمقراطى الذى بدأته مصر سليم وصحيح مئة فى المئة، كما أن عمليات المراقبة المحلية والدولية أشادت بحسن سير العملية الانتخابية ونقلت صورة مشرفة عن الإرادة المصرية الحقيقية للدخول فى المسار الديمقراطى.
لكن الأمر الذى يستوجب الوقوف أمامه هو هل تستعد الأحزاب السياسية مستقبلاً للديمقراطية الليبرالية الجديدة التى تقوم بها مصر حالياً؟!.. ولا أحد ينكر أن المصريين على مدار عقود طويلة منذ ثورة 23 يوليو 1952، يطالبون بتفعيل الحياة السياسية والحزبية، بعد تجميدها لما يزيد على نصف قرن من الزمان، وبالتالى يجب ألا نظلم الأحزاب السياسية حالياً، وجاءت إليها الفرصة حالياً للدخول فى حلبة التفعيل السياسى الجديد الذى بدأته الدولة المصرية.. ولذلك أقول إن الكرة باتت الآن فى ملعب الأحزاب لتؤدى دورها الحزبى والسياسى كما ينبغى.. وأعتقد أن هذا الأمر لا يغيب حالياً عن أذهان كل القوى السياسية والحزبية.
«وللحديث بقية»
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نتيجة الانتخابات الرئاسية غدا الاثنين مصر الأحزاب السیاسیة
إقرأ أيضاً:
خلاف حزبي على الهواء| قانون الانتخابات الجديد يُشعل الجدل: بين «التمثيل الدستوري» و«تهميش المعارضة»
أكد النائب حسام الخولي، زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ، أن تعديلات قانونَي مجلسي النواب والشيوخ، وتقسيم الدوائر الانتخابية، تستهدف التمثيل العادل للسكان والمحافظات، كضمان لتحقيق الالتزام الدستوري ومراعاة التوزيع الجغرافي.
وأضاف، خلال مداخلة في برنامج "كلمة أخيرة" عبر قناة ON، الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي: "التعديلات التي تقدم بها حزب مستقبل وطن، برفقة حماة وطن، وشباب تنسيقية الأحزاب، والشعب الجمهوري، وأحزاب أخرى، سواء من الموالاة أو المعارضة، وافقت على هذا القانون"، مشددًا: "أنا أتحدث عن الجميع".
وتابع: "القصة ببساطة أن قاعدة الناخبين أصبحت تبدأ من عمر 18 سنة، وبالتالي أصبح عدد المقيدين في الجداول الانتخابية أكبر مما كان عليه قبل خمس سنوات. والسؤال هو: هل أظل، مع تغيُّر التعداد السكاني، أتعامل مع كل المحافظات بالنسبة ذاتها؟ لا. ارتأينا أن هناك محافظات عدد سكانها أكثر، وأخرى أقل، ومن ثم تمّت مراعاة الدستور، الذي يُقر بضرورة مراعاة معادلة السكان".
وشدد: "ما يحدث من إعادة توزيع أو تغيير في الدوائر الانتخابية هو أمر طبيعي، يتم كل خمس سنوات، تماشيًا مع تغيُّر أعداد الناخبين".
وأردف: "في الحوار الوطني، تحدثنا عن الانتخابات، وأخذت وقتًا وشوطًا كبيرًا في النقاشات".
لتقاطعه الحديدي: "بالفعل، حصل، وقعدنا سنتين ونصف في الحوار الوطني، وكان الموضوع الرئيسي هو النظام الانتخابي، وفي النهاية لم يُؤخذ بأي من الاقتراحات".
ليعقّب الخولي: "النظام الانتخابي الذي قدمته بعض الأحزاب المعارضة، بخصوص القائمة النسبية، سيكون صعب التنفيذ مع وجود سبع كوتات (المرأة، الشباب، الأقباط،... إلخ). ولم تكن هناك نية أن يغلب طرف طرفًا، وأنا دائمًا أشبّه الانتخابات بالامتحانات".
وأوضح: "في الانتخابات، طريقة العملية الانتخابية هي آخر شيء، ويتوقف الأمر على عدة عوامل أخرى، مثل: هل اشتغلت الأحزاب أم لا؟ وهل للمواطن المرشح شعبية أم لا خلال الخمس سنوات؟ تأثير نظام العملية الانتخابية بسيط، أما النظام الذي قدمته بعض الأحزاب، مع وجود سبع كوتات، فمن المستحيل تنفيذه".
ومن جانبه، كشف عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل المعارض، أن سبب اعتراض حزبه، برفقة عدد من أحزاب المعارضة، على تعديلات مشروعات القوانين المقدَّمة من أحزاب الموالاة، هو المطالبة بتطبيق نظام القائمة النسبية، قائلًا: "مصر ضمن أربع دول فقط لا تزال تعتمد على نظام القائمة المطلقة، وهو نظام يؤدي إلى جمود الحياة السياسية، وليس تطورها".
وأضاف، خلال مداخلة في البرنامج نفسه: "القائمة المطلقة تُهدر أصوات الناخبين، ويكون التصويت إما بنجاح القائمة بأكملها أو سقوطها بالكامل، ومن ثم يصبح التفاعل مع هذا النظام أمرًا صعبًا. كما أن الدوائر كبيرة الحجم للغاية، لأن الجمهورية مقسَّمة إلى أربع دوائر فقط، مما يجعل التنافس على القوائم عملية صعبة وتحتاج إلى ترتيبات لوجستية معقدة".
ودحض إمام ما وصفه بـ"الحجج" المتعلقة بأن النظام النسبي لا يتفق مع الكوتة، قائلًا: "الكوتة التي نص عليها الدستور، مثل المرأة بنسبة 25%، يمكن احتواؤها ضمن القائمة النسبية، أما الكوتات الأخرى، مثل ذوي الاحتياجات الخاصة، فالدستور نص على أن يكون لهم تمثيل ملائم لمدة عشر سنوات، وبالتالي يمكن تحقيق التمثيل من خلال أربع قوائم كبيرة بشكل نسبي".
واختتم: "وإذا كانت هناك حجة بأن هذا النظام لا يصلح في مجلس النواب، فما الداعي لتطبيقه في مجلس الشيوخ، الذي لا توجد به كوتة أصلًا؟ كنا نتمنى، بعد حوار وطني استمر لمدة عامين، وبعد تحديات مثل الحرب على الإرهاب وغيرها، أن يتم توسيع المشاركة من خلال نظام انتخابي متميز، وخلق مناخ للمنافسة".