الصين تعيد بناء “قاعدة سرية لاختبار أسلحة نووية”
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
أظهرت صور التقطت عبر الأقمار الصناعية مؤخرا أن الصين تخطط لاختبار جيل جديد من الأسلحة النووية في الموقع الذي جربت فيه أول قنبلة ذرية قبل حوالي 60 عاما، بحسب تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”.
وتظهر الصور الملتقطة مؤخرا حفر خندق عمودي بعمق ثلث ميل على الأقل (531 متر)، “بالتالي فهو أقوى دليل على أن بكين تنوي اختبار جيل جديد من الأسلحة النووية التي من شأنها رفع قدرة الفتك لقوتها الصاروخية المتنامية سريعا”.
ولسنوات، عبرت الإدارات الأميركية وخبراء مستقلون عن مخاوفهم بشأن قاعدة “Lop Nur”، الصينية في حين أشارت تقارير إلى احتمالية استخدامها لإجراء تجارب طوال العام وسط جو يتسم بـ “انعدام الشفافية”، وفق تعبير الصحيفة الأميركية.
وتشير “نيويورك تايمز” إلى أن “موجات” من صور الأقمار الصناعية اليوم تظهر أن القاعدة العسكرية تحظى بحفريات جديدة، “والتي تعد مثالية لاحتواء العواصف الملتهبة من الإشعاعات المميتة الناجمة عن الانفجارات النووية”، إضافة إلى المئات من عمليات التحديث والتوسيع للقاعدة العسكرية.
وتطرقت الصحيفة، مستعينة بصور التقطت عبر الأقمار الصناعية، إلى عدد من تلك التحديثات، من بينها إنشاء أو إعادة ترميم أكثر من 30 مبنى في قاعدة “Malan” الداعمة لـ “Lop Nur”، منذ عام 2017.
كما نوهت الصحيفة إلى أن العديد من الطرق ظهرت قرب طريق يقع على بعد 75 ميلا (120 كلم) من موقع تجارب سابق، كما أكدت إنشاء طرق جديدة لشبكة الطرق التابعة للقاعدة العسكرية الأساسية، والتي تمتد مسافة 30 ميلا (48 كلم) عبر منطقة جديدة في التلال الشرقية قرب “Lop Nur”.
وسلطت الصحيفة الضوء على أنفاق حفرت في جوانب جبال كانت تستخدم في تجارب نووية سابقة، وذكرت أن صور الأقمار الصناعية توحي بأن أحد هذه الأنفاق على الأقل تمت إعادة حفره وإنشائه.
وأظهرت صور أخرى ما وصفته الصحيفة بـ “موقع مرجح جديد لاختبار مستقبلي تحت الأرض”، وذكرت أن الأنفاق العمودية في المنطقة المُطوَّرة حديثا يمكنها أن توفر الدعم لتجارب ذرية أوسع مقارنة بالشبكة القديمة من الأنفاق الأفقية.
وقال تونغ تشاو، الخبير النووي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي للصحيفة: “تشير كل الأدلة إلى أن الصين تقوم باستعدادات تسمح لها باستئناف التجارب النووية”.
ووصف سيغفريد س. هيكر، المدير السابق لمختبر لوس ألاموس للأسلحة في نيو مكسيكو، عملية إعادة بناء “Lop Nur” بأنها خارجة عن إطار المألوف، مضيفا “واصل الروس والأميركيون نشاطهم في مواقع تجاربهم، لكن ليس بهذا الشكل”.
ويقول محللون إن النشاط في “Lop Nur” يشير إلى تحديث واسع النطاق للمؤسسة النووية الصينية، محذرين من أنه قد يسرع من تراكم الأسلحة و”يشعل عصرا جديدا من التنافس الذري”.
ويضيفون أن تحركات الصين، إلى جانب تحركات القوى النووية الأخرى، يمكن أن تقوض معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، التي بدأ تطبيقها، في عام 1996.
وأقرت القوى الذرية في العالم المعاهدة بعد الحرب الباردة كوسيلة للحد من سباق التسلح النووي المكلف.
وتم الكشف عن الأدلة الجديدة في “Lop Nur” على يدي ريني بابيارز، المحلل السابق في وكالة الاستخبارات الجغرافية المكانية الوطنية، أحد أذرع وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”.
ويقول بابيارز، وهو خبير في استطلاع الأقمار الصناعية وكذلك البرنامج النووي لبكين، إن التفجيرات في الأعمدة العميقة يمكن أن تسرع الجهود الرامية إلى تحسين أنواع جديدة من الأسلحة النووية لترسانة البلاد سريعة النمو.
وشارك خبراء مستقلون فحصوا صور الأقمار الصناعية مخاوف بابيارز في حديثهم للصحيفة.
ويقول مسؤولو الاستخبارات الأميركية إنهم تابعوا إعادة إحياء “Lop Nur” لسنوات. ويرون أنه في حين أن البناء واضح، إلا أن الغرض منه خفي تماما، مرجحين للصحيفة أن الصين ربما تستعد لإجراء تجربة نووية.
لكن المسؤولين أكدوا في الوقت ذاته أن الرئيس الصيني، شي جينبيغ، قد لا ينوي المضي قدما بإجراء تجارب ما لم تبادر الولايات المتحدة أو روسيا إلى ذلك، ويرجحون أنه قد يقوم بالتحوط في رهاناته، من خلال حفر الآبار العمودية العميقة حتى تتمكن الصين من التصرف بسرعة إذا لزم الأمر.
وردت وزارة الخارجية الصينية، الاثنين، على أسئلة حول التحديثات في “Lop Nur”، ورفضتها في بيان ووصفتها بأنها “تتشبث بالظلال (بالأوهام)”، وتثير بلا أساس “التهديد النووي الصيني”. ووصفت مثل هذه الادعاءات بأنها “غير مسؤولة على الإطلاق”.
وشددت الوزارة أيضا على التزام بكين باحترام معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، وهو الموقف الذي أضافت أنه “حظي بإشادة كبيرة من المجتمع الدولي”، مشيرة إلى أن الصين لن تدخر أي جهد لتحقيق الطموح النبيل المتمثل في الحظر الشامل والقضاء التام على الأسلحة النووية.
وفي نوفمبر الماضي، أجرت الولايات المتحدة والصين محادثات “نادرة” بشأن الحد من الأسلحة النووية، في خطوة جديدة ترمي إلى تقليل انعدام الثقة بين البلدين، وفق ما نقلته فرانس برس.
وأتت المحادثات، التي باتت أول اجتماع مخصّص للأسلحة النووية بين القوتين منذ عهد الرئيس الأسبق، باراك أوباما، في وقت تعرب فيه الولايات المتحدة عن قلقها إزاء الترسانة النووية المتنامية للصين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل، في تصريح للصحفيين حينها: “لقد دعونا باستمرار جمهورية الصين الشعبية إلى الانخراط بشكل جوهري في قضايا الحدّ من التسلح والحدّ من المخاطر الاستراتيجية”.
وأضاف أن هذا الانخراط هو “مواصلة لجهود إدارة العلاقة بحس من المسؤولية وضمان عدم تحول المنافسة إلى صراع”.
وقال “البنتاغون” في تقرير أعده بطلب من الكونغرس، في أكتوبر الماضي، إن الصين تطور ترسانتها النووية بسرعة أكبر مما كانت الولايات المتحدة تتوقعه.
وأضافت أن الصين تمتلك أكثر من 500 رأس حربية نووية جاهزة للاستخدام منذ مايو عام 2023، ومن المرجّح أن يكون لديها أكثر من ألف رأس بحلول عام 2030.
وتمتلك الولايات المتحدة حالياً نحو 3700 رأس حربية نووية، خلف روسيا التي تمتلك نحو 4500 رأس، وفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام الذي أحصى 410 رؤوس نووية لدى الصين.
وسعت إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، متوجّسة من تنامي الترسانة الصينية، إلى توسيع نطاق معاهدة ستارت الجديدة للأسلحة النووية بين روسيا والولايات المتحدة، لكي تشمل الصين.
ووافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، عند توليه منصبه على تمديد معاهدة ستارت الجديدة حتى فبراير عام 2026.
الحرة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: من الأسلحة النوویة الأقمار الصناعیة الولایات المتحدة أن الصین إلى أن
إقرأ أيضاً:
(معهد أمركي).. جولة ترامب في الخليج تعيد رسم ملامح النفوذ الأمريكي وتحد من تمدد الصين
يمن مونيتور/ من معهد هيدسون الاميركي
وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض في مستهل جولته الخليجية يشير إلى محاولة محسوبة لإعادة فرض القوة الأمريكية في منطقة تراجع فيها النفوذ الأمريكي لصالح الصين خلال العقد الماضي.
استغلت بكين خلال هذه الفترة، الفراغ السياسي والاستراتيجي لتوسيع وجودها في الشرق الأوسط، متوغلة في مشاريع البنية التحتية والمالية والتكنولوجية في الخليج، مما مكنها من تعديل التوازن الإقليمي لصالحها.
تعد زيارة ترامب أول محاولة مباشرة لوقف هذا الزخم الصيني وإعادة الولايات المتحدة كقوة رئيسية تشكل مستقبل الخليج.
رهانات كبيرة
في الوقت الذي قلصت فيه واشنطن وجودها العسكري وخفضت أولويات المنطقة في استراتيجيتها الدبلوماسية، عززت بكين علاقاتها الخليجية.
توسطت الصين في مارس 2023 في اتفاق لتطبيع العلاقات بين إيران والسعودية، وترى بكين في الشرق الأوسط مسرحاً أساسياً – وليس ثانوياً – في استراتيجيتها لإزاحة النفوذ الأمريكي وإعادة تشكيل التوازنات العالمية.
وترتكز استراتيجية الصين على خمس عوامل رئيسية:
الطاقة: الخليج يمكن أن يوفر الطاقة اللازمة للصين لدعم اقتصادها الصناعي، وتزود دول الخليج الصين بنحو نصف وارداتها من النفط الخام، وتعتبر بكين أمن الطاقة ضرورياً لاستقرار النظام.
الممرات الجيوسياسية: يشكل الشرق الأوسط ممراً استراتيجياً يربط شرق آسيا بأوروبا وإفريقيا، ومن خلال مبادرة الحزام والطريق، أولت الصين أهمية للموانئ والممرات اللوجستية والنقاط التجارية في الخليج، مما يمنحها نفوذاً على طرق التجارة البحرية والبرية.
رأس المال والتكنولوجيا: يوفر الخليج فرصاً استثمارية ضخمة للصين فصناديق الثروة السيادية في السعودية والإمارات تمثل مصادر استثمارية مستقرة للشركات الصينية، بينما تسعى دول الخليج لتسريع التحول الرقمي، مما يمنح الصين فرصة لتصدير تكنولوجياتها.
تجاوز العقوبات: يمكن للصين استخدام المنطقة لتقويض العقوبات الأمريكية، فقد طورت الصين آلية لاستيراد النفط الإيراني عبر ناقلات أسطول الظل، مع تجنب الشبكات المالية الغربية، وتدفع بكين بالرنمينبي من خلال بنوك صينية صغيرة، بينما يتم تكرير النفط في مصافٍ مستقلة.
إضعاف التحالفات الأمريكية: من خلال الانخراط مع حلفاء واشنطن مثل السعودية والإمارات وأعدائها مثل إيران، تطرح الصين نفسها كبديل استراتيجي غير مقيد بالشروط السياسية الأمريكية، وتستخدم بكين وسائل الإعلام والدبلوماسية لانتقاد السياسات الأمريكية وتصويرها على أنها مزعزعة للاستقرار.
التداعيات على العلاقات الدفاعية الأمريكية
بدأت حملة النفوذ الصيني تظهر آثارها على علاقات واشنطن الدفاعية في المنطقة، فقد انهارت صفقة بيع مقاتلات F-35 للإمارات بقيمة 23 مليار دولار بعد رفض أبوظبي إزالة شبكة معدات الاتصالات من شركة هواوي الصينية، التي اعتبرت واشنطن أنها تشكل تهديداً أمنياً.
هذا التباين بين الحلفاء يظهر استراتيجية بكين طويلة الأمد، والتي تعتمد على التغلغل في الأنظمة الأساسية بطريقة يصعب على الدول المضيفة التخلص منها، ويصعب على واشنطن مواجهتها.
الإستراتيجية الأمريكية الجديدة
ترامب اختار الرياض لتكون محطته الأولى، وليس بروكسل أو لندن أو طوكيو، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة ترى الشرق الأوسط مسرحاً محورياً للتنافس الاستراتيجي مع الصين.
وأعلنت السعودية عن تعهدات استثمارية أمريكية بقيمة 600 مليار دولار، منها أكثر من 100 مليار دولار لشراء أسلحة أمريكية متقدمة. وفي الوقت نفسه، تستعد واشنطن لتزويد المملكة بتقنيات أشباه الموصلات المتقدمة، في خطوة تهدف لإبعاد الصين عن مشاريع الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية السحابية في الخليج.
كما أن قرار ترامب برفع العقوبات عن دمشق ليس مجرد تنازل للنظام السوري بعد الأسد، بل هو محاولة لإعادة الدخول إلى ساحة استراتيجية تركها أوباما لصالح الصين وروسيا وإيران.
في حال نجاح جولة ترامب الخليجية، سيحقق تقدماً كبيراً في كبح النفوذ الصيني وإعادة تأكيد الهيمنة الأمريكية وطمأنة الحلفاء في المنطقة، وفي ظل تحولات التحالفات وعدم اليقين الاستراتيجي، تشكل هذه الزيارة إشارة إلى التزام واشنطن بتشكيل موازين القوى، وليس مجرد ردود أفعال.